ينقل الماوردي حادثة طريفة، حصلت له ذات يوم، وهو عالم شهير، وفقيه نحرير، فيقول: «ومما أُنذِرُكَ به مِن حالي؛ أَنني صَنَّفتُ في البُيوع كِتَاباً، جَمعتُ فيه ما استطعتُ مِن كُتب الناس، وأَجهَدتُ فيه نفسي، وكَدَدْتُ فِيهِ خَاطِري، حتى إذا تَهَذَّبَ واسْتَكمَل، وكِدتُ أُعجَبُ به، وتَصَورتُ أَنِّي أَشَد الناسِ اضطِلاعاً بِعِلمِهِ.
ثُم يُعَقِّبُ الماوردي على هذه الحكاية، فيقول: «كان ذلك زَاجِرَ نَصيحةٍ، ونَذِيْرَ عِظَةٍ، تَذَللَ بها قِيَادُ النَفسِ، وانخَفَضَ لَها جِنَاحُ العُجْبِ». تلك، يا سادتي، حكايةٌ، فيها مُعتَبَرٌ لمن شاء، من أهل الثقافة، والعلم، والمعرفة، والتعليم، وهي مدخل لطيف، لما أودُ أن أُسِرَّ به إلى كل مُؤَثِّرٍ، أباً، أو معلماً، أو كاتباً، أو محاضراً، وإن صَحَّ أن يتحدث الكاتب بقلمه، فقد يصح أن يُصغي القارئ ببصره!
العِلمُ، أيها الكرام، محيطٌ ضَخمٌ، لا سَاحل لبَحرِهِ، لَكِنَّكَ إن وقفتَ على الشاطئ ظَنَنتَ لِجَهلِكَ أنكَ ترى نِهايَتَهُ، أَمّا إِن أَبحَرتَ فيهِ، فستَعلم كلما تعمقت في الغوص، واكتشفت ما لم يخطر لك قبلاً بِبِالٍ، أَنَّ كُلَّ ما تَدَّعِيه من معرفة، وتتفاخر به من عِلم، ليسَ بشيءٍ أمام ما تَجهَله من علوم ومعارف. وكُلَما ازدَدتَ يقيناً بِسِعَةِ العِلمِ، عَلِمتَ أَكِيدَاً أَن مَعرِفَتكَ تَتَضَاءَلُ أمام هذه البحار الزاخرة. فإذا تَسَربَلتَ بحقيقة التواضع، فَتَحتَ لكَ باباً من أبواب المعرفة، فلا يمكن أن يَتعَلمَ ذُو كِبرٍ. وكلما اتَسَعَت المَسَاحُةُ بينَكَ وبين التفاخُر، اقتَرَبَت المسافَةُ بينكَ وبين التعَلم، فالعاقل من يُجبِر نفسه لتَتَطَامن، مُعتَرِفَةً بحقيقة أكيدة؛ هي أنك لا تعلم شيئاً، إذا قِستَ ما تعرفه مع ما لا تعرفه، ونتيجة هذه المعرفة والسلوك يجب أن تسري على لسانك كلمة؛ لا أدري! مبتعداً عن الخجل منها، مقتنعاً بوجوب استخدامها، للتعبير عن واقع الحال، فمن يعترف بأنه لا يدري، يمكن أن يبدأ السير في طريق التعلم الطويلة، مسافةً، وزمناً، وشوقاً، ورغبةً، وشغفاً.
وما أَجمَلَ ما افتَتَحَ بِه الجاحظ كتابه «البيان والتبيين»، حين قال: «اللهمُ إِنَّا نَعُوذُ بكَ من فتنَةِ القَولِ، كما نَعُوذُ بك من فتنَةِ العَمَل، ونَعُوذُ بك من التكَلفِ لما لا نُحسِن، كما نَعُوذُ بك من العُجبِ بما نُحسن، ونَعُوذُ بك من شَرِّ السَّلَاطَة والهَذرِ، كما نَعُوذُ بك من شَرِّ العيِّ والحَصر».
كان علي بن أبي طالب يقول: «ما أبردها على القلب! إذا سُئِل أحدكم عما لا يعلم، أن يقول: الله أعلم». ومن شأن هذا اللون من التواضع العلمي أن يجعل المرء مُقبِلاً على التعَلم إِقبالا بِلا فُتور، حريصاً على التزود من المعرفة، في كل زمان ومكان، باحثاً دونَ مَلَلٍ عن الفائدة، مهما كان مَصدَرُها، طالباً المعلومة، أَيّاً كان مَورِدُهَا، فذلك، على الحقيقة، هو ما يَجعَلُ المَرءَ أَكثَر عِلمَاً، وأَغزَر معرفة، لأنَّه يَتَعَلَمُ على الدوام، ويَجذِبُ إليه من يَجُود بالفائدة، وينطق بالمعرفة. يقول أبو القاسم الآمدي...
إذا كنت لا تدري ولم تَكُ بِالذي تسَائلَ مَن يدري فكيفَ إِذَن تَدرِي؟! جَهَلتَ وَلَم تَعلَم بِأَنَّكَ جَاهِلٌ فمن لي بأن تَدرِي بِأَنَّكَ لا تدري! وبهذا التواضع العلمي، تخرج بركات متفاوتات، وتسود روح الحوار، في دور التعليم والسكن والعمل، حتى تصل إلى الأماكن العامة، بدل روح التلقين الجوفاء، والانفراد بالرأي، ولو بلا أَثَرَةٍ من عِلم، ولا خِصلَة من أَدَبٍ. وما أذكى وأزكى ما قاله عبد الله بن عباس: «لو كان أحد مكتفياً من العلم، لاكتفى منه موسى عليه السلام، حين قال: (هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا)». تعلم فليس المرء يولد عالماً وليس أخو علم كمن هو جاهل وإن كبير القوم لا علم عنده صغير إذا ضمّت عليه المحافل! قال الإمام مالك: «جنة العالم لا أدري، فإذا أغفلها أصيبت مقاتله». فكلمة «لا أدري» تحمي العَالِم، فلا يتجرأ على ما ليس له به علم. قال الهيثم بن جميل: «سَمِعتُ مَالِكَاً سُئِلَ عن ثمانٍ وأربعين مسألة، فأجاب في اثنين وثلاثين منها بـ(لا أدري)». وقال خالد بن خداش: «قدمت على مالك بأربعين مسألة، فما أجابني منها إلا في خمس مسائل». وسُمِعَ عبد الله بن يزيد بن هرمز يقول: «ينبغي للعالم أن يُورِثَ جلساءه قول (لا أدري)، حتى يكون ذلك أَصلاً يرجعون إليه». قال حصين الأسدي: «إنَّ أَحدَكم ليُفْتِي في المسألةِ، ولو سُئِلَ عنها عمرُ بن الخطاب لجمعَ عليها أهلَ بدرٍ!». واعتبر بِشر الحافي أن «مَن أَحَبَّ أن يُسْأَلَ، فَليسَ بِأَهْلٍ لِأَنْ يُسْألَ». قال الشعبي: «لا أدري نِصفُ العِلم»، وسُئل مَرّةً عن مسألة، فقال: «لا عِلْمَ لي بها»، فقيل له: ألا تستحي؟ فقال: «ولِمَ أستحي مما لم تَستَحِ الملائكة منه، حين قالت: (لَا عِلْمَ لَنَا إلَّا مَا عَلَّمْتَنَا)». قيل إن «الصحابة كانوا يتدافعون أربعةَ أشياء؛ الإمامةَ، والوصيةَ، والوديعةَ، والفُتْيَا». وقال بعضهم: «كان أَسرَعهُم إلى الفُتْيَا أَقَلَّهُم عِلماً، وأَشَدُّهم دَفعاً لها أورعهم». وصاغ ابن دُريد الفكرة في بيت شعر، فقال: ومن كان يَهوى أن يُرى مُتَصَدِّراً ويكره «لا أدري» أُصيبَت مَقاتِلُه إن السلوك الجمعي في مناطقنا يُشَجِّع على ادعاء العلم، عند من لا يعلم، ويُخذِّل من إظهار جهلك فيما لا تعرفه، فيصبح التدليس والتعالم ظاهرة معدية، وسلوكاً مستنسخاً، ينقله كل جيل لمن بعده، فاتساع مساحات الادعاء، والتظاهر بامتلاك ما لا تملكه، يُعَطِّل عملية التعلم الحقيقية، ويدفع للسطح ظواهر مُشَوهَة كاذبة، تمقت الصدق، وتحارب العلم، وتزعم المعرفة زوراً، وإذا ساد هؤلاء مجتمعاً فأَعلِن الحِدَادَ عليه، فإنه مجتمع ميتٌ، وإن ظن أنه حي، وهذا هو الجهل المركب، أن تكون جاهلاً، وتزعم العلم، أن تصبحَ فارغاً تَظُن الامتلاء!
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا
إقرأ أيضاً:
معرض جدة للكتاب يجمع بين المعرفة والترفيه والبرامج الثقافية المميزة.. و”المخفضة” تستهوي الزوار
جدة – صالح الخزمري
وأنت تتجول في معرض جدة للكتاب يلفت انتباهك كل شيء في المعرض، فليست الكتب وحدها عامل الجذب، فالمعرض من أبرز الأحداث الثقافية في المملكة؛ إذ يستقطب الزوار من جميع الأعمار والهوايات، ويعد ملاذًا معرفيًا وترفيهيًا متنوعًا، يسهم في إثراء الفكر والعقل بعيدًا عن التقليدية المعتادة.
ويمضي الزوار بين أروقة المعرض مستمتعين بأحدث إصدارات الكتب والإصدارات الثقافية، بينما يكتشفون كل ما هو جديد في عالم المعرفة، والألعاب والتقنيات الحديثة، بما في ذلك أحدث ابتكارات الذكاء الاصطناعي.
ويحتفل المعرض في نسخته لهذا العام بمساحة خاصة للطفل، تعد الأكبر في تاريخ المعرض؛ إذ يتاح للطفل اكتشاف عالم صناعة الرسوم المتحركة، والتعرف على الكتب التعليمية التي تناسب كل مرحلة عمرية، إلى جانب الوسائل التعليمية المتطورة التي تحسن تجربة التعلم.
ومن بين أبرز معالم المعرض يبرز جناح الإبل، الذي يعكس اهتمام “هيئة الأدب والنشر والترجمة” بهذا الكائن التاريخي، ويستعرض تطور الثقافة المرتبطة بالإبل عبر العصور.
ويقدم الجناح المعلومات بأسلوب مبتكر ومشوق، من خلال أحدث التقنيات التي تبرز أنواع الإبل وتاريخها، إضافة إلى الأبيات الشعرية التي تمجد هذا الكائن الأصيل.
ويولي المعرض أيضًا اهتمامًا خاصًا لهواية القراءة، مع التركيز على إصدارات “المانجا” العربية الموجهة للصغار والشباب، حيث تعرض القصص المصورة اليابانية والسعودية التي تحفز الإبداع وتطور المحتوى الثقافي في هذا المجال.
كما تعرض مجسمات لشخصيات المانجا الشهيرة، مع عروض تفاعلية، تجذب الزوار من جميع الأعمار، مما يجعل المعرض مزيجًا مثاليًا من الفائدة والمرح.
وضمن جولة الجزيرة في أرجاء المعرض كان مما يسترعي الانتباه ركن الكتب المخفضة بمساحته الكبيرة، هذا الركن الذي اكتظ بزائري المعرض، ويحوي شتى فنون المعرفة من الكتب الدينية والتربوية وكتب الثقافة العامة والحاسب والكتب العلمية والأدب وكتب الطفل والاقتصاد والقانون والإعلام، وغيرها.
ويوجد أيضا ركن الشركة الإماراتية بق بادول، ويحوي كتبًا مخفضة للأطفال والألعاب التربوية، وكتبًا للكبار باللغة الإنجليزية.
وتوقفت الجزيرة أمام دار تشكيل التي تحوي كتبًا في شتى فنون المعرفة. وبسؤالهم عن أبرز الكتب الأكثر مبيعًا كانت الإجابة: المزهاف لخليفة الغالب – دموع الرمل لشتيوي الغيثي – فن الملاحظة للدكتورة نهى العويضي – المرونة النفسية ووالقلق السلبي للدكتور بندر الجلالة. وغيرها.
وفي الجانب الآخر، حيث النشاط الثقافي، كان من أبرز الندوات لعشاق الرواية ندوة: تحولات الرواية العربية للروائي الكويتي: د. طالب الرفاعي، الذي أشار فيها إلى أن الحكاية موجودة منذ وجود الإنسان الأول، وهي تقدم خبرة إنسانية إلى أن تطور هذا الشكل، وأتى ما يعرف بالحكواتي، وتحول بعد ذلك إلى الكاتب والمؤلف.
وعن تاريخ الرواية قال إن للرواية تاريخًا طويلاً، وبدايتها في المملكة العربية السعودية برواية التوأمان لعبد القدوس الأنصاري سنة: 1930م. وخلال هذه الفترة جاءت المئات من الأسماء.
وعن أهم الصفات التي تميز الرواية أشار إلى أنها تستوعب الأجناس الأدبية الأخرى.
وركز د. طالب على أهمية القراءة حتى تصبح كاتبًا ماهرًا، خاصة بالنسبة للأطفال، فالقراءة قلم الكاتب.
وعن أهمية الموهبة للروائي قال هي مطلوبة، ولكن تعلم أصول الكتابة مطلوب، فالموهبة وحدها لا تكفي.
ونصح الشباب الروائيين بعدم التسرع في النشر والتركيز على القراءة أولاً.
واستحوذت صناعة البودكاست على اهتمام زوار معرض جدة للكتاب 2024، حيث قدم الأستاذ ثمود بن محفوظ ورشة عمل بعنوان “رحلة صناعة البودكاست” ضمن البرنامج الثقافي للمعرض في نسخته الثالثة، مستعرضًا خطوات عملية لإطلاق البودكاست، وإبداع محتوى مميز.
واستهل محفوظ ورشته بإلقاء الضوء على الجذور التقنية للبودكاست، مشيرًا إلى أنه منصة حرة خالية من قيود التحرير، مما جعله مجالاً جاذبًا للكثيرين، لكنه نوه بأن إدخال عنصر الفيديو للبودكاست أفقده بعضًا من عفويته، وحوله إلى إطار أكثر رسمية، مع بروز أهداف مادية لدى البعض.
كما تناول أنواع البودكاست المتعددة، مميزًا بينها: البودكاست الحواري، وهو لقاء بين طرفين، والبودكاست السردي أو الاستقصائي، ويتميز بطابعه القصصي، ويتطلب تجهيزًا مكثفًا. أما البودكاست الإلقائي فهو يعتمد على فرد واحد يطرح محتواه.
وأوضح أن اختيار النوع المناسب يعتمد على أهداف ورغبات صانع المحتوى، مؤكدا أن البداية تتطلب أدوات بسيطة، مثل الكاميرا والمايكروفون، مع منصة نشر مجانية، ومكان معزول عن الضوضاء.
وشدد على أهمية التسويق الذاتي، واستغلال التشويق والتعاون مع محترفي المجال.
واسترجع زوار معرض جدة للكتاب 2024 ذكريات المدن ورواياتها الأدبية في ندوة مميزة بعنوان “مسافات في مدن الآخرين: أدب الرحلات”، أدارها الصحفي المتمرس الأستاذ هاشم الجحدلي، واستضافت الروائي المصري الكبير الأستاذ إبراهيم عبدالمجيد.
وألقى عبدالمجيد الضوء على أهمية المدن في الأدب بوصفها نافذة للتعرف على ثقافات الشعوب ومعايشتهم، مشيرًا إلى الفارق بين رؤية الكاتب الأدبية وروايات سكان المدن أنفسهم، وقال: “الأدب يحتاج إلى خيال يستدعيه الكاتب، وشخوص تديره، بينما أهل المدينة تقتصر ملاحظاتهم على الواقع”.
وقدم عبدالمجيد للحضور نبذة ثرية عن مدينة الإسكندرية، موضحًا مكانتها الأدبية والتاريخية على مدار ثمانية قرون، ووصفها بأنها “منبع الفنون بأنواعها”، مشيرًا إلى كونها مهد أول استوديو سينمائي ومأوى للمضطهدين العرب الذين لجؤوا إليها عبر التاريخ.
كما استعرض أجزاء من كتاباته عن الإسكندرية، خاصة ثلاثية المدن المكونة من روايات: “لا أحد ينام في الإسكندرية”، و”طيور العنبر”، و”الإسكندرية في غيمة”، التي عكست التغيرات التاريخية التي طرأت على المدينة، مع التركيز على مساهمتها في التعليم، ودورها في التأثير على القاهرة.
وتحدث عبدالمجيد أيضًا عن شغفه بكتابة المدن التي زارها كثيرًا، وقال: “هناك مدن لا تنسى، فهي تمد الكاتب بثقافة عميقة عن مجتمعها، وكيفية تقبلها للآخر”.
كما اعترف بأن إعجابه بالروائي نجيب محفوظ كان الدافع الأكبر لاستقراره في القاهرة عام 1974، واستلهم من شخصيات نجيب محفوظ روايات عدة، أبرزها رواية “هنا القاهرة”، التي استحضرت ملامح القاهرة الجميلة التي عاشها.
وفي سياق حديثه، استعرض عبدالمجيد تجربته خلال عمله في مدينة تبوك بالمملكة العربية السعودية، التي دامت عامًا واحدًا، وفتح خلالها جسورًا مع الصحافة السعودية، ووثق تلك الفترة في رواية “البلدة الأخرى”، التي نالت جائزة نجيب محفوظ، وكانت أول أعماله عن مدن العالم.
وضمن فعاليات معرض جدة للكتاب 2024 أقيمت ورشة مميزة بعنوان “صناعة مسرح الطفل”، قدمها أ.د نعمان محمد كدوه، أستاذ الدراما والنقد بجامعة الملك عبدالعزيز، والحاصل على دكتوراه في الدراما.
وسلط كدوه الضوء على أسرار هذا الفن، ودوره في صناعة الوعي، بدءًا من بلورة الفكرة، مرورًا بأساليب الكتابة الإبداعية بأبعادها المتنوعة، وصولاً إلى تقديم عروض مسرحية مشوقة، تجمع بين الأداء الفني والتقنيات الحديثة.
وأكد أن مسرح الطفل يتجاوز كونه وسيلة ترفيهية ليصبح أداة تعليمية مميزة، تنمي خيال الأطفال، وتعزز القيم الإنسانية، مقدمًا محتوى هادفًا ومؤثرًا.
وتطرقت الورشة إلى محورين أساسيين، هما: صناعة الفكرة، من خلال التمييز بين الفكرة الإبداعية بوصفها هدفًا أو مشروعًا، وابتكار أفكار جذابة مستوحاة من العوالم الواقعية أو الخيالية، مثل الألغاز، والألعاب، والرسوم المتحركة، وأفلام الأطفال، مع دمجها بأغنيات واستعراضات وأداء تقليدي.
أما المحور الثاني فهو بناء المتن الدرامي، عبر صياغة الأفكار في قوالب درامية، تجمع بين الخيال والعاطفة، مع التركيز على عناصر مثل الأحداث، والحوارات، والصراع، والحركة، والبناء الدرامي، والشخصيات.
واختتم كدوه الورشة بتقديم نصائح حول تسويق العروض المسرحية بأسلوب جذاب ومبتكر يجذب الجمهور.
ومن الفعاليات الأدبية لمعرض جدة للكتاب 2024 تنظيم فعالية أدبية ضمن برنامجه الثقافي المتنوع، استضافت الأستاذ أحمد مشرف في ورشة عمل بعنوان “حديث كتاب” للحديث عن كتابه الشهير “ثورة الفن”.
الفعالية تميزت بحضور كبير من الشباب والشابات، وأتاحت للجمهور فرصة التعرف على أفكار الكتاب ورسائله الملهمة.
وقدم مشرف نبذة مختصرة عن كتابه، الذي حقق انتشارًا واسعًا، وعبر عن سعادته بالقبول الذي حظي به العمل مقارنة بكتبه السابقة، مشيرًا إلى أن هذا النجاح منح الكتاب مكانة خاصة في مسيرته الأدبية.
وأكد أن التسويق الفعال لعب دورًا أساسيًا في وصول الكتاب إلى هذا الجمهور العريض.
وتحدث مشرف عن مضمون الكتاب، موضحًا أنه يعالج قضايا محورية تتعلق بالفن والإبداع؛ إذ يستعرض كيف يمكن للفنان والكاتب تحقيق التوازن بين النجاح المادي، والالتزام بالشغف والإبداع.. وقال: “النجاح لا يتقاطع مع المثابرة أو حب العمل الصادق، فالإنجاز في النهاية لك وحدك، وهو نتاج حرصك واستمراريتك”.
وأضاف بأن الكتاب يناقش أيضًا تحديات الإبداع، مشيرًا إلى الإشكالية التي تواجه العديد من الفنانين والكتاب، وهي ما سماها بـ”الإيغو”، موضحًا أن ردود الفعل السلبية قد تثبط عزيمة المبدع، ما يؤدي أحيانًا إلى التردد أو الشعور بالعجز عن الاستمرار.
وعن تجربته الشخصية، قال: “تجربة الكتابة ليست حكرًا على الأدب، بل تنطبق على جميع فنون الحياة. التعليم المستمر، مهما بلغ الإنسان من خبرة، يزيد من ثقته بنفسه، ويعزز منجزاته، كما أن الابتعاد عن الخوف والثقة المفرطة هو مفتاح الاستمرارية”.
من الورش التي نظمها المعرض في يومه السادس:
* مقام عزيز (المقامات الصوتية) – أ. عزيز سليم.
* التضليل الإعلامي – أ. حسن رحماني.
* التحولات الفكرية وبيئات الاتصال – د. فايز الأسمري.