عربي21:
2025-02-02@15:52:05 GMT

غزة والعودة لسياسات إدارة الصراع الفاشلة

تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT

من غير المرجح، في ظل المؤشرات الحالية للحرب في غزة، أن يجري تغيير المعادلات التي كانت قائمة قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر، إذ رغم حجم الدمار الكبير الذي أنزلته إسرائيل، وخاصة في مناطق شمال غزة، وآلاف الشهداء من الأطفال والنساء، لا يبدو أن حكومة نتنياهو قادرة على تحقيق نصر حاسم يمكن أن يؤدي إلى تغيير خريطة الفاعلين في غزة، والقضاء -كما تدعي- على المقاومة التي تقودها حماس.



ومع الفارق الهائل في القوّة بين الطرفين، وهو عنصر لم يتم اكتشافه حديثا، إلا أن الطرف المقاوم في غزة يملك نقاط قوّة ليس بمقدور جيش إسرائيل بتركيبته الحالية، عناصر وقيادات، تحقيق نصر حاسم في غزة، كما أن إمكانيات المقاومة يصعب تدميرها مرّة واحدة وإلى الأبد، وخاصة وأن هذه الإمكانيات ليست هياكل وقوى صلبة وحسب، بقدر ما هي تراكم خبرات وأجيال، الجزء الأكبر منها غير منظم ومؤطر لكن يمكن تفعيله في أي وقت بحيث يستطيع صناعة قوى توازي قوّة حماس، هو قوى احتياطية عند الطلب الفلسطيني وعند حاجة المجتمع الغزاوي، وهو أمر يدركه الكثير من السياسيين حول العالم؛ الذين حذروا من أن القضاء على حماس قد ينتج دينامية متشظية تنتج عشرات التنظيمات القاتلة لكن بدون رأس وإدارة وقيادة.

ستكون العودة إلى الوضع ما قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر أحد الخيارات القليلة المطروحة للنقاش والتطبيق، وربما تنتهي جولة الصراع عند حدود المطالبة بإعادة الأسرى لدى كل من الطرفين، إذ إن فترة الهدنة التي قبلت بها حكومة اليمين المتطرف، والتي من المتوقع أن يجري تمديدها بطريقة ما، ستؤثر بشكل كبير على الزخم العملياتي الإسرائيلي
وحدها حكومة نتنياهو المتطرفة ترفض الاعتراف بهذه المعادلة المعقّدة، أقله حتى اللحظة، وقد تكون في طورها إلى الإقرار بها لكن عبر تشريبها شيئا فشيئا للمجتمع الإسرائيلي بعد أن سيطر التطرف عليه، وهو التطرف الذي غذّته نخبة الحكم الإسرائيلية لضمان وصولها للحكم واستمرارها به، وهي تدرك أن تراجعها عن الأهداف الكبيرة التي وضعتها في بداية الحرب يعني القضاء عليها، وربما عبر الدوس بالأحذية من جماهير متطرفة وأخرى غاضبة من حكم اليمين.

في إطار المعطيات الراهنة والحاكمة، ستكون العودة إلى الوضع ما قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر أحد الخيارات القليلة المطروحة للنقاش والتطبيق، وربما تنتهي جولة الصراع عند حدود المطالبة بإعادة الأسرى لدى كل من الطرفين، إذ إن فترة الهدنة التي قبلت بها حكومة اليمين المتطرف، والتي من المتوقع أن يجري تمديدها بطريقة ما، ستؤثر بشكل كبير على الزخم العملياتي الإسرائيلي، الذي وصل إلى مرحلة لم يعد يحقق نتائج استراتيجية مهمة، بعد أن تكيفت فصائل المقاومة في غزة مع الغارات الإسرائيلية، كما أنه لم يعد ممكنا إنتاج حجم الكثافة النيرانية التي استخدمتها إسرائيل في فترة الخمسين يوما الماضية، فالاستمرار بها يعني صرف رصيد إسرائيل الاستراتيجي من الذخيرة وهو أمر لا يمكن المغامرة به في هذه الظروف.

بالإضافة لذلك، ستضطر إسرائيل إلى الرضوخ للتيارات الناهضة في الإدارة الأمريكية، التي تطالبها بتسريع إيجاد مخارج للحرب لعدة أسباب، أهمها تقييم الأمريكيين أن هذه الحرب لن توصل إلى الأهداف التي تم رفعها في البداية، ومنها تفكيك حماس نهائيا، فهذا الهدف أثبتت الوقائع والتطورات أنه غير واقعي ولا يمكن استمرار السير به؛ لما قد ينتج عنه من خسائر ضخمة قد تطال وضع أمريكا ومصالحها في قلب المخاطر، والسبب الآخر أن استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل، سيكون من رصيد دعم الحرب في أوكرانيا التي تؤثر على التوازنات الدولية بشكل أكبر وأعمق من الحرب في غزة.

لا مفر إذا من العودة إلى سياسة إدارة الصراع، من قبل أمريكا وإسرائيل في فلسطين، التي قامت بدرجة كبيرة على منطق الضغط على الفلسطينيين تارة وترك الباب مواربا امام مفاوضات سياسية بصيغة من الصيغ، أو على الأقل الوعد بمفاوضات في مرحلة ما، على ألا تصل إلى حد تطبيق اتفاقيات أوسلو أوحل الدولتين، مقابل استمرار سياسات إسرائيل في القضم البطيء للأراضي الفلسطينية، وربما التراجع عن التهديد بتهويد القدس والمسجد الأقصى.

جزء من هذه المعادلة ستفرضها التطورات الإسرائيلية في المرحلة المقبلة، إذ من المرجح سقوط الطبقة الحاكمة الحالية التي بات رصيدها الانتخابي متدنيا في الأوساط الإسرائيلية، وخاصة وأن المجتمع الإسرائيلي سيشعر بحجم الألم بعد أن تبرد جراحه، نتيجة الأزمة الاقتصادية التي سترتبها تكاليف الحرب والصراع السياسي داخل النخب الإسرائيلية، والجزء الآخر سيفرضه الخارج الذي أدرك أنه تورط في السير وراء الجنون الإسرائيلي ويبحث عن مخارج للأزمة الراهنة.

المرحلة المقبلة، ومهما قيل عن أن ما قبل الحرب لن تكون كما بعدها، لن تكون سوى عودة لسياسات سابقة، ومن خلالها ستحاول الطبقة الحاكمة في إسرائيل إقناع الجمهور بأنها انتقمت لقتلاها، بل وأنهت قدرات حماس، فيما ستصر حماس على ان إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها
لا يعني ذلك أن مستقبلا ورديا ينتظر الفلسطينيين وغزة، فالمجتمع الغزاوي سيحتاج وقتا طويلا لتضميد جراحه من هذه الحرب المجنونة، كما أن حماس ستواجه ضغوطا هائلة من مجتمع مسيس بدرجة كبيرة، والأهم من كل ذلك، أنه ليس لدى الفاعلين الكبار ولا الأطراف العربية القدرة على فرض رؤاهم وتصوراتهم، من نوع إيجاد حل شامل للقضية وإجبار إسرائيل على الاعتراف بحق الفلسطينيين، وستراهن جميع الأطراف على الديناميات التي ستنتجها الحرب في المجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني، وإمكانية توظيفها بعد ذلك في إنتاج صيغ جديدة للحل.

على ذلك، المرحلة المقبلة، ومهما قيل عن أن ما قبل الحرب لن تكون كما بعدها، لن تكون سوى عودة لسياسات سابقة، ومن خلالها ستحاول الطبقة الحاكمة في إسرائيل إقناع الجمهور بأنها انتقمت لقتلاها، بل وأنهت قدرات حماس، فيما ستصر حماس على ان إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها.. وهكذا.

twitter.com/ghazidahman1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة إسرائيل الفلسطيني الهدنة إسرائيل فلسطين غزة الهدنة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لن تکون فی غزة ما قبل

إقرأ أيضاً:

ضغوط أمريكية على أوكرانيا.. هل تنتهي الحرب؟

البلاد – وكالات

مع استمرار الحرب بين أوكرانيا وروسيا منذ فبراير 2022، تبرز مقترحات أمريكية تهدف إلى تعزيز الديمقراطية الأوكرانية من خلال إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بحلول نهاية العام؛ إذ كشف كيث كيلوج المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، عن هذه الرؤية، التي تأتي في إطار جهود لإنهاء الصراع الذي أسفر عن خسائر بشرية ومادية هائلة.

وأكد كيلوج على ضرورة إجراء الانتخابات لدعم الديمقراطية الأوكرانية، مشيرًا إلى أن العديد من الدول الديمقراطية تنظم انتخابات حتى في أوقات الحرب. وتأتي هذه المبادرة في وقت تعمل فيه إدارة ترمب على وضع خطة لإنهاء الصراع الأوكراني- الروسي، رغم أن تفاصيلها لم تُكشف بعد. وتشير بعض المصادر إلى أن هذه الجهود قد تتضمن هدنة أولية تمهد الطريق لوقف إطلاق نار دائم، رغم أن الخطة لا تزال قيد الدراسة، ولم تُحسم بعد أي قرارات نهائية بشأنها.

الموقف الأوكراني من هذه المقترحات لا يزال غير واضح؛ إذ سبق للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن صرح بإمكانية إجراء انتخابات إذا انتهى القتال، وتوفرت ضمانات أمنية كافية لردع أي تصعيد روسي. ورغم ذلك، فإن كييف لم تتلقَّ بعد طلبًا رسميًا بهذا الشأن، وسط مخاوف من أن تؤدي الانتخابات إلى انقسامات داخلية، فضلًا عن احتمال استغلال موسكو للموقف لتحقيق مكاسب سياسية.

وتواجه أوكرانيا عقبات قانونية تحول دون إجراء الانتخابات، حيث يمنع قانون الأحكام العرفية المفروض منذ بدء الحرب تنظيم أي استحقاق انتخابي. كما يثير رفع هذه الأحكام مخاوف من تداعيات محتملة، مثل انسحاب الجنود من الجبهات، وزيادة هروب العملة الصعبة، وفرار الرجال في سن التجنيد إلى خارج البلاد. في المقابل، نفت موسكو علمها بهذه الخطط، فيما أشار مسؤولون روس إلى أن الاتصالات المباشرة مع إدارة ترامب لم تبدأ بعد.

السؤال الذي يظل مطروحًا، هو ما إذا كانت هذه التحركات الأمريكية ستقود إلى إنهاء الحرب، أم أن الصراع سيستمر لفترة أطول. وبينما تسعى أوكرانيا للحصول على ضمانات أمنية من الغرب، يبدو أن تحقيق السلام يتطلب أكثر من مجرد انتخابات، ما يترك مستقبل المفاوضات غامضًا في ظل تعنت المواقف بين الطرفين.

مقالات مشابهة

  • ‏حماس تطالب الوسطاء بإلزام إسرائيل بإدخال مواد الإغاثة التي نص عليها اتفاق غزة ووقف الانتهاكات
  • روسيا تُعلن إسقاط صاروخ و44 مُسيَرة أوكرانية
  • خبير: إسرائيل تتبنى سياسة التصعيد العسكري لمواصلة الحرب على غزة
  • محمد عز العرب: إسرائيل تبنت سياسة التصعيد لمواصلة الحرب على غزة والضفة
  • ضغوط أمريكية على أوكرانيا.. هل تنتهي الحرب؟
  • أستاذ علوم سياسية: إسرائيل مارست كل أنواع الكذب والتضليل في عدوانها على غزة
  • باحث: اتفاق التهدئة ضرورة للطرفين رغم الشكوك في نوايا إسرائيل
  • وزير المالية الإسرائيلي: نتنياهو وترامب ملتزمان بعزل حماس من حكم غزة
  • نتنياهو يبحث وقف صفقة التبادل والعودة للقتال في غزة
  • رئيس حزب مصر 2000: محاولات الإعلام الإسرائيلي الفاشلة لن تثني مصر عن موقفها تجاه فلسطين