عربي21:
2025-03-04@21:24:37 GMT

غزة والعودة لسياسات إدارة الصراع الفاشلة

تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT

من غير المرجح، في ظل المؤشرات الحالية للحرب في غزة، أن يجري تغيير المعادلات التي كانت قائمة قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر، إذ رغم حجم الدمار الكبير الذي أنزلته إسرائيل، وخاصة في مناطق شمال غزة، وآلاف الشهداء من الأطفال والنساء، لا يبدو أن حكومة نتنياهو قادرة على تحقيق نصر حاسم يمكن أن يؤدي إلى تغيير خريطة الفاعلين في غزة، والقضاء -كما تدعي- على المقاومة التي تقودها حماس.



ومع الفارق الهائل في القوّة بين الطرفين، وهو عنصر لم يتم اكتشافه حديثا، إلا أن الطرف المقاوم في غزة يملك نقاط قوّة ليس بمقدور جيش إسرائيل بتركيبته الحالية، عناصر وقيادات، تحقيق نصر حاسم في غزة، كما أن إمكانيات المقاومة يصعب تدميرها مرّة واحدة وإلى الأبد، وخاصة وأن هذه الإمكانيات ليست هياكل وقوى صلبة وحسب، بقدر ما هي تراكم خبرات وأجيال، الجزء الأكبر منها غير منظم ومؤطر لكن يمكن تفعيله في أي وقت بحيث يستطيع صناعة قوى توازي قوّة حماس، هو قوى احتياطية عند الطلب الفلسطيني وعند حاجة المجتمع الغزاوي، وهو أمر يدركه الكثير من السياسيين حول العالم؛ الذين حذروا من أن القضاء على حماس قد ينتج دينامية متشظية تنتج عشرات التنظيمات القاتلة لكن بدون رأس وإدارة وقيادة.

ستكون العودة إلى الوضع ما قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر أحد الخيارات القليلة المطروحة للنقاش والتطبيق، وربما تنتهي جولة الصراع عند حدود المطالبة بإعادة الأسرى لدى كل من الطرفين، إذ إن فترة الهدنة التي قبلت بها حكومة اليمين المتطرف، والتي من المتوقع أن يجري تمديدها بطريقة ما، ستؤثر بشكل كبير على الزخم العملياتي الإسرائيلي
وحدها حكومة نتنياهو المتطرفة ترفض الاعتراف بهذه المعادلة المعقّدة، أقله حتى اللحظة، وقد تكون في طورها إلى الإقرار بها لكن عبر تشريبها شيئا فشيئا للمجتمع الإسرائيلي بعد أن سيطر التطرف عليه، وهو التطرف الذي غذّته نخبة الحكم الإسرائيلية لضمان وصولها للحكم واستمرارها به، وهي تدرك أن تراجعها عن الأهداف الكبيرة التي وضعتها في بداية الحرب يعني القضاء عليها، وربما عبر الدوس بالأحذية من جماهير متطرفة وأخرى غاضبة من حكم اليمين.

في إطار المعطيات الراهنة والحاكمة، ستكون العودة إلى الوضع ما قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر أحد الخيارات القليلة المطروحة للنقاش والتطبيق، وربما تنتهي جولة الصراع عند حدود المطالبة بإعادة الأسرى لدى كل من الطرفين، إذ إن فترة الهدنة التي قبلت بها حكومة اليمين المتطرف، والتي من المتوقع أن يجري تمديدها بطريقة ما، ستؤثر بشكل كبير على الزخم العملياتي الإسرائيلي، الذي وصل إلى مرحلة لم يعد يحقق نتائج استراتيجية مهمة، بعد أن تكيفت فصائل المقاومة في غزة مع الغارات الإسرائيلية، كما أنه لم يعد ممكنا إنتاج حجم الكثافة النيرانية التي استخدمتها إسرائيل في فترة الخمسين يوما الماضية، فالاستمرار بها يعني صرف رصيد إسرائيل الاستراتيجي من الذخيرة وهو أمر لا يمكن المغامرة به في هذه الظروف.

بالإضافة لذلك، ستضطر إسرائيل إلى الرضوخ للتيارات الناهضة في الإدارة الأمريكية، التي تطالبها بتسريع إيجاد مخارج للحرب لعدة أسباب، أهمها تقييم الأمريكيين أن هذه الحرب لن توصل إلى الأهداف التي تم رفعها في البداية، ومنها تفكيك حماس نهائيا، فهذا الهدف أثبتت الوقائع والتطورات أنه غير واقعي ولا يمكن استمرار السير به؛ لما قد ينتج عنه من خسائر ضخمة قد تطال وضع أمريكا ومصالحها في قلب المخاطر، والسبب الآخر أن استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل، سيكون من رصيد دعم الحرب في أوكرانيا التي تؤثر على التوازنات الدولية بشكل أكبر وأعمق من الحرب في غزة.

لا مفر إذا من العودة إلى سياسة إدارة الصراع، من قبل أمريكا وإسرائيل في فلسطين، التي قامت بدرجة كبيرة على منطق الضغط على الفلسطينيين تارة وترك الباب مواربا امام مفاوضات سياسية بصيغة من الصيغ، أو على الأقل الوعد بمفاوضات في مرحلة ما، على ألا تصل إلى حد تطبيق اتفاقيات أوسلو أوحل الدولتين، مقابل استمرار سياسات إسرائيل في القضم البطيء للأراضي الفلسطينية، وربما التراجع عن التهديد بتهويد القدس والمسجد الأقصى.

جزء من هذه المعادلة ستفرضها التطورات الإسرائيلية في المرحلة المقبلة، إذ من المرجح سقوط الطبقة الحاكمة الحالية التي بات رصيدها الانتخابي متدنيا في الأوساط الإسرائيلية، وخاصة وأن المجتمع الإسرائيلي سيشعر بحجم الألم بعد أن تبرد جراحه، نتيجة الأزمة الاقتصادية التي سترتبها تكاليف الحرب والصراع السياسي داخل النخب الإسرائيلية، والجزء الآخر سيفرضه الخارج الذي أدرك أنه تورط في السير وراء الجنون الإسرائيلي ويبحث عن مخارج للأزمة الراهنة.

المرحلة المقبلة، ومهما قيل عن أن ما قبل الحرب لن تكون كما بعدها، لن تكون سوى عودة لسياسات سابقة، ومن خلالها ستحاول الطبقة الحاكمة في إسرائيل إقناع الجمهور بأنها انتقمت لقتلاها، بل وأنهت قدرات حماس، فيما ستصر حماس على ان إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها
لا يعني ذلك أن مستقبلا ورديا ينتظر الفلسطينيين وغزة، فالمجتمع الغزاوي سيحتاج وقتا طويلا لتضميد جراحه من هذه الحرب المجنونة، كما أن حماس ستواجه ضغوطا هائلة من مجتمع مسيس بدرجة كبيرة، والأهم من كل ذلك، أنه ليس لدى الفاعلين الكبار ولا الأطراف العربية القدرة على فرض رؤاهم وتصوراتهم، من نوع إيجاد حل شامل للقضية وإجبار إسرائيل على الاعتراف بحق الفلسطينيين، وستراهن جميع الأطراف على الديناميات التي ستنتجها الحرب في المجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني، وإمكانية توظيفها بعد ذلك في إنتاج صيغ جديدة للحل.

على ذلك، المرحلة المقبلة، ومهما قيل عن أن ما قبل الحرب لن تكون كما بعدها، لن تكون سوى عودة لسياسات سابقة، ومن خلالها ستحاول الطبقة الحاكمة في إسرائيل إقناع الجمهور بأنها انتقمت لقتلاها، بل وأنهت قدرات حماس، فيما ستصر حماس على ان إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها.. وهكذا.

twitter.com/ghazidahman1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة إسرائيل الفلسطيني الهدنة إسرائيل فلسطين غزة الهدنة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لن تکون فی غزة ما قبل

إقرأ أيضاً:

صحيفة عبرية: إسرائيل تستغل الصراع بين إيران وتركيا حول النفوذ في سوريا

شددت صحيفة "معاريف" العبرية على أن دولة الاحتلال تستغل الخلاف المتصاعد بين إيران وتركيا لتعزيز عزلتها الإقليمية، مستفيدة من الصراع بين القوتين الإقليميتين حول النفوذ في سوريا بعد انهيار نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن التوتر بين طهران وأنقرة تصاعد بعد تصريحات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، التي انتقد فيها سياسة إيران الإقليمية، ما دفع طهران إلى توجيه اتهامات لتركيا بتجاهل النفوذ الإسرائيلي والأمريكي في المنطقة.

ولفتت الصحيفة إلى أن التصعيد اللفظي الأخير بين البلدين بدأ عندما صرح فيدان في مقابلة مع قناة "الجزيرة" بأن "إيران دفعت ثمنا باهظا للحفاظ على نفوذها في العراق وسوريا، لكن إنجازاتها كانت محدودة مقارنة بالتكلفة"، مضيفا أن "التغيرات الجيوسياسية تتطلب من طهران إعادة تقييم دورها في المنطقة".


في المقابل، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية أن تركيا "تتجاهل الأيدي الأمريكية والإسرائيلية الخفية وراء التطورات في المنطقة"، مشيرة إلى أن "إسرائيل استغلت سقوط الأسد لتعزيز سيطرتها على الموارد المائية السورية وضرب البنية التحتية العسكرية في البلاد".

وهاجم المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي،  تصريحات فيدان بشدة، ووصفها بأنها "خطأ كبير"، مضيفا: "إذا كان فيدان يدعو إلى إنهاء السيطرة الإقليمية لأي طرف، فماذا عن إسرائيل؟".

واتهم بقائي تركيا بـ"التواطؤ مع إسرائيل عبر تزويد طائراتها الحربية بالوقود الأذري المستخدم في الهجمات على غزة ولبنان واليمن وسوريا"، معتبرا أن "أنقرة تدين إسرائيل في العلن، لكنها تتعامل معها في الخفاء".

وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، أكد أن "الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، مثل حماس وحزب الله، لا تزال قوية رغم الضغوط الخارجية".

واتهم خامنئي الولايات المتحدة ودولة الاحتلال بـ"تقدير خاطئ لقوة المقاومة"، مشيرا إلى أن "التطورات في غزة ولبنان وسوريا أثبتت أن نفوذ إيران لم يتراجع كما يظن البعض".

وأوضحت الصحيفة العبرية أن صحيفة "طهران تايمز"، المقربة من النظام الإيراني، نشرت مقالا شديد اللهجة وصف تصريحات فيدان بأنها "مليئة بالسخرية"، واتهمت تركيا بـ"الفشل في سلسلة من التحركات السياسية الإقليمية".

واستشهدت الصحيفة الإيرانية بالعلاقات المتوترة بين تركيا ومصر بعد الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي عام 2013، حيث وصفت أنقرة رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي بـ"الديكتاتور"، ما أدى إلى طرد السفير التركي من القاهرة، قبل أن تعود تركيا مؤخرا إلى تطبيع العلاقات بثمن سياسي واقتصادي مرتفع.

كما أشارت الصحيفة الإيرانية إلى حادثة إسقاط تركيا لقاذفة روسية عام 2015، والتي دفعت موسكو إلى فرض عقوبات اقتصادية قاسية على أنقرة، ما أجبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على تقديم اعتذار رسمي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتعهد بعدم تكرار مثل هذه الحوادث.

كما انتقدت الصحيفة الإيرانية دعم أنقرة للمعارضة المسلحة في سوريا، معتبرة أن "سياسات تركيا أدت إلى أزمة اللاجئين التي خلقت ضغطا اقتصاديا واجتماعيا هائلا داخل البلاد، وساهمت في ارتفاع التضخم إلى مستويات غير مسبوقة".

أكدت الصحيفة العبرية أن "الصراع اللفظي بين إيران وتركيا يعكس التحولات الجيوسياسية العميقة التي يشهدها الشرق الأوسط بعد سقوط نظام الأسد"، مشيرة إلى أن "كلا البلدين يسعى إلى تعزيز مكانته الإقليمية على حساب الآخر".


ورأت الصحيفة العبرية أن "إسرائيل تستفيد من هذا الانقسام لتعزيز نفوذها في سوريا، خاصة مع الاتهامات الإيرانية بتمدد إسرائيل في الأراضي السورية والسيطرة على الموارد المائية الاستراتيجية"، مؤكدة أن دولة الاحتلال "تواصل العمل على ضمان مصالحها في المنطقة مستغلة التوترات بين أنقرة وطهران".

كما أشارت "معاريف" إلى أن "الاتهامات الإيرانية ضد تركيا تكشف عن الفجوة بين الخطاب المعادي لإسرائيل الذي تروج له إيران، وبين المصالح الاقتصادية والاستراتيجية التي تدفع تركيا إلى مواصلة التعامل مع تل أبيب رغم التصريحات العدائية العلنية".

وختمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن "الصراع الحالي بين طهران وأنقرة قد يمنح إسرائيل فرصة إضافية لتعزيز تحركاتها في سوريا، مع استمرارها في تعميق العزلة الدبلوماسية لإيران على المستوى الإقليمي والدولي".

مقالات مشابهة

  • السيسي: أتطلع للعمل مع القادة العرب وترامب لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
  • أمين عام الأمم المتحدة يرحب بمبادرة برلين لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
  • الجيش الاوكراني يعترف بتكبده خسائر فادحة في الحرب ضد روسيا
  • صحيفة عبرية: إسرائيل تستغل الصراع بين إيران وتركيا حول النفوذ في سوريا
  • إعلام عبري عن مصادر: إسرائيل تعطي حماس مهلة 10 أيام للإفراج عن المحتجزين وإلا فستجدد الحرب
  • محللون إسرائيليون: نتنياهو يماطل حفاظا على حكومته والعودة للحرب ليست خيارا
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • هل تستأنف إسرائيل الحرب؟ آمال معلقة على ويتكوف وصبر حتى يستلم زامير رئاسة الأركان
  • إسرائيل توقف دخول المساعدات الإنسانية لغزة وتهدد بعودة الحرب
  • البنك الدولي: الحرب والكوارث الطبيعية تفاقمان معاناة اليمنيين