رؤية أمريكية ترسم ملامح نشاط فصائل المقاومة العراقية: تتجنب التورط بصراع أكبر
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
شفق نيوز/ خلص تقرير نشره موقع أمريكي، اليوم الجمعة، أن الدعم المستمر من جانب الولايات المتحدة لإسرائيل، يساهم في تقوية "محور المقاومة" المدعوم من ايران، متمثلاً بحزب الله اللبناني والفصائل المسلحة في العراق وسوريا وجماعة الحوثيين في اليمن، وفيما بيّن أن "العمليات الهجومية في العراق تمثل نهاية هدنة احادية الجانب للفصائل العراقية المسلحة، أكد في الوقت ذاته أن "فصائل المقاومة" العراقية تتجنب "التورط" في صراع اكبر لانها "ستخسر الكثير".
وذكّر موقع "ذا انترسبت" الأمريكي في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز بـ"خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي والذي اشاد فيه بـ"جبهات المساندة" في العراق وسوريا حيث نفذت الفصائل اكثر من 60 هجوما على القوات الاميركية منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حيث قال نصرالله مشيراً إلى حلفائه العراقيين ان هذه "الافعال تعكس شجاعة كبيرة، لان الاميركيين الذين يقاتلونهم تملأ اساطيلهم وحاملات طائراتهم وقواعدهم المنطقة"، مضيفا "إذا كنتم ايها الامريكيون تريدون ان تتوقف هذه العمليات على الجبهات الداعمة، اذا كنتم لا تريدون حربا اقليمية، عليكم أن توقفوا العدوان والحرب على غزة".
واعتبر التقرير الأمريكي أن "تصريحات نصر الله تشير الى تزايد الوحدة بين ما يسمى (محور المقاومة) الذي يمثل شبكة من الأطراف الفاعلة المدعومة من إيران في الشرق الأوسط والتي تضم حركة حماس وحزب الله اللبناني والحكومة السورية والحوثيين في اليمن والفصائل المسلحة في العراق وسوريا"، مبينا ان "هذه الوحدة والعنف الذي تهدد بتنفيذه، لم يتحول حتى الان الى عمل عسكري كبير من جانب هذه القوى، إلا أن ذلك يمثل أهم رد فعل عنيف على التواجد الأمريكي في المنطقة خلال السنوات الأخيرة".
واشار التقرير الى ان "سردية المقاومة هذه تلاقي جاذبية خارج نطاق أعضاء المحور، الذين تعتبر واشنطن أن العديد منهم هم بمثابة منظمات إرهابية"، مضيفا انه "حتى داخل الأوساط الأكثر اعتدالا، فإن الدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل، بعد هجوم حركة حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر، تسبب في تأجيج المشاعر المعادية للولايات المتحدة في منطقة يرى فيها العديد من الناس ان الغارات الاسرائيلية المتواصلة على غزة، هي امتداد لعقود من السياسة الأمريكية الظالمة في الشرق الأوسط".
وتابع التقرير ان "الصور المؤلمة لضحايا القصف الاسرائيلي في غزة، أحيت في الاذهان ذكريات الحروب الدموية التي شنتها الولايات المتحدة او دعمتها في اماكن مثل العراق واليمن، وذلك في ظل امتناع الغرب عن ادانة اسرائيل بسبب الخسائر البشرية الجسيمة بين الفلسطينيين، مما يذكر العرب والمسلمين بمدى الاهمية الضئيلة لحياتهم في صناعة السياسات الغربية".
وبحسب التقرير، فان "الرد الهش من جانب الدول العربية، اتاح للجماعات المسلحة استغلال الغضب الشعبي وتعزيز أوراق اعتمادها كمقاومة من خلال تقديم نفسها على أنها الجهة الوحيدة التي على استعداد للوقوف في وجه إسرائيل وداعميها".
وفي هذا الاطار، قال التقرير ان "الحرب الاسرائيلية على فلسطين أدت الى تحفيز شوكة الفصائل المسلحة العراقية التي تشكلت في أعقاب الغزو الامريكي في العام 2003، والمتمثلة بأنها قضية مناهضة للاحتلال ومرتبطة بشكل مباشر بالكفاح الفلسطيني من اجل الحرية"، مشيرا في هذا السياق الى "الاشتباكات العديدة التي جرت خلال الساعات الماضية بين المسلحين العراقيين والقوات الامريكية".
وذكّر التقرير بالمتحدث العسكري باسم كتائب حزب الله جعفر الحسيني خلال لقاء معه في نهاية تشرين الأول/ اكتوبر وقد بدا في مزاج متفائل، ومتناقض في نفس الوقت، مع سفك الدماء الذي اجتاح المنطقة منذ 7 اكتوبر، وقال مراراً ان "المعركة واضحة. فلسطين هي القضية الاساسية".
وبعدما لفت التقرير الى أن "كتائب حزب الله هي الاكثر سرية واقوى فصائل المقاومة العراقية والتي جرى دمجها جزئيا في الاجهزة الامنية للدولة، الا انهم يعودون الى العنف خلال مراحل التدخل الغربي، حيث انهم اعتبروا أن قرار البنتاغون الاخير بنشر حاملات طائرات وجنود في الشرق الأوسط، تشكل دليلا على انخراط الولايات المتحدة المباشر في الحرب الاسرائيلية –الفلسطينية".
ونقل التقرير عن الحسيني قوله إن "أمريكا شريك في هذه المعركة وفي قتل الفلسطينيين، ولهذا عليهم دفع الثمن"، مضيفا ان "ما يجري الآن من استهداف للقواعد الاميركية هو رد طبيعي من المقاومين".
واشار التقرير الى ان "فصائل المقاومة في العراق، نحت خلافاتها جانبا لتعلن مسؤوليتها عبر قناة تيليغرام انشئت حديثا، بشكل مشترك، عن عشرات الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على القوات الامريكية المتمركزة في العراق وسوريا، والتي أقر البنتاغون انها ادت الى وقوع اصابات طفيفة بين جنوده".
واعتبر التقرير ان هذه "التاثيرات المتتابعة تمثل جزءا من الحسابات التي قامت بها حماس من أجل المساهمة في تحطيم الوضع الذي لا يمكن تبريره والقائم في الأراضي المحتلة"، مشيرا إلى أن "احتمال التوصل الى حل سياسي في السنوات الاخيرة تراجع في ظل تزايد اعمال العنف وعمليات التهجير من جانب الاسرائيليين، وخصوصا من قبل الاسرائيليين في الضفة الغربية تحديدا، وذلك تحت اشراف الحكومة الاكثر يمينية في تاريخ إسرائيل".
ونقل التقرير عن القيادي في حركة حماس اسامة حمدان قوله ان "الادارة الامريكية أمنت التغطية الكاملة لحكومة نتنياهو للعمل على تهويد القدس والاعتداء على المسجد الاقصى وتوسيع الاستيطان ومواصلة الحصار على غزة وإنهاء القضية الفلسطينية".
ولفت التقرير الى أن "حماس من خلال هجومها العسكري المفاجئ في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، والانتقام الاسرائيلي المتوقع، تمكنت من اعادة القضية الفلسطينية الى الطاولة الجيوسياسية، وساهمت في خلق درجة أكبر من الوحدة بين الحلفاء في منطقة تشهد استقطابا بفعل عقود من الحروب والصراع العرقي والطائفي".
ونقل التقرير عن اسامة حمدان قوله "لا شك أن هناك تطورا في العلاقات في ظل هذه المواجهة"، مضيفا أنها "ساعدت في رأب الصدع الطائفي بين السنة والشيعة".
وبعدما قال التقرير ان "واشنطن تصور المقاومة" على أنها بمثابة وكلاء لإيران يعملون بناء على طلب طهران"، إلا أن حمدان، ومسؤولين آخرين في "المقاومة"، قالوا إن "القرارات في هذا التحالف لا تفرض مركزيا، وإنما يعمل كل طرف على الموازنة بين القضايا الاقليمية والمحلية".
وبحسب حمدان "نحن لا نطالب باجراءات محددة لاننا ندرك ان البيئة تختلف من بلد إلى آخر، والظروف تختلف من بلد الى اخر، الا اننا ندعو الى بذل الجهود دعما للقضية الفلسطينية".
ولفت التقرير إلى أن "هناك جبهة موحدة مرفقة بدرجة معنية من التنسيق العمليات في جنوب لبنان حيث جرى السماح لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، باستخدام مناطق سيطرة حزب الله لشن هجمات على اسرائيل وسط تقارير تفيد بإنشاء غرفة عمليات بهذا الهدف"، مضيفا ان ذلك "يمثل جانبا من (تكتيك حزب الله القتالي) من اجل توجيه رسالة الى اسرائيل مفادها ان فتح الجبهة ممكن في اي لحظة".
ونقل التقرير عن الأمين العام السابق لحزب الجماعة الاسلامية السنية في لبنان عزام الأيوبي قوله إن "وجود جماعات غير شيعية هو جزء من هذه الرسالة، مما يعني ان المعركة قد تكون واسعة، بعدما انضمت الجماعة الى المعركة في الجنوب، وأعلنت مسؤوليتها عن عدة هجمات على إسرائيل".
وفي اشارة الى التوتر المذهبي بين الشيعة والسنة بسبب أحداث الحرب السورية، لفت الايوبي الى انه "تم وضع هذه الخلافات جانباً مؤقتاً على الاقل ما يؤشر على حدوث تقارب طائفي"، حيث قال الايوبي انه "من الممكن اننا، الان على الاقل، الى حد ما الى جانب حزب الله الذي يواجه اسرائيل، ونحن لدينا هذا المبدأ أيضا".
الى ذلك، ذكر التقرير ان "العمليات الهجومية في العراق تمثل نهاية هدنة احادية الجانب توقفت خلالها الفصائل العراقية عن مهاجمة القوات الامريكية في العراق من اجل السماح للحكومة، التي اوصلها الى السلطة قوى الفصائل السياسية، بادارة العلاقة مع واشنطن من خلال الدبلوماسية".
وتابع التقرير انه "كجزء من هذه الانتكاسة الاخيرة في العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق، فقد تجددت الدعوات المطالبة بتنفيذ تصويت البرلمان العراقي في كانون الثاني/يناير 2020 على إخراج القوات الاجنبية من البلاد".
ونقل التقرير عن الحسيني قوله إن "هذه العمليات لن تتوقف حتى اخراج آخر جندي أميركي".
وذكر التقرير بان "القوات الامريكية عادت الى العراق في العام 2014 لدعم الحكومة في الحرب ضد داعش، بينما سعت واشنطن منذ ذلك الحين الى التخلص من إرثها كقوة احتلال وتصوير نفسها كشريك استراتيجي، إلا أن هذه الجهود خرجت عن سياقها عندما قتلت غارة امريكية بطائرة مسيرة الجنرال الايراني قاسم سليماني والقيادي العراقي ابو مهدي المهندس في يناير/كانون الثاني 2020، وهو عمل اعتبره العراق انتهاكا لسيادته.
وذكر التقرير ان "الفصائل العراقية وبرغم انها هددت بتصعيد اضافي، الا انها، على غرار حزب الله اللبناني، مقيدة بمصالح محلية ولا تريد حربا أوسع نطاقا".
ونقل التقرير عن مسؤول أمني عراقي طلب عدم الكشف عن هويته، قوله "انهم لا يريدون التورط في هذا الصراع، ولديهم الكثير ليخسروه"، في إشارة إلى المصالح السياسية والاقتصادية التي ساهمت في ضبط سلوك بعض الفصائل المسلحة في السنوات الاخيرة.
وتابع التقرير انه "في إطار محاولة تجنب تكرار ما جرى العام 2020 بعد اغتيال سليماني والمهندس، فان ادارة بايدن سعت في البداية الى تجنب الرد على الفصائل داخل الاراضي العراقية، ولم تنفذ سوى ضربات محدودة داخل سوريا، حيث تنشط ايضا جماعات المقاومة العراقية، لكن كل ذلك تغير يوم الثلاثاء الماضي عندما قتلت غارة جوية امريكية احد عناصر كتائب حزب الله في بغداد بعد وقت قصير من قيام الجماعة بهجوم صاروخي على قاعدة عين الاسد، أعقبه بعد ساعات غارة ثانية على معقل لكتائب حزب الله قرب بغداد، اوقع عدة قتلى".
وفي حين ذكر التقرير بتصريحات لوزير الدفاع الأمريكي لويد اوستن حث فيه اللاعبين الإقليميين على عدم التدخل في الصراع بين اسرائيل وحماس حتى لا يصبح الصراع إقليميا، أشار التقرير الأمريكي الى ان "مثل هذه التصريحات تعزز التصور السائد بين (المقاومة) بان واشنطن ترفض الاعتراف بالسبب الجذري للازمة واصلاح ذلك، وهي بذلك تعزز من تاجيج مشاعر المظلومية من خلال محاولة قمع ما تعتبره هذه الجماعات، والعديد من المسلمين، بانه نضال مشروع".
وأضاف التقرير ان "قرار واشنطن في الأسبوع الماضي بفرض عقوبات جديدة على 7 أعضاء من كتائب حزب الله، بما في ذلك الحسيني، بالإضافة إلى فصيل عراقي آخر، قوبل بالتحدي والسخرية".
ونقل التقرير عن القيادي في كتائب حزب الله قوله إن هذا "الترهيب لم يوقف عمليات المقاومة العراقية، ولم يوقف عمليات الاخوة اليمنيين، ولم يوقف او يوقف عمليات المقاومة في لبنان، ومن بامكانه وقف العدوان هو من يقوده، اي الولايات المتحدة".
ترجمة: وكالة شفق نيوز
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي الولايات المتحدة فصائل المقاومة العراقية المقاومة العراقیة الولایات المتحدة القوات الامریکیة فی العراق وسوریا الفصائل المسلحة فصائل المقاومة کتائب حزب الله تشرین الأول التقریر الى التقریر ان من جانب قوله إن من خلال فی هذا الى ان
إقرأ أيضاً:
الحرب بالنقاط
حاتم الطائي
◄ المقاومة الفلسطينية أثبتت شجاعةً وصمودًا سيسجلهما التاريخ إلى الأبد
◄ لا يجب أن يتسلل اليأس إلى النفوس.. لأنَّ نصر الله قريب
◄ نحن أمام حرب تاريخية بين الحق والباطل.. والمُقاومة حققت انتصارًا استراتيجيًا
ربما لم يشهد التاريخ معركةً بين الحق والباطل، أوضح وأكثر جلاءً من معركة "طوفان الأقصى" التاريخية، بين حق الشعب الفلسطيني في المُقاومة والعيش على أرضه مُعززًا مُكرَّمًا، وبين باطل الصهيونية الإجرامية، التي تُنفذ أبشع حرب إبادة في تاريخنا المُعاصر، في ظل آلة القتل والدمار التي لا تتوقف بدعم أمريكي لا محدود، وخذلان إقليمي وعالمي مُؤسف.
المشاهد الدامية التي تُمزِّق قلوبنا منذ أكثر من سنة وشهرين، تُؤكد أننا أمام عدو بربري غاشم، يتعمَّد إبادة الشعب الفلسطيني، بهدف تصفية القضية وتنفيذ مخططه الإجرامي الذي بدأه قبل 76 عامًا، والاستيلاء على كامل التراب الفلسطيني وتوسيع كيانه الغاصب فيما يُعرف باسم "إسرائيل الكبرى". لكن المُقاومة الفلسطينية الشجاعة تقف لهذا العدو بالمرصاد، فبعد أن بادرت بمعركة "طوفان الأقصى" ونجاحها في اختراق صفوف العدو وأسر عدد كبير من الإسرائيليين، واصلت المقاومة- وعلى رأسها "كتائب القسام"- عملياتها من أجل صد العدوان ودحر العدو وتكبيده خسائر باهظة في الأرواح والعتاد والعُدة. ورغم عدم التكافؤ بين جيش إرهابي مُجرم يتلقى الدعم والتسليح من الولايات المتحدة، وبين المقاومة الفلسطينية التي تعتمد على جهودها الذاتية في التسليح بأبسط الإمكانيات والأدوات، وعلى رجالها المُخلصين المستعدين للتضحية بأرواحهم في سبيل تحرير الأرض، إلّا أنَّ المعارك لم تتوقف، والعمليات النوعية مُستمرة، والأرقام والإحصائيات تُبرهن على أنَّ المقاوِم الفلسطيني صامد في الميدان بعد 442 يومًا من العدوان.
وهذا يدفعنا للتساؤل: هل خسرنا المعركة؟ هل المقاومة مُهددة بالاندثار كما يظن البعض؟
نقول للجميع، إنِّه لا ينبغي أن يتسلل اليأس إلى نفوسنا، وأن نظل مُتمسكين بما تحقق من نصر استراتيجي على عدو خسيس جبان، وأن كُل ما استطاع تحقيقه بمشقّة وصعوبة، لا يعدو كونها تحولات تكتيكية لصالحه، لكنها ليست نصرًا ولن تكون، فأيُّ نصر يتحقق دون إنجاز الأهداف المُعلنة؟ وأي انتصار مزعوم يُمكن أن يدعيه العدو بينما لم يتمكن من تحرير أسير واحد حيّاً أو إجبار الشعب الفلسطيني على التهجير من أرضه؟
نعم، المُقاومة خسرت كثيرًا، وهذه طبيعة المعارك التاريخية. نعم المقاومة فقدت كبار قادتها؛ سواءً في جبهة غزة العزة أو لبنان الصمود؛ وعلى رأسهم القائد إسماعيل هنية وصالح العاروري، ويحيى السنوار، وفي لبنان: الشهيد السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله، والقيادي فؤاد شكر (الحاج محسن)، وإبراهيم عقيل، وإبراهيم قبيسي، وعلي كركي (مهندس الاستراتيجية العسكرية لحزب الله)، ونبيل قاووق، وغيرهم الكثير من الشهداء الذين سيُخلِّدهم التاريخ في صفحات البطولة والمُقاومة والشجاعة والعزة.
لذلك لا ينبغي أبدًا لكل مُؤمن بعدالة القضية أن يُعاني اليأس أو الإحباط، فهذا الدمار الهائل وذلك القتل المُمنهج والتصفيات الإجرامية للقادة التاريخيين للمقاومة، ليست سوى "رقصة المذبوح" لعدو تجرّع كؤوس الألم بكل مرارة، ويدعي زورًا وبهتانًا أنَّه انتصر!!
هذه حرب تاريخية بين الحق والباطل، وستظل مُستمرة لسنوات وعقود حتى تحين الضربة القاضية، ولن تحسمها معركة واحدة أو اثنتان؛ إنها حرب بالنقاط، وقد أحرزت المُقاومة الفلسطينية نقاطًا عدة، مكّنتها من تحقيق نتائج مُبهرة لم نكن يومًا نحلم بها؛ فلأول مرة تتوحد ساحات المُقاومة في لحظة تاريخية كُتبت فيها "ملحمة وحدة الساحات"، وانهالت الصواريخ والقذائف على عمق الكيان، من كل حدب وصوب، من غزة ومن لبنان ومن إيران ومن اليمن ومن العراق، وقد تحولت دولة الاحتلال إلى أكبر ملجأ تحت الأرض في العالم، يختبئ فيه في لحظة واحدة نحو 4 ملايين إسرائيلي.
لأوَّل مرة تبدأ الهجرة المُعاكسة؛ حيث فرَّت أعداد كبيرة من الصهاينة إلى خارج حدود دولة الاحتلال، ليعودوا من حيث جاءوا، وليتأكد العالم أجمع أن دولة الاحتلال الصهيوني ليست سوى مقر لمُتشردي العالم وليست ليهود العالم.
لأول مرة يُشاهد العالم أجمع حرب إبادة على الهواء مُباشرة، وعبر شاشات التلفزة ومنصات التواصل الاجتماعي.. ولأول مرة يخرج عشرات الملايين من البشر حول العالم للتنديد بجرائم الصهيونية تجاه الشعب الفلسطيني، وتسقط التهم الزائفة بما يُسمى بـ"معاداة السامية"، ويتكشف للجميع مدى عدوانية وبربرية وهمجية هذا العدو المُجرم.
لأوَّل مرة يُحاكم قادة إسرائيل المُجرمين أمام أكبر محكمتين في العالم: المحكمة الجنائية الدولية (المعروفة باسم محكمة جرائم الحرب)، ومحكمة العدل الدولية، وكلتاهما تحققان في تنفيذ إسرائيل لجريمة الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاك القانون الدولي الإنساني.
لأول مرة في تاريخ هذا الكيان البغيض، يصدر أمر اعتقال دولي بحق رئيس وزرائه المُجرم عتيد الإجرام بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت، ويصبحان منبوذين ومذعورين من الخروج من كيانهما الغاصب، خشية الاعتقال.
لأول مرة تنهار على أيدي المُقاومة، أسطورةُ الردع، وتتحطم مزاعم "الجيش الذي لا يُقهر"، ولم تفلح أي منظومة دفاع جوي في صد صواريخ المقاومة التي كانت- وما زالت- عليهم مثل الطير الأبابيل، فتُشعل النيران فيهم وتُجبرهم على الفرار إلى الملاجئ.
لا يجب أن ييأس أحدُنا لما يُصيب المقاومة من خسائر مؤقتة؛ إذ إنَّ اختلال موازين القوى في هذا العالم يمنح العدو أفضلية نسبية بفضل استحواذه على أحدث التقنيات والأسلحة، لكن أصحاب القضية في المقابل يُسجلون النقاط العظيمة واحدة تلو الأخرى، حتى تتحرر فلسطين الأبيّة.
لن تذهب دماء الشهداء الزكية سُدى، لأننا أمة تؤمن بأن "نصر الله قريب"، ويكفينا عزة وفخرًا أن هذا النصر مقترن بلفظ الجلالة "الله"، ليتأكد لنا حتمية تحقُّقه، خصوصًا وأنه " وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ "، وهذه الآية الكريمة في سورة آل عمران، يجب أن تكون شعارنا دائمًا، وأن نتدبر معانيها في كل مرة نمر عليها، لنتيقن أن النصر آتٍ آتٍ، وما هي إلا مسألة وقت، فهذا وعد الله للمؤمنين، والله لا يُخلف الميعاد.
لقد أثبت الشعب الفلسطيني البطل مدى شجاعته واستبساله واستعداده للفداء والتضحية، ذودًا عن أرضه ووطنه، بينما الصهيوني الجبّان يفر تحت الملاجئ وخارج الحدود، وهنا يكمن الفارق بين صاحب الأرض والمُحتل!
لقد أدرك العالم بأسره، أن إسرائيل كيان غاصب خارج عن القانون الدولي، وقادته مجرمون عُتاة الإجرام ينفذون المذابح واحدة تلو الأخرى بدم بارد، ويواصلون حرب إبادة تستهدف الحرث والنسل.
ولذلك نؤكد أن نهاية إسرائيل قادمة لا محالة، وقريبًا سيزول هذا الورم السرطاني الذي يُعربد في منطقتنا العربية، ويُدنس مقدساتنا الدينية، فالقاتل سيُقتل ولو بعد حين، ويكفي أنَّ أول الذين توقعوا انهيار الكيان وتلاشيه إلى الأبد هم الكُتّاب والمفكرون اليهود، مثل نعوم تشومسكي وألون ميزراحي والمفكر الأمريكي اليهودي جيفري ساكس، وغيرهم كُثُر، لأنه لا يُمكن لدولة توسعية- تمثل آخر بقعة استعمارية في العالم- أن تستمر وسط محيط عربي ومسلم، يناصبها العداء جرّاء كل الجرائم التي ارتكبتها في العديد من الأقطار العربية والإسلامية، أضف إلى ذلك التناحر الداخلي القائم على العنصرية اليهودية (مثل الأشكيناز والسفارديم ويهود الفلاشا) والطائفيّة الدينية (مثل الحاريديم والليبراليين والعلمانيين).
ويبقى القول.. إنَّ "طوفان الأقصى" أسهم في نسف كل وهم ارتبط بالكيان الصهيوني، وأصبح العالم يُدرك تمامًا حجم الظلم والعدوان الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة ودمار شامل، وبات قادة إسرائيل قاب قوسين أو أدنى من السجن، وقد فشلت كل مُخططاتهم لتهجير الفلسطينيين وتصفية القضية.. وعلى الجميع الإيمان بأنَّ المقاومة فكرة ستظل حيَّة في القلوب والعقول، قبل أن تتحول إلى حقيقة على أرض الواقع، وأنَّ الفكرة لا تموت مطلقًا، وأن النصر آتٍ، "وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ". وقد صدق الله العظيم.
رابط مختصر