عدوان الدمار الشامل.. شمال غزة لم يعد صالحا للسكن وإسرائيل تدعو لإخلاء الجنوب
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
سلطت وكالة "أسوشيتد برس" الضوء على أثر الدمار الشامل الذي خلفه العدوان الإسرائيلي الوحشي على شمال قطاع غزة، مشيرة إلى أن القصف حول معظم المنطقة إلى مكان غير صالح للسكن.
وذكرت الوكالة، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن القصف محا أحياء بأكملها من شمال القطاع، وتعرضت المنازل والمدارس والمستشفيات للقصف الجوي واحترقت بنيران الدبابات، ولا تزال بعض المباني قائمة، لكن معظمها مدمرة.
وأضاف أن ما يقرب من مليون فلسطيني فروا من الشمال، بما في ذلك مركزه الحضري، مدينة غزة، مع اشتداد القتال البري.
وعندما تنتهي الحرب، سرعان ما سيطغى الرعب على أي إغاثة، مع تأقلم العائلات النازحة مع حجم الكارثة وما تعنيه بالنسبة لمستقبلها، وفي ظل تساؤل مفاده: أين سيعيشون؟ ومن الذي سيدير غزة في نهاية المطاف ويلملم شتاتها؟
وفي السياق، قال يوسف هماش، عامل الإغاثة في المجلس النرويجي للاجئين، الذي فر من أنقاض مخيم جباليا للاجئين في جنوب غزة: "أريد العودة إلى منزلي حتى لو اضطررت إلى النوم على أنقاضه، لكنني لا أرى مستقبلاً لأطفالي هنا."
وقال محمود جمال، سائق سيارة أجرة يبلغ من العمر 31 عاماً، فر من مسقط رأسه في شمال بيت حانون: "عندما غادرت، لم أتمكن من تحديد الشارع أو التقاطع الذي كنت أعبره"، ووصف المباني السكنية بأنها باتت تشبه مواقف السيارات في الهواء الطلق.
وقالت إميلي تريب، مديرة منظمة "إير وارز" لمراقبة الصراعات، ومقرها لندن، إن القصف الإسرائيلي أصبح أحد أكثر الحملات الجوية كثافة منذ الحرب العالمية الثانية.
ففي الأسابيع السبعة للحرب أطلقت إسرائيل ذخائر أكثر مما أطلقته الولايات المتحدة في أي عام من حملة القصف ضد تنظيم الدولة، وهو وابل تصفه الأمم المتحدة بأنه الحملة الأكثر دموية منذ الحرب العالمية الثانية .
وفي لقطات الخرائط الحرارية للغارات الجوية الإسرائيلية، التي تستهدف أنفاق حركة حماس، تطمس الكرات النارية كل شيء في الأفق.
وتظهر مقاطع الفيديو، التي نشرها الجناح العسكري لحماس مقاتلين يحملون قذائف صاروخية وهم يتجولون في الشوارع المليئة بالدخان، فيما قامت جرافات الاحتلال بتسوية بعض الأراضي أمام الدبابات الإسرائيلية.
مدينة أشباح
وقال مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في مدينة غزة، الذي فر إلى مصر، الأسبوع الماضي: "لقد تحول شمال غزة إلى مدينة أشباح كبيرة. ليس لدى الناس ما يعودون إليه".
وتعرض ما يقرب من نصف المباني في جميع أنحاء شمال غزة للضرر أو الدمار، وفقا لتحليل بيانات القمر الصناعي "كوبرنيكوس سنتينل-1" الذي أجراه، كوري شير، من مركز الدراسات العليا بجامعة مدينة نيويورك، وجامون فان دن هوك، من جامعة ولاية أوريغون.
ومع تقدير الأمم المتحدة أن 1.7 مليون شخص أصبحوا بلا مأوى في قطاع غزة، يتساءل الكثيرون عما إذا كان القطاع سيتعافى يومًا ما.
اقرأ أيضاً
حذرت من العودة للشمال.. طائرات الاحتلال تلقي منشورات على جنوب غزة
وفي هذا الإطار، قال رافائيل كوهين، الخبير في مؤسسة راند البحثية: "سينتهي الأمر إلى وجود نازحين يعيشون في الخيام لفترة طويلة".
وتسببت الحرب في توقف 27 من بين 35 مستشفى في أنحاء غزة عن العمل، بحسب منظمة الصحة العالمية، التي أكدت أن تدمير البنية التحتية الحيوية الأخرى له عواقب لسنوات قادمة.
وقال سكوت بول، أحد كبار مستشاري السياسات الإنسانية في منظمة أوكسفام أمريكا: "لقد تم تدمير المخابز ومطاحن الحبوب، كما تم تدمير مرافق الزراعة والمياه والصرف الصحي".
وأضاف: "أنت بحاجة إلى أكثر من 4 جدران وسقف ليكون المكان صالحًا للسكن، وفي كثير من الحالات لا يمتلك الناس ذلك."
وفي جميع أنحاء القطاع، هناك أكثر من 41 ألف منزل، 45% منها مدمرة لدرجة بحيث لا يمكن العيش فيها، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.
وقال محمد الحداد، وهو منظم حفلات يبلغ من العمر 28 عاماً فر من مخيم الشاطئ للاجئين على طول ساحل مدينة غزة: "كل ما تركته في المنزل هو الجثث والركام".
أضرار الحرب
وأظهر تحليل بيانات الأقمار الصناعية أن مخيم الشاطئ تعرض لما يقرب من 14 ألف حادثة من أضرار الحرب، على مساحة 0.5 كيلومتر مربع فقط.
ووفقاً للتحليل، فإن جنوب غزة، حيث أدت ندرة الغذاء والمياه والوقود إلى حدوث أزمة إنسانية، نجا من أعنف النيران، لكن هذا لم يستمر طويلا، فقد أظهرت بيانات الأقمار الاصطناعية، في الأسبوعين الماضيين، ارتفاعًا كبيرًا في الأضرار بجميع أنحاء مدينة خان يونس الجنوبية.
ويقول السكان إن الجيش الإسرائيلية أمطر الأجزاء الشرقية من المدينة بمنشورات يدعو فيها السكان إلى إخلائها. كما حثت المنشورات سكان جنوب غزة على التحرك مرة أخرى نحو قطاع من الأراضي يسمى المواصي على طول ساحل البحر المتوسط.
وقال الصحفي طارق حجاج البالغ من العمر 32 عاما: "هذه نكبتنا"، في إشارة إلى التهجير الجماعي لما يقدر بنحو 700 ألف فلسطيني خلال حرب عام 1948 التي أعقبت إنشاء إسرائيل، وهو نزوح جماعي يسميه الفلسطينيون "النكبة".
اقرأ أيضاً
رفضوا النزوح للجنوب.. 807 آلاف فلسطيني لا يزالون في غزة وشمالها
ورغم أن الفلسطينيين يرفضون علناً فكرة نقلهم إلى خارج غزة، فإن البعض يعترفون سراً بأنهم لا يستطيعون البقاء، حتى بعد انتهاء الحرب.
وقال حجاج الذي فر من منزله في الشجاعية شرق مدينة غزة: "لن نعود إلى ديارنا أبداً. أولئك الذين سيبقون هنا سيواجهون الوضع الأكثر فظاعة الذي يمكن أن يتخيلوه".
ودمر العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014 حي الشجاعية وسواه بالأرض، حتى تحول إلى حقول من الأنقاض الرمادية. ولا تزال جهود إعادة الإعمار التي تبلغ تكلفتها 5 مليارات دولار هناك وفي مختلف أنحاء غزة غير مكتملة حتى يومنا هذا.
وقالت جوليا ماريني، مسؤولة المناصرة الدولية في مركز الميزان الحقوقي الفلسطيني: "هذه المرة حجم الدمار أعلى بشكل كبير. سيستغرق الأمر عقودًا حتى تعود غزة إلى ما كانت عليه من قبل".
إعادة الإعمار
ولا يزال من غير الواضح من سيتولى مسؤولية هذه المهمة. ففي القمة الأمنية الأخيرة التي عقدت في البحرين، أكد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، أن الدول العربية "لن تأتي وتنظف الفوضى بعد إسرائيل".
ويريد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن يستعيد الجيش الأمن، وقد دفع المسؤولون الأمريكيون إلى سيناريو يتمثل في سيطرة السلطة الفلسطينية، التي تتخذ من الضفة الغربية مقراً لها، على قطاع غزة.
ورفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يعتبره العديد من الفلسطينيين ضعيفا، هذه الفكرة في غياب الجهود الإسرائيلية نحو حل الدولتين.
ورغم الحرب، يأمل ياسر الششتاوي، أستاذ الهندسة المعمارية في جامعة كولومبيا، أن توفر إعادة الإعمار فرصة لتحويل مخيمات اللاجئين المتداعية في غزة والبنية التحتية المتدهورة منذ فترة طويلة إلى "مكان أكثر ملاءمة للسكن وأكثر إنصافًا وإنسانية"، بما في ذلك الحدائق العامة والواجهة البحرية التي أعيد تنشيطها.
لكن الفلسطينيين يقولون إن البنية التحتية المدمرة ليست فقط هي التي تحتاج إلى إعادة البناء، بل المجتمع المصاب بصدمة نفسية.
وقال أبو سعدة: "لقد أصبحت غزة مكاناً مخيفاً للغاية. ستكون دائمًا مليئًا بذكريات الموت والدمار".
اقرأ أيضاً
قناة: صور أقمار صناعية تظهر تباطؤ تقدم جيش الاحتلال في شمالي غزة
المصدر | أسوشيتدبرس/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة شمال غزة إسرائيل المجلس النرويجي للاجئين الفلسطينيين النكبة مدینة غزة جنوب غزة
إقرأ أيضاً:
"العربية لحقوق الإنسان" تدين جرائم الحرب الإسرائيلية ضد مستشفى كمال عدوان شمال غزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أدانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، استمرار جريمة الإبادة الجماعية بحق سكان قطاع غزة المحتل، وتدين بصفة خاصة الجريمة المتواصلة ضد مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزة، والذي طال النازحين في محيط الستشفى وطواقمه الطبية وغرف العناية المركزة والمعامل.
وأعربت المنظمة، عن عميق استيائها للتجاهل الدولي المثير للدهشة إزاء هذا العدوان المتواصل لأيام عديدة، مشددة على مسئولية المجتمع الدولي لوقف الاعتداءات على المستشفى الوحيد المتبقي في مناطق شمال القطاع، وتعتبر أن الصمت الدولي هو شراكة في توفير الغطاء للعدوان الإسرائيلي، والذي يتكثف حالياً لتهجير سكان شمالي القطاع نحو الجنوب.
وقال: «علاء شلبي» رئيس المنظمة، إن "يجب على الدول والشركات التي ساهمت في توفير تقنيات الذكاء الاصطناعي وأنظمة الروبوت للاحتلال الإسرائيلي أن تتحمل نصيبها من المسئولية، حيث يجري استخدام هذه التقنيات على نطاق واسع جنباً إلى جنب مع الطائرات المسيرة في العدوان المتواصل على المستشفى".
وأضاف شلبي: "أن العالم يحتفل الليلة بعيد الميلاد المجيد وفقاً للتقويم الغربي، بينما يشكل ذبح أصحاب أرض الميلاد سحابة حزن قاتمة على المحتفلين، مؤكداً على أهمية قيام الناس بالضغط على ما تبقى من حكومات منحازة بشكل غير مشروع للعدوان والاحتلال والفظاعات".
وتندد المنظمة، مجددًا بخطر التهجير القسري لسكان القطاع إلى الخارج والذي لطالما شكل هدفاً رئيسياً لسلطات الاحتلال التي تهيمن عليها قوى اليمين الديني الظلامية.
ويشكل هذا العدوان المتواصل على مستشفى كمال عدوان أحد مظاهر الفظاعات الإسرائيلية التي تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي يمضي في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق السكان الفلسطينيين في قطاع غزة المحتل للشهر الخامس عشر على التوالي.
وتُذكر المنظمة بأن نحو 56 ألف فلسطيني بين قتيل ومفقود قد سقطوا نجية العدوان الإسرائيلي المتواصل وغير المسبوق، فضلاً عن نحو 108 ألف جريح، بينهم 11 ألفاً بحاجة لعناية طبية فائقة ومُعرضون لمخاطر داهمة، بالإضافة إلى نحو 14 ألفاً من أصحاب الأمراض المزمنة الذين يفتقدون للرعاية الطبية الواجبة لحالاتهم بعد تقويض العدوان الإسرائيلي لمرافق الخدمة الطبية في القطاع، بالإضافة إلى تهجير 1.7 مليون من سكان القطاع في شريط ضيق بمساحة 17 كيلو متر مربع وسط القطاع.
وتؤكد المنظمة مجددًا مطالبها التالية:
• دعوة الإدعاء العام للمحكمة الجنائية الدولية للإسراع في تحقيقاتها مع ضمان ضم القادة العسكريين والأمنيين للاحتلال لقائمة المتهمين، والنظر في توجيه تهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في ضوء الدلائل الواضحة على ارتكابها بداية من 10 أكتوبر 2023.
دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة لاتخاذ قرار يقضي بالتزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالتعاون مع الحكمة الجنائية الدولية في جلب المتهمين الصادر بحقهم مذكرات توقيف.
دعوة الحكومات العربية للانضمام الجماعي لدعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد جريمة الإبادة الجماعية التي تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي الإمعان في ارتكابها.
التحرك العربي الجماعي مجدداً أمام مجلس الأمن لإصدار قرار بتفعيل التدابير التي قررتها محكمة العدل الدولية في يناير ومايو 2024 استناداً على الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة
• عقد مؤتمر تحضيري عربي للاستعداد لمؤتمر الدول الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة والمزمع في مارس 2025، مع إشراك المنظمات الحقوقية الفاعلة في العمل القانوني والميداني لبلورة تصور متكامل يضمن تحمل الدول الأطراف مسئولياتها بموجب الاتفاقية والعمل على توفير الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينيين تحت الاحتلال،تنظيم مؤتمر عربي لجمع التمويل اللازم لدعم التحقيقات التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية.