نابلس- بعينه المجردة وبحساباته المادية أيضا، أصبح التاجر الفلسطيني زكي خضر يلحظ تراجعا كبيرا في إقبال زبائنه على شراء منتجات الاحتلال الإسرائيلي من داخل محله التجاري في بلدة بيتا جنوب نابلس.

ويوما عن آخر، ولا سيما خلال الأيام الثلاثة الأولى من الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدأ يلاحظ تكدس هذه البضائع وبكميات كبيرة، ورفض المواطنين شراءها وامتناعهم عنها أصلا.

ومنذ بداية الحرب لم تترك الضفة الغربية شكلا لمقاومة الاحتلال إلا وفعلته، ومع تصاعد العدوان وخاصة في أيامه الأولى، خرجت دعوات وحملات مطالبة بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وحتى تلك القادمة من الدول الداعمة لدولة الاحتلال لا سيما الولايات المتحدة ودول أوروبية.

مصطفى البرغوثي يصف تجاوب الفلسطينيين مع حملات المقاطعة بغير المسبوق (الجزيرة) وعي فلسطيني ذاتي

واتسمت المقاطعة هذه المرة أكثر من ذي قبل بطابع الوعي الذاتي لدى الفلسطينيين الذين أبصروا جرائم الاحتلال على حقيقتها في غزة والضفة، وبالتالي زاد إدراكهم بأن دعم المنتج الإسرائيلي يصب في خزينة الاحتلال العسكرية التي تستبيح دم الفلسطيني.

ورصد التاجر زكي خضر وعي المواطنين بعد أن تكدست البضائع الإسرائيلية فوق رفوف محله، واستعاض عن المنتج الإسرائيلي والغربي الداعم للاحتلال بمنتجات محلية وعربية، لا سيما الحليب ومشتقاته والعصائر أيضا.

ولم يقاطع المواطنون فقط، بل امتنع كثير من التجار مثل زكي ومنذ بداية الحرب عن شراء بضائع إسرائيلية رغم الحاجة إلى بعضها والتي لا يوجد لها بديل، ويقول زكي للجزيرة نت "جزء كبير من هذه المنتجات أصبحت تالفة، وهنا تجار أعادوا البضائع لمورديها، فنسبة المقاطعة في متجري تجاوزت 90%".

ولمواقع التواصل المختلفة وحملات التوعية التي أُطلقت عبرها، يُرجع خضر أسباب صد الناس عن المنتجات الإسرائيلية، إضافة إلى وضع بعض التجار يافطات توعوية كُتب عليها "هذا منتج إسرائيلي أو داعم"، فضلا عن تفقد الزبائن وبحثهم عن مكان المنتج وخاصة إذا ما كُتب عليه باللغة العبرية.

وأكد زكي وتجار آخرون -للجزيرة نت- أن "دافع المقاطعة وطني وحس إنساني تجاه ما يقترفه الاحتلال من مجازر بشعة بحقهم في الضفة وغزة، وقد رأوا ذلك بأعينهم وعاشوه أيضا".

وطالت المقاطعة كذلك بضائع الدول الغربية وخاصة أميركا ومؤسساتها وعلاماتها التجارية العاملة في الضفة الغربية خاصة المطاعم الشهيرة.

تقول حنان منصور -للجزيرة نت- إنها لاحظت خلال تسوقها بمتجر كبير بنابلس أن الأطفال يقرؤون لآبائهم اسم المنتج ومكانه وما إذا كان إسرائيليا أو من دولة داعمة، ورأت يافطات كُتب عليها "قاطع عدوك" و"لا تساهم بدفع ثمن رصاصة تقتل أطفال غزة".

انكشاف حقد الاحتلال

وتضيف أن أطفالها في مدارس المدينة لاحظوا حجم المقاطعة الكبير، وصاروا يلفتون نظر بعضهم وزملائهم لذلك أثناء الشراء من بقالة المدرسة أو خارجها، كما دعا مجلس أولياء الأمور بأحد المدارس إلى وقف جلب بضائع إسرائيلية لها، وتحذير الطلاب من ذلك.

بدوره، لم يحتج المواطن مهدي عودة (44 عاما) لمن ينصحه لترك منتجات الاحتلال التي اعتاد على شرائها وبقوة، فهو يرصد المجازر الإسرائيلية يوميا في غزة والضفة أيضا.

ويقول للجزيرة نت "هذه الحرب كشفت حقد الاحتلال الدفين وقذارته، ولهذا فإن كل دولار ندفعه ليس ثمنا لبضائع الاحتلال وإنما في الواقع ثمن رصاصة إسرائيلية تقتلنا".

وظهر للعيان أثر مقاطعة الفلسطينيين لمنتجات الاحتلال، ولم تتكدس البضائع داخل المحلات التجارية لا سيما المجمعات التجارية الضخمة (المولات) فقط، بل قُدمت ضمن عروض مغرية لتسويقها، ورغم ذلك لم تُبع.

من جهته، يقول محمود نواجعة منسق حركة مقاطعة إسرائيل (بي دي إس) في الضفة الغربية إنهم لمسوا فعلا أثر هذه المقاطعة على المستوى المحلي فلسطينيا.

وأضاف "انخفض الطلب والاستهلاك الفلسطيني للمنتج الإسرائيلي أكثر من 50% منذ بدء الحرب على غزة، كما ارتفعت شواهد وآثار حملات المقاطعة على الأرض وزادت فعاليتها أيضا".

وأوضح نواجعة أنهم عملوا عبر نهجين اثنين لتعزيز المقاطعة، أحدهما تزامن مع الحرب على غزة والإبادة التي تتعرض لها، فأطلقوا مجموعة حملات ونداءات عبر أدوات المقاطعة (بي دي إس) على مستوى العالم واستهداف الشركات الأجنبية الأكثر تورطا لمقاطعتها، كالحملة ضد "كارفور".

تجاوب غير مسبوق

أما النهج الثاني فتناول "المقاطعة عضويا" لمنتجات إسرائيل، وهي حملات أطلقها المواطنون مباشرة لمقاطعة الشركات الأجنبية مثل "ماكدونالدز وبيتزا هت ودومينيس بيتزا" وغيرها.

وقال نواجعة إنهم في حركة المقاطعة أيدوا ذلك وعملوا على نشره بشكل أوسع وضمن أهداف محددة. وأضاف "دعونا إلى سحب العلامة التجارية من ماكدونالدز في دولة الاحتلال وتحمُّل مسؤولية فرعهم الذي أيد الإبادة بغزة، وهذا ينطبق على جميع الشركات".

من جانبه، وصف مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، والتي تطلق وللسنة العاشرة على التوالي حملة "بادر" الأكبر فلسطينيا لمقاطعة البضائع الإسرائيلية، حجم التجاوب الجماهيري مع مقاطعة منتجات الاحتلال بـ"غير المسبوق".

ويقول البرغوثي -للجزيرة نت- إن تجاوب الناس وأصحاب المحلات التجارية، كبير جدا وأوسع من أي وقت مضى، وذلك نتيجة مشاهدتهم جرائم الاحتلال وبفعل حملات التوعية المستمرة، وأكد "إذا ما قورنت المقاطعة اليوم مع الوقت السابق فهي تتجاوز 80%".

وتخسر إسرائيل أكثر من 15 مليار دولار سنويا بسبب المقاطعة لبضائعها محليا وخارجيا، وفق البرغوثي. ويشدد على أن تأثير المقاطعة له عدة جوانب؛ أهمها أن البضائع التي لا تبيعها إسرائيل تخسر أرباحها، وتفقد 16% من ضريبة القيمة المضافة التي تجنيها من الفلسطينيين، وعندما تشتد المقاطعة محليا تزداد عالميا أيضا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: منتجات الاحتلال للجزیرة نت لا سیما

إقرأ أيضاً:

رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!

 

رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!

رشا عوض

إنها قوانين متواترة في الاجتماع السياسي بكل أسف!

الحركات الفاشية تظن أن استعبادها المستدام للشعوب بواسطة القوة العسكرية هو قانون طبيعي لا يناقش ناهيك عن المطالبة بتغييره!

عندما تتزاوج الفاشية الدينية مع الفاشية العسكرية كحال المنظومة الكيزانية يصبح التمسك بنظام الاستعباد أكثر شراسة كما نرى في هذه الحرب!

الذي جعل هذه الحرب القذرة حتمية هو إصرار الكيزان على استدامة استعبادهم للشعب السوداني عبر القوة العسكرية الأمنية ممثلة في الأخطبوط الأمنوعسكري بأذرعه المتعددة: جيش ودفاع شعبي وكتائب ظل وأمن رسمي أمن شعبي واحتياطي مركزي ووووووووووو

ظنوا أن العقبة الوحيدة أمام هيمنتهم العسكرية هي الدعم السريع، غرورهم وحساباتهم الرغائبية التي زادتها الأطماع وتضليل دوائر إقليمية خبيثة، كل ذلك جعلهم يظنون أن ضربة عسكرية خاطفة وقاضية تدمر الدعم السريع في سويعات أو أسبوع أسبوعين ممكنة!

ولكن هل يعقل أن الكيزان لم يضعوا احتمال أن الحرب يمكن أن تطول وتدمر البلاد؟

مؤكد ناقشوا هذا الاحتمال ولكن ذلك لن يجعلهم يترددوا في الحرب! لأن التضحية بالسلطة الاستبدادية المحمية بالقوة العسكرية غير واردة مطلقا، والخيار الافضل حال فشلت الحرب في إعادتهم إلى السلطة والتحكم في السودان كاملا هو تقسيم السودان وتقزيمه أرضا وشعبا إلى المقاس المناسب لقدرتهم على التحكم! وإن لم ينجحوا في ذلك فلا مانع من إغراق البلاد في حرب أهلية طويلة تؤدي إلى تدمير السودان وتفتيته وطي صفحته كدولة (يا سودان بي فهمنا يا ما في سودان) كما قال قائلهم!

الانعتاق من استعباد الكيزان مستحيل دون تجريدهم من قوتهم العسكرية! لن يتنازلوا عن السلطة الاستبدادية إلا إذا فقدوا أدواتها! لن يكفوا عن نهش لحم الشعب السوداني إلا إذا فقدوا أنيابهم ومخالبهم!

وحتما سيفقدونها!

لأن المنظومة الأمنية العسكرية التي راهنوا عليها أصابها ما يشبه المرض المناعي الذي يصيب جسم الإنسان، فيجعل جهاز المناعة يهاجم أعضاء الجسم الحيوية ويدمرها إلى أن يقضي على الجسم نهائيا!

الدعم السريع الذي يقاتل الجيش وكتائب الكيزان كان ذراعا باطشا من أذرع المنظومة الأمنية العسكرية الكيزانية حتى عام ٢٠١٨، وحتى بعد الثورة لم يكف الكيزان عن مغازلته ولم يقطعوا العشم في احتوائه! ولكنه “شب عن الطوق” فأرادوا ترويضه بحرب خاطفة والنتيجة ماثلة أمامنا!

المرض المناعي ليس فقط مهاجمة الدعم السريع للجيش والكتائب! بل المنظومة الأمنية نفسها انقسمت بين الطرفين ومعلومات التنظيم الكيزاني والدولة السودانية بيعت في سوق النخاسة المخابراتية الإقليمية والدولية والنتيجة هي واقع الهوان والهشاشة الماثل الذي لا يبشر بأي نصر عسكري حاسم في المدى المنظور!

المؤلم في كل ذلك هو أن المواطن السوداني البريء هو الذي يدفع الثمن الأكبر في هذه الحرب القذرة قتلا واعتقالا وتعذيبا وسلبا ونهبا وتشريدا وجوعا ومهانة في حرب صراع السلطة لا حرب الكرامة ولا حرب الديمقراطية كما يزعمون.

هذه الحرب هي عملية تفكك مشروع الاستبداد العسكر كيزاني وانشطار نواته المركزية عبر مرض مناعي أصاب منظومته الأمنية والعسكرية نتيجة تراكمات الفساد وغياب الحد الأدنى من الكفاءة السياسية والأخلاقية المطلوبة للحفاظ ليس على الدولة والشعب، فهذا خارج الحسابات منذ أمد بعيد، بل من أجل الحفاظ على النظام الفاسد نفسه!! حتى عصابات تجارة المخدرات تحتاج إلى قدر من الأخلاق والانضباط بين أفرادها للحفاظ على أمن العصابة وفاعليتها!! هذا القدر افتقده نظام الكيزان!!

ومع ذلك يرفعون حاجب الدهشة ويستغربون سقوط نظامهم صبيحة الحادي عشر من أبريل ٢٠١٩ !!

يعاقبون الشعب السوداني بهذه الحرب على ثورته ضدهم!!

يعاقبونه على أنه أكرم جنازة مشروعهم منتهي الصلاحية بالدفن لأن إكرام الميت دفنه!!

تفادي الحرب بمنطق البشر الأسوياء عقليا واخلاقيا لم يكن مستحيلا، وهو الهدف الذي سعت إليه القوى المدنية الديمقراطية بإخلاص ولكن الكيزان اختاروا طريق الحرب مع سبق الاصرار والترصد! وفرضوه على البلاد فرضا!

المصلحة السياسية الراجحة للقوى السياسية المدنية هي استبعاد البندقية كرافعة سياسية لأنها ببساطة لا تمتلك جيوشا ولا بنادق!!

والتضليل الفاجر بأن هذه القوى المدنية متحالفة مع الدعم السريع لاستغلال بندقيته كرافعة سياسية لا ينطلي على عاقل! بندقية الدعم السريع التي تمردت على صانعيها هل يعقل أن تضع نفسها تحت إمرة مدنيين عزل يرفعون راية الجيش المهني القومي الواحد وإنهاء تعدد الجيوش!

الحرب ليست خيارنا وضد مصالحنا! اشتعلت غصبا عنا كمواطنين وكقوى مدنية ديمقراطية سلمية ومسالمة!!

الحرب قهرتنا وأحزنتنا وأفقرتنا وفجعتنا في أعز الناس وأكرمهم، ومنذ يومها الاول لم نتمنى شيئا سوى توقفها وعودة العقل لمشعليها ولكن ذهبت امنياتنا ادراج الرياح!

ليس أمامنا سوى مواصلة مساعي السلام، والتماس العزاء في أن قسوة هذه الحرب وجراحها المؤلمة ونزيف الدم الغزير الذي روى أرض الوطن ربما نتج عنه “فصد السم” الذي حقنه نظام الكيزان في شرايين الوطن على مدى ثلاثة عقود!

إخراج السموم من جسد الأوطان عملية شاقة ومؤلمة!!

تمنينا أن يتعافى جسد الوطن من سموم الاستبداد والفساد والفتن العنصرية بالتدريج وبأدوات نظيفة ورحيمة وعقلانية عبر مشروع انتقال مدني ديمقراطي سلمي يفتح للبلاد طريقا لعهد جديد يضعها في خانة القابلية للتغيير والحياة المستقرة!

الكيزان أشعلوا الحرب ضد تعافي جسد الوطن من سمومهم! أشعلوها لإعادة الوطن إلى حظيرتهم البائسة! يظنون أن عجلة التاريخ يمكن أن تدور إلى الخلف!

ربما تكون نتيجة هذه الحرب على عكس ما أرادوا وخططوا!! فتفصد السم الزعاف بآلام مبرحة ولكن بشفاء كامل!!

أليست المزايا في طي البلايا والمنن في طي المحن!

ألم يسخر كتاب الله من المجرمين والظالمين على مر العصور “يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين”.

 

الوسومالدعم السريع ثورة ديمسبر حرب الكيزان

مقالات مشابهة

  • عاجل | مصدر بالداخلية السورية للجزيرة: الجيش الإسرائيلي انسحب من البلدات التي دخلها في ريف درعا
  • رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!
  • أهالي طولكرم يشيعون 8 شهداء إثر العملية العسكرية الإسرائيلية
  • الجبهة الديمقراطية تندد باعتقال السلطة أحد قادتها خلال مسيرة لدعم جنين
  • كيف يخنق الاحتلال الإسرائيلي الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة؟
  • 2024 عام الاستهداف.. الضفة الغربية تواصل مقاومة جيش الاحتلال الإسرائيلي
  • طائرات سلاح الجو الإسرائيلي تقصف بلدة طمون شمال الضفة الغربية
  • سلطان المساليت بدارفور يكشف للجزيرة نت تفاصيل خطابه بمجلس الأمن
  • "العربية لحقوق الإنسان" تدين جرائم الحرب الإسرائيلية ضد مستشفى كمال عدوان شمال غزة
  • WP: عملية السلطة في جنين لها علاقة بالحصول على دور في غزة بعد الحرب