دبي- الوطن
استهلت “قمَّة المعرفة” جلسات اليوم الثالث المنعقدة افتراضياً بجلسة حوارية حملت عنوان “تغيُّير قواعد اللعبة.. الثورة الصناعية الخامسة ومشهد الأعمال” تناولت العديد من الموضوعات المهمة حول التغييرات التي أحدثتها تقنيات الجيل الخامس في نماذج الأعمال، وأفضل الاستراتيجيات التي يمكن للشركات اتباعها لإدارة التحولات في القوى العاملة، إضافة إلى استشراف مستقبل عالم الأعمال في ضوء تسارع التطور التكنولوجي.


وشارك في الجلسة كل من الدكتورة كاثي موليغن، مؤسِّسة المجموعة الرقمية للمجتمع المستدام ومحاضِرة زائرة في كلية إمبريال كوليدج للأعمال، ورولا خوري، اختصاصية استراتيجيات تكنولوجية، فيما أدارت الجلسة ثريا طبارة، استشارية ابتكار أعمال في شركة ساب البرمجية.
وبدأ الحوار بحديث غني من د. موليغن تناولت خلاله أبرز مزايا التقنيات الحديثة بما في ذلك رفع الكفاءة، وأتمتة الأعمال واختصار الوقت والجهد، مبينةً ضرورة أن تجمع التكنولوجيا الحديثة بين الذكاء البشري وذكاء الآلة بما يخدم مصلحة الإنسان وينعكس على استدامة الكوكب، ومؤكِّدةً أهمية أن تساعد الثورة الصناعية الخامسة في حل المشاكل المناخية والبيئية، وخلق نموذج اقتصادي لا يهتم فقط بالربحية، بل يُعنى أيضاً بالإسهام المجتمعي وتحقيق الاستدامة وتحسين حياة الإنسان.
وأوضحت د. موليغن أن أهم آثار الثورة الصناعية الخامسة هو ما يتعلق بصناعة الطاقة وتأثير ذلك في الزراعة بما في ذلك الزراعة الدقيقة، وأنظمة الري، ومكافحة الآفات، وغيرها من الممارسات الزراعية الحديثة، إضافة إلى تطور قطاع الرعاية الصحية من خلال تقليل المخلفات وتحسين عملية تشخيص الأمراض، ورفع فعالية العلاجات الطبية، فضلاً عن تطويرها لقطاع العقارات من خلال توفير تصاميم عقارية أكثر رفقاً بالبيئة، وتعزيزها لمفاهيم الاستثمار والتمويل المستدامَين.
ولفتت د. موليغين إلى التبعات الجانبية التي ترافقت مع كل الثورات الصناعية بما في ذلك الثورة الصناعية الخامسة التي نشهدها حالياً، ومنها قدرة التقنيات الحديثة على تتبع حركة الأفراد ومراقبة سلوكهم، وما قد ينطوي على ذلك من انتهاك لخصوصيتهم ووصول غير أخلاقي لبياناتهم السرية، مشيرةً في الوقت نفسه إلى سلبية أخرى للذكاء الاصطناعي وهي التحيز، والذي قد يؤدي إلى مفاقمة النزاعات بين الأفراد ويفضي إلى مزيد من الاستقطابات الاجتماعية.
وشدَّدت د. موليغين على ضرورة أن تضع الثورة الصناعية الخامسة الإنسان في صميم أهدافها، داعيةً إلى تحديد معايير أخلاقية تضبط ممارسات الذكاء الاصطناعي، وتبقي الإنسان في موقع مسيطر في عالم التكنولوجيا، لافتةً إلى أهمية عدم الاعتماد على الآلة بشكلٍ كلي، بل بقاء العقل الإنساني هو عنصر الفصل، وأن تُعنى هذه الثورة بزرع الأخلاقيات بين الناس والتركيز على قضايا الاستدامة التي تثيرها التكنولوجيا بالنظر إلى تنامي التعداد السكاني للعالم وما يفرضه ذلك من تحديات مستقبلية.
ومن جانبها، تحدثت رولا خوري عن التحولات الجذرية التي أحدثتها الثورة الصناعية الخامسة في نماذج الأعمال، وما نتج عنها من تعزيز لأهمية الابتكار، وربط الاستدامة في كل مناحي الأعمال، مشيرةً إلى ضرورة تمحور الصناعات حول الإنسان، وتركيز الجهود والاستثمارات في مجالات الرعاية الصحية والتعليم والطاقة في المقام الأول.
واستعرضت خوري بعض التقنيات الحديثة كالتوأمة الرقمية وتعلُّم الآلة وتكنولوجيا الأتمتة المتطورة التي زادت إمكانية التعاون بين الإنسان والآلات، لافتةً إلى دخول الآلات والتقنيات بشكل أكبر في تفاصيل حياتنا اليومية.
كما تناولت خوري بعض التحديات التي تواجه الشركات وأهمها تحدي أمن البيانات والخصوصية، فضلاً عن الفجوة المعرفية لدى القوى العاملة، مؤكِّدةً ضرورة مدهم بالمهارات التقنية الحديثة وتدريبهم على استخدامها، إضافة إلى تطوير المناهج الأكاديمية لتواكب الخطى المتسارعة للتكنولوجيا.
وأكَّدت خوري ضرورة رفع وعي العملاء والموظفين والإدارات العليا حول التقنيات الحديثة، وتشجيعهم على التكيف معها للخروج بحلول مبتكرة تسهم في حل الاحتياجات البشرية المتنوعة والمتغيرة باستمرار، لافتة إلى أهمية الاعتماد على البيانات الجيدة لاتخاذ أفضل القرارات الاستراتيجية في عالم الأعمال، وتشجيع الشركات على تعزيز مهارات الابتكار.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الثورة الصناعیة الخامسة التقنیات الحدیثة

إقرأ أيضاً:

“بيت الفلسفة” في الفجيرة يستضيف حلقة الشباب الفلسفية حول دور الفلسفة في عصر الثورة التكنوإلكترونية

 

بحضور مدير بيت الفلسفة الأستاذ أحمد السّماحيّ، ومدير النّشر د. باسل الزّين، وكلّ فريق العمل المميَّز، شَهِدَ بيتُ الفلسفةِ مؤخرا، من ضمن الفعاليّات الثّقافيّة والفلسفيّة المتعدِّدة الّتي يُنظّمها ضمن فئة مبادرة الشّباب، وبالتّعاون مع مجلس الفجيرة للشباب، انعقادَ حلقة الشّباب الفلسفيّة التي شاركَ فيها كَوكبةٌ من شباب الفجيرة الواعد. حقيقة الأمر أنّ هؤلاء الشّباب شاركوا في جلسات حواريّة ونقاشيّة مع أساتذة الفلسفة – ذوي الباع الطّويل في التعليم الفلسفيّ، والإنتاج الفلسفيّ والفكريّ – في بيت الفلسفة، وأبدوا تميُّزًا ملحوظًا، وأظهروا عمقَ اطّلاعٍ كبيرًا، إذ لم ينفكّوا يتناولون القضايا الفلسفيّة الرّاهنة والمعاصرة بجرأةٍ ووعيٍ ومسؤوليّة. وذَلِك ما دفعهم إلى أن يُعالجوا في جلستهم الحواريّة ضمن إطار حلقة الشّباب مسألةَ الثّورة التكنوإلكترونيّة، وكيف يُمكن الفلسفةَ أن تُسهِم في إعلاء قيمة الإنسان في ظلّ استحواذ الآلة علينا وتحكّمها بنا.
في هذا السّياق، صَرّح مدير بيت الفلسفة الأستاذ أحمد السّماحي قائلًا: “الشّباب عماد المجتمع، والحقّ أنّ مستقبل أيّ أمّة أو دولة معقود في نجاحه على مبادرات الشّباب وتفوّقهم. والفلسفة كما هو معلوم هي فنّ طرح الأسئلة وصوغ المفاهيم وإعمال العقل النّقديّ. وعليه، أظهر شبابنا الإماراتيّون اليوم قدرة مذهلة على طرح الأسئلة الفلسفيّة الراهنة، وتمكّنوا من صوغ مفاهيم فلسفيّة جديدة تُلقي الضّوء على علاقة الفلسفة ودورها وأثرها في الثّورة التكنوإلكترونيّة، والأهمّ من ذلك كلّه أنّهم تناولوا هذه الثّورة بالنّقد والتّحليل. وهذا إن دلّ فهو يدلّ على عقول شبابنا الإماراتيّين النيِّرة الّتي من شأنها أن تُسهِم في صناعة غدٍ أكثر إشراقًا يوازن بين التقدّم العلميّ والأبعاد الأخلاقيّة والإنسانيّة والمجتمعيّة، ويُحافظ على القيم الّتي أرستها دولة الإمارات العربيّة المتّحدة.”
تناولت مريم الأميري في مداخلتها أثر التكنولوجيا الحديثة في العلاقات الاجتماعيّة، مُبيّنة أنّ وسائل التواصل الاجتماعي هي في حقيقتها وسائل تواصل لااجتماعيّ، إذ حلّ الرّقم محلّ الإنسان، ولم تعد العلاقات الإنسانيّة التواصليّة الحقّة تحظى بأهميّة، بل بات الإنسان يُحاور أخاه الإنسان من وراء شاشة، وبذلك غاب التواصل الحقيقيّ ليحلّ محلّه التواصل الوهميّ. ورأت أنّ التكنولوجيا في ظلّ غياب تشريعات صارمة تضبط عملها يُمكن أن تؤدّي إلى إضعاف القيم الأخلاقيّة لأنّها تتيح لأيّ شخص أن يطّلع من دون ضوابط على منصّات لا حدود لها، وأن يتلقّى كمًّا هائلًا من المعلومات والأفكار بل والعادات والتقاليد الغريبة عن مجتمعه مع كلّ ما يُمكن أن تنطوي عليه من تفلّت أخلاقيّ باسم الحريّة. وتطرّقت إلى مسألة الذّكاء الاصطناعيّ من زاويتين اثنتين: زاوية زيادة البطالة والقيام بالعمل بدلًا من الإنسان، وزاوية الإسهام في حلّ المشكلات الاجتماعيّة لا سيّما في ما يتعلّق بقضايا العنف والرّقابة والبيروقراطيّة.
تساءلت سارة اليماحي عن إمكانيّة أن يُغيّر الذكاءُ الاصطناعيُّ مفهومَ العمل التقليديّ، وخَلُصَت إلى أنّ العمل في ظلّ تطوّر الذكاء الاصطناعيّ لم يعد يحتاج إلى مفاهيم العمل التقليديّة من مثل الدوام والمكان والزمان بل بات بالإمكان أن تؤدّى الأعمال عن بعد ومن غير ارتباط مكانيّ وزمانيّ محدَّدين. وأوضحت أنّ الذكاء الاصطناعي سيؤدّي في نهاية المطاف إلى تطوير روبوتات تؤدّي كلّ الأعمال من دون استثناء بمهارة تفوق المهارة البشريّة وهنا مكمن الخطورة.
أمّا حسن عبد المنعم فرأى أنّ مسؤولية مراقبة التكنولوجيا الحديثة تقع على عاتق الفلسفة، إذ طالما عُنِيَت الفلسفة بمراقبة العلم وصوغ قوانين أخلاقيّة تحكم عمله، واليوم ينبغي أن تُكمِلَ مهمّتها وتراقب عمل الذكاء الاصطناعي وتصوغ قوانين أخلاقيّة تحدّ من سطوته وتحول دون القضاء على البُعد الإنسانيّ، معتبرًا أنّ أخطر التحديات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي تكمن في تجرّد الإنسان من إنسانيّته وجنوحه إلى الاتكاليّة المطلقة وانخراطه في ديمومة الكسل ومن ثمّ تزايد الأمراض وندرة فرص العمل بل وتنامي الحروب لأنّ الجيوش ستكون آليّة وغير بشريّة.
بيد أنّ سيف يعقوب الزرعوني التفت إلى الجوانب المضيئة في الذكاء الاصطناعي ولا سيّما في مجالات محدّدة أبرزها التعليم والتعلّم، إذ تضطلع تقنيات الذكاء الاصطناعيّ بالترجمة وإعداد الأبحاث والأهمّ أنّها تقدّم عددًا لامتناهيًا من المعلومات فرزًا وتحصيلًا من دون أن تُكبّد الباحث عناء البحث سنوات، فضلًا عن تبسيطها المعلومات وابتكارها تقنيات جديدة تفتح آفاقًا غير مسبوقة أمام البشر. وفي المجال الصحيّ يُسهم الذكاء الاصطناعي في تقليص نسبة الخطأ الطبي إلى الدرجة صفر، ويؤمن رعاية صحية للمرضى من خلال الروبوتات الأطباء أو الممرّضين. لكنّه ينطوي في المقابل على مخاطر بيئيّة جمّة أبرزها الزيادة في استخدام الطاقة.
أدارت الحوار حليمة الصديدي وتألّقت في حثّ المشاركين على النقاش المعمّق وتبادل الحجج والهواجس، كما تألّقت في استيعاب أسئلة الجمهور الذي رغبت أعداد كبيرة منه في المشاركة، وتركّزت معظم مشاركتهم على الهواجس الأخلاقيّة والاجتماعيّة والمخاطر المرتبطة باستخدام التقنيات التكنوإلكترونية الحديثة.


مقالات مشابهة

  • بسبب حضور أميرة الفاضل والمؤتمر الوطني، الحركة الشعبية التيار الثوري الديمقراطي تقرر مقاطعة الاجتماع النسوي التشاوري والذي يعقده الاتحاد الافريقي بكمبالا
  • شرطة دبي تناقش «مستقبل الأمن والمجتمع.. رؤى وتحديات»
  • هيئة التنمية الصناعية تناقش آليات التعاون مع برنامج "سيجما".. تفاصيل
  • رئيس هيئة التنمية الصناعية تناقش آليات التعاون المشترك مع برنامج "سيجما / SIGMA"
  • «التنمية الصناعية» تناقش آليات التعاون المشترك مع ممثلي برنامج «سيجما»
  • مصلحة التخطيط العمراني تبحث مشروع التجديد الحضري للبلديات الليبية
  • مديرية عنس بذمار تشهد مناورة عسكرية لخريجي الدفعة الخامسة من الدورات العسكرية المفتوحة
  • "التحقيق الوطنية" تناقش تفعيل دور المساءلة الداخلية بوزارة الدفاع لحماية حقوق الإنسان
  • خبير اقتصادي: تحديث البنية التحتية التشريعية أحد أولويات الحكومة المرتقبة
  • “بيت الفلسفة” في الفجيرة يستضيف حلقة الشباب الفلسفية حول دور الفلسفة في عصر الثورة التكنوإلكترونية