الدكتور بنطلحة يكتب: العلاقات المغربية الإماراتية.. شراكة تتجدد باستمرار
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للابحاث والدراسات حول الصحراء
في غمرة استعداد دولة الإمارات العربية المتحدة لاستقبال صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أثارتني عبارات رائعة وردت في كتاب صدر حديثا للأستاذ جمال سند السويدي بعنوان ” محمد بن زايد آل نهيان، إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية » ورد فيه مايلي: « تعد العلاقات الإماراتية المغربية من أفضل العلاقات تاريخيا، إذ كان المغرب من أولى الدول التي اعترفت بدولة الإمارات العربية المتحدة، وتطورت منذ ذلك الوقت علاقاتهما السياسية والاقتصادية والأمنية والسياحية والثقافية، إقليميا ودوليا، كما تنسقان في مختلف القضايا الحيوية… ».
إن العلاقات المغربية الإماراتية علاقات قوية وتاريخية تتطور وتتجدد باستمرار على كافة الأصعدة، يتجسد ذلك في التوافق الكبير بين البلدين على مستوى الرؤى والمواقف السياسية بشأن كثير من القضايا.
والتاريخ يسجل أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد كانت من أول الدول المشاركة في المسيرة الخضراء، وظل السند الإماراتي متواصلا على مدار السنوات الماضية، إذ تكلل ذلك بفتح أول قنصلية في مدينة العيون بالصحراء المغربية تعبيرا عن الدعم اللامشروط لسيادة المغرب على صحرائه، وفي نوفمبر من عام 2020 أعلنت الإمارات عبر وزارة خارجيتها دعمها للتحرك العسكري الذي بدأته المملكة المغربية في معبر الكركرات الحدوي مع موريتانيا.
ونجد أن المغرب يدعم موقف دولة الإمارات العربية المتحدة في موقفها بشأن احتلال إيران للجزر الثلاث أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى.
وعلى الصعيد الاقتصادي تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة شريكا استراتيجيا. يشهد على ذلك حجم التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين حيث تميز بارتفاع مضطرد بفضل تدفق الاستثمارت الإماراتية.
إن دولة الإمارات تعتبر شريكا رائدا في الفرص الواعدة التي يوفرها المغرب، علما أن دولة الإمارات تتصدر المركز الأول من حيث حجم الاستثمارات العربية، كما يتطلع البلدان إلى شراكة استراتيجية أعمق والرفع من حجم الاستثمارات خلال السنوات المقبلة والرقي بالتبادل التجاري والاقتصادي إلى مستويات أعلى.
وفي مجال التعاون الأمني والعسكري يرتبط المغرب والإمارات بتعاون أمني وعسكري وطيد يتعزز باستمرار من أجل مواجهة التحديات الأمنية الإقليمية والدولية.
الشراكة المغربية الإماراتية تتسم بالشمول والتنوع والعمق، وهذا ما يضمن لها التطور المتواصل ويفتح أمامها آفاقا جديدة تواكب تطلع الجانبين نحو الارتقاء بمسار هذه الشراكة خلال المرحلة المقبلة بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين، ومن المؤكد أن الزيارة التي سيقوم بها جلالة الملك محمد السادس إلى دولة الإمارات العربية المتحدة ستساهم في توطيد العلاقة بين البلدين لأنه من المنتظر أن تتطرق إلى ملفات اقتصادية كبرى سيكون لها تأثير إيجابي على اقتصاد البلدين.
المصدر: مراكش الان
كلمات دلالية: دولة الإمارات العربیة المتحدة
إقرأ أيضاً:
الدكتور سلطان القاسمي يكتب: اكتشاف آثار برتغالية جنوب رأس الحدّ في بحر عُمان
إلى الجنوب من رأس الحدّ، عثر المنقبون عن الآثار العمانية، على مدافع، وعملات ذهبية برتغالية، فخمن المسؤولون عن الآثار في الشارقة، أن ذلك نتيجة غرق سفينة برتغالية، عند وصول الأسطول البرتغالي بقيادة «أفونسو دي البوكيرك» «Afonso de Albuerque»، فسألوني ليتأكدوا، حتى يدلوا بدلوهم في ذلك الاكتشاف.
كان ردي على ذلك الاستفسار هو أنه: لم يحدث أي غرق لأي سفينة برتغالية في تلك البحار على مدى الوجود البرتغالي في عُمان، ولكن الذي حدث هو نتيجة المعركة البحرية بين الأسطول البرتغالي والأسطول التركي، نَصِفها كما يلي:
في شهر مايو عام 1552م، وصلت الأخبار إلى مسامع الناس في هرمز عن الحملة التركية، فقامت القيادة في هرمز بتجهيز سفن للاستطلاع وإرسالها إلى رأس الحدّ في عُمان.
في نهاية شهر أغسطس عام 1552م، شاهدت سفينتا الاستطلاع أكثر من خمسة وعشرين مركباً تركياً، تتجه ناحية السواحل العمانية، فأسرعت سفينتا الاستطلاع راجعة، إحداهما إلى هرمز، والأخرى للموانئ العمانية، قريات وقلهات ومسقط، كي تعطيا الأخبار وتحذّرا القيادات في جميع المدن.
في ذلك الوقت كان «جواو دي لزبوا» «Joao de Lisboa» قبطاناً على مسقط، وكان يقوم ببناء إحدى القلاع المطلّة على مسقط، فأمر فوراً بتسفير زوجته وجميع زوجات وأُسَر البرتغاليين هناك، في سفينة لنقلهم إلى هرمز.
كان ابن القائد بيري ريّس، قد تقدم بأمر من والده للاستطلاع، فتقابل مع سفينة برتغالية متوجهة إلى هرمز، فأخذ يطاردها، لكنها هربت مسرعة حتى وصلت إلى هرمز، ونشر قبطانها الأخبار، فأسرع الناس بالهروب من جزيرة هرمز إلى الساحل الفارسي، المقابل لجزيرة هرمز، وتوجهوا ناحية ماغستان، أما قيادة هرمز فقد أخذوا بوضع الرجال بالأسلحة على القلعة، وبقية الأماكن الدفاعية لجزيرة هرمز.
عندما أحس ابن بيري ريّس بأنه فقد السفينة البرتغالية التي كان يطاردها، عمل على تحويل وجهته، وعند بزوغ الفجر اكتشف أنه على مقربة من الساحل العماني، وعلى مبعدة من مسقط، وبالتالي وجد نفسه مضطراً لمواصلة البحث عن أبيه، وذاك ما عمله، فأبحر مبتعداً حتى وصل إلى خورفكان، وشاء حظه أن يعثر على السفينة التي تُقلّ زوجة «جواو دي لزبوا» ومن معها، فألقى القبض عليهم، واتجه بالغنيمة إلى مسقط.
كان القائد بيري ريّس يبحث عن ابنه، وكذلك لم يجد ابن بيري ريّس أباه في مسقط، فشرع في الإبحار على طول الساحل للبحث عنه، حتى إذا ما مَرَّ عبر قلهات، التقى بأبيه فسُرّ أبوه بالغنيمة، ثمّ توجها إلى مسقط، واتجها مباشرة إلى الشاطئ، دون أن يجدا مقاومة تُذكر، فعمل القائد بيري ريّس على نهب مدينة مسقط التي هجرها ساكنوها، وأن المدينة كانت تزخر بالسلع التجارية التي لم يتمكن السكان من حملها معهم.
قام القائد بيري ريّس بمحاولة الاستيلاء على المدافع التي على المرتفعات التي لجأت إليها القوات البرتغالية، لكنه لم يستطع، فشرع في توجيه نيران أسلحته، والاعتداء على القوات البرتغالية المتحصنة في الجبال.
من خلال سلسلة من الهجمات، والقوات البرتغالية تردّ على نيرانه، لمدة ثمانية عشر يوماً دون انقطاع، وجد بيري ريّس أن المياه والأطعمة بدأت تتناقص.
أخذ بيري ريّس يتفاوض مع البرتغاليين، وعند لقاء بيري ريّس بقائد مسقط «جواو دي لزبوا»، والقسيس الذي حضر معه للتفاوض، قال لهما إنه لا يرغب في نيل شرف أكثر من عَلم السلطان العثماني يرفرف على قلعة مسقط، وإنه قد تمكن من انتزاع قلعة مسقط من قبضة البرتغاليين، ويؤكد أنه سوف يحرص على سلامة حياة وحرية جميع من في قلعة مسقط، بعد التسليم، بحيث يمكنهم الذهاب إلى أية جهة يشاؤون.
أطنب القائد بيري ريّس في الحديث عن ذلك الأمر، حتى قَبِل «جواو دي لزبوا» بالشروط المطروحة، فقام وطلب مِن كل مَن في قلعة مسقط بالمثول أمام القائد بيري ريّس، فنفّذه جميعهم.
عندما تيقن القائد بيري ريّس من وجود البرتغاليين جميعاً معه ما عدا قائد مسقط «جواو دي لزبوا» والذي لا يعلم بوجود زوجته في إحدى السفن التركية، وتغيب قسيس مسقط، حنث بوعده، فأمرهم جميعاً بأن يعملوا في تجديف المراكب، وبعدها أمر بشحن جميع قطع المدفعية، وكمية البضائع والسلع في سفنه، ورحل عن مسقط تاركاً إياها خالية.
بعد مغادرة القوات التركية من مسقط، اتجهت إلى هرمز، وفي طريقها إلى هناك مرت بمدينة خورفكان، ونزل الجنود الأتراك إلى خورفكان، فلم يلاقوا أيّ مقاومة.
رحل الأتراك عن خورفكان وتوجهوا إلى هرمز، ليصلوها في نهاية شهر أكتوبر عام 1552م. قامت القوات التركية بقصف مدينة هرمز، وانهالت قذائف الأتراك على قلعة هرمز، حيث لم تتأثر بتلك القذائف، لكن القذائف المطلقة من قبل هرمز كانت فعالة، وسببت خسائر في الأرواح في الجانب التركي.
لجأ القائد بيري ريّس إلى مسألة التفاوض، وأخبر قائد هرمز البرتغالي، أنه سيخلي سبيل الأسرى البرتغاليين الذين معه، والذين أتى بهم من مسقط، وقد أنزل القائد بيري ريّس إلى شاطئ جزيرة هرمز زوجة «جواو دي لزبوا» ورجلاً مريضاً كذلك.
رفضت قيادة هرمز أيّ عرض من قبل القائد بيري ريّس، وزادوا في القصف، ما اضطره إلى الابتعاد عن شواطئ جزيرة هرمز، وتوجه إلى جزيرة قشم.
على جزيرة قشم قضى القائد بيري ريّس وجنوده عدة أيام، ينهب المدن التي على جزيرة قشم، ثمّ توجه بقواته إلى البصرة.
في بداية شهر أغسطس عام 1554م، وصل القائد التركي علي شلبي إلى الجنوب من رأس الحدّ، بداية الساحل العماني، يقود أسطولاً مكوناً من خمس عشرة سفينة حربية، قادماً من السويس.
تقابل الأسطول التركي مع الأسطول البرتغالي جنوب رأس الحدّ، وجرى تبادل إطلاق المدافع، كلٌ يدكّ بمدفعيته الآخر، حتى جرى تلاحم بين السفن، وجرى قتال عنيف بالسيوف مع الأتراك، فقَتل البرتغاليون أعداداً من الأتراك، وقفز آخرون إلى البحر، فاستولى البرتغاليون على سفينتين من السفن الحربية التركية.
لم يجد الأتراك أيّ ملجأ لهم إلّا الفرار ناحية الساحل الهندي، فتوجهوا إلى كامبي، الميناء الرئيس لولاية غجرات.