جنوب لبنان.. مركز المقاومة ضد إسرائيل
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
جنوب لبنان منطقة جغرافية تتميز بموقع إستراتيجي بحدودها التي تشكل مثلثا مع الحدود السورية والفلسطينية. وتعد بؤرة صراع بين إسرائيل ولبنان منذ عقود، تعيش حالات من عدم الاستقرار الأمني، جراء الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.
بعد مرور ما يقرب من 17 عاما دون مواجهات بين أطراف الصراع منذ عام 2006، أصبح جنوب لبنان ساحة حرب جديدة تزامنا مع عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ضد مستوطنات غلاف غزة، وردت عليها إسرائيل بحرب "السيوف الحديدية".
يقع في الجهة الجنوبية من لبنان، يحده من الشرق سوريا ومن الجنوب إسرائيل. ويمتد من النهر الأولي شمالا (مدخل مدينة صيدا من جهة الساحل الشمالي) حتى الناقورة، عند الحدود مع إسرائيل جنوبا، ومن البحر الأبيض المتوسط غربا حتى مشارف البقاع عند مشغرة.
تتوزع على الحدود الجنوبية اللبنانية ثلاث قطاعات تعرف بـ "الخط الأزرق" هي: القطاع الغربي ويضم منطقة الناقورة، والقطاع الأوسط وتعد أبرز مناطقه عيتا الشعب، مارون الراس، بنت جبيل، والقطاع الشرقي الذي يعتبر الأهم إستراتيجيا، إذ يضم قرى منطقة العرقوب في سلسلة جبال تطل على فلسطين.
ويشمل جنوب لبنان إداريا محافظتي الجنوب -التي تقع على ساحل المتوسط- والنبطية -التي تقع في القطاع الأوسط والشرقي-.
المساحة والسكـانيغطي جنوب لبنان مساحة تقدر بـ1045 كيلومترا مربعا، وتقدر ساكنته بحوالي 800 ألف نسمة. وقد دل الإحصاء السكاني الرسمي لعام 1921 وعام 1933 في عهد الانتداب الفرنسي، وإحصاء 1961 وعام 1964 في عهد دولة الاستقلال، على أن العدد السكاني في الجنوب يمثل نسبة 20% من إجمالي سكان لبنان، بما يمثل المرتبة الثالثة بعد محافظة جبل لبنان ولبنان الشمالي.
يحتل جنوب لبنان المرتبة الأولى بين العاصمة والمحافظات اللبنانية الأخرى بمعدل سنوي في الولادات نسبته 26.07%، وفق الإحصاء المركزي للمديرية التابعة لوزارة التصميم العام.
وصنفت الدراسات الجنوب اللبناني في سنوات 1960 و1970 أقل المناطق نموا في البلاد، وتسجل مناطق الجنوب والنبطية تراجعا نسبيا في جذب السكان بين عامي 1997 و2004، إذ كان لعدم الاستقرار جراء الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة أثر كبير على النمو الديمغرافي وتوزيع السكان.
التنوع العرقي واللغةينتمي غالبية سكان الجنوب إلى أصول عربية وقلة منهم تنحدر من أصول تركية وفارسية وأوربية، إضافة إلى أن كثيرا من عائلات السواحل من أصل مغربي. ويظهر التطور الديمغرافي للجنوب اللبناني تنوعا للطوائف والمذاهب، إذ يشكل الشيعة فيه المكون الأكثر عددا، يليهم الموارنة فالسنة، ثم بقية الطوائف.
ينتمي معظم المسلمين في الجنوب إلى الطائفة الشيعية على المذهب الجعفري، وبقيتهم من الطائفة السنية، ويقيم معظمهم في المدن الساحلية (صيدا)، وهناك فئة قليلة جدا من الدروز. أما المسيحيون فهم قلة ويقيم معظمهم في الداخل، وهم أقلية في الجنوب عموما، وأكثرية في بعض مناطقه، خاصة الجبلية والداخلية.
يتميز جنوب لبنان -إضافة إلى اللغة العربية اللغة الرسمية للبلاد- بتنوع لغوي رسخته الغزوات الاستعمارية والتبشيرية، بدءا بالفرنسية وانتهاء بالبعثات البريطانية أو الأميركية.
جبل عامل وبلاد البشارةعُرف الجنوب قرونا عديدة باسم (جبل عامل أو بلاد البشارة)، ثم اختفى هذا الاسم مع إعلان دولة لبنان الكبير عام 1920. وكان تاريخيا منطقة صراعات وتجاذبات إقليمية ودولية، وشهد مجموعة من الأحداث، شكلت تغييرات في الجغرافيا والبنية السياسية.
يعني الجنوب في التاريخ القديم (صيدا وصور) بالدرجة الأولى، ويرجع تاريخهما بحسب ما يتوافر من معطيات أثرية إلى ما لا يقل عن 5 آلاف إلى 6 آلاف سنة. وقد استمر نشاط المدينتين وما يجاورهما من مناطق الجنوب، في الملاحة والتجار ومختلف الصناعات والفنون الحرفية.
في أزمنة تاريخية غابرة عرفت أرض الجنوب باسم "جبل عامل"، وتختلف روايات تسميته بذلك باختلاف مصدرها، وإن رجحت نسبته إلى قبيلة بني عامل التي نزحت إليه من اليمن، فسميت المنطقة باسمها وأطلق على سكانها العامليين.
وأطلق على المنطقة أيضا اسم "بلاد البشارة"، ويقال أيضا البشارتان: القبلية والشمالية يفصل بينهما نهر الليطاني، فيما اختلف المؤرخون حول نسبة الاسم إلى بشارة بن معن والأمير حسام الدين بن بشارة.
وشهدت منطقة "جبل عامل" حركة نزوح سكانية ساهمت في توسيع الحركة الاستيطانية فيها، وأصبحت ملاذا لبعض الطوائف الدينية المسيحية كالموارنة، والمسلمة كالشيعة أو الدروز. وكانت بها نهضة علمية شاملة، إذ ضمت القرى والمدن مكتبات ومدارس ومعاهد، تخرج منها علماء ومثقفون.
وتتحدث كتب التاريخ عن حقب سياسية توالت على المنطقة لا تزال صروحها المعمارية والعمرانية بادية لحد الآن، بدءا بالأمويين، إلى الصليبيين في القرنين الـ11 والـ12م، ثم المماليك في القرن الـ13م، ثم العثمانيين ابتداء من القرن الـ16م.
ظل "جبل عامل" يتبع إداريا عدة مراكز تغيرت مع العهود المتوالية، ففي العهد العربي ألحق بجند فلسطين، وبقي كذلك في العهد الصليبي، وخلال العهد المملوكي تبع أحيانا لولاية صفد، وأحيانا أخرى لولايتي الشام وعكا على فترات، ومن عام 1888م إلى 1918م كان تابعا لولاية بيروت.
بقي اسم (جبل عامل وبلاد البشارة) هو الاسم المعتمد حتى فترة الاحتلال الفرنسي 1918، ولكن مع إعلان المفوض السامي الفرنسي الجنرال غورو دولة لبنان الكبير في أغسطس/آب 1920، أصبح اللقب المتواتر للمنطقة هو جنوب لبنان (أو الجنوب حسب التعبير الشائع على ألسنة العامة).
الجغرافيايوجد في جنوب لبنان ثلاثة مناطق جغرافية: سهلية وهضبية وجبلية، وشاطئ بحري يمتد من الناقورة جنوبا حتى صيدا شمالا، إضافة إلى ثروة مائية تمثل ثلث مياه لبنان.
يمتاز الجنوب بوعورة تضاريسه وكثرة الخوانق النهرية والمرتفعات الجبلية، ويعد أعلى قممها جبل الباروك عند بيت الدين، وجبل نيحا وجبل الريحان عند جزين.
تتخلل الجبال ممرات طبيعية منها ممر مرجعيون، الذي يفصل بين جبل لبنان في وسط جنوب شرق بيروت، وجبل عامل في الجنوب بالقرب من الحدود الفلسطينية.
قوس النصر يقع في مدينة صور وتعود أصوله للعصور الرومانية ويرمز للنصر في المعارك والحروب (غيتي)كما تشكل عدد من الخوانق النهرية في الجنوب، جزءا من تضاريس السطح الجغرافي، ومن أهمها خانق عين زحلتا، وخانق بشري عند منابع نهر الأولي.
وينبع نهر الزهراني من سفوح جبل نيحا ويتجه نحو الجنوب والجنوب الغربي إلى أن يصب في البحر المتوسط جنوبي صيدا، بينما نهر الليطاني يسير في واد يبدأ من شمال سهل البقاع ويخترق جبال لبنان الغربية عند مشغرة شرقي صيدا، كما يخترق سهل القاسمية على الساحل، وتنتشر على ضفتيه مدن بنت جبيل ومرجعيون جنوباً، والنبطية وجزين وبعض قرى صيدا شمالا.
المناخيتميز الجنوب بالمناخ نفسه السائد في لبنان، وهو المناخ المتوسطي المعتدل، ذو الشتاء المطير والصيف الحار والجاف، مع بعض التفاوت الناجم عن امتداد التضاريس واختلافها في الجنوب.
أهم مدن جنوب لبنانصيدا: تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهي بوابة الجنوب وثالث أكبر المدن اللبنانية، تبعد عن العاصمة بيروت بنحو 45 كيلومترا. اسمها باللاتينية واليونانية (صيدون) وبالسامية (صيدو)، فتحها العرب عام 667 م وأطلقوا عليها اسم (صيدا).
وهي في الأصل مدينة فينيقية يعود تاريخها لأكثر من 6 آلاف سنة، ومن أبرز معالمها القلعة البحرية، والقلعة البرية، وقلعة سان لويس، والمسجد العمري الكبير، ومتحف الصابون الذي يروي حكاية تصنيع الصابون في المنطقة الممتدة من حلب إلى نابلس.
وبرز من صيدا رؤساء ووزراء، منهم رياض الصلح ورفيق الحريري وفؤاد السنيورة وتقي الدين الصلح ورشيد الصلح الأبيض.
صور: تمتد على أكبر شاطئ رملي في لبنان، وتبعد 80 كيلومترا عن العاصمة بيروت. مع بداية القرن الـ18 أعيد بناء هذه البلدة التي يعود تاريخها إلى الألف الثالثة ق.م.
تعرف قديما بأنها "ملكة البحار"، إذ عرفت بالملاحة وصناعة السفن، ومراكب الصيد منذ الثمانيات، ومن آثارها المشهورة، بقايا مدينة رومانية، قوس النصر، خان الإفرنج ويعرف بخان الأشقر، والمرفأ الفينيقي.
في عام 1979 صنفتها اليونسكو موقعا أثريا عالميا، وقد برز بها الكثير من السياسيين والعلماء، وعدة رؤساء مجالس نيابية، منهم: نبيه بري، وأحمد الأسعد، وعادل عسيران، وكامل الأسعد.
النبطية: تقع في منطقة تتوسط مدن وقرى سلسلة جبال لبنان الجنوبي، وهي حلقة وصل بين الساحل والجبل والداخل، وتبعد بنحو 70 كيلومترا عن بيروت.
يعود تاريخها إلى عهود ومراحل زمنية قديمة، تشتهر بالآثار الرومانية والفينيقية، استطاعت أن تستقطب المستثمرين، ولا سيما في مجال الخدمات المصرفية.
تعتبر تاريخيا مدينة العلم والثقافة، وهي موطن الأديب والفقيه الشيخ عارف الزين، ومسقط رأس المخترع اللبناني حسن كامل الصباح، الذي نُصب تمثال له على مدخل المدينة.
جزين: تقع عند السفوح الغربية لجبل نيحا بين جبال تحيط بها من كل الجهات، وهي مركز قضاء جزين، وتبعد عن بيروت بـ73 كيلومترا. تعتبر واحدة من أهم المدن السياحية الاصطيافية، حيث تسمى عروس المصايف الجنوبية بشلالاتها. هي مدينة قديمة عثر فيها على آثار صليبية وإسلامية، وتتميز بأماكن أثرية أبرزها مغارة فخر الدين. تشتهر بعدد محدود من الزراعات أبرزها التفاح، وتعرف عالميا بحرفة السكاكين الجزينية منذ عام 1724.
الناقورة: بلدة ساحلية تقع في الزاوية الجنوبية الغربية على الحدود مع فلسطين، وهي المعبر الساحلي والبوابة الشمالية للأراضي المحتلة، وتبعد عن بيروت بـ103 كيلومترات. كانت مركزا للتجارة وتبادل البضائع بين حضارات بلاد الشام ومصر، ومركزا لعبور القوافل التجارية.
خضعت للاحتلال الإسرائيلي قبل تحريرها عام 2000م، ويتمركز على شاطئها المقر العام لقوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) منذ 1978، وبها أجريت جولات التفاوض السابقة حول ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، وهي واحدة من أكبر الوجهات السياحية التي يزورها الملايين سنويا.
جويّا: المدينة الثانية في قضاء صور من حيث عدد السكان والخدمات والمراكز الرسمية والإدارية والتعليمية، تبعد عن العاصمة بيروت 95 كيلومترا. وتمتاز بكثرة عيون الماء، وبمركزها العلمي والعمراني القديم الذي تصدّرت به القرى المحيطة بها نسبيا على مدى عقود.
وهناك روايات تشير إلى أنّ اسم جويّا أصله سرياني، ويعني "الداخلي". مصادر مياهها مشروع الليطاني وإنتاجها الزراعي حبوب وزيتون، وكان فيها من الأسر العلمية العريقة آل خاتون وآل نور الدين ومنهم العالم مصطفى نور الدين.
النشاط الاقتصاديكان جنوب لبنان منذ العام 1920 حتى العام 1948 يعتمد اقتصاديا على العمل في الزراعة في حقول الجليل وسهل الحولة في فلسطين، وكان على حدود الدولتين أكثر من 10 أسواق، أشهرها مرجعيون وبنت جبيل وعديسه. لكن الاقتصاد تأثر مع إغلاق الحدود بين الدولتين إثر الاحتلال الإسرائيلي.
أثرت الحرب على الزراعة التي تشكل -بحسب التقديرات- نحو 75% من إجمالي دخل الأسر في جنوب لبنان. إذ تتركز المناطق المزروعة في الجنوب بنسبة 12.6% من مجموع الأراضي المزروعة في لبنان.
وتعتبر محافظة النبطية ثالث أكبر قطاع مضيف للعمالة بنسبة 14% في المنطقة، وفق إحصاءات المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمار. وتشكل نسبة أشجار الزيتون حوالي 85% من الأراضي المزروعة، إذ تنتج المحافظة أكثر من 21% من زيت الزيتون، وبشكل رئيسي في منطقتي حاصبيا ومرجعيون.
وبحسب توقعات أساسية لمستقبل الاقتصاد اللبناني للفترة الممتدة بين 2010 و2030 بفعل التغيرات المناخية، سيكون القطاع الزراعي في الجنوب أكثر تضررا مع تراجع بنسبة 9.66%، و9.98% على التوالي.
كانت زراعة التبغ حتى السبعينات من القرن الماضي تشكّل الدخل الرئيسي لغالبية عائلات الجنوب، لكنها تراجعت بشكل كبير في ظل نزوح عدد كبير إلى ضواحي بيروت، ثم لجأ الفلاحون إلى مهن بديلة أكثر مردودا، إذ شهدت زراعة نبات الزعتر الذي يوصف بـ(الذهب الأخضر) إقبالا في معظم المناطق بجنوب لبنان، وصنفت وزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانية عام 2007، زعتر الجنوب منتجا نموذجيا، إذ يشتهر بنوعيته الجيدة على الصعيدين المحلي والإقليمي.
وتشير إحصاءات الوزارة إلى أن زراعة نبات السماق لاقت انتشارا واسعا في معظم المناطق الجرداء بالجنوب، ويبلغ إنتاجه السنوي بحدود 145 ألف طن.
متحف الصابون في مدينة صيدا بني من الحجر الصخري القديم والحجر الرملي الأصفر في القرن السابع عشر (غيتي)وحسب إحصاءات بعثة الحسابات الاقتصادية اللبنانية فإن الجنوب يظل من المناطق الأقل حظوة في استقطاب المصانع اللبنانية، بنسبة تقدر بـ8%، إذ أنشأ بها 331 مصنعا، منها مصانع ذات صلة بالصناعات الغذائية، وأنشطة المفروشات، والآلات والمعدات الكهربائية، ولوجود الاحتلال الإسرائيلي على حدود جنوب لبنان وإمكانية تجدد الحرب في أي وقت، فإن الاستثمار الأجنبي يظل محدود جدا.
وتعتبر المنطقة من المحميات الطبيعية التي توفر فرصا للسياحة البيئية، وتستقطب شواطئها وآثارها التاريخية خاصة في ميدنتي صور وصيدا أكثر من 50 ألف زائر سنويا، وفق تقديرات محلية.
التنظيم الإداريكان جنوب لبنان يتبع ولاية حيفا بعد اعتماد نظام المتصرفية رسميا عام 1861 مؤسسة إدارية جغرافية جديدة تفسح مجالا واسعا لممثلي الطوائف الدينية، ثم خضع لعدة أشكال إدارية بين سنوات (1920-1975). ففي نهاية الحقبة العثمانية كان مقسما بين ولاية بيروت وولاية دمشق، وفي أوائل سنوات الانتداب الفرنسي أصبح متصرفية باسم لبنان الجنوبي، تشمل جبل لبنان وسهلي البقاع وعكار ومنطقة جبل عامل.
وفي عام 1925، تحولت متصرفية لبنان الجنوبي إلى ثلاث محافظات تتبعها ست مديريات، وبعد أقل من خمس سنوات تم إدماج تلك المتصرفيات في محافظة واحدة حملت اسم محافظة لبنان الجنوبي مركزها صيدا وتتبعها أربعة أقضية.
بعد الاستقلال وتحديدا عام 1954م، أصدرت السلطات اللبنانية قرارا أبقت بموجبه جنوب لبنان محافظة واحدة، لكنها زادت عدد الأقضية إلى سبعة.
وفي عام 1975م، قامت السلطات اللبنانية بتعديل إداري أخير، قسمت بموجبه جنوب لبنان إلى محافظتين إداريتين: الأولى باسم "لبنان الجنوبي" مركزها صيدا، والثانية باسم "النبطية"، ومركزها مدينة النبطية التي تبعد بـ22 كلم عن مدينة صيدا.
وحسب لوائح الناخبين الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية اللبنانية لسنة 2014، تضمّ محافظة الجنوب 181 بلدة و 146 بلدية، فيما يصل عدد القرى التي تتبعها حوالي 412.
مخيمات اللاجئينيضم جنوب لبنان خمس مخيمات للاجئين، هي:
مخيم عين الحلوة: أنشئ سنة 1949 قرب مدينة صيدا، وهو الأكبر مساحة وسكانا.
مخيم الرشيدية: أنشأ عام 1936 على بعد 7 كيلومترات جنوب مدينة صـور لإيواء اللاجئين الأرمن، وفي عام 1948 بدأ يسـتقبل الفلسطينيين، ويسكنه أكثر من 22 ألف نسـمة وفق إحصاءات الأونروا، وهو من أكثر المخيمات الفلسطينية تعرضا للقصف الإسرائيلي لقربه من الحدود.
مخيم برج شمالي: أنشئ عام 1955، يقع على بعد 3 كيلومترات شرق مدينة صور، يضم لاجئين معظمهم من قرى شمال فلسطين.
مخيم المية ومية: يقع على تلة تبعد بـ4 كيلومترات إلى الشرق من مدينة صيدا، أنشئ عام 1954، يسكنه حوالي 4995 نسمة، وفق إحصاء الأونروا عام 2003.
مخيم البص: أنشئ سنة 1939 جنوب مدينة صور لإيواء اللاجئين الأرمن، وبدأ يستقبل الفلسطينيين عـام 1948، ويسكنه نحو 10 آلاف لاجئ.
الاعتداءات الإسرائيليةتحول جنوب لبنان إلى ساحة قتال واجتياحات بعد الإعلان عن قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، وقد أحصى محمود سويد في كتابه "الجنوب اللبناني في مواجهة إسرائيل" 140 حادث اعتداء بين 1949 و1964.
ومن عام 1967 إلى عام 1976، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب 1434 خرقا للأجواء، و1818 قصفا مدفعيا، و120 قصفا جويا، و266 عملية دخول في المياه الإقليمية، ودخل 388 من الأراضي الجنوبية، وشق 24 طريق و453 تمركز في الداخل، حسب إحصائيات المركز العربي للمعلومات في بيروت.
شلالات جزين تمتد بطول 80 مترا من المياه المٌتدفقة دائمة الانسياب تتميز بخلفية جبلية طبيعية خضراء محيطة به (غيتي )تكاثفت الاعتداءات بعد أن احتلت إسرائيل مناطق ثابتة داخل الأراضي اللبنانية في منطقة مرجعيون وبنت جبيل عام 1977. وفي عام 1978 وصلت إلى حدود نهر الليطاني واستمرت أكثر من ستة أشهر قبل أن تنسحب بقرار أممي، لكنها احتفظت بشريط أمني من الناقورة حتى جبل الشيخ. وبعد اجتياح عام 1982، ضمت مساحات أخرى، وأجبرت منظمة التحرير الفلسطينية على ترحيل آلاف المقاتلين إلى خارج لبنان.
تقدر الخسائر البشرية والمادية التي لحقت جنوب لبنان من العام 1967 إلى العام 1982، بنسبة 50% من مجمل الخسائر في لبنان، وفق إحصائيات المركز العربي للمعلومات.
عام 1985 انسحبت القوات الإسرائيلية من قسم كبير من مناطق الجنوب، وتم تعديل حدود الشريط الأمني حيث بقيت محتفظة بمنطقة جزين والتلال التي كانت تسيطر عسكريا على مجرى نهر الأولي شمالي مدينة صيدا، وخلقت هناك ميليشيا عميلة أو ما كان يسمى بجيش لبنان الجنوبي.
بقي الوضع كذلك، إلى أن حُررت قرى الجنوب اللبناني وغرب البقاع في 25 مايو/أيار2000، باستثناء مزارع شبعا (14 مزرعة) التي مازالت تحت سيطرة الاحتلال.
تعتبر الهجمات الإسرائيلية في حرب يوليو/تموز 2006 أو ما تعرف بالحرب السادسة، الأكثر توسعا، وشملت أكثر من 40 بلدة وقرية في جنوب لبنان. وقدر خبراء من هيومن رايتس ووتش والأمم المتحدة أن مستوى وكثافة التلوث في جنوب لبنان فترة ما بعد هذا النزاع الأسوأ بكثير مما وجدوا في بلدان العراق أو أفغانستان أو كوسوفو جراء الأسلحة المستخدمة فيها.
محاولات السيطرة على المياهعكست تصريحات سابقة لمسؤولين إسرائيليين عن نوايا الاستيلاء على جنوب لبنان لتأمين كميات المياه التي تحتاجها إسرائيل، ومنها ما نسب إلى رئيس الوزراء الأسبق ديفد بن غوريون "إن أمنيتي في المستقبل جعل الليطاني حدود إسرائيل الشمالية".
وتبدى الطمع في استغلال مياه الجنوب أيضا في تصريح رئيس الوزراء الأسبق ليفي أشكول "لا يسع إسرائيل الظامئة أن تقف مكتوفة اليدين، وهي ترى مياه الليطاني تتدفق إلى البحر، إن القنوات باتت جاهزة في إسرائيل لاستقبال مياه نهر الليطاني".
ويعتبر نهر الليطاني أكبر الأنهار وأهم مصادر المياه السطحية في لبنان، ويبلغ طوله 170 كيلومترا، ويبلغ متوسط التدفق السنوي لمياهه 475 مليون متر مكعب.
ظهرت محاولات جعل مياه هذا النهر ضمن المشاريع المائية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، أو تلك المقدمة من طرف الولايات المتحدة الأميركية منذ عام 1948، ومن بينها مشروعا إريك جونسون وجون كوتون عام 1954.
عام 1967 استولت إسرائيل على مياه الحاصباني، وعلى مياه الليطاني بشكل مؤقت عام 1978، أما سد الخردلي الذي جرى التخطيط لإنشائه في السبعينات على المجرى الأوسط لنهر الليطاني بسعة تبلغ 128 مليون متر مكعب، فقد علق في مرحلة التصميم الأولي بسبب الأوضاع الأمنية في منطقة الحدود الجنوبية.
في عام 1982 استولت إسرائيل على نهر الوزاني، ثم وضعت يدها على 12 قرية لبنانية وربطت شركة مياهها بمستعمرة إسرائيلية، قبل أن تجبر على الانسحاب من جنوب لبنان عام 2000.
وقد تحولت الموارد المائية لنهر الحصباني إلى مصدر توتر بين لبنان وإسرائيل، حين أعلن لبنان بناء محطة ضخ جديدة على ينابيع الوزاني، والتي تغذي النهر الذي ينبع من جنوب لبنان ويقطع الخط الأزرق الحدودي ليغذي نهر الأردن وبحيرة طبريا التي تعتبر أبرز خزانات المياه في إسرائيل.
وقالت مصلحة المياه الحكومية اللبنانية في أحدث تقرير لها، إن المياه الوافدة عبر نهر الليطاني إلى بحيرة القرعون تقلصت منذ عام 1962 حتى عام 2020. ويوفر سد القرعون كمية سنوية من المياه تصل إلى 110 ملايين متر مكعب تستعمل للري في جنوب لبنان، ومليوني متر مكعب للاستخدام المنزلي.
قلعة صيدا البرية أو قلعة المعز بناها الصليبيون خلال القرن الثاني عشر عرفت بقلعة القديس لويس (غيتي) الجنوب .. موطن المقاومةأظهرت كتب التاريخ أن المقاومة لم تكن حدثا طارئا في حياة الجنوبيين، ففي الفترة بين 1918 و1920 شاركوا في الثورة العربية، وفي عام 1925 شاركوا في الثورة السورية، كما شاركوا في جيش الإنقاذ خلال معارك 1948 في فلسطين في مواجهة الانتداب البريطاني.
يعد الاجتياح الإسرائيلي الأول لجنوب لبنان عام 1978، والاجتياح الثاني عام 1982، حدثين بارزين ساهما في ظهور معطيات جديدة على الساحة اللبنانية، وأصبح يسيطر على المشهد السياسي بشكل رئيسي مكونان هما حركة أمل وحزب الله، وفي المنطقة الأمنية وامتدادها إلى قطاع جزين كانت تسيطر إسرائيل عبر ذراعها المحلية جيش لبنان الجنوبي.
وتمكن حزب الله وحركة أمل من جعل قرى الجنوب تنتفض في وجه الدوريات الإسرائيلية ومقاتلاتها، ثم استقرت الهيمنة شبه الكاملة لحزب الله على ساحة المقاومة في الجنوب، وظهر اسمه أول مرة في بيانات عن عمليات ضد جيش الاحتلال عام 1984.
زادت أهمية التنظيم الذي ينشط على الساحة اللبنانية سياسيا وعسكريا منذ أكثر من ثلاثين عاما، من خلال قدرته على تكوين الجناح العسكري، الذي تولى دور مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان. وتمكن من تحرير أراضي الجنوب (ما عدا مزارع شبعا غير المأهولة) في مايو/أيار 2000، بعد احتلالها لمدة 22 عاما.
ارتفعت أسهم الحزب في الأوساط الشعبية العربية والإسلامية بفضل نهج المقاومة العسكرية لإسرائيل، وتعزز هذا الصعود بأدائه العسكري خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان في حرب 2006. كما استمر في حضوره بالمنطقة من خلال عملياته العسكرية المتكررة.
ولم يكن الدور السياسي للحزب أقل أهمية من حمل مشعل المقاومة، حيث تمكن من السيطرة على عدد من مجالس البلديات في جنوب لبنان إضافة إلى وجوده في البرلمان، وخاصة في عهد الرئيس إميل لحود. وتشكل قيادته أحد أركان مفاصل المشهد السياسي اللبناني.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی لبنان الجنوبی فی جنوب لبنان نهر اللیطانی مدینة صیدا فی الجنوب إضافة إلى لبنان من فی لبنان جبل عامل متر مکعب تبعد عن وفی عام منذ عام أکثر من فی عام عام 1948 إلى أن
إقرأ أيضاً:
نظرة إسرائيل إلى جبهات المقاومة وإيران
د. عبدالله الأشعل **
نظرة إسرائيل إلى إيران وجبهات المقاومة التى تدعمها إيران نظرة جدية؛ فهي ترى أن هذا المعسكر يمثل خطرًا وجوديًا على بقائها؛ سواء كان هذا المعسكر أجنحة لإيران أو حلفاء لإيران، وسواء كان لاعتبارات جزئية- وفق جبهة المقاومة- أو كان ضمن المشروع الإيرانى الذي تعتقد إسرائيل أنه يهدف إلى دعم استقلالها، وهي بالفعل الدولة الوحيدة المستقلة عن النفوذ الأمريكي، كما إن إسرائيل تنظر إلى إيران وتسليحها على أنه مُهدِّد للنفوذ الأمريكي والمصالح الأمريكية في منطقة الخليج والعالم.
لكن إسرائيل تنظر بالتفصيل لكل جبهة على حدة؛ أولًا: جبهة إيران تنظر إسرائيل إلى إيران على أنها قادرة على هزيمة إسرائيل وتفكيكها، وتأخذ إسرائيل بجدية تصريحات المسؤولين الإيرانيين في هذا الباب، وتريد إسرائيل بشكل مؤقت أن تُجرِّد إيران من مظاهر القوة المادية والمالية عن طريق قسوة العقوبات الأمريكية. كما إنَّ إسرائيل تعتقد أن إيرادات النفط الإيراني موجههٌ إلى تمويل برامج التسليح، فضلًا عن أن إسرائيل تريد أن تحتكر القوة النووية حتى تستخدمها ضد إيران وضد روسيا إذا قامت حرب عالمية، خاصة وأن الرئيس الروسي هدد بتغيير العقيدة النووية لروسيا، وأصبح في الإمكان أن تستخدم روسيا السلاح النووي، إذا هدد الغرب وجودها بشكل جدي.
ويترتب على ذلك أن إسرائيل تحارب المشروع النووي الإيراني، ولا تصدق إيران حين تقول إنه مشروع سلمي، كما لا تصدق فتوى الإمام الخُميني بأن حيازة السلاح النووي مخالفة للشريعة الإسلامية، وتعتقد أن كل هذه الدعاوى غطاء، لكي تصرف أنظار الآخرين عن المشروع النووي الإيراني. ولذلك فإن أحد مَوَاطِن الخصومة بين إسرائيل والرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما أنه وقَّع الاتفاق النووي مع إيران في فيينا عام 2015، واعتبر أن هذا التوقيع أفضل ما قدمته إدارته في السنوات الثمانية التي قضاها في الحكم. لكن إسرائيل لا تريد أن تثق الولايات المتحدة فى إيران، وتريد أن تخرب العلاقات بينهما، ويسهل على إسرائيل ذلك، خاصة وأن الثورة الإيرانية قامت ضد إسرائيل والولايات المتحدة، وأن واشنطن خسرت خسارة استراتيجية كبرى بسبب هذا العداء، وأن إسرائيل والرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب يتفقان على ضرورة عودة نظام الشاه إلى إيران، وأن معالجة الثورة الإسلامية في إيران تتم عبر القضاء عليها.
وليس ترامب وحده وإسرائيل في المنطقة التي تتمنى ذلك، وإنما بعض الدول العربية تتمنى ذلك مجاملةً للولايات المتحدة. وتعول أمريكا وإسرائيل على تأليب الشعب الإيراني ضد ثورته، وتنتهز الفرص للتدخل في الشأن الإيراني، كما إن إسرائيل لا تدخر جهدًا فى إثارة الأقليات العرقية والدينية الانفصالية في إيران، كما ركزت إسرائيل على سياسة الاغتيالات السياسية لعلماء الطاقة الذرية الإيرانيين، وامتدت جرائمها إلى السياسيين الإيرانيين، كما لم يفلت منها إسماعيل هنية زعيم حركة حماس، الذي كان ضيفًا على الحكومة الإيرانية للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الجديد في إيران. وهذه الحادثة بالذات أضافت مزيدًا من التوتر والانتقام في العلاقات الإيرانية والأمريكية والإسرائيلية، كما إن أمريكا اغتالت قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني ومساعديه، في مطار بغداد، وكان هذا القرار قد تم التشاور بشأنه بين الرئيس ترامب والمخابرات الأمريكية، وما تزال واشنطن تفخر بهذا الإنجاز!
ثانيًا: الجبهة اللبنانية. تعمل إسرائيل في هذه الجبهة على تدمير البنية الأساسية لحزب الله وقدراته الصاروخية، كما تعمل فى نفس الوقت على إثارة الشعب اللبناني ضد حزب الله، خاصة وأنه بعد غزو إسرائيل لبيروت وقعت الحرب الأهلية اللبنانية بسبب إسرائيل، ويستحيل أن توافق إسرائيل على هذا الاتفاق، إلّا إذا كان يسمح بحرية إسرائيل تجاه حزب الله، ووضع ضمانات منها أن الجيش اللبناني يتصادم مع حزب الله، ويمنعه من مهاجمة إسرائيل. وهذه النقطة يمكن أن تكون محل خلاف حاد بين الفرقاء اللبنانيين.
ثالثًا: الجبهة العراقية (المقاومة الإسلامية في العراق). تعتقد إسرائيل أنها موجهة من إيران ولذلك فإن هذه المقاومة هي التي تهاجم القواعد الأمريكية في العراق، ويبدو أن إسرائيل ستركز في المرحلة المقبلة على ضرب هذه المقاومة.
رابعًا: جماعة أنصار الله في اليمن، ورغم تركيزهم على السفن في باب المندب والبحر الأحمر إلّا أن بعض الهجمات تنطلق من اليمن نحو إسرائيل، خصوصًا إيلات؛ ولذلك تتفق إسرائيل مع بعض الأطراف على أنه يجب ضرب الحوثيين، وإخماد جبهة اليمن. وتعتقد إسرائيل أن اتفاقها مع الحكومة اللبنانية- كما تريده إسرائيل- يُنهي "وحدة الساحات" المُناهِضة لإسرائيل!
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصر