في معنى المكان.. وحي من دروس المقاومة المقدسية.. قراءة في كتاب
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
إن جوهر المشروع الصهيوني استيطاني ـ اجتثاثي ـ إحلالي، فالصهيونية لم تكن تتوخى، بخلاف الكولونيالية الكلاسيكية، الاستيلاء على وطن، ونهب موارده، والسيطرة على سكانه، باستغلالهم كأيدٍ عاملة بسعر رخيص، بل كانت تتوخى بالأحرى خلق مجتمع جديد في مكان مجتمع أصلاني قديم.
يناقش د. بلال عوض سلامة، أحد سمات المشروع الصهيوني وأهمها في كونه استعمارًا إحلاليًا، في كتابه "في معنى المكان: وحي من دروس المقاومة المقدسية"، (مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2023).
يعالج هذا الكتاب الاستعمار الصهيوني بوصفه استعمارًا إحلاليًا يهدف إلى المزيد من السيطرة على الأمكنة الفلسطينية حيث أمكن، وخصوصًا سياساته الإحلالية في القدس المستعمرة، المتركزة في ثلاثة أمكن، وهي باب العامود عبر إحلال واستعمار الإدراك الحسي والعقلي للمشهد البصري للفلسطيني في سبيل تهويده و"أسرلته"؛ وحي الشيخ جراح عبر اجتثاث سكانه وجعل البيت فيه بيئة غير آمنة ومزاحمة الفلسطيني للاستحواذ عليه بالقوة المفرطة؛ ومحيط المسجد الأقصى وساحاته والإحلال المقدس فيه، عبر إحلال المقدس اليهودي مكان المقدس الإسلامي والعربي.
عالج في الفصل الأول "في معنى المكان: القدس كبلدة ــ الله والفلسطيني ـ العتيقة"، تكوين القدس، والبلدة العتيقة بمعالمها وقيمها، كمكان فلسطيني يعد أحد الرهانات للوجود الفلسطيني تاريخيًا. كان ذلك على المستوى الفردي أو الجمعي، الديني والوطني والإجتماعي، أو الاقتصادي والسياسي، وحتى على المستوى اللغوي "اللهجة العامية" أو الصوري، هم من جعلوا القدس مكانًا مشركًا ومقدسًا للفلسطينيين المقدسيين، في عاداتهم وتقاليدهم وأخلاقياتهم، فكلمة "ابن بلد" و"خال" إشارة إلى هذه العلاقة اليومية والحميمية في الواقع اليومي المعاش، في الدفاع عن حدودهم وجغرافيتهم للمكان الذي كونوه لحمايته، فهذا المكان مقدس، وهذا الفلسطيني يستل قدستيه منه، والعكس صحيح. (ص 37).
إن الحاجة الملحة إلى استملاك المكان، باب العامود نموذجًا؛ هي مسألة جمعية، واستعادة المكان هو ضرورة فلسطينية، لهذا لا بد للكل الفلسطيني من أن يستوعب أن ما جرى من احتفالات وممارسات ومسلكيات قد تتناقض مع معتقداته الدينية والاجتماعية والثقافية، لأن المساحة التي يتيحها باب العامود تتسع: للصلاة، والرقص، والدبكة، والشراء والبيع، وعزف العود والموسيقي، ورياضة الباركور، وإحياء الليالي الرمضانية. فقدسية المكان من قدسية الفلسطيني، فدعوا الفلسطينيين يستعيدون باب العامود بطقوس وشعائر تعزز التنوع والاختلاف والفرح، ونحمد الله على فطرة القدس. (ص 48)
الاستعمار "الإسرائيلي" يتعامل مع العنصر الاقتصادي في علاقته مع الفلسطيني من ناحيتين "الأولى، تعميق حالة التبعية واستلاب السوق الفلسطينية وربطها بـ(الاقتصاد الإسرائيلي). وثانيًا، تقيد الفلسطيني بـ(إنجازات ومزايا) وهميه بربطه بالمؤسسة الإقتصادية (الإسرائيلية)"فالبيت كـ"مكان" يعني كل شيء للفلسطيني، ترتبط به الذكريات التي تقيم دائمًا ارتباطها ببقعة جغرافية، "ما يحدث في حي الشيخ جراح أو في بلده سلوان أو في أي منطقة أخرى، ليس منفصلًا عما يختبره الفلسطيني عن التطهير العرقي المستمر له منذ بداية الصراع، وهو انتزاع الفلسطيني من مكانه، من وجوده، من بيته، من المكان الذي يألفه، فإذا كان الاستلاب بصورة عنيفة في النكبة، فالآن يختبرها بصورة وقحة وصلفة" (ص 51). "إن سياسة هدم البيوت أو الأبراج هي رديف لسياسات عقيدة الصدمة التي تهدف إلى سلب السكان الأصليين لمفهومهم بذاتهم وبتاريخهم وحضارتهم وثقافتهم حتى وجودهم" (ص 61).
يرصد سلامة في الفصل الثاني: "المشهد المكاني وسياقات الفعل في القدس"، الفعل الثوري المقدسي في مواجهة العدو الصهيوني، "فالأحداث، من العمليات الفردية إلى معركة البوابات الإلكترونية إلى واقعة باب العامود وحالة الاحتجاجات في حي الشيخ جرَّاح، لا يمكن أن تكون فردية بصورة مفرطة، لأن السلوك والوعي متمحوران حول استعادة المكان للجماعة الذي ينتمي إليه الأفراد" (ص 71).
فـ "الحضور في المكان والتعبير عن الاحتجاج أو المقاومة ليسا أمرًا عفويًا كما يعتقد البعض، لأنهما ينزعان الوعي والإدراك عن الأفراد سعيًا لتحويلهم إلى حشود ودهماء، في حين أنهم جموع بشرية مدركة ولديها وعي وحضور ومطلب ورسالة، فإن كانت أفعالهم وسلوكهم وشعارهم وقضاياهم المطلبية لا تخطط للحدث الكلي الذي يساهمون في صنعة فهي تقود إليه لاحقًا. فالحضور بدايةً يكون غير منتظم، وبعد ذلك يتم التنظيم والتأطير المجتمعي والتخطيط حتى بالأدوات التي يتم اختيارها في المواجهة مع الأجهزة العسكرية الاستعمارية، وهذا ما تجلّى في معركة البوابات الإلكترونية في البلدة القديمة عام 2017" (ص 72).
ليس خفيًا على أحد أن إحدى أهم أولويات الاستعمار الإحلالي هي "السيطرة على المكان وإعادة هندسته وصوغه وفق المخططات والفضاءات والتمثيلات التي تخدم توسعه، وإحكام السيطرة والهيمنة على الحيز بوصفه مكانًا خاويًا من السكان" (ص 73). فقد "مارس الاستعمار الإحلالي الصهيوني سياسة السيطرة والهيمنة على المكان والمقدسي من أجل اصطناع بيئة ذات معنى جديد للمكان الفلسطيني ليحتل الذاكرة الجمعية والتواصلية للمكان، بما تعنيه من معانٍ ورموز وقيم عبر السياسات العمرانية وتغير المشهد المكاني/ الزماني للفلسطينيين" (ص 81).
لقد "شملت الهندسة الزمان الفلسطيني في حركته وتنقله في البلدة القديمة منها وفيها وإلى خارجها عبر سلسلة من نقاط الرقابة والضبط العسكري والحواجز وأنظمة الرقابة المعلوماتية وانتشار الكاميرات، والتحكم في الزمان/ اللازمان الفلسطيني. تتجسد هذه السياسة بصورة واضحة وصارخة من خلال خططهم الهادفة إلى التقسيم الزمكاني لساحات المسجد الأقصى، حتى يعدّ المشهد وكأنه جزء من (اللامكان) الفلسطيني، بمعنى حضور المستوطنين والجنود فيه، في استعمار للذاكرة الفلسطينية ولمقدساتهم وزمانهم" (ص 83).
يري المؤلف أن الاستعمار "الإسرائيلي" يتعامل مع العنصر الاقتصادي في علاقته مع الفلسطيني من ناحيتين "الأولى، تعميق حالة التبعية واستلاب السوق الفلسطينية وربطها بـ(الاقتصاد الإسرائيلي). وثانيًا، تقيد الفلسطيني بـ(إنجازات ومزايا) وهميه بربطه بالمؤسسة الإقتصادية (الإسرائيلية)" (ص 83).
ويؤكد إن ما يحدث في القدس، هو "استعمار (الإدراك الحسي والعقلي) للمقدسي، والعمل على تشوية الذاكرة الجمعية والمحلية، واستعمار الجسد الفلسطيني، من أجل خلق اللامكان واللامعنى للفلسطيني" (ص 87).
لقد "شكل الحضور وهويته في باب العامود كـ(نموذج مثالي)"، في بلورة "هوية وخطاب وثقافة وشعارات المحتجين في حضورهم اليومي المقاوم، ليكون مرابطًا في لحظة، ومقاومًا في لحظة ثانية، وجدعًا في ثالثة، وفلسطينيًا في رابعة، و(جكارة) كحضور يومي للمقدسي في مواجهة الاستعمار في لخظة خامسة" (ص 95). فـ"الانخراط بالنضال والاشتباك مع الاستعمار الصهيوني الإحلالي ليس حدثًا جزئيًا وإنما يندرج في بنية مواجهة الاستعمار الإحلالي، كون هذا الاشتباك ليس مجرد رد فعل عفوي أو حتى فورة، وإنما هو دينامية متفاعلة متواصلة من خلال الحضور في المكان لأسباب سياسية أو أيدلوجية أو ثقافية أو اجتماعية، وسرعان ما ينتظم الحضور حول خطاب سياسي من نوع ما أو مطلبي، ويكون السبب في بداية النضال (بوابات إلكترونية، أو منع الحضور والتواجد على درجات باب العامود، أو إخلاء السكان من حي الشيخ جراح، وبلدة سلوان". (ص 104).
إن ما يحدث في القدس، هو "استعمار (الإدراك الحسي والعقلي) للمقدسي، والعمل على تشوية الذاكرة الجمعية والمحلية، واستعمار الجسد الفلسطيني، من أجل خلق اللامكان واللامعنى للفلسطيني"هذا الحضور الفلسطيني تمثل في "خيار التدفق إلى الشوارع" (ص 108- 113)، و"استعادة الأمكنة الفلسطينية فعليًا أوثقافيًا ورمزيًا" (ص 189). و"تنوع الأدوات والوسائل الاحتجاجية في حرب الأمكنة" (ص 125 ـ 139)
.
يتناول سلامة في الفصل الثالث "الطبقة الوسيطة وثرثرة نوستالجيا الانتفاضة الشعبية"، مفهوم النوستالجيا الذي يعني "الإفراط في في المعنى والمتخيَّل من حيث الحنين إلى الماضي، وفي حالتنا في الإنتفاضة الشعبية الفلسطينية، تكون النوستالجيا في العادة مشاعر إيجابية وتوجهات أيديولوجية انتقائية للتجربة والحدث، والمنظومة القيمية التي تبنتها، ولكنها تُعَدُّ حنينًا إلى أماكن خالية لم تعد موجودة بالمعنى والدلالة التي كانت فيه، ولا بالإمكان العودة إليها، إلا بإعادة الشرط التاريخي وفواعله فيها، أو بالعودة إليه بالمعيارية نفسها، فحين نتحدث عن الانتفاضة الشعبية نتحدث بقوة عن علاقاتها الاجتماعية وبساطة الحياة وثقافتها وقيمها من الناحية الإيجابية" (ص 152).
ينتقد المؤلف ما يسمى بـ"تقديس الطبقة الوسيطة؛ من سياسيين، ورجال أمن، وأحزاب، وموظفي المنظمات الحكومية وغير الحكومية، وليبراليين... إلخ، للانتفاضة الشعبية نظرًا إلى سلميّتها، حتى إن لم تكن المقاومة الشعبية كذلك يومًا، بل أصبحت كذلك بعد اتفاقية أوسلو عام 1993، وأصبحت تحيل على اللاعنف والسلبية المفرطة، وتعرية العدو، والكشف عن وجهه البشع... إلخ، يعبر عنها عبر أغنية تعكس الموقف السياسي الفلسطيني (ازرع ليمون... ازرع تفاح) وهي محط للسخرية في الشارع الفلسطيني، إذاً فما بال هذه الطبقة الوسيطة تشجع اللاعنف وتحبذه دون غيرها؟"(ص 155).
فـ "دور المثقف المشتبك في إيقاف ثرثرة العقل وإسكاته أو النوستالجيا في نقد المقاومة تحت ذريعة التغني بالانتفاضة الشعبية، هو أبعد ما تكون للشعب من أرواح الأمكنة التي ينبع منها الحضور والمقاومة الشعبية والتجربة المشتركة التي تراكمها الجماهير في حرب الأمكنة؛ فعلى المثقف أيضًا أن يكون متصلًا على نحو ملموس بالمعركة المحسوسة، ويقرأ ما هو لمصلحتها ولمصلحة الشعب، والحضور في القدس، التي طالب بها من الناحية المعنوية، والتي كانت المقاومة الغزية موفقة من حيث ربط إعلانها المقاومة وإطلاق صواريخها تحت مسمى (سيف القدس)، لما للاسم من معنى ودلالات غنية تلائم الحدث والمكان، وليس لمطالب مرتبطة بفك الحصار عنها، وعلى الرغم من أهميته" (ص 159).
وأخيرًا، في معركة الأمكنة، لا يوجد تحرير مكان بشكل كامل، لأن استعادته تكون مرحلية، ولا يوجد فيه إملاء شروط كاملة وفقًا للمقاومة، فكسب معركة أو حتى خسارة أخرى في مكان آخر، ليس مهمًا لأننا لسنا في مرحلة كسر العظم بعد، الأهم هو أنه في خضم كل معركة واشتباك نقوم باستكشاف الأساليب التي تدمر وتؤلم الاستعمار الإحلالي.
*مؤرخ فلسطيني
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب كتابه الفلسطينية احتلال فلسطين كتاب عرض مظاهر كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الفلسطینی من باب العامود استعمار ا فی القدس مکان ا
إقرأ أيضاً:
مخططات العدو الصهيوني تصطدم بالإرادة الحرة للشعب الفلسطيني
يمانيون/ استطلاع
ممثل الجبهة الديمقراطية الشعبية لتحرير فلسطين في اليمن: أمام المخاطر الصهيونية المحدقة بالضفة الغربية ينبغي على فصائل المقاومة التنسيق العالي لمواجهة التصعيد الصهيوني من خلال الكفاح المسلح وغير المسلح. الناشط السياسي الدكتور صروان: يدرك الكيان الصهيوني أن بسط السيطرة على الضفة الغربية يتطلب جهودا عسكرية كبرى تسهم في القضاء على المقاومة في الضفة وتهجير كافة أبنائها، وهو ما لا يمكن تحقيقه.
في الآونة الأخيرة صعّد العدو الصهيوني عملياته العسكرية في الضفة الغربية بفلسطين المحتلة موقعا مئات الشهداء والجرحى، إضافة إلى تعمده في تدمير المنازل السكنية تدميرا كليا لتصل إلى ما يقارب مئة وحدة سكنية.
ويهدف العدو الصهيوني من تصعيده العسكري على الضفة الغربية إلى تحقيق العديد من الأهداف الرئيسية أبرزها تهجير السكان الفلسطينيين من الضفة وإضعاف المقاومة الفلسطينية في الضفة كخطوات ضمن مخطط تصفية القضية الفلسطينية.
وتُعد السيطرة على الضفة الغربية لتهويدها وجعلها ضمن المستوطنات الصهيونية هدفا صهيونيا يسعى العدو لتحقيقه منذ سنوات طويلة.
لا تقتصر الأهداف الصهيونية على ما سبق ذكره وحسب بل يأتي التصعيد العسكري الصهيوني في الضفة الغربية كمحاولات صهيونية للتغطية على فشلها الذريع وهزيمتها المدوية التي منيت بها على أيدي المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
مخططات العدو الصهيوني في الضفةوفي هذا السياق يؤكد ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في اليمن د. إبراهيم نصوح أن التصعيد الصهيوني في الضفة الغربية جزء من سياسة طويلة الأمد ينتهجها الكيان لتحقيق أمر واقع عبر التهجير البطيء وبناء المزيد من المستوطنات وتفكيك أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية.
ويوضح نصوح أن مواجهة هذا التصعيد والعدوان الصهيوني تتطلب استراتيجية فلسطينية متكاملة تعتمد بالمقام الأول على المقاومة بكل أشكالها، ويشير إلى أهمية تعزيز الوحدة الداخلية وحشد الدعم الإقليمي والدولي لتحقيق ضغط حقيقي على الكيان الصهيوني.
وبخصوص دوافع العدو الصهيوني من التحرك في الضفة الغربية يلخص نصوح الدوافع في أمرين: أولهما خشية الكيان الصهيوني من تصاعد المقاومة المسلحة في الضفة، وقد شاهدنا في الآونة الأخيرة ازدياد وتيرة العمل المقاوم الفردي والجماعي في جنين وطوباس ونابلس وغيرها من المدن.
مردفا القول “ثانيا ما يحصل قد يكون محاولة لنتنياهو لاسترضاء اليمين الصهيوني المتطرف، والذي هدد مؤخرا بالانسحاب من الائتلاف الحكومي لنتنياهو بعد وقف إطلاق النار بغزة، والذي يعتبره اليمين المتطرف هزيمة كبرى للكيان”.
وتعكس الاعتداءات الصهيونية المتكررة على الضفة الغربية عجز السلطة الفلسطينية في حماية الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يفقد مصداقيتها أمام الشعب الفلسطيني.
السلطة الفلسطينية وبدلا من القيام بمسؤولياتها المناطة بها تجاه الشعب الفلسطيني والمتمثلة في حماية المواطنين الفلسطينيين وتوفير احتياجاتهم والدفاع عنهم من الاعتداءات الصهيونية، تقوم بملاحقة المقاومين الفلسطينيين في مختلف مدن الضفة وأحيائها.
ملاحقة المقاومين الفلسطينيين من قبل السلطة الفلسطينية مؤشرات واضحة على التواطؤ مع العدو الصهيوني ومساندته في أعماله العدائية ضد الفلسطينيين.
وحول هذه الجزئية يقول د. إبراهيم نصوح: “نلاحظ أن هذه الاعتداءات الصهيونية في الضفة قد أفقدت السلطة الفلسطينية مصداقيتها أمام المجتمع الفلسطيني، وأظهرت عجزها عن حماية الشعب في الضفة، خصوصا مع استمرار التنسيق الأمني واستمرار مهاجمة أجهزة أمن السلطة للمقاومين واعتقالهم”.
ويؤكد نوصح أن أعمال السلطة الفلسطينية ضد المقاومين تخدم -في نهاية المطاف- الكيان الصهيوني.
وأمام تلك المخاطر الصهيونية المحدقة بالضفة الغربية ينبغي على فصائل المقاومة بمختلف مكوناتها التنسيق والترتيب العالي لمواجهة التصعيد الصهيوني من خلال الكفاح المسلح وغير المسلح.
ويشير نصوح إلى أن على فصائل المقاومة في الضفة تنويع أدوات النضال المسلح وغير المسلح وتوسعتها وتعزيز التنسيق بين المقاومة في الضفة وغزة لإحباط الهجمات الصهيونية.
ويلفت إلى أن المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية في أمس الحاجة لتعزيز الوحدة الوطنية بين فتح وحماس، وإنهاء التنسيق الأمني من طرف السلطة الفلسطينية، وفضح الاعتداءات الصهيونية المستمرة أمام المجتمع الدولي.
لا تعويل على دول التطبيعوعلى الصعيد العربي يقول د. إبراهيم نصوح “لا نعول كثيرا على محور التطبيع الذي انتهج سياسة إرضاء إسرائيل والغرب وبأموالهم الخاصة، نحن نعول على الشعوب الحرة وعلى محور المقاومة الذي أثبت خلال معركة ال470 يوما في غزة أن وحدة المقاومة هي العزة والقوة”.
مضيفا القول “وقد شاهدنا البأس اليمني في هذه المعركة وكيف استطاعت اليمن أن تضرب تل أبيب وتكسر الجبروت الأميركي في البحر الأحمر خلال 15شهرا من العدوان على غزة”.
ويوجه نصوح رسائل للعدو الصهيوني وحليفه الأمريكي أن الشعب الفلسطيني باق على أرضه ما بقي على قيد الحياة، مؤكدا أنه ما لم يتحقق عسكريا لن يتحقق بغيره من الوسائل والحيل.
مساعٍ صهيونية لتهويد الضفة الغربية
تزامنا مع تولي ترمب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية والذي توعد خلال دعايته الانتخابية منح الكيان الصهيوني الضفة الغربية، يسعى الكيان الصهيوني من خلال تصعيده العسكري على الضفة إلى زيادة الضغط على سكان الضفة الغربية بهدف تهجيرهم وتهيئة الساحة لجعلها مستوطنة عبرية يقطنها ملايين الصهاينة.
ويدرك الكيان الصهيوني أن بسط السيطرة على الضفة الغربية يتطلب جهودا عسكرية كبرى تسهم في القضاء على المقاومة في الضفة وتهجير كافة أبنائها، وهو ما لا يمكن تحقيقه.
وفي هذا السياق يقول الناشط السياسي الدكتور قادري صروان “إن تصعيد الكيان الصهيوني في الضفة الغربية بعد إعلان وقف إطلاق النار في غزة يعكس عدة دوافع استراتيجية وسياسية، أولا تحقيق السيطرة الأمنية؛ فسلطات العدو تسعى إلى تعزيز قبضتها الأمنية على الضفة الغربية، بهدف منع أي تصاعد محتمل للمقاومة أو الفصائل الفلسطينية بعد التوترات في غزة، وثانيا الضغط على السلطة الفلسطينية لبذل المزيد من التعاون الأمني في سبيل ضبط المقاومون وايداعهم في السجون.
ويتابع “تصعيد الأحداث في الضفة الغربية يمكن أن يكون وسيلة لإشغال الرأي العام الإسرائيلي عن القضايا الداخلية أو الفشل في إدارة الأزمات”.
ويؤكد صروان أن التصعيد العسكري الصهيوني على الضفة سيسهم في إضعاف السلطة الفلسطينية وإخراجها عن نطاق الخدمة، الأمر الذي سيسهم في القضاء على السلطة.
ويدعو صروان فصائل المقاومة إلى التصدي للهجمات الصهيونية ومقابلة التصعيد بالتصعيد، موضحا أن التصعيد قد يعزز من روح المقاومة، ويزيد من الدعم الشعبي لها، خاصة إذا شعر الناس بأن السلطة غير قادرة على حمايتهم.
كما يدعو صروان الشعب الفلسطيني والمقاومة إلى توحيد الصفوف وتعزيز العمل المشترك لمواجهة الكيان الصهيوني.
لا بد من تكاتف محلي ودولي
مسؤولية مواجهة التصعيد الصهيوني في الضفة الغربية لا تقع على عاتق المقاومة الفلسطينية وشعبها فقط، وإنما يجب على الدول العربية والإسلامية وكذا منظمات الأمم المتحدة الضغط على الكيان الصهيوني لوقف الانتهاكات المستمرة في الضفة الغربية. كما أن على شعوب العالم الخروج في تظاهرات جماهيرية تطالب العدو الصهيوني بوقف انتهاكاته الصارخة بالضفة.
وفي هذه الجزئية يدعو صروان كافة دول العالم للوقوف مع القضية الفلسطينية والضغط على العدو الصهيوني لوقف جرائمه في الضفة وغير الضفة. مشيرا إلى أهمية العمل على تعزيز الوعي بين الفلسطينيين بأهمية المقاومة السلمية والنضال ضد الاحتلال، وربط ذلك بالحقوق الإنسانية، مبينا ضرورة تعزيز القيم الوطنية والهوية الفلسطينية من خلال التعليم والثقافة، بما يسهم في تقوية صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات.
ويختتم صروان حديثه بالقول “الوضع الحالي يتطلب استجابة شاملة ومتعددة الأبعاد لمواجهة التصعيد الصهيوني، مع ضرورة الحفاظ على الوحدة والرؤية المشتركة بين مختلف الأطراف الفلسطينية”.
نقلا عن موقع أنصار الله