الحرب تعيد تشكيل أسواق غزة.. تجار جدد وزبائن يبحثون عما يسد رمقهم
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
غزة – أجبرت الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، الأسواق على اتخاذ شكل مختلف عن المألوف، كما أوجدت طائفة جديدة من التجار.
ومع نفاد أو شحّ البضائع، في الأسواق وسط وجنوبي قطاع غزة، أغلقت غالبية المتاجر أبوابها؛ لكن "حركة السوق" التي لا تعترف بالفراغ، استبدلت التجار التقليديين، بآخرين جدد، افترشوا الأرصفة وملأوا الشوارع، عارضين بضائع يسيرة حصلوا عليها بطرق متعددة.
ومنح مئات الآلاف من "النازحين" الذين تقطعت بهم السُبل، بعد أن أجبرتهم إسرائيل على مغادرة منازلهم في شمالي القطاع، الأسواق زخما كبيرا، حيث يجوب هؤلاء الشوارع بحثا عما يسد رمقهم ويلبي حاجات عائلاتهم المشردة في مراكز الإيواء.
الخبز أولايعدّ البحث عن الخبز، أو الطحين "الدقيق"، الهم الأكبر للسكان، وقد نفد من الأسواق بشكل كامل.
عد أرغفة الخبز تمهيدا لبيعها لأحد الزبائن (الجزيرة)وتعتمد الأسواق حاليا على الطحين الذي توزعه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" على السكان، حيث يعمد كثيرون إلى بيعه بعد تسلمه، بغرض الحصول على المال لشراء مستلزمات أخرى.
ويسعى أبو عمر دوّاس لتلبية حاجة السكان من الخبز، من خلال طهيه بواسطة الحطب.
ولا يعدّ مشهد أبي عمر وهو يطهو على نار الحطب مألوفا، حيث كان الخبازون يستخدمون الغاز في إنتاج الخبز، قبل الحرب.
وبينما كان مشغولا بتعبئة الأرغفة الطازجة، في مواجهة طابور من الزبائن اصطفوا للشراء، يقول أبو عمر للجزيرة نت "نجد صعوبة كبيرة في إيجاد الطحين، ولم يتبق عندي سوى كيسان منه وبعدها سأغلق وأتوقف عن البيع".
الحطب سلع قديمة مستجدةوبات مشهد باعة الحطب مألوفا في الأسواق، فبعد أكثر من 45 يوما من الحرب، نفدت كل إمدادات الغاز، ولم يعُد أمام السكان سوى العودة للطهي على الخشب كما كان يفعل أجدادهم.
وعلى عربة يجرها حمار، جمع زكريا بركة، كمية لا بأس بها من الحطب، كي يبيعها في سوق دير البلح الرئيس.
يقول زكريا للجزيرة نت "نبيع الحطب بالكيلو، أشتري الكيلو بشيكل واحد، وأبيعه بشيكلين".
ويضيف "هذه مهنة جديدة، فالكل يجمع الحطب والورق وحتى البلاستيك، وكل شيء قابل للاشتعال ويُستخدم للطهي.. الناس تريد أن تبقى على قيد الحياة".
البسكويت بديلا عن الخبزوبشكل واسع ينتشر باعة البسكويت، خاصة المحشو بعجوة التمر، في كل أسواق وسط وجنوبي القطاع، حيث يعده السكان البديل الأول لغياب الخبز.
وبينما كان الشاب سند سعد، يصفّ حبات من البسكويت، قال للجزيرة نت "الناس تأكله بدلا عن الخبز، كيس الطحين مفقود، لذلك يبحث الناس عن هذا النوع من البسكويت".
ويضيف "أشتري الكرتونة منه بـ31 شيكلا وأبيعها بـ 35 شيكلا، وأربح حوالي 4 شواكل".
وعلى بعد أمتار من سند، كان محمد أبو سماحة يبيع نوعا آخر من البسكويت المحشو بالشوكلاتة، وسط إقبال كبير للغاية من الزبائن.
وذكر محمد أبو سماحة في حديثه للجزيرة نت أن سر إقبال المواطنين على البسكويت، يتمثل في كونه بديلا عن الخبز، ولا علاقة له بالبحث عن "الرفاهية"، كما في الأوقات العادية.
الزعتر رهان رابحويبدو أن رهان الشاب إبراهيم الكحلوت على بضاعة "الزعتر"، كان صائبا، أمام الإقبال الكبير من جانب الزبائن.
ويقول للجزيرة نت "اخترت الزعتر لأنه مطلوب من الناس في ظل عدم وجود الطعام، فالناس يحشونه بالخبز ويأكلونه".
ويضيف أنه حاصل على دبلوم في "الوسائط المتعددة"، ولم يعمل مسبقا في التجارة، ويضيف "أعمل هنا لأن أهلي يحتاجون المال للعيش، خاصة أن لدينا في المنزل ضيوفا نازحين من مناطق أخرى، وهذا يزيد من احتياجات المنزل".
مشهد بيع المياه المعدنية على الأرصفة بات مألوفا نظرا لحاجة الناس الماسة لمياه الشرب النظيفة (الجزيرة) السقّا لم يمترغم أن مشهد بائعي المياه، ليس جديدا في غزة، فإن بيع قوارير المياه المعدنية على الأرصفة يعدّ جديدا بالكلية.
وقد وجدت هذه القوارير، التي دخلت إلى غزة ضمن المساعدات طريقها للبيع في الأسواق.
ورغم ارتفاع أسعارها يقبل المواطنون على شرائها بسبب أزمة مياه الشرب الكبيرة التي يشهدها القطاع.
ويقول صُبح "أشتري الكرتونة (عشرة قوارير) بـ 18 شيكلا وأبيعها بـ 20 شيكلا".
وتعيش غزة أزمة كبيرة في مياه الشرب نظرا لانقطاع الكهرباء ونفاد الوقود اللازم لتشغيل الآبار الجوفية ومحطات التحلية.
ويلفت صُبح إلى أنه نازح من بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع، ولجأ للتجارة بالمياه، بغرض كسب الرزق وإعالة أسرته.
سوق البالة يزدهرربما كان كثيرون من الفلسطينيين يتحرجون في السابق من دخول متاجر الملابس المستعملة المعروفة باسم "البالة"، لكن الظروف القاسية التي يعيشونها الآن جعلتهم يكسرون حاجز الخجل.
فعلى أحد الأرصفة بسوق دير البلح، كان العديد من النساء يقلّبون كومة من الملابس المستعملة بحثا عمّا يلزمهم.
ويقول النازحون، إنهم اضطروا للخروج من منازلهم دون إحضار ملابس تكفيهم، بالإضافة إلى أن إقبال فصل الشتاء فاقم من مشكلانهم.
ويقول البائع ياسر الغرابلي من حي الشجاعية بغزة، إنه اشترى هذه الملابس المستعملة "البالة" من مدينة رفح.
ويضيف للجزيرة نت "أنا في الأساس خياط ولست بتاجر، لكن أعمل حاليا في التجارة لتوفير المال لأسرتي النازحة هنا"، مضيفا "أبيع القطعة بنصف شيكل فقط".
حرب دون قهوةكان مشهد آلة تحميص البُن في أحد الشوارع المتفرعة من سوق دير البلح غريبا، بعدما فُقدت بشكل شبه كامل منذ الأسابيع الأولى للحرب.
يقول مالكها سعيد زياد عن كيفية توفير الغاز اللازم لتشغيل الآلة وتحميص البُن، إنه غامر بتحويلها للعمل على نار الحطب بدلا عن الغاز.
استخدام الحطب وقودا لآلة تحميص البن ا(الجزيرة)ولم تنجح مغامرة سعيد، حيث أدى ذلك إلى تعطيل الآلة التي سبق أن اشتراها بـ18 ألف شيكل.
ورغم تعطيل الآلة، لا يبدي سعيد أي ندم على ذلك كما يقول، مضيفا بسخرية باللهجة المحكية "غير ندمان، خلي الشعب يعيش ويشرب قهوة.. حرب وقلة كيف؟!".
ورغم توفير سعيد القهوة للناس، فإنها ليست في متناول أيدي الجميع، حيث تضاعف سعرها أكثر من مرة، ويرجع ذلك إلى التكلفة العالية لتصنيعها.
ويشرح قائلا "تكلفني الأوقية 27 شيكلا وأبيعها بـ 30″، وبحزن يختم حديثه للجزيرة نت "هذه آخر كمية من البُن، بعد الآن ستكون الحرب بلا قهوة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: للجزیرة نت عن الخبز
إقرأ أيضاً:
محافظ الدقهلية: استمرار أسواق اليوم الواحد يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع
أثنى اللواء طارق مرزوق محافظ الدقهلية، على الأداء المتميز لأسواق اليوم الواحد التي انطلقت بالدقهلية، وأكد أنه جاري التوسع فيها بالتنسيق مع وزارة التموين لتشمل جميع مراكز ومدن المحافظة نظرا للإقبال الكبير عليها واستجابة لطلب المواطنين باستمرارها بعد النجاح الملحوظ الذي حققته، وأوضح أن أسواق اليوم الواحد مستمرة يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع.
وأكد محافظ الدقهلية أن هذه الأسواق تأتي في إطار جهود الدولة المصرية لتوفير السلع الأساسية للمواطنين بأسعار مخفضة، والتي تعتبر خطوة جديدة ضمن سلسلة الأسواق التي تهدف إلى ضبط الأسعار وتوفير السلع مباشرة للمستهلكين، وأوضح أن هذه المبادرة جزء من الجهود الحكومية التي تستهدف الحد من تأثير الحلقات الوسيطة في عملية توريد السلع، ما يسهم في تخفيض الأسعار وزيادة المعروض من المنتجات الأساسية، والذي يسهم بشكل كبير في تخفيف الأعباء عن كاهل الأسر بالدقهلية، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتقديم مختلف صور الدعم الممكنة للمواطنين.
وأشار محافظ الدقهلية إلى أن سوق اليوم الواحد يتم تنظيمه بالتعاون بين وزارة التموين والتجارة الداخلية والجهات الحكومية المعنية، ويوفر للمنتجين الفرصة لبيع منتجاتهم مباشرة للمواطنين دون تدخل وسطاء، مما يعزز قدرة المواطنين على الحصول على السلع بأسعار مناسبة، كما أكد على أهمية التنسيق المستمر بين القطاعين الحكومي والخاص، خاصة في ظل التوسع في إنشاء المزيد من "أسواق اليوم الواحد" والمنافذ المتحركة على مستوى الجمهورية، مشيرًا إلى أن هذه المبادرة تعد خطوة هامة نحو تعزيز الرقابة على الأسواق وتسهيل وصول السلع للمواطنين في مختلف المناطق.
وأوضح المحافظ أن السوق يضم تشكيلة متنوعة من السلع الغذائية الأساسية، واللحوم والخضروات والفواكه، بالإضافة إلى المنتجات الأخرى التي يحتاجها المواطنين بشكل يومي، مع التأكيد على أن وجود أكثر من سلعة وأكثر من بائع يسهم في تنوع المعروض من السلع، ورفع مستوى المنافسة بين التجار، وتقليل الأسعار في الأسواق، وتحقيق توازن بين العرض والطلب الذي ينعكس على انخفاض أسعار السلع بما يصب في صالح المواطنين ويخفف عن كاهلهم.
ودعا محافظ الدقهلية المواطنين للاستفادة من السلع المعروضة بأسواق اليوم الواحد وشراء احتياجاتهم من المواد والسلع التموينية والخضر والفاكهة واللحوم والمجمدات بأسعار مخفضة تصل لـ٣٠٪، وبنسب أكثر على بعض المنتجات، ووجه الشكر لجميع الجهات المعنية التي تشارك في تنظيم السوق، سواء من الوحدات المحلية أو المديريات الخدمية بالدقهلية.
وأكد المحاسب علي حسن مدير مديرية التموين والتجارة الداخلية بالدقهلية، على العمل للتوسع في إقامة أسواق اليوم الواحد بمراكز ومدن المحافظة المختلفة، مشيرا أن ما تسعى إليه وزارة التموين من خلال هذه المبادرة هو تحسين جودة الحياة للمواطنين عبر زيادة توافر السلع الأساسية بكميات كافية وبأسعار مناسبة، كما تهدف الوزارة إلى تيسير وصول السلع إلى التجمعات السكنية، حيث يمكن للمواطنين شراء احتياجاتهم اليومية بسهولة، ما يسهم فى خفض الأسعار في الأسواق التقليدية وتوفير خيارات أكثر للمستهلك.