غزة – أجبرت الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، الأسواق على اتخاذ شكل مختلف عن المألوف، كما أوجدت طائفة جديدة من التجار.

ومع نفاد أو شحّ البضائع، في الأسواق وسط وجنوبي قطاع غزة، أغلقت غالبية المتاجر أبوابها؛ لكن "حركة السوق" التي لا تعترف بالفراغ، استبدلت التجار التقليديين، بآخرين جدد، افترشوا الأرصفة وملأوا الشوارع، عارضين بضائع يسيرة حصلوا عليها بطرق متعددة.

ومنح مئات الآلاف من "النازحين" الذين تقطعت بهم السُبل، بعد أن أجبرتهم إسرائيل على مغادرة منازلهم في شمالي القطاع، الأسواق زخما كبيرا، حيث يجوب هؤلاء الشوارع بحثا عما يسد رمقهم ويلبي حاجات عائلاتهم المشردة في مراكز الإيواء.

الخبز أولا

يعدّ البحث عن الخبز، أو الطحين "الدقيق"، الهم الأكبر للسكان، وقد نفد من الأسواق بشكل كامل.

عد أرغفة الخبز تمهيدا لبيعها لأحد الزبائن (الجزيرة)

وتعتمد الأسواق حاليا على الطحين الذي توزعه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" على السكان، حيث يعمد كثيرون إلى بيعه بعد تسلمه، بغرض الحصول على المال لشراء مستلزمات أخرى.

ويسعى أبو عمر دوّاس لتلبية حاجة السكان من الخبز، من خلال طهيه بواسطة الحطب.

ولا يعدّ مشهد أبي عمر وهو يطهو على نار الحطب مألوفا، حيث كان الخبازون يستخدمون الغاز في إنتاج الخبز، قبل الحرب.

وبينما كان مشغولا بتعبئة الأرغفة الطازجة، في مواجهة طابور من الزبائن اصطفوا للشراء، يقول أبو عمر للجزيرة نت "نجد صعوبة كبيرة في إيجاد الطحين، ولم يتبق عندي سوى كيسان منه وبعدها سأغلق وأتوقف عن البيع".

الحطب سلع قديمة مستجدة

وبات مشهد باعة الحطب مألوفا في الأسواق، فبعد أكثر من 45 يوما من الحرب، نفدت كل إمدادات الغاز، ولم يعُد أمام السكان سوى العودة للطهي على الخشب كما كان يفعل أجدادهم.

وعلى عربة يجرها حمار، جمع زكريا بركة، كمية لا بأس بها من الحطب، كي يبيعها في سوق دير البلح الرئيس.

يقول زكريا للجزيرة نت "نبيع الحطب بالكيلو، أشتري الكيلو بشيكل واحد، وأبيعه بشيكلين".

ويضيف "هذه مهنة جديدة، فالكل يجمع الحطب والورق وحتى البلاستيك، وكل شيء قابل للاشتعال ويُستخدم للطهي.. الناس تريد أن تبقى على قيد الحياة".

البسكويت بديلا عن الخبز

وبشكل واسع ينتشر باعة البسكويت، خاصة المحشو بعجوة التمر، في كل أسواق وسط وجنوبي القطاع، حيث يعده السكان البديل الأول لغياب الخبز.

وبينما كان الشاب سند سعد، يصفّ حبات من البسكويت، قال للجزيرة نت "الناس تأكله بدلا عن الخبز، كيس الطحين مفقود، لذلك يبحث الناس عن هذا النوع من البسكويت".

ويضيف "أشتري الكرتونة منه بـ31 شيكلا وأبيعها بـ 35 شيكلا، وأربح حوالي 4 شواكل".

وعلى بعد أمتار من سند، كان محمد أبو سماحة يبيع نوعا آخر من البسكويت المحشو بالشوكلاتة، وسط إقبال كبير للغاية من الزبائن.

وذكر محمد أبو سماحة في حديثه للجزيرة نت أن سر إقبال المواطنين على البسكويت، يتمثل في كونه بديلا عن الخبز، ولا علاقة له بالبحث عن "الرفاهية"، كما في الأوقات العادية.

الزعتر رهان رابح

ويبدو أن رهان الشاب إبراهيم الكحلوت على بضاعة "الزعتر"، كان صائبا، أمام الإقبال الكبير من جانب الزبائن.

ويقول للجزيرة نت "اخترت الزعتر لأنه مطلوب من الناس في ظل عدم وجود الطعام، فالناس يحشونه بالخبز ويأكلونه".

ويضيف أنه حاصل على دبلوم في "الوسائط المتعددة"، ولم يعمل مسبقا في التجارة، ويضيف "أعمل هنا لأن أهلي يحتاجون المال للعيش، خاصة أن لدينا في المنزل ضيوفا نازحين من مناطق أخرى، وهذا يزيد من احتياجات المنزل".

مشهد بيع المياه المعدنية على الأرصفة بات مألوفا نظرا لحاجة الناس الماسة لمياه الشرب النظيفة (الجزيرة) السقّا لم يمت

رغم أن مشهد بائعي المياه، ليس جديدا في غزة، فإن بيع قوارير المياه المعدنية على الأرصفة يعدّ جديدا بالكلية.

وقد وجدت هذه القوارير، التي دخلت إلى غزة ضمن المساعدات طريقها للبيع في الأسواق.

ورغم ارتفاع أسعارها يقبل المواطنون على شرائها بسبب أزمة مياه الشرب الكبيرة التي يشهدها القطاع.

ويقول صُبح "أشتري الكرتونة (عشرة قوارير) بـ 18 شيكلا وأبيعها بـ 20 شيكلا".

وتعيش غزة أزمة كبيرة في مياه الشرب نظرا لانقطاع الكهرباء ونفاد الوقود اللازم لتشغيل الآبار الجوفية ومحطات التحلية.

ويلفت صُبح إلى أنه نازح من بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع، ولجأ للتجارة بالمياه، بغرض كسب الرزق وإعالة أسرته.

سوق البالة يزدهر

ربما كان كثيرون من الفلسطينيين يتحرجون في السابق من دخول متاجر الملابس المستعملة المعروفة باسم "البالة"، لكن الظروف القاسية التي يعيشونها الآن جعلتهم يكسرون حاجز الخجل.

فعلى أحد الأرصفة بسوق دير البلح، كان العديد من النساء يقلّبون كومة من الملابس المستعملة بحثا عمّا يلزمهم.

ويقول النازحون، إنهم اضطروا للخروج من منازلهم دون إحضار ملابس تكفيهم، بالإضافة إلى أن إقبال فصل الشتاء فاقم من مشكلانهم.

ويقول البائع ياسر الغرابلي من حي الشجاعية بغزة، إنه اشترى هذه الملابس المستعملة "البالة" من مدينة رفح.

ويضيف للجزيرة نت "أنا في الأساس خياط ولست بتاجر، لكن أعمل حاليا في التجارة لتوفير المال لأسرتي النازحة هنا"، مضيفا "أبيع القطعة بنصف شيكل فقط".

حرب دون قهوة

كان مشهد آلة تحميص البُن في أحد الشوارع المتفرعة من سوق دير البلح غريبا، بعدما فُقدت بشكل شبه كامل منذ الأسابيع الأولى للحرب.

يقول مالكها سعيد زياد عن كيفية توفير الغاز اللازم لتشغيل الآلة وتحميص البُن، إنه غامر بتحويلها للعمل على نار الحطب بدلا عن الغاز.

استخدام الحطب وقودا لآلة تحميص البن ا(الجزيرة)

ولم تنجح مغامرة سعيد، حيث أدى ذلك إلى تعطيل الآلة التي سبق أن اشتراها بـ18 ألف شيكل.

ورغم تعطيل الآلة، لا يبدي سعيد أي ندم على ذلك كما يقول، مضيفا بسخرية باللهجة المحكية "غير ندمان، خلي الشعب يعيش ويشرب قهوة.. حرب وقلة كيف؟!".

ورغم توفير سعيد القهوة للناس، فإنها ليست في متناول أيدي الجميع، حيث تضاعف سعرها أكثر من مرة، ويرجع ذلك إلى التكلفة العالية لتصنيعها.

ويشرح قائلا "تكلفني الأوقية 27 شيكلا وأبيعها بـ 30″، وبحزن يختم  حديثه للجزيرة نت "هذه آخر كمية من البُن، بعد الآن ستكون الحرب بلا قهوة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للجزیرة نت عن الخبز

إقرأ أيضاً:

محافظ المركزي العراقي للجزيرة نت: نراجع باستمرار حذف أصفار الدينار ولا قيود على أرصدتنا بأميركا

بغداد- خفّض البنك المركزي العراقي من الاعتماد على الدولار الأميركي في المعاملات التجارية، وفق ما قال محافظ البنك المركزي العراقي، علي محسن العلاق، مضيفا أن مشروع حذف الأصفار في العراق يحظى بمراجعة ودراسة مستمرتين في البنك.

وتقوم الدول بحذف الأصفار من العملة لإعادة تقويم العملة الوطنية وتبسيط التعاملات المالية، ويحدث هذا عن طريق إزالة عدد محدد من الأصفار من القيمة الاسمية للعملة، مما يجعلها تظهر أقل تضخما وأكثر استقرارا.

وأكد العلاق، في حوار موسع مع الجزيرة نت، أن البنك المركزي استجاب للتحديات الاقتصادية العالمية مثل ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام، من خلال تعديل بعض السياسات النقدية بما يتماشى مع الوضع الدولي ولتعزيز الثقة في الدينار العراقي ومنع الانخفاض الحاد في قيمته.

كما أكد أن المركزي العراقي رفع حيازاته من احتياطيات النقد الأجنبي والذهب لتعزيز الوضع المالي والاستقرار المالي للبلاد من أجل تعزيز قدرتها على مواجهة الأزمات الاقتصادية المحتملة، وهذه تفاصيل الحوار:

ما الخطوات التي اتخذتموها لمعالجة أزمة ارتفاع الدولار مقابل الدينار العراقي وتقليص الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء؟

أنشأ البنك المركزي العراقي آليات جديدة لتغطية حسابات المصارف المحلية لدى مرسليها بالعملات الأخرى (اليوان الصيني والروبية الهندية واليورو والدرهم الإماراتي) إلى جانب الدولار، ما قلل من الاعتماد على العملة الأميركية في المعاملات التجارية الخاصة بزبائن هذه المصارف، مع سعي البنك المركزي إلى سحب السيولة الفائضة في الاقتصاد التي تضغط على سعر الصرف والمحافظة على عدم نمو العملة المصدرة بشكل غير مرغوب.

ما وضع الاحتياطات الأجنبية للبلاد؟

احتياطيات النقد الأجنبي هي الأداة التي تستخدمها كافة البنوك المركزية للمحافظة على استقرار سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، فضلا عن الحد من التعرض للأزمات الخارجية عن طريق الحفاظ على السيولة بالعملة الأجنبية لامتصاص الصدمات في أوقات الأزمات.

ويتمتع البنك المركزي العراقي بمستوى احتياطيات يمكنه من تحقيق هذا الاستقرار ويوفر له المرونة الكافية لتلبية الطلب على العملات الأجنبية لتلبية متطلبات ميزان المدفوعات والالتزامات الأخرى.

ووفقا لأحدث البيانات الخاصة بمستوى كفاية الاحتياطيات الأجنبية، فإن الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي العراقي تغطي ما نسبته 83.62% من عرض النقد بمفهومه الواسع أي بما يغطي تكلفة استيراد 15 شهرا، في حين أن النسبة المعيارية العالمية هي 20% تغطي استيراد 6 أشهر.

ورغم ذلك تواجه إدارة الاحتياطيات الأجنبية تحديات عالمية ومحلية طبقا للطبيعة الاقتصادية لكل دولة والظروف الاقتصادية والجيوسياسية التي تمر بها.

العلاق: أنشطة المصارف مستمرة وفق السياقات المعمول بها وبكافة العملات عدا الدولار  (الجزيرة)

 

ما أبرز إسهامات البنك المركزي العراقي في دعم الاقتصاد العراقي؟

استجاب البنك المركزي للتحديات الاقتصادية العالمية، مثل ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام، من خلال تعديل بعض السياسات النقدية بما يتماشى مع الوضع الدولي ولتعزيز الثقة في الدينار العراقي ومنع الانخفاض الحاد في قيمته، حيث قام البنك المركزي برفع أسعار الفائدة لمواجهة ضغوط التضخم الناتجة عن التغيرات في الأسعار العالمية والطلب المحلي، وإصدار تعليمات جديدة للمصارف العراقية للتحكم في السيولة النقدية.

وقام البنك المركزي العراقي برفع حيازاته من احتياطيات النقد الأجنبي والذهب لتعزيز الوضع المالي والاستقرار المالي للبلاد.

كما أطلق البنك برامج ومبادرات تهدف إلى زيادة الشمول المالي، منها تعزيز انتشار البنوك الرقمية والخدمات المالية عبر الإنترنت، علاوة على مساهمة البنك المركزي العراقي في التنمية المستدامة.
كما أنه لعب دورا مهما في تمويل المشاريع التنمية الاقتصادية والتنموية من خلال توفير قروض ميسرة وبرامج تمويل خاصة تهدف إلى دعم القطاعات الإنتاجية مع الاستمرار في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

هل تأثر القطاع المصرفي في العراق بالعقوبات الأميركية المفروضة على بعض المصارف؟

العقوبات المفروضة على المصارف تتعلق بقرار منع التعامل بالدولار، إذ لم يتم إدراج المصارف ضمن قائمة العقوبات الصادرة من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، بالتالي فإن أنشطة المصارف مستمرة، وفق السياقات المعمول بها وبكافة العملات عدا الدولار.

وفيما يتعلق بوضع القطاع المصرفي العراقي فإنه يعيش حالة من الاستقرار، فالمصارف الحكومية لا تزال تستحوذ تقريبا على 79% من أصول القطاع المصرفي الكلي، مقابل 21% للمصارف الخاصة.

الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي العراقي تغطي ما نسبته 83.62% من عرض النقد (الجزيرة) هل ثمة قيود مفروضة على استخدام البنك لأرصدته في الولايات المتحدة؟

لا قيود على أرصدتنا في الولايات المتحدة مع الأخذ بالحسبان تطبيق المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في عمليات التحويل الخارجية.

ما أسباب تدني نسبة استخدام البطاقات المصرفية في العراق مقارنة بدول الجوار؟ وما خطواتكم للتغلب على هذا الوضع؟

ثمة أسباب رئيسية وراء انخفاض استخدام البطاقات المصرفية في العراق، أبرزها تفضيل العديد من العراقيين استخدام النقد في معاملاتهم اليومية نتيجة للعادات والتقاليد السائدة، فضلا عن الانتشار المحدود للخدمات المصرفية، إذ تظل نسبة كبيرة من السكان، خاصة في المناطق الريفية، غير متصلة بالمصارف.

وأخيرا، يلعب نقص الوعي المالي دورا كبيرا في التردد تجاه استخدام البطاقات المصرفية.

ولمواجهة هذه التحديات، نعمل على تحسين البنية التحتية الرقمية وتوسيع نطاقها، وفي هذا السياق، شرع البنك المركزي العراقي في إنشاء شركة وطنية للدفع الإلكتروني لتحفيز القطاعين المصرفي وغير المصرفي والمؤسسات العامة على تطوير هذه البنية.

ويعمل البنك المركزي بالتعاون مع المؤسسات العامة والخاصة على تنظيم حملات توعية تهدف إلى زيادة معرفة الجمهور بفوائد استخدام البطاقات المصرفية ووسائل الدفع الإلكتروني لتعزيز الثقة في النظام المصرفي.

ارتفاع كل من عدد البطاقات المصرفية لعام 2023 إلى 19.75 مليون بطاقة وعدد الحسابات المصرفية إلى 13.3 مليون حساب.

ويركز البنك على تحسين الأمن وزيادة الشفافية، كما أنشأ منصة لإدارة شكاوى الجمهور المتعلقة بالقطاع المالي، مما يساعد في وضع إستراتيجيات لمعالجة أي مشكلات تواجه المؤسسات المالية.

ويعمل على تشجيع الابتكار المالي من خلال دعم تطوير خدمات مثل المحافظ الإلكترونية والتطبيقات المصرفية وفتح مصارف رقمية، كما يعمل حاليا لإطلاق إستراتيجية الشمول المالي الوطنية التي تتضمن حلولا لمعظم هذه التحديات، إلى جانب برامج توعية مالية تستهدف مختلف فئات المجتمع العراقي.

أدى كل ذلك إلى ارتفاع كل من عدد البطاقات المصرفية لعام 2023 إلى 19.75 مليون بطاقة وعدد الحسابات المصرفية إلى 13.3 مليون حساب.

عملية حذف الأصفار من العملة تعني استبدال عملة جديدة بالعملة القديمة بهدف تبسيط العملية الحسابية بين المستهلكين (الجزيرة) إلى أين وصل مشروع البنوك الرقمية؟

أصدر البنك المركزي العراقي ضوابط الترخيص للمصارف الرقمية في العراق خلال شهر مايو/أيار من العام الجاري، وهو بصدد دراسة الطلبات المقدمة في ضوء المتطلبات الخاصة بالمصارف الرقمية، مع الأخذ في الاعتبار المخاطر والمحددات المتعلقة بالمصارف الرقمية خصوصا فيما يتعلق بمخاطر الأمن السيبرانية.

الهدف الأساسي لترخيص المصارف الرقمية مواكبة التطورات في البيئة المصرفية، فضلا عن توفير التنوع في تقديم الخدمات المصرفية في ظل التقدم التكنولوجي الذي يسهم في تعزيز الشمول المالي من خلال تسهيل وصول الزبائن إلى الخدمات المصرفية.

في ضوء قول صندوق النقد الدولي إن الاختلالات الداخلية في العراق تفاقمت بسبب التوسع المالي الكبير وانخفاض النفط.. كيف تنظرون إلى مطالبه بتصحيح الأوضاع المالية؟

من الطبيعي أن يؤدي اعتماد البلد على المورد الريعي إلى تحمل تكاليف الصدمات الخارجية التي تعد خارج السيطرة والمتمثلة بصدمات أسعار النفط السلبية، ولأن البلد يحتاج إلى إنفاق أكبر من أي دولة مستقرة نتيجة الظروف التي مر بها خلال عقود من حروب ودمار، مما يتطلب زيادة الإنفاق على البنى التحتية التي تعد الركيزة الأساسية للتحول نحو التنويع الاقتصادي.

كل ذلك أدى إلى ضغط على إمكانيات المالية العامة لا سيما جانب الإيرادات وبالتالي اللجوء إلى الاستدانة، لذا نتفق مع صندوق النقد الدولي فيما يخص إصلاح أوضاع المالية العامة، وما لهذا من آثار إيجابية تدعم استقلالية السياسة النقدية فيما يخص تحقيق هدفها الأساسي وهو استقرار المستوى العام للأسعار من خلال السيطرة على مناسيب السيولة.

نتفق مع صندوق النقد الدولي فيما يخص إصلاح أوضاع المالية العامة، وما لهذا من آثار إيجابية تدعم استقلالية السياسة النقدية

هل يزعزع حذف أصفار الدينار الوضع المالي بالعراق؟

عملية حذف الأصفار من العملة تعني استبدال عملة جديدة بالعملة القديمة بهدف تبسيط العملية الحسابية بين المستهلكين، وغالبا ما تلجأ إليها الدول التي تعاني من تضخم كبير وتكون قد أصبحت غير قادرة على التعامل بعملات ورقية ذات قيمة ضعيفة جدا.

يعتقد الكثير أن عملية حذف الأصفار هي عملية إصلاح اقتصادي ونقدي ويتم اللجوء إليها في حالات التضخم المرتفع وانهيار العملة مما يخفف الشعور بالانهيار الاقتصادي (عملية وهم نقدي)، إلا أن هذه العملية إذا لم تكن مدعومة بعوامل اقتصادية حقيقية ومصحوبة بإصلاحات جذرية، فإنها تصبح ذات أثر سلبي.

يحظى مشروع حذف الأصفار في العراق بمراجعة ودراسة مستمرة في البنك المركزي العراقي، مع الأخذ بعين الاعتبار وجود حجم عملة مصدرة تجاوزت من 100 تريليون دينار بعد أن كانت 6 تريليونات في عام 2004 الذي يلي العام الذي شهد تبديل العملة التي كانت غير مرغوبة ورديئة من حيث الجودة.

فضلا عن عرض نقد واسع اقترب من 179 تريليون دينار، مما يتطلب كوادر متخصصة لاسيما في عملية الحسابات الدفترية التي ما زالت تعاني منها المصارف الحكومية بسبب الظروف التي مر بها البلد.

العلاق: سداد العراق لكافة ديونه لصندوق النقد الدولي يمكن أن يكون له أثر إيجابي على المدى الطويل  (الجزيرة) كيف سينعكس سداد العراق لكافة ديونه لصندوق النقد الدولي على الوضع الاقتصادي للبلاد ككل؟

إن سداد العراق لكافة ديونه لصندوق النقد الدولي المتراكمة على مدى سنوات نتيجة لبرامج قروض الصندوق لمعالجة التحديات الاقتصادية التي واجهها العراق في السنوات السابقة، يمكن أن يكون له أثر إيجابي على المدى الطويل من خلال تعزيز الائتمان وتحسين الاستدامة المالية، فضلا عن انعكاساته على الوضع الاقتصادي للبلاد من خلال:

تحسين الثقة الاقتصادية والتصنيف الائتماني للعراق والحصول على تمويل بشروط أفضل في المستقبل. تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب والمحليين في قدرة الحكومة العراقية على الوفاء بالتزاماتها المالية. تحقيق استقلالية أكبر للسيادة الاقتصادية العراقية مما يجعل البلد أقل عرضة للضغوط والتدخلات الخارجية في سياساته الاقتصادية. تخفيف الضغوط المالية وتقليل الأعباء المالية والتي تخفف من الضغط على الميزانية العامة. توجيه الموارد المالية نحو مشاريع البنية التحتية والتنمية الاقتصادية وتحسين القدرة على تمويل المشاريع التنموية. تخفيف الضغط على الاحتياطيات الأجنبية مما يؤثر إيجابا على استقرار العملة وقدرة البلاد على تغطية استيراداتها والحفاظ على الاستقرار المالي والإقتصادي. أين وصلت إجراءات البنك المركزي العراقي لتوطين رواتب موظفي إقليم كردستان العراق؟

نود أن نبين أن هذا البنك اتخذ الإجراءات اللازمة لإتمام عملية توطين رواتب موظفي إقليم كردستان العراق من حيث تزويد المحكمة الاتحادية بقائمة المصارف المرخصة من قبل هذا البنك والعاملة في الإقليم، وتوفير البنية التحتية وأنظمة الدفع الإلكتروني التي تسند عمليات توطين الرواتب في الإقليم والذي يوضح ضوابط فتح الحساب المصرفي واعتماد التوقيع الإلكتروني لذات الغرض.

مقالات مشابهة

  • صنعاء : إضراب شامل في أحد أسواق الجملة بصنعاء رفضاً للجبايات
  • صنعاء.. إضراب واسع لتجار الجملة في أسواق الملابس والأحذية رفضا لجبايات حوثية
  • الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدي الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز
  • صيادو غزة يبحثون عن قوت يومهم تحت النيران الاسرائيلية
  • محافظ المركزي العراقي للجزيرة نت: نراجع باستمرار حذف أصفار الدينار ولا قيود على أرصدتنا بأميركا
  • الداخلية تضبط 7 أطنان دقيق مدعم خلال حملات تموينية مكبرة
  • اضطراب أسواق الذهب في مصر: انخفاض جديد وسط ترقب عالمي للتقلبات الاقتصادية
  • خبراء للجزيرة نت: لبنان مقبل على حرب مفتوحة دون اجتياح
  • جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة وجهاز تنمية المشروعات يفتتحان أسواق للتصدير لإفريقيا
  • «المنتدى الإقليمي للبيانات» يناقش تشكيل أسواق العمل