أنشودة الحصار للشاعر أيمن أبو الشعر
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
رؤى استشرافية مذهلة انطلقت من حصار النازيين للينينغراد، ولم يكن صدفة أن يشبه الرئيس بوتن حصار غزة بحصار لينينغراد
استشراف المستقبل أو استقراؤه ليس حالة ميتافيزيقية كما لدى العرافين، بل هو قراءة للتاريخ بموضوعية، واستخلاص عبره ودروسه وحتى بعض أسراره، خاصة إن انطلق من حدث تاريخي مشهود كحصار لينينغراد، وحين يكون صاحب هذه الرؤى شاعر ينطلق من أرضية واقعية علمية عبر نتاجاته التي تخطت حتى الآن ثلاثين مؤلفا في مجالات الشعر والقصة والمسرح والدراسات والترجمة.
نقول ذلك بثقة لأن التاريخ نفسه يحدد هذه الملامح، فقد كتب الشاعر أيمن أبو الشعر قصيدته أنشودة الحصار مستلهما أحداث حصار لينينغراد، ثم ضاعت زمنا ليضمها فيما بعد -حين عثر عليها بين أوراقه مؤخرا- إلى مجموعته "تغريبه أهل الشام". ويقول أيمن أبو الشعر لروسيا اليوم أن قصيدته هذه مستلهمة بالفعل من الصمود الأسطوري الذي أبدته مدينة لينينغراد البطلة إبان الغزو النازي. والرائع في الأمر أن القصيدة باتت تعبيرا مجسدا لحصار بيروت بداية الثمانينات، حيث نشرها الشاعر ملحنة ومغناة آنذاك. وهي اليوم تعبير عن واقع غزة فالآلام البشرية واحدة سواء في لينينغراد أو في بيروت أو في غزة، وسواء أكانت تعبيرا عن معاناة في زمن بعيد أو قريب وآخر يمكن أن يحدث في المستقبل.
الجديد والجميل أن المطربة الفنانة لانا هابراتسو التقطت هذه المؤشرات النبيهة والحساسة جدا في تحويل هذه القصيدة إلى أنشودة مغناة في هذا الوقت بالذات، حيث تعيش غزة ما عايشته لينينغراد في الحرب الوطنية العظمى، وبيروت بداية الثمانينات، وتجاوب مع هذه الفكرة الملحن المبدع معن دوارة الذي تقمص روح الشاعر في رؤاه هذه، وأعطى القصيدة لحنا مميزا يحمل البعد الإنساني الذي يبرز طبع التحدي لانتصار الحياة على الموت، ما يعني أن رسالة الشاعر قد وصلت عبر إبداع مكثف ثلاثي من الشاعر أيمن أبو الشعر نفسه والملحن معن دوارة والمطربة لانا هابراتسو، وسيبقى هذا النشيد تعبيرا عن صمود البشر وانتصارهم على الموت والفناء في أي بقعة من العالم على الرغم من كل الخراب والدمار كما تقول نهايتها " من كوة الخراب والدمار سيصمد البشر" نعم لأن الحجارة والجدران تنهار بالقذائف، لكن الذين صمدوا في لينينغراد التي دمرها النازيون بكاملها تقريبا هم البشر الذين كانوا أصلب من البيتون المسلح، كما هو الحال في حصار بيروت عام 1982 وحصار غزة المتكرر في السنوات الأخيرة! ورغم أن النشيد قصير نسبيا إلا أنه يكثف التجربة الإنسانية المديدة عبر القرون، والتي خطها صمود لينينغراد التي استلهم منها الشاعر نشيده، حيث كان من أكثر الحصارات في التاريخ قسوة وإرهاقا بحشود عسكرية ألمانية بلغت ثلاثة ملايين عسكري، ولم يكن صدفة أن يشبه الرئيس الروسي بوتين الحصار الإسرائيلي على غزة بحصار النازيين لمدينة لينينغراد السوفييتية إبان الحرب العالمية الثانية.
وإليكم هنا نشيد الحصار بكلمات الشاعر أيمن أبو الشعر (نصا)، ومن الفنان معن دوّارة لحنا، ومن المطربة لانا هابراتسو أداء. إنه حقا نشيد انتصار الحياة على الموت، ونشيد مجد صمود البشر! وموقع روسيا اليوم يتوجه بالتحية لهذا الثلاثي المبدع الملتزم بقضايا الإنسان والحب، والنضال في سبيل غد أفضل.
نعم من كوة الخراب والدمار سيصمد البشر!
أغنية الحصار
فلتزحفِ الحراشفْ
لن يرحلَ النَهرْ
ولتمحَقِ الزواحفْ
القمحَ والزَهَرْ
لن يشردَ الغمامُ عن مواسِمِ المَطرْ
لم يبقَ للنظرْ
ظلٌّ سوى الحُفَرْ
قذائفٌ قذائفٌ
لم يبقَ في الشجَرْ
غصنٌ ولا ثمَرْ
قذائفٌ قذائفٌ
ولم تزلْ دماؤُنا منابعَ النهَرْ
لن يرحلَ النهرْ
فليفهَمِ الحِصارْ
لو هدَّ ألفَ دارْ
لو فتَّتَ البيوتْ
حجراً على حجَرْ
لن يسقطَ النهارْ
من كوةِ الخرابِ والدمارْ
سيصمدُ البشرْ
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الحرب على غزة حصار لينينغراد قطاع غزة أیمن أبو الشعر
إقرأ أيضاً:
الطلب على الشوكولا يهدد حشرة مميزة
يقود حب البشر للشوكولا، إلى أزمة غير متوقعة، حيث قد يؤدي لنهاية خنفساء عملاقة، هي الأكبر من نوعها على وجه الأرض، ما يضر بشكل كبير بالبيئة وينعكس على المحاصيل وغيرها من حلقات الطبيعة التي تزيد الأمر سوءاً لبني البشر.
وخنفساء "غالوت"، وهي حشرة معروفة بحجمها الهائل وقشرتها قزحية اللون، كانت تزدهر في الغابات المطيرة الكثيفة، والتي تتدمر الآن لمزارع الكاكاو المترامية الأطراف، وفق "إنترستينغ إنجينيرينغ".
ويقول لوكا لويزيلي، عالم البيئة الذي لديه عقود من الخبرة في التنوع البيولوجي في غرب إفريقيا، إن 80 % من هذه الحشرة Goliathus cacicus موجودة في كوت ديفوار انخفضت بسبب تدمير الموائل، وفي الوقت نفسه، عانت Goliathus regius بنسبة 40 % في موطنها الطبيعي.
وهذه الخنفساء يمكن أن تنمو حتى 110 ملم، وتلعب دورا حاسماً في الطبيعة، وهناك 5 أنواع مختلفة، الذكور لها قرون على شكل حرف Y، والإناث بلا قرون. وتتغذى يرقاتها على نفايات النباتات وأحياناً على اللحوم، وبذلك، تساعد في تحليل المواد الميتة، ما يحسن صحة التربة ويدعم أشكال الحياة الأخرى، وتعتمد الخنافس البالغة على نسغ الأشجار في الغابات المطيرة الاستوائية، ويمكن رصدها في دول مثل سيراليون، وليبيريا، وكوت ديفوار، وغانا، ونيجيريا، والكاميرون.
ويعتبر العلماء أيضًا هذه الخنفساء العملاقة مؤشراً بيئياً جيداً، ويقولون إن انخفاض أعدادها غالبا ما يشير إلى أن النظام البيئي تحت الضغط.
ولطالما كانت غرب إفريقيا مركز صناعة الكاكاو العالمية، حيث ساهمت بأكثر من 70% من إمدادات الشوكولا في العالم، غير أنها تدمر هذه الحشرة المذهلة.
كما ساهم افتتان البشر بجمع الحشرات النادرة بشكل كبير في تضاؤل أعدادها، وبسبب ندرة هذه الخنفساء ومظهرها المميز جدا، غالباً ما يصطادها جامعو الحشرات أو يقتلونها لجمعها أو بيعها في الأسواق الدولية أو الأسواق مثل eBay، وFacebook. وبينما لا تزال أنواع أخرى من الخنافس العملاقة، بما في ذلك Goliathus goliatus، شائعة، يخشى الخبراء أن تؤدي مثل هذه الأنشطة البشرية إلى تأجيج أزمة انخفاض أعدادها عموماً.