ألقى فضيلة الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي خطبة الجمعة بالمسجد الحرام اليوم، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه، وتجنب مساخطه ومناهيه.
وقال فضيلته: إن الحكمة سمة من سمات الأنبياء والصّالحين، والعلماء العاملين، بعث الله بها رسله، وأقام عليها كونه وشرعه، وهي نعمة عظيمة، ذكَّر الله بها عباده، ألا وهي الحكمة، قال عز وجلَّ: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّه عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَة يَعِظُكُمْ بِهِ}، مشيرًا إلى أن الحكمة هي وضع الأمور في مواضعها اللائقة بها، وتكون بالعلم النافع والعمل الصالح، ومعرفة مقاصد الشرائع، وهي تسود بصاحبها، وتكسوه ثوب الوقار، وتحفظه عما يورث الخزي والعار.

وأعظم الناس حكمة الأنبياء والرسل؛ لما اختصهم الله به من الفضل في حمل الرسالة، وإبلاغ الدعوة.. قال سبحانه عن نبينا صلى الله عليه وسلم: {وَأَنْزَلَ اللَّه عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَة وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّه عَلَيْكَ عَظِيمًا}. فكان صلى الله عليه وسلم أعلم الناس، وأنفع الناس، وأحكم الناس.. فسيرته العطرة كلها عين الحكمة، في أقواله وأفعاله وسمته {هُو الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِه وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَة وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}. فأسعَدُ الناس بالحكمة من تعرف على سيرة سيد الأنبياء، وتأسى بهديه، واتبع سنته.. فكم في سيرته صلى الله عليه وسلم من مواقف وأحداث، تجلّت فيها حكمته، وسداد رأيه، وحسن مشورته، فتجلت حكمته، سواء مع من استجاب لدعوته، أو مع من خالفه ولم يؤمن به، وهكذا تكون الحكمة، سبباً -بعد الله- في درء الفتنة، وحفظ الأمن واجتماع الكلمة، وقيام مصالح الناس الدنيوية والأخروية. وكم كان لغيابها، واتباع أدعياء الهوى، من مفاسد وأضرار متعدية.
وأشار فضيلته إلى أن من نماذج حكمة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حديث أَنَس بن مالك رضي الله عنه؛ إذ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ الله -صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ- إِذْ جَاءَ أَعْرَابِي فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ، فَصَاحَ بِه النَّاسُ، وفي رواية: فَثَارَ إِلَيْه النَّاسُ ليَقَعُوا بِه (بالضرب ونحوه)، فلما رأى ذلك صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ قال: {دَعُوه وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِه سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ}. ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ الله -صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ- دَعَاه فَقَالَ لَهُ: “إِنَّ هَذِه الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ، وَلَا الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِي لِذِكْرِ الله عَزَّ وَجَلَّ، وَالصَّلَاة وَقِرَاءَة الْقُرْآنِ”. ولقد كان هذا الخلق النبيل من النبي صلى الله عليه وسلم جانباً من جوانب حكمته، ورفقه ورحمته، التي أسر بها قلوب من حوله، على اختلاف طبائعهم، وتنوّع مشاربهم؛ فالرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، وإن الله تعالى يُعطي على الرفق ما لا يُعطي على العنف.
وأكد فضيلته أن الحاجة تزداد إلى الحكمة في تعاملاتنا اليومية، خاصة بين الزوجين؛ لاستمرار المودة والرحمة. وفي تعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أزواجه، وصبره وحلمه، وتغاضيه وحسن تصرفه، ما هو حري بالمؤمن أن يتأمله.
والمشورة من الحكمة؛ لما فيها من التماس الرأي السديد، والعمل الرشيد.. وقد أمر الله تعالى بها نبيه، فكان صلى الله عليه وسلم كثير المشورة لمن حوله، وهو نبي الله ورسوله، أوفر الناس عقلاً، وأسدهم رأيًا.. ففي صلح الحديبية غضب الصحابة رضي الله عنهم ظناً منهم أنهم بُخسوا حقهم، حتى جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه رَسُولَ الله -صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ؟ قَالَ: «بَلَى»، قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّة وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: «بَلَى»، قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّة فِي دِينِنَا، وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ الله بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟ فَقَالَ: “يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنِّي رَسُولُ الله وَلَنْ يُضَيِّعَنِي الله أَبَدًا”، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ الله -صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ- مِنْ قَضِيَّة الْكِتَابِ، قَالَ لِأصحابِهِ: “قُومُوا، فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا”، قَالَ: فَوَالله مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ، حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، قَامَ، فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِي مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ؟ اخْرُجْ، ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُو حَالِقَكَ، فَيَحْلِقَكَ. فَقَامَ، فَخَرَجَ، فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ: نَحَرَ هَدْيَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ. فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا. رواه الإمام أحمد في مسنده. فكان رأي أم سلمة رضي الله عنها رأياً موفقاً ومشورة مباركة.
وأضاف الدكتور المعيقلي بأن الحكمة ضالة المؤمن، أنَّى وجدها فهو أحق بها، وإن من علاماتها أن يبتغي المرء الرشد في تصرفاته، ويبدأ بالأهم فالأهم، ويأخذ بالأولى فالأولى، فإذا تعارضت مصلحتان، عامة وخاصة، قدم العامة على الخاصة، وإذا ترتب على تصرفه مصلحة ومفسدة، قدم ما فيه درء المفسدة على جلب المصلحة. والحكيم لا يدخل في أمر حتى ينظر في عواقبه. ومن الحكمة: أن يصمت المرء حين يكون الصمت أفضل، ويتكلم حين يكون الكلام أفضل “فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت”.
ألا فليتق الله من يبثون أسباب النزاع والفرقة في الشبكات الاجتماعية، خلف أسماء وهمية، فالله مطلع عليهم، عالم بما كتبت أيديهم، وبما تخفي صدورهم.
ومن الحكمة مخاطبة الناس بما تحتمل عقولهم ومداركهم، ومراعاة تنوع ثقافتهم، قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: “ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة”، فاتقوا الله عباد الله، وتحلوا بالحكمة في سائر الأحوال، فإنها من أعظم النوال، واطلبوها من مظانها، واسألوا الله المزيد منها.
وأفاد إمام وخطيب المسجد الحرام بأن من الحكمة ما هو محض هبة من الله تعالى، يؤتيها من يشاء من عباده، ومنها ما هو مكتسب، فإنما العلم بالتعلّم، والحلم بالتحلّم، والصبر بالتصبّر، فيرزقها الله تعالى لمن بذل أسباب تحصيلها، وتوفرت فيه أركانها، ولا يكون ذلك إلا بسؤالها من مالكها، سبحانه جل شأنه، وتقدست أسماؤه.
ومن أسباب كسب الحكمة: الإخلاص والتقوى، ومخافة الله جلَّ وعلا؛ فمن خاف الله انتظمت حياته، وصلحت سريرته وعلانيته.
وأهل البدع والأهواء محرومون من الحكمة؛ لأن الهوى يعمي ويصم.
ومنزلة الحلم والأناة من الحكمة كمنزلة الرأس من الجسد.
وإن من الحكمة التغافل عن أخطاء الناس وزلاتهم، وذكر محاسنهم ومَواطن الخير فيهم.
والتجارب تنمي المواهب، وتجعل العاقل حكيمًا، وتزيد الحليم حلماً.
* وفي المدنية المنورة أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي المسلمين بتقوى الله تعالى بأداء حقوقه بالقيام بحقوق خلقه؛ فالفوز لمن اتقى؛ قال جل من قائل {وَمَن يَتَّقِ اللَّه يَجْعَل لَّه مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْه مِنْ حيث لَا يَحْتَسِبُ. وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه فَهُو حَسْبُه}.
وقال فضيلته: إن سعادة الإنسان وحياته بالقيام بحقوق الله جل وعلا، وبالقيام بحقوق الخلق، وإن شقاوة الإنسان هي بتضييع حقوق الله وحقوق الخلق وظلمهم؛ قال تعالى {وَتِلْكَ الْقُرَى أهلكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا}.
وأوضح فضيلته أن صلاح العالم يعود إلى الإيمان والعلم النافع والعمل الصالح والعدل.. مشيرًا إلى أن الله شرع الشرائع وأحل الحلال وحرّم الحرام وفصّل الواجبات وبيّن الحقوق، وألزم بها من أجل حماية الإنسان وإصلاح الإنسان، وحمايته من الظلم الذي يدمر الحياة، ويسعد في حياته وبعد مماته.
وتابع إمام وخطيب المسجد النبوي: الله تعالى أوجب التعاون على الخير، والتراحم والتعاطف ونصرة المظلوم، وبذل الخير، وكف الشر والأذى.. ففي الحديث عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”. وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ- قَالَ: “المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُه وَلاَ يُسْلِمُهُ. وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَة أَخِيه كَانَ اللَّه فِي حَاجَتِهِ. وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّه عَنْه كُرْبَة مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ. وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَه اللَّه يَوْمَ القِيَامَةِ”.
وحث فضيلته على نصرة المستضعفين في غزة من الأطفال والنساء والشيوخ بالدعاء والغذاء والدواء، وبالمال والكساء، وسد حاجتهم وتنفيس ما بهم من كرب، ومواساتهم.
وأضاف إمام وخطيب المسجد النبوي بأن التاريخ سيذكر لقيادة المملكة عقد قمة عربية إسلامية لبحث أوضاع غزة، اتخذت فيها قرارات تدين العدوان على العُزل من أهل غزة، ووجوب إيقاف هذه الحرب الظالمة على غزة، مذكراً بأن المملكة فتحت باب المساعدات والتبرعات نصرة للقضية الفلسطينية، ووقوفاً مع المظلومين.
وبيّن أن أهل فلسطين ليس لهم إلا الله وأمة الإسلام، مشيرًا إلى أن حقوق المسلمين لا يحفظها إلا تقوى الله والإيمان به؛ قال تعالى {إِنَّ اللَّه مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}، فمن كان الله معه لا يُخاف عليه. ولا يحفظ من شرور الأعداء إلا الصبر وتقوى الله تعالى.
وفي الخطبة الثانية أكد إمام وخطيب المسجد النبوي أن الاختلاف والتفرق ضرر وضعف على الدين والأوطان، والاجتماع قوة وعزة.
واختتم الشيخ الحذيفي الخطبة بالتذكير بأن سُنة الله في الخلق أن الله ينصر الحق من الظالمين.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية إمام وخطیب المسجد النبوی صلى الله علیه وسلم ى الله ع ل ی ه و س ل الله تعالى من الحکمة رضی الله الله م ی الله الله ب إلى أن

إقرأ أيضاً:

«واشنطن بوست»: أغنى رجل في العالم أصبح «الصديق الأول» لـ«ترامب».. ماسك يجب أن يكون أينما يكون الرئيس المنتخب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

منذ صعود الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى السلطة، ظلت القواعد غير الرسمية التى تحكم ناديه الخاص دون تغيير، ومؤخرا، انضم رجل آخر إلى هذا النادى وهو إيلون ماسك، الملياردير الأمريكي، ومؤسس شركة سبيس إكس، ورئيس شركة تيسلا، ومالك موقع تويتر الذى تحول إلى إكس ــ والآن، أحد أتباع ترامب والمقربين منه.

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أنه بعد العشاء فى منتجع "مار إيه لاغو" السبت الماضي، وقف ماسك لمغادرة الطاولة التى كان يتناول عليها العشاء مع ترامب، وصفق له ضيوف النادى قبل أن يقفوا لتحيته هو وابنه الصغير، الذى قدمه لأحدهم باسم "بيبى إكس".
لا غنى عنه

وأيد ماسك، ترامب رسميًا قبل أقل من أربعة أشهر من يوم الانتخابات، لكنه عمل بسرعة على جعل نفسه لا غنى عنه منذ ذلك الحين، حيث تبرع بما لا يقل عن ١١٨.٥ مليون دولار لمجموعة أمريكا باك، وهى مجموعة عملت بشكل وثيق مع حملة ترامب لجذب الناخبين ذوى الميول المنخفضة، وانغمس فى تفاصيل المجموعة.

كما قام ماسك شخصيًا بحملة لصالح ترامب فى جميع أنحاء بنسلفانيا، واستخدم منصة التواصل الاجتماعى "X" للترويج للمرشح الجمهوري.

وفى الأسابيع الأخيرة من السباق الرئاسي، أصبح إيلون ماسك بديلًا مهمًا لترامب، والآن خلال فترة الانتقال، برز أغنى رجل فى العالم فى كل مكان مع الرئيس المنتخب.

من جانبها؛ قالت كارولين ليفات، المتحدثة باسم ترامب- فانس فى بيان عبر البريد الإلكتروني: "إيلون ماسك والرئيس ترامب صديقان عظيمان وقائدان لامعان يعملان معًا لجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، إيلون ماسك هو قائد أعمال لا يتكرر إلا مرة واحدة فى الجيل، ومن المؤكد أن بيروقراطيتنا الفيدرالية ستستفيد من أفكاره وكفاءته"، بحسب "واشنطن بوست".

ومنذ الانتخابات، استقر ماسك فى منتجع "مار إيه لاغو"، ويظهر بشكل يومى تقريبًا للعب مع ترامب، ولديه قدر ما يريد من النفوذ، وفقًا لشخصين مطلعين.

كان حاضرًا فى كثير من الأحيان خلال الاجتماعات التى كان ترامب وفريقه يناقشون فيها المناصب الوزارية، وانضم إلى بعض اجتماعات ترامب مع المرشحين لشغل مناصب وزارية.

كما شارك ماسك فى مكالمة ترامب الأسبوع الماضى مع الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكي.

وأدى ظهور ماسك كمركز قوة فى فلك ترامب بالفعل إلى دفع الغرباء إلى البحث عن أشخاص مقربين من ماسك يمكنهم الضغط عليه للضغط على ترامب.
إزعاج المستشارين

ولكن ماسك يخاطر بالفعل بتجاوز حدوده، وبدأ بالفعل فى إزعاج بعض مستشارى ترامب والمقربين منه الذين ظلوا فى فلك الرئيس المنتخب لفترة أطول، كما قال أحد المستشارين، فقد انزعج البعض من حضوره الدائم.

فى حين انزعج آخرون من ميل ماسك إلى تقديم ملاحظات حول المرشحين لمناصب مجلس الوزراء وغيرها من المناصب الإدارية، بما فى ذلك فى المجالات التى لا يفهمها تمامًا.

ويشعر آخرون بالانزعاج من علاقاته المستمرة مع عملاء مقربين من حاكم فلوريدا رون ديسانتيس (جمهوري) - وهو منافس لترامب فى الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهورى لعام ٢٠٢٤ والذى تربطه علاقة فاترة ببعض كبار مستشارى ترامب.

بما فى ذلك رئيسة الأركان القادمة سوزى وايلز، التى عملت سابقًا مع ديسانتيس فى فلوريدا. وقد أثارت تفاصيل الأمن الكبيرة الخاصة بماسك استياء البعض.

كما بدأ يتدخل علنًا بطرق أخرى تضعه فى مرتبة أعلى من المكانة التى وضعها ترامب، بما فى ذلك تأييد السيناتور ريك سكوت (جمهورى من فلوريدا) كزعيم للأغلبية فى مجلس الشيوخ - وهى الخطوة التى لم يتخذها ترامب نفسه.

فى يوم الأربعاء، رفض الجمهوريون سكوت وانتخبوا السيناتور جون ثون (جمهورى من ساوث داكوتا) كزعيم للأغلبية فى اقتراع سري.

كما أضاف ماسك صوته علنًا إلى جوقة المحافظين المؤيدين لشعار"MAGA" "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، الذين يطالبون دى سانتيس بتعيين زوجة ابن ترامب، لارا ترامب، فى مقعد مجلس الشيوخ فى فلوريدا.

ومع ذلك، فإن العلاقة بينهما تتسم بالتكافل، كان ماسك متشككًا فى الأصل فى ترامب. ولم يدعمه عندما ترشح للرئاسة لأول مرة فى عام ٢٠١٦، قائلًا إنه يفضل سياسات هيلارى كلينتون ووصف ترامب بأنه "ليس الرجل المناسب" فى الأيام التى سبقت الانتخابات.

وفى العام التالي، استقال من مجلس استشارى حكومى احتجاجًا على قرار ترامب بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ. وحتى خلال دورة الانتخابات هذه، أبقى ماسك ترامب على مسافة فى البداية، وأخبر زملاءه المانحين من المليارديرات أنه يأمل فى مساعدة ترامب فى الفوز بالانتخابات دون أن يصبح مرتبطًا به علنًا.

بدأ ماسك فى التبرع للجنة العمل السياسى المؤيدة لترامب فى أمريكا فى أوائل يوليو، لكنه لم يؤيد ترامب رسميًا حتى بعد وقت قصير من محاولة اغتيال فاشلة.

بالنسبة لترامب، كانت الجاذبية أكثر وضوحا. لطالما كان الرئيس المنتخب مسرورًا عندما يكرمه الأثرياء المؤثرون علنًا، وهو أيضًا من عشاق كبار المسؤولين التنفيذيين الذين ينبهرون بالأفراد الأثرياء الذين لا يحتاجون إلى أى شيء منه.

عودة الحسابات

لقد اكتسب ماسك مصداقية لدى ترامب وجمهوره عندما استولى على تويتر، وأعاد تسميته بـ X، وروج له كمنصة لحرية التعبير المتطرفة وأعاد حسابات المحافظين بما فى ذلك ترامب، الذين تم حظرهم سابقًا.

بالطبع، من المتوقع أن يستفيد ماسك أيضًا. فقد خضعت إمبراطورية ماسك التجارية المترامية الأطراف للتدقيق التنظيمى من قبل إدارة بايدن، مع إجراء تحقيقات فى كل من شركتى تسلا وإكس.

فى اليوم التالى للانتخابات، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعى صورة عائلية لترامب تضم الرئيس المنتخب وأسرته  وماسك.

فى الواقع، نجح ماسك فى إدراج نفسه بسلاسة كشخصية أخرى فى مدار ترامب، وقال أحد الأشخاص الذين يعرفون ماسك: "إنه يراهن بكل قوته على الرئاسة. إنها مسألة تستهلك كل طاقته".

وأضاف ترامب مازحا أنه لن يتمكن من التخلص من ماسك الآن، لأنه يحب أن يكون أينما يكون ترامب.
 

مقالات مشابهة

  • هل يسدد الورثة قيمة القرض عن المؤمن عليه؟.. اعرف الوضع القانوني
  • لماذا يبتلينا الله؟.. الشيخ رمضان عبدالمعز يجيب
  • بالفيديو.. لماذا يبتلينا الله؟.. الشيخ رمضان عبدالمعز يجيب
  • كيف نتهيأ لرؤية النبي في المنام؟.. كثرة الصلاة عليه تُنير القلب (فيديو)
  • كيفية التوبة من تتبع عورات الناس
  • الإفتاء تكشف عن الآداب والضوابط الشرعية لتنظيم معاملات الناس
  • «واشنطن بوست»: أغنى رجل في العالم أصبح «الصديق الأول» لـ«ترامب».. ماسك يجب أن يكون أينما يكون الرئيس المنتخب
  • كيف تصبح متواضعًا؟ 7 خطوات من وصايا الرسول
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • خطبتنا الجمعة من المسجد الحرام