مع عظم التضحيات وتضاعف معاناة سكان قطاع غزة البالغ عددهم أكثر من 2.3 مليون نسمة، جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل، إلا أن الشعب الفلسطيني لم يخف سعادته المنقوصة بقرب تحرير عدد من الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي.

واشترطت المقاومة الفلسطينية في المفاوضات غير المباشرة التي تخوضها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" مع الاحتلال عبر الوسيط القطري والمصري، في أول صفقة لتبادل الأسرى خلال عملية "طوفان الأقصى"، تحرير أقدم الأسيرات من سجون الاحتلال.



وبعد مفاوضات مضنية، نجح الوسطاء في التوصل لهدنة مؤقتة بين المقاومة والاحتلال تستمر 4 أيام، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد 150 من الأسرى الفلسطينيين (أسيرات وأطفال) مقابل إفراج المقاومة على 50 من الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة.




‌ومنذ تولي الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي يتزعمها بنيامين نتنياهو مقاليد الحكم، وخاصة في الأشهر الأخيرة، صعد الاحتلال من عدوانه ضد الأسرى داخل السجون، وعمل على مضاعفة معاناتهم والاعتداء عليهم وسحب إنجازاتهم الإنسانية، بل وصل الأمر إلى استشهاد بعضهم داخل السجون.

فرحة منقوصة

ودائما ما دفعت معاناة الأسرى فصائل المقاومة في غزة وفي مقدمتها "كتائب القسام" الجناح المسلح لحركة "حماس" للتأكيد على عزمها تحريرهم من سجون الاحتلال، وهو الهدف الذي تسعى لتحقيقه بعدما تمكنت من أسر العشرات من جنود وضباط الاحتلال خلال عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 بمشاركة مختلف فصائل المقاومة ومن بينها "سرايا القدس" الجناح المسلح لحركة "الجهاد الإسلامي".

وثمنت عائلة الأسيرة المريضة الأم، إسراء جعابيص، المحكومة بالسجن 11 عاما، وهي من سكان مدينة القدس المحتلة، وتعاني الكثير من الأمراض بسبب الحروق التي تعرضت لها قبيل اعتقالها ورفض الاحتلال علاجها والإفراج عنها رغم المطالبات المتواصلة، موقف المقاومة الفلسطينية المطالب بالإفراج عن الأسيرات من سجون الاحتلال.



وأوضح عم الأسيرة إسراء، الأسير المحرر طلال صياد (53عاما) من سكان جبل الزيتون بالقدس المحتلة، أن "تحرير الأسيرات، ليس فقط مطلب للمقاومة وإنما هو أيضا مطلب شعبي، لأن هؤلاء بناتنا أسيرات لدى الاحتلال، وتحرير الأسيرات هو أولويات النضال الفلسطيني".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "فرحتنا بتحرير الأسيرات هي فرحة منقوصة بهذا الانتصار للوجع الموجود، أولادنا وبناتنا غاليين علينا، ومهرهم غالٍ، مهر حريتهم كان معمد بشلال كبير من دماء الشهداء والجرحى والدمار والقتل والإبادة".

وقال صياد: "نحن لنا الشرف أن بنتنا إسراء ستحرر، وما لقيته من معاناة داخل السجن، هو جزء من معاناة شعبنا بشكل عام، فالصراع مستمر مع الاحتلال الذي يمارس القمع الوحشي والإجرامي بحق أبناء شعبنا".




وأشار إلى أن "الاحتلال لم يقدم للأسيرة خلال الثمانية سنوات التي أمضتها داخل السجون أي علاج مهم للحروق التي تعاني منها، وحاولنا إطلاق سراحها من ناحية إنسانية لعلاجها، لكن الاحتلال تعنت ورفض الإفراج عنها"، مؤكدا أن "الاحتلال يستخدم الأسرى كعقاب لنا، وما يحصل معهم، هو جزء من سياسة الانتقام والعقاب الجماعي الذي يفرضه الاحتلال على الشعب الفلسطيني بشكل عام".

تبييض السجون


ونوه الأسير المحرر، إلى أن "ثقافة المجتمع الإسرائيلي بكل مكوناته، هي ثقافة الانتقام، يقومون بتربية أطفالهم وطلابهم على هذه الثقافة التي أصبحت راسخة لديهم، الكل؛ الكبير والصغير، السياسي والعسكري، وحتى الجامعيين يتحدثون بذات النفس".

وفي ختام حديثه لـ"عربي21"، قال: "نحن نعتز بتحرير إسراء، ونعتز بالصفقة التي أبرمتها المقاومة الفلسطينية، ونرجو أن يتحرر كل الأسرى، وتسعد وتعمر كل  بيوتنا الفرحة، مع التذكير، أن تحرير هؤلاء الأسيرات والأسرى، تعمد بشلالات من دماء أبناء شعبنا، وهو ثمن إطلاق سراحهم".

وذكر صياد، أن "من بين الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم في هذه الصفقة الطفل الأسير ابن أخي، الأسير رائد صياد (16 عاما) المحكوم عليه بالسجن 3 سنوات".




أما الحاجة أمنة عودة سلامة (65عاما)، والدة الأسيرة ميسون موسى، والمحكوم عليه بالسجن مدة 15 عاما، وهي من سكان بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة، بدت متألمة بشكل كبير لما حصل في غزة من مجازر بشعة ارتكبها جيش الاحتلال، رغم فرحتها بإدراج اسم ابنتها الأسيرة ضمن القائمة المتوقع الإفراج عنها من سجون الاحتلال، استجابة لشروط المقاومة الفلسطينية من أجل إبرام صفقة تبادل أولية مع الاحتلال.

وثمنت المسنة الفلسطينية إصرار المقاومة على تحرير الأسيرات الفلسطينيين من سجون الاحتلال، وتشديدها على أن تكون هذه هي الخطوة الأولى على طريق تحرير كافة الأسرى، وقالت: "ربنا يهون الأمور على الجميع، ماذا سنطلب زيادة عن هذا؟، نطلب من الله التوفيق".

وأعربت في حديثها لـ"عربي21"، عن أملها الكبير أن "يجمع شمل العائلات الفلسطينية جميعها"، مطالبة بـ"تحرير كافة الأسرى وتبييض السجون".

وفي رسالتها لمن بقي في السجون الإسرائيلية من الأسرى، قالت: "عليكم بالصبر والتوكل على الله، ثقتنا بالله كبير، الرحمن لا ينسى أحد".



وحول ما يجري في غزة أضافت: "أنا لا تجف دمعتي مما أشاهده على التلفزيون، أبقى حتى وجه الصباح أتابع ما يجري، من خبر إلى خبر، كلها أخبار مؤلمة، قتل ودمار، شهداء وجرحى، هناك تضحيات كبيرة لا توصف قدمتها غزة، والأمر المثير، أن الكل يقول الحمد لله؛ الكبير والصغير، الأم يستشهد لها 5 أو 6 من عائلاتها وتقول الحمد لله، شعبنا لا مثيل له، وننتظر بفارغ الصبر تبيض السجون".

وارتفع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي المتواصل، لأكثر من 14854 شهيدا؛ بينهم 6150 طفلا وأكثر من 4000 سيدة،  والجرحى لأكثر من 36 ألف إصابة بجروح مختلفة، بحسب آخر إحصائية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة وصلت "عربي21"، حيث أكد أن جرائم الاحتلال أدت إلى إبادة عائلات فلسطينية بأكملها، وبلغ عدد المجازر 1400 مجزرة، إضافة إلى وجود أكثر من 7000 بلاغ عن مفقودين.

وفجر السبت 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أعلنت كتائب عز الدين القسام،  الجناح المسلح لحركة "حماس" بدء عملية عسكرية أطلقت عليها "طوفان الأقصى" بمشاركة فصائل فلسطينية أخرى، ردا على اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى، وبدأت العملية الفلسطينية ضد الاحتلال عبر "ضربة أولى استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية للعدو".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة الأسرى الاحتلال حماس حماس غزة الأسرى الاحتلال الهدنة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة الفلسطینیة من سجون الاحتلال تحریر الأسیرات من الأسرى

إقرأ أيضاً:

المقاومة بالسكاكين.. الفصائل الفلسطينية تفاجئ الاحتلال بعمليات نوعية مؤلمة

قتل جندي طعنا بالسكين والاستيلاء على سلاحه وإلقاء قنابل يدوية داخل دبابة

طعن ضابط إسرائيلي و3 جنود واغتنام أسلحتهم

الإجهاز على قناص ومساعده من المسافة صفر

تنفيذ أول "عملية استشهادية" في غزة منذ 20 عامًا

الرؤية- غرفة الأخبار

بعد 442 يوماً من الحرب الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غزة، لا تزال فصائل المُقاومة الفلسطينية تلقن الاحتلال دروسًا قاسية عبر تنفيذ العديد من العمليات النوعية والكمائن المركبة التي توقع جنود الاحتلال بين قتيل وجريح وتدمر آلياته العسكرية.

يأتي ذلك في الوقت الذي تشن فيه إسرائيل حملة عسكرية مُوسعة على شمال القطاع منذ أكتوبر الماضي، دمرت فيه كل ما تبقى من مظاهر الحياة، وفرضت حصارا مشددا لإجبار السكان على النزوح، كما استهدفت المستشفيات ومراكز الإيواء.

ولقد فاجأت الفصائل الفلسطينية إسرائيل في الأيام الأخيرة بتنفيذ عمليات نوعية مركبة أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من جنود وضباط الاحتلال الإسرائيلي.

وفي الثامن عشر من ديسمبر الجاري، أعلنت كتائب القسام أن أحد مُقاتليها تمكن من الإجهاز على جندي إسرائيلي بجوار دبابة "ميركافا" والاستيلاء على سلاحه، وإلقاء قنبلتين يدويتين داخل الدبابة، وذلك غرب مدينة بيت لاهيا بشمال قطاع غزة.

وفي اليوم التالي، تمكن أحد مقاتلي كتائب القسام من طعن ضابط إسرائيلي و3 جنود من نقطة الصفر والإجهاز عليهم واغتنام أسلحتهم الشخصية في مُخيم جباليا في شمال غزة.

وفي يوم 20 ديسمبر، نفذت الكتائب عملية أمنية معقدة، إذ تمكن عدد مقاتل من القسام من الإجهاز على قناص صهيوني ومساعده من مسافة صفر في مخيم جباليا شمال القطاع، وبعد ساعة من الحدث، تنكر القساميّ مرتدياً لباس جنود الاحتلال، واستطاع الوصول لقوة إسرائيلية مكونة من 6 جنود وتفجير نفسه فيهم بحزام ناسف وإيقاعهم بين قتيل وجريح.

وبالأمس، قالت كتائب القسام: "في عملية مركبة، تمكن مجاهدو القسام من الإجهاز على 3 جنود صهاينة طعناً بالسكاكين واغتنموا سلاحهم الشخصي، ثم اقتحموا منزلاً تحصنت به قوة راجلة وأجهزوا على جنديين من أفرادها عند بوابة المنزل، واشتبكوا مع الآخرين من مسافة صفر وسط مخيم جباليا شمال القطاع".

وفي نفس اليوم، تمكن عدد من مقاتلي القسام من إلقاء قنابل يدولية إسرائيلية الصنع صوب جنود بجوار ناقلة جند، مؤكدة: "أوقعناهم بين قتيل وجريح وسط مخيم جباليا".

وتعليقاً على هذه العمليات، قال المحلل الفلسطيني سعيد زياد، إن الأيام الماضية شهدت تنفيذ أول عملية استشهادية في قطاع غزة بحزام ناسف منذ منذ عشرين عاما، مضيفا: "هذه العملية لها دلالات عظيمة، أولها حالة الاستبسال منقطعة النظير، والالتحام غير المسبوق بين العدو والمقاتلين".

وأوضح في تصريحات تليفزيونية: "توقيت العملية مهم جدا، لأنها جاءت في خضم السياق التفاوضي، وتكتيكها الذي يعيدنا إلى زمن عمليات يحيى عياش، والوسيلة المتمثلة بالحزام الناسف، كلها سيكون لها تأثيرات كبيرة على السياق التفاوضي وشكل الحرب ونهايتها، بل سيمتد تأثيرها إلى شكل الصراع بأسره".

وفي سياق آخر، طالبت عائلات الأسرى الإسرائيليين بغزة بإنهاء الحرب على قطاع غزة، مطالبة حكومة الاحتلال بالتوصل لاتفاق الآن يضمن الإفراج عن جميع الأسرى.

وقالوا في بيان: "علينا إنهاء الحرب من أجل ضمان عودة المختطفين الآن، إنهاء الحرب ليس إخفاقا وليس ثمنا والأهم عودة أبنائنا المختطفين، كما نطالب الرئيس ترمب بالضغط لإبرام صفقة شاملة فالأسرى لن يصمدوا حتى الشهر المقبل..  ونتنياهو وزمرته ضللوا الشعب من أجل إحباط الصفقة، كفى ضغطا عسكرياً يقتل المختطفين بدلا من إعادتهم".

مقالات مشابهة

  • “السنوار 2”.. من هو الأسير الذي يخشى الاحتلال إطلاق سراحه؟
  • عمليات نوعية للمقاومة الفلسطينية شمال غزة تُكبّد الاحتلال خسائر فادحة في الأرواح والعتاد
  • هيئة شؤون الأسرى ترصد معانا الأسيرات الفلسطينيات في سجن «الدامون» الإسرائيلي
  • "الخارجية الفلسطينية" تحمل مجلس الأمن المسؤولية عن الفشل في وقف حرب الإبادة بغزة
  • السنوار 2.. من هو الأسير الذي يخشى الاحتلال إطلاق سراحه؟
  • المقاومة بالسكاكين.. الفصائل الفلسطينية تفاجئ الاحتلال بعمليات نوعية مؤلمة
  • مقتل 5 من جنود الاحتلال على يد المقاومة الفلسطينية في جباليا
  • المقاومة: وقف إطلاق النار بغزة أقرب من أي وقت مضى
  • خبير عسكري: جباليا معركة مصيرية وأول عملية استشهادية للمقاومة منذ 2002
  • معاناة مضاعفة لعائلات الأسرى الأشقاء في سجون الاحتلال