تتكشف لحظة بعد أخرى الجرائم البشعة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي وحكومته المتطرفة بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذين يتعرضون لعدوان بربري بشع منذ نحو 50 يوما على التوالي، بالتزامن مع دخول الهدنة الإنسانية حيز التنفيذ.

وعملت طائرات الاحتلال خلال العدوان الإسرائيلي، على تدمير كافة مظاهر الحياة في القطاع المحاصر منذ 17 عاما، وارتكاب نحو 1400 مجزرة بحق أبناء الشعب الفلسطيني، ما أدى إلى ارتفاع عدد شهداء لأكثر من 14854 شهيدا؛ بينهم 6150 طفلا وأكثر من 4000 سيدة، والجرحى لأكثر من 36 ألف إصابة بجروح مختلفة، بحسب آخر إحصائية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة وصلت "عربي21"، إضافة إلى وجود أكثر من 7000 بلاغ عن مفقودين معظمهم من الأطفال.



نزوح واختطاف
ونفذ الاحتلال تدميرا ممنهجا لمنازل المواطنين وكل ما يمتلكون، إضافة إلى استهداف الأطقم الطبية والمستشفيات وسيارات الإسعاف والمساجد والصحفيين والدفاع المدني، في سلوك يتنافى مع كافة القوانين والأعراف الدولية، والذي يرقى لجرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولي، في حين، لم يسلم الكثير من النازحين من شمال القطاع نحو جنوبه، من الإعدام الميداني والاعتقال والتنكيل بهم.

واضطرت عائلة "محمد العكة"، التي تقيم في حي الزيتون وسط مدينة غزة، إلى النزوح عقب كثافة القصف الصاروخي وزيادة تساقط قذائف المدفعية الإسرائيلية نحو منازل المواطنين ومدرسة "الفلاح" التابعة لوكالة "الأونروا"، والتي تقع بالقرب من سكنهم.


و"بعد استهداف المدرسة بشكل مباشر وارتكاب الاحتلال مجزرة بشعة بحق النازحين فيها، قررنا التوجه نحو جنوب القطاع على دفعتين، خاصة بعد قصف طائرات الاحتلال الحي الذي نسكن فيه بصواريخ كبيرة وشديدة التفجير والتدمير"، يقول عدي، وهو ابن المختطف محمد رشيد سعيد العكة (42 عاما).

وذكر في حديثه لـ"عربي21"، أنه اصطحب والدته وأخواته الصغار وبدأ بالنزوح عبر طريق صلاح الدين نحو جنوب القطاع، وترك خلفه والده وشقيقه الأصغر.

وأضاف عدي: " تحت القصف والصواريخ، خرج والدي (محمد رشيد سعيد العكة) وأخي الأصغر بعد يومين من أجل الالتحاق بنا، وتمكنا من الوصول إلى شارع صلاح الذي لا يبعد كثيرا عن منزلنا يوم الأربعاء 15 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ومشيا على الأقدام حاولا تجاوز المنطقة التي تتمركز فيها الدبابات برفقة العديد من النازحين، وكان الاحتلال وقتها قد وضع ممرا إجباريا مزودا بكاميرات وأجهزة أخرى".

ونوه عدي، إلى أنه "حين تجاوز والدي هذا الممر، قام جنود الاحتلال باختطافه عند الساعة العاشرة صباحا، وأخي تمكن من المرور دون اعتراض".

وبحسب المعلومات التي وصلت لنجل المختطف من شاب كان قد اعتقل مع والده وأطلق سراحه فيما بعد، قال عدي: "كان هناك 4 معتقلين من بينهم والدي محمد العكة، وحضر جنود من الجيش بعد 4 ساعات من اختطافه وبعد الفحص على حاسوب لديهم، طلبوا منه بخلع ملابسه خلف الساتر الرملي، وقالوا له جهز نفسك، وباقي المختطفين تم إطلاق سراحهم ليلا".

الاتصال مفقود
وتابع: "فقدنا الاتصال بوالدي منذ اختطافه من قبل جيش الاحتلال ولم نعلم عنه أي شيء، حاولنا الاتصال به عبر الجوال لكنه لم يرد، الجوال كان يرن لكن لا أحد يرد"، منوها أنه تواصل مع الصليب الأحمر "وتم تزويدهم بكافة المعلومات الخاصة بوالدي وتاريخ ومكان اختطافه، ونحن على تواصل معهم، ولكن إلى الآن لا توجد أي معلومات عنه".

وناشد الشاب الفلسطيني كافة المؤسسات الدولية؛ الإنسانية والحقوقية، بـ"التدخل العاجل" من أجل معرفة مصير والده، والعمل على الإفراج عنه بأسرع وقت ممكن.

بدوره، أوضح المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بغزة، أن اللجنة قامت بتخصيص رقم هاتف من أجل استقبال البلاغات الخاصة بالبحث عن المفقودين من قطاع غزة.

وذكر في حديثه لـ"عربي21"، أنه "يتم استقبال المكالمات وأخذ كافة البيانات، ومن ثم يتم التباحث مع الجانب الإسرائيلي من أجل الحصول على معلومات، وفي حال تم مشاركة معلومات معنا، يتم تزويد أصحاب البلاغ بها مباشرة".


ونبه المتحدث، أن "الموضوع في الوقت الحالي سيحتاج إلى وقت، والأمر يتعلق أيضا بحسب الحالة والوضع والسبب، وإن كان موجود لدى الطرف الإسرائيلي أم لا، ولكن بالمجمل نحاول التوصل لمعلومات حول المفقودين الذين وصلت بلاغات بشأنهم".

وعن مدى استجابة سلطات الاحتلال لطلبات الصليب الأحمر، قال: "هذا الأمر لا أستطيع أن أعلق عليه، لأن الأمر يتعلق بكل حالة لوحدها، لكن البلاغات التي وصلتنا عن نحو 20 عاملا من غزة، حصلنا على معلومات عنهم وشاركنا هذه المعلومات مع عائلاتهم".

ويشهد القطاع الذي يمتد على مساحة 360 كلم مربع، بطول 41 كلم، وعرض يتراوح بين 6 إلى 12 كلم، ترديا صعبا في مجمل الأوضاع الحياتية؛ وخلال الأيام الماضية من العدوان، واصلت طائرات الاحتلال استهداف مختلف مناطق القطاع عبر تدمير ممنهج لمنازل المواطنين وبشكل متزامن، كما تواصلت الاشتباكات على بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال التي تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح والآليات العسكرية المقتحمة لعدد من المناطق في القطاع.

واستهدفت صواريخ الاحتلال شديدة التدمير، الأطقم الطبية والمستشفيات وسيارات الإسعاف وأطقم ومقرات الدفاع المدني والمساجد والصحفيين والمخابز والأسواق ومخازن المياه ومولدات الكهرباء واللوحات الشمسية الخاصة بتوليد الكهرباء، وتدمير الطرق وشبكات المياه والاتصالات وانقطاع خدمة الإنترنت عن مناطق واسعة في القطاع بالتزامن مع غياب شبه تام للكهرباء.

وفجر السبت 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أعلنت كتائب عز الدين القسام،  الجناح المسلح لحركة "حماس" بدء عملية "طوفان الأقصى" العسكرية، بمشاركة فصائل فلسطينية أخرى، ردا على اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى، وبدأت العملية الفلسطينية ضد الاحتلال عبر "ضربة أولى استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية للعدو".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال الإسرائيلي الفلسطيني غزة حماس فلسطين حماس غزة الاحتلال الإسرائيلي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من أجل

إقرأ أيضاً:

العائدون إلى حلب.. أنس يعانق أمه وميساء تروي لابنها ما حدث بعد موته

بعد سنوات من الغياب القسري، بدأ آلاف السوريين العودة لبلدهم الذي تركه بشار الأسد شبه مدمر وفرَّ هاربا، لكن بعض هؤلاء يرجع إلى حضن أهله وبعضهم الآخر لا يجد شيئا يحتضنه إلا قبور الأحبة الذين قضوا على يد النظام.

ففي ساعة متأخرة من الليل، سمعت السيدة أم أنس طرقا على باب بيتها، وعندما ذهبت لتفتح وجدت ابنها الذي غاب عنها 14 عاما كاملة وقد عاد إليها، حسب ما نقله مراسل الجزيرة عمرو الحلبي في تقريره.

قبل شهرين فقط من الآن، ما كانت هذه السيدة لتحلم مجرد حلم بعودة ابنها إليها، لكنها اليوم تجلس معه في صحن بيتهما، وتتبادل معه الحديث دون خوف بعدما سقط النظام الذي فرقهما كل هذه السنوات.

اليوم، أصبح بإمكان هذه السيدة وابنها الجلوس معا وتجاذب أطراف الحديث الذي لا يدور حول الذكريات بحلوها ومرِّها، لكنه لا يخلو أيضا من الحديث عن آمال المستقبل الذي يتوقون إليه.

لقاء في القبور

ولم يكن أنس هو الوحيد الذي قرر العودة إلى سوريا للقاء والدته بعد هروب الأسد، فقد عاد كثيرون آخرون، بينهم ميساء التي عادت للقاء والدها وابنها، ليس في بيت العائلة، وإنما في مقبرة حلب.

وبينما هي غارقة في دموعها، كانت ميساء تحكي لابنها الراحل ما حدث للعائلة بعد رحيله، فأخبرته بأن إخوته قد تزوجوا وأصبح لديهم أولاد، بينما رحل هو قبل أن تجد له عروسا.

إعلان

وفي حين أصبحت ميساء قادرة على الجلوس إلى جوار أبيها وابنها اللذين قتلهما قناصة النظام ودفنا معا في قبر واحد، فإن آخرين لا يزالون يبحثون عن ذويهم ولا يعرفون لهم مصيرا.

لقد خرج آلاف المعتقلين من سجون النظام فور سقوطه، لكن آخرين ما زالوا في عداد المفقودين، ولا يعرف ذووهم لهم مكانا ولا قبرا، وهم يواصلون البحث عنهم مدفوعين بأمل تغذيه حقيقة أن كل المعجزات قابلة للتحقق بعد ما جرى.

وبينما يحتفل السوريون بانتصارهم على الأسد بعد 14 عاما من القتل والتهجير والتنكيل بكافة صوره، فإن صورة الدمار الذي تركه النظام وراءه لا يمكن لعين أن تخطئها.

لكن الناس عمَّروا أسواق حلب رغم ما طالها من خراب ودمار، كنوع من تأكيد رغبتهم في بناء بلدهم وترسيخ العدالة التي حلموا بها كثيرا بعدما رحل الأسد وبقيت سوريا وشعبها.

مقالات مشابهة

  • العائدون إلى حلب.. أنس يعانق أمه وميساء تروي لابنها ما حدث بعد موته
  • عائلة الطبيب البلوي تتهم سلطات الاحتلال بإخفائه قسريا
  • إصابة فلسطيني برصاص قوات الاحتلال خلال اقتحامها مخيم طولكرم بالضفة الغربية
  • استشهاد فلسطيني في قصف إسرائيلي شمال الضفة الغربية
  • استشهاد شاب فلسطيني جراء قصف الاحتلال بلدة طمون بالضفة الغربية
  • استشهاد 18 فلسطينيًا في قصف للاحتلال على منزلين بقطاع غزة
  • استشهاد فلسطينيًا برصاص الاحتلال شرق طولكرم
  • استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال خلال مداهمة في الضفة الغربية
  • إعلام فلسطيني: الاحتلال ينفذ عمليات نسف جديدة بالمنطقة الجنوبية لحي تل الهوا
  • إصابة طفل فلسطيني برصاص الاحتلال في اقتحام منزل جنوبي نابلس