لماذا تكتسب زيارة البرهان للإمارات أهميةً خاصة؟
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
باقتضابٍ شديدٍ، أعلن مجلس السيادة الانقلابي، أن رئيسه وقائد الجيش، الجنرال عبد الفتاح البرهان، تلقى دعوةً لزيارة الإمارات العربية بداية الشهر المقبل لحضور القمة الرئاسية حول المناخ والسلام والأمن في منطقة القرن الأفريقي، ولكنه لم يشرْ –بالطبع- إلى التأثيرات الكبيرة المتوقعة للزيارة على طقس السودان الملبد بسحائب الحرب.
الخرطوم: التغيير
بعيداً عن الرسميات، نجد أنه من الاستحالة قراءة الزيارة المزمعة للبرهان إلى الإمارات بمعزل عن الزيارة غير المعلنة للرجل الثاني في الجيش، الجنرال شمس الدين كباشي للإمارات مؤخراً.
وبلا ذرة شك، تلعب الإمارات دوراً محورياً في معركة كسر العظم بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وتتقدم قوات الدعم السريع، على ميدان المعركة بشكلٍ ملحوظ، حد اقترابها من التهام كامل إقليم دارفور، وأجزاء من إقليم كردفان، وسط ثبات عناصرها في معركة الخرطوم الجارية منذ 15 أبريل الماضي.
وفي هذا المشهد، تتهم تقارير غربية، أبوظبي بالوقوف وراء كواليس هذا التقدم العسكري، من خلال إسناد ودعم قوات الدعم السريع، بالعتاد والسلاح، بما في ذلك مضادات الطيران التي أسهمت في الحد من فاعلية سلاح الجو الذي يمثل نقطة تفوق بارزة للجيش في المواجهات القتالية المدمرة.
ونشرت وسائل إعلام غربية، تقاريراً تفيد بتحويل الإمارات لمنطقة (أم جرس) شرقي تشاد، من موطن لمد الغوث لضحايا الصراع الفارين من إقليم دارفور، غربيّ السودان، إلى قاعدة لوجيستية لإمداد قوات الدعم السريع بالسلاح المخبأ في الشحنات الإنسانية، مع إقامة مشفى كبير يعمل على علاج القادة المصابين.
وتخلت الإمارات عن دعم قوات الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي) بحسب ذات التقارير، عبر الأراضي الليبية حيث يكمن رجلها القوي الجنرال خليفة حفتر، خشية أن تتعرض الإمدادات للقصف الجوي، سواء من الطيران السوداني، أو قوى حليفة للجيش ويأتي على رأس القائمة الجيشين المصري والتركي.
آصرة العلاقةقبل الخوض في تفاصيل الزيارة، يلزمنا معرفة سر العلاقة الوثيقة بين قوات الدعم السريع ودولة الإمارات.
ويعتقد بشكلٍ جازم أن علاقة الطرفين ابتدرت في اليمن، حيث يقاتل عناصر الدعم السريع في الحلف الذي تقوده السعودية، وتلعب الإمارات في مفاصله أدواراً مؤثرة، ضد الحوثيين بهدف استعادة الشرعية طبقاً للحلف.
ومن ثم تمددت العلائق والصلات، في ملف الاقتصاد حيث مثلت أبوظبي ودبي وجهة للذهب السوداني سواء الخارج بصورة رسمية أو عبر التهريب، وعند هذه النقطة تبرز واجهات الدعم السريع الاقتصادية وعلى رأسها شركة الجنيد لأعمال التعدين.
وفي ذات ملف الاقتصاد، تطل رغبة الإمارات الملحة في إيجاد موطئ قدم في الساحل السوداني على البحر الأحمر، حيث أجرت محاولة فاشلة في آخر حقبة الرئيس المخلوع عمر (1989 – 2019)، ولم تفلح في مرادها إلا مؤخراً بإبرام سلطات الانقلاب لاتفاق يقضي بإعطاء امتياز إقامة ميناء بحري في منطقة أبوعمامة، لتجمع شركات على رأسها موانئ دبي.
وبالطبع كانت الدعم السريع حاضرة في المشهد، من خلال ما قيل إنه شراء حميدتي لأرض الميناء من القادة الأهليين في المنطقة، وسط أنباء تحدثت كذلك عن فرض طوق من الحراسة عليها بواسطة قواته.
وفي الملفات الأمنية، تحضر الإمارات في ملف التطبيع بين السودان إسرائيل، حيث أن أبوظبي تحولت إلى وكيل التطبيع في الإقليم، وبالتالي واصلت ضغوطها على الخرطوم للالتحاق بركب التطبيع.
وفيما بدا أنه اعتراض على ما عدته الصحافة الإسرائيلية حالت التماطل التي يمارسها البرهان في تطبيع علاقات الخرطوم وتل أبيب، تحولت أنظار الإمارات لحميدتي الذي قطع أشواطاً في اتجاه إسرائيل، شملت لقاءات أمنية وزيارات وشحنات أسلحة ومعدات تجسس حديثة وفقاً لوكالة رويترز.
ولن تنتهي علاقات الإمارات والدعم السريع، إلا بالتأشير لخلقها حالة من التقارب بين حميدتي وحفتر ليبيا، ومحمد كاكا في تشاد، وتبدى ذلك جلياً في الحرب الأخيرة.
عن الزيارةظل قائد الجيش يتهم علانية دولاً إفريقية على رأسها كينيا بعد الحياد إزاء الحرب الجارية في السودان، مع إطلاق اتهامات مبطنة للإمارات من دون تسميتها صراحةً.
ولكن يبدو أن هذا الأمر في طريقه إلى التبدل، حيث أجرى البرهان جولة، صبت كثير من المياه على الحرائق التي أشعلتها تصريحاته إزاء حكام نيروبي وأديس أبابا.
ومن هذا المنطلق، قد تفلح زيارته للإمارات في إزاحة الدعم السريع عن مكانتها داخل الإمارات، وعلى أقل الفروض تحييدها من المشهد.
يتوقع المحلل السياسي، رضا عبد السيد، إن البرهان وبعد تآكل الأرض تحت قدميه، وتقهقر الجيش في الميدان بصورة تهدد وجوده، سيذهب إلى الإمارات لطمأنة قادتها على مصالحهم في السودان.
وقال لـ(التغيير الإلكترونية) إنه من المرجح أن يتعهد قائد الجيش للإماراتيين بالمضي قدماً في مشروع ميناء أبوعمامة، مع الذهاب إلى التطبيع الفوري، بجانب الاستمرار في تصدير الذهب لبورصة دبي.
ولفت إلى تلك التعهدات كفيلة بأن تمتنع معها أبوظبي عن دعم حميدتي، وتغلق حسابات شركاته ورجالاته، ومن ثم وعبر حلفائها حفتر وكاكا تقوم بقطع كافة خطوط الإمداد عن عناصر الدعم السريع.
ورأى أن الإمارات وفي حال التزام البرهان بإبعاد الإسلاميين عن الجيش والمشهد السياسي، قد تتحول من إلى دعم الجيش السوداني، وترجيح كفته أسوة بما فعلته مسيراتها لأبي أحمد إبان حربه على قومية التيغراي في إثيوبيا.
سيناريو المصالحةيميل المحلل السياسي، السر صلاح، إلى أن البرهان في صدد التوقيع على اتفاق سياسي يفضي إلى حكومة مدنية.
وأسس السر توقعاته، على ما وصفه لـ(التغيير الإلكترونية) بنزوع البرهان لصوت العقل، وتبدل لهجته إزاء الدول الأفريقية ومؤسساتها، وهو ما يستتبع بالضرورة تحول في الخطاب الخارجي.
وقال إن الزيارة التي قدمت رقاعها من منظمة إيقاد والأمم المتحدة، ستكون سانحة لإقامة مباحثات مباشرة بين البرهان وقادة الجيش ورئيس الحكومة الانتقالية المعزولة، د. عبد الله حمدوك، في حضور قوى الحرية والتغيير.
ولفت إلى أن الأمور ذاهبة نتيجة الضغوط الدولية الممارسة على الطرفين، نواحي إعادة السلطة للمدنيين، مع إجراء إصلاحات على المؤسسة العسكرية، مع احتمال وجود تمثيل ضئيل لطرفي النزاع في معادلة الحكم المقبلة.
تحذيراتأضفت أنباء الزيارة المرتقبة للبرهان لدولة الإمارات، نوعاً من التفاؤل لدى السودانيين الحالمين بانتهاء كابوس الحرب، ولكن ما يهدد هذه المشاعر هو تاريخ قائد الجيش الطويل في تضييع الفرص، وامتثاله لأنصار النظام المباد الراغبين في العودة للسلطة ولو على حساب وطن مزقته الحرب.
الوسومالإمارات البرهان الحرب زيارةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الإمارات البرهان الحرب زيارة
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يسقط مسيّرة أطلقتها الدعم السريع بمدينة شندي
أصبحت هذه المسيرات جزءًا رئيسيًا من التكتيكات العسكرية، خاصة في المناطق الشمالية التي شهدت هجمات متكررة.
الخرطوم: التغيير
قالت مصادر عسكرية لـ (التغيير) إن الدفاعات الأرضية للفرقة الثالثة مشاة في مدينة شندي بولاية نهر النيل أسقطت، صباح اليوم السبت، طائرة مسيرة تابعة لقوات الدعم السريع لليوم الثاني توالياً، دون وقوع أي خسائر.
وأضافت المصادر أن طائرة مسيرة أخرى انفجرت فجر اليوم في منطقة جاد الله غرب مدينة بربر، دون تسجيل إصابات.
وكان الجيش السوداني قد اسقط خلال الأيام الماضية عدة طائرات مسيرة استهدفت مدينة عطبرة التي تقع شمال مدينة شندي دون تسجيل خسائر.
وتصاعد استخدام الطائرات المسيرة في الصراع المستمر بالسودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الذي اندلع في 15 أبريل 2023. وقد أصبحت هذه المسيرات جزءًا رئيسيًا من التكتيكات العسكرية، خاصة في المناطق الشمالية التي شهدت هجمات متكررة.
تأتي هذه الأحداث في ظل استمرار المعارك بين الطرفين، حيث يسعى الجيش لتعزيز سيطرته على المناطق الشمالية، بينما تعتمد قوات الدعم السريع على الضربات الجوية بالطائرات المسيرة، التي يُعتقد أنها جزء من الدعم العسكري الخارجي المقدم لها.
يُذكر أن الحرب المستمرة ألحقت دمارًا واسعًا بالبنية التحتية وأدت إلى نزوح ملايين المدنيين، مع استمرار الجهود الدولية الرامية إلى دفع الطرفين نحو تسوية سياسية ووقف إطلاق النار.
الوسومآثار الحرب في السودان الجيش السوداني الطائرات المسيرة قوات الدعم السريع مدينة شندي