داود عبدالسيد صانع «الواقعية الجديدة» يصحح مسار السينما: قوية.. ذكية.. كاشفة
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
مجموعة من الشباب الطامح، ظهروا فى أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات، أعلنوا عن تمردهم على ما يُقدَّم فى السينما المصرية، ابتكروا تجربة سينمائية جديدة سموها «أفلام الواقعية الجديدة»، لتكون تياراً هو الأبرز فى فترة الثمانينات والتسعينات، فأفلامهم لا تزال حاضرة فى أذهان الأجيال المتعاقبة، بداية من فيلمى «الصعاليك»، و«الكيت كات»، للمخرج الكبير والأبرز فى هذه الحقبة داود عبدالسيد، مروراً بعاطف الطيب، ورأفت الميهى، وخيرى بشارة، وانتهاء بمحمد خان.
كان داود عبدالسيد واحداً من بين شباب الثمانينات الذين استطاعوا أن يتغلبوا على التقاليد الإنتاجية السائدة، وأن يصنعوا سينما جديدة تصحح اتجاه السينما المصرية وتعيد قوتها وأهميتها، وفق الناقدة الفنية ماجدة موريس لـ«الوطن»: «التيار ده هو اللى صحح اتجاه السينما المصرية، فى السبعينات صعد تيار اسمه سينما شرائط الفيديو، كان وقتها أى حد عاوز يعمل أى حاجة يقولها فى شريط فيديو للناس، وده خلى السينما هبطت، وجه تيار الثمانينات اللى هو الجيل الذهبى، ليعيد ليها قوتها، وعرفوا إزاى تعمل عمل فنى قوى معبّر عن الكثير من القضايا المسكوت عنها فى المجتمع».
العلاقات الإنسانية بين الرجل والمرأة، ومسألة عدم قدرة الشباب على الزواج بسبب تقاليد المجتمع، كانت أبرز القضايا التى ناقشتها أفلام مخرجى الثمانينات، وفق «موريس»: «يعنى لما نقول داود عبدالسيد يبقى لازم نذكر فيلم الكيت كات وفيلم الصعاليك، اللى فعلاً كانوا بيقدموا فكرة حقيقية، الصعاليك كان بيقدم فكرة البحث عن الفلوس بعد إعلان الرئيس الراحل أنور السادات عن الانفتاح الاقتصادى، وقتها كانت الناس كلها بتبحث عن الفلوس ولحد دلوقتى، والكيت كات أول فيلم يسلط الضوء عن ذوى الهمم اللى قادرين يعملوا كل حاجة وإزاى عندهم الذكاء والقدرة على فعل ما لم يتخيله أحد، وهو الفيلم الأيقونى لمحمود عبدالعزيز».
سينما الثمانينات ناقشت القضايا الكبيرة بشكل جيد، من بينها معيشة النساء فى المجتمعات الفقيرة، وهو ما ناقشه فيلم «يوم مر ويوم حلو» لخيرى بشارة: «أفلام مخرجى الثمانينات كانت الأعظم، أعادت للسينما مفهومها، يعنى الفيلم ده عبّر عن النساء فى المجتمعات الفقيرة، إزاى بيدوروا على شغل علشان خاطر ولادهم، وكمان مشكلة عدم قدرة الشباب على الزواج، واللى ناقشها فيلم الحب فوق هضبة الهرم لعاطف الطيب».
جيل مخرجى الثمانينات.. «صُناع السينما الجديدة»لُقب جيل مخرجى الثمانينات بـ«صُناع السينما الجديدة»، وفق ماجدة موريس: «الجيل ده لقبناه بصُناع السينما الجديدة، هما قدموا المرحلة الثانية بعد المرحلة الأولى واللى كان فيها كمال الشيخ ويوسف شاهين، وداود عبدالسيد قدّم أعمال قليلة لكن كل عمل فيه رسالة مهمة، يعنى مثلاً رسايل البحر اللى قدم وحدد موهبة آسر ياسين».
سينما ذكية وقوية قدمها المخرج الكبير داود عبدالسيد، وفق «موريس»: «داود من بين مجموعة من المخرجين قدموا سينما ذكية ولماحة وقوية قادرة تشوف مساوئ المجتمع، وعلشان كده خبر اعتزاله أحزننى، هو حقق كتير مما كان يرغب فيه، وخط إنتاجهم كان الأبرز والأحسن والأهم».
رسالة وجّهتها الناقدة الفنية ماجدة موريس للمخرج داود عبدالسيد، بمناسبة عيد ميلاده قائلة: «عاوزة أقول له انت وحشتنا ووحشتنا أعمالك الجيدة ونتمنى إنك تعود من جديد لأن أعمالك أضافت إلينا الكثير ولا تُنسى، بتتوارثها الأجيال من حلاوتها».
المصدر: الوطن
إقرأ أيضاً:
مصممة أزياء بمسلسل كوكب الشرق: فساتينها «حادة» ولا تعترف بالقصير والكعب العالي
من بعيدٍ.. صبىٌ عربىٌ يلتحف بالبالطو والكوفية والعقال، وعن قريبٍ.. فتاةٌ حُرمت من الألوان الزّاهية، عاشت تحلُم بـ«بلوزة نص كُم»، وتتخيّل كيف سيبدو شكلها إن تجرّأت على «الجلابية اللى بتتجرجر فى الأرض، اللى لونها حشمة»، فتمرّدت على الأولى، لكنّها صارت حتى الخاتمة تتمسّك بـ«الحشمة»، التى صنعت لها خط أزياءٍ متفرّدٍاً، يحمل تحفّظ الريف وعنفوان الحضر، فلا ينشغل «سميع» عنها بألوانٍ تأسره، ولا يسمح له «منديلها» أن تهتز عيناه بعيداً عن هالتها، من هُنا كانت الانتفاضة الأولى للآنسة أم كلثوم؛ لترسمَ موضةً تحمل اسم «كوكب الشَّرق».
حُلم الطفولة صار نائماً فى قلب أم كلثوم، لكنّه لم يمت أبداً حتى بلوغها سن السبعين، الذى أفصحت فيه عن حرمانها «من كل حاجات البنات»، ذلك التعبير المقتضب الذى تعلّقت به طفولتها الغائبة، وصرخت به فى وجه الجميع فى مذكِّراتها المنشورة عام 1970، إلا أنّها رغم ذلك لم تنخلع من جذورها؛ لتُحدّد لنفسها 4 صفات فى الفستان الذى ترتديه، أفصحت عنها فى حديثها مع الكاتب محمود عوض وهى: «أن يكون حشمة، ألا يكون مختلفاً عن خطوط الموضة السائدة، أن يكون هناك ذوق فى ألوانه؛ بمعنى أن تكون الألوان منسجمةً فى تركيبها مع بعضها، أمّا الصفة الأخيرة فهى أن يكون الفستان بسيطاً، إن البساطة دائماً هى المشكلة.. وهى الحل».
مصممة أزياء بمسلسل كوكب الشرق: فساتينها «حادة» وعصرية ولا تعترف بالقصير والكعب العالىذلك تحديداً ما وجدته مصممة الأزياء منى الزرقانى داخل دولاب كوكب الشرق، الذى اطّلعت عليه لعملها كمساعد مصممٍ ثانٍ فى مسلسل كوكب الشرق الذى أُنتج عام 1999، تحت إشراف المصممة الرئيسية دكتورة سامية عبدالعزيز، وكشفت «الزرقانى» فى حديثها لـ«الوطن»، مكنون اللمسات الفنية لأم كلثوم فى أزيائها؛ لتشعر بين طيات ملابسها بتلك الشخصية «الحادة»: «اختارت من الموضة الغوامق، فساتينها بين الأسود والزيتى والكُحلى والدهبى، ماراحتش للبينك ولا الأحمر أو فوشيا أو أزرق زهرى، مع إنّهم كانوا موضة وقتها، ولا راحت لفساتين بوسط، ومكانتش بتلبس قصير، أقصر حاجة عندها بعد الركبة، وصدرها مقفول، وتلبس تحت الفساتين توب».
لم تسْرِ تلك القاعدة على فساتينها فقط، لكنّ الأحذية نالت نصيباً من شخصيتها، التى لم تتمرّد تماماً على طبيعتها القروية ونشأتها الدينية، فتقول «الزرقانى» إنّها لم ترتدِ «الكعب العالى» كحال أهل الفن: «كبيرها 3 سم، وألوانها بُنى وبيج وأسود».
استطاعت أم كلثوم بذكائها أن تُجارى الطبقة المتوسطة فى القاهرة، التى كانت تقوم، فى مرحلة انتقالها من الريف إلى المدينة، على أساس المبدأ والبحث عن الربح، مثلما ذكر الكاتب سعيد الشحات فى كتابه «أم كلثوم وحكام مصر»: «فليس عبثاً أن ينفق المذيع وقته فى وصف فستان السهرة الجديد الذى تلبسه أم كلثوم ولون منديلها الذى تُمسك به فى أثناء الغناء، كما تتحدث الصحف عن الفراء الثمين الذى تتدثّر به، فكلّ هذه المظاهر مهمة وضرورية فى تأكيد مركز الفنان»، لكنّها وضعت شروطها الخاصة؛ لتستنكر فى حديثها مع الكاتب محمود عوض، المنشور فى كتابه «أم كلثوم التى لا يعرفها أحد»، شائعة أنّها ترتدى فستاناً تكلفته 400 جنيه؛ لتكشف أنّ فساتينها تتكلف أقل من ذلك بكثير، وتُعلن مبدأها: «أنا لا أنقل الموضة مع أنّنى أتابعها، أتابعها لكى آخذ منها ما يناسبنى، أنا لا أُريد أن أرتدى فستاناً يلفت نظر الناس، وإلا تبقى معرض مش موضة».
تلك المعادلة عايشتها مصممة الأزياء منى الزرقانى فى أثناء عملها على المسلسل: «كانت ماشية على الموضة بس عاملة خط لوحدها، الفستان يكون استريت بس القماش من الجُبير اللى كان موضة والأغلى فى سعره، ولازم تطرزه ممكن من عند الصدر بس أو حرف الكُم أو الياقة، فيبقى محترم وفيه لمستها».
قد يندهش بعض مُعجبيها من أنّها كانت ترتدى نوعين من المناديل، كشفت عنهما مصممة الأزياء: «كان عندها أحجام، الكبير اللى كانت بتطلع بيه على المسرح، والصغير 20x20 شابك فى دبلتها»، ذلك المنديل الذى كتبت عنه الباحثة الدكتورة هند الصوفى عساف فى كتاب «باحثات» أنّه كان رمزاً للأنوثة: «الأنوثة التى قرّرت أن تكشف قناعها الذكورى، إنّه جاذب، شفاف.. كثرت التساؤلات حوله، واعتبرته هى علماً وكأنّها ترفع العلم وهى تنشد، بات المنديل طرازاً خاصاً للسيدة، ابتدعته لنفسها، رُبّما لتخفيف حدة التوتر، ورُبّما لشدّ نظر المشاهد وجذبه نحو حركة القماش الشفاف المتطاير».
لم ترَ «الزرقانى» إكسسواراً قد لمسته يداها: «كل الأطقم ألماظ، وحتى نضاراتها اللى لبستها بسبب تعبها بالغدة الدرقية اللى تسببت فى جحوظ عينها، كانت معاصرة جداً، حتى هناك سرٌ لا يعرفه أحد، وهو أنّ نظارتى الشمسية كانت تشبه تلك التى كانت ترتديها أم كلثوم، وعندما رأتنى بها المخرجة إنعام محمد على صمّمت على ارتداء صابرين، بطلة العمل لها، وتم التصوير بنظارتى، ويمكن تلخيص ذوق أم كلثوم بأنّه كان راقياً وهادئاً ومعاصراً».