نوفمبر 24, 2023آخر تحديث: نوفمبر 24, 2023

رامي الشاعر

كاتب ومحلل السياسي

أثمرت الجهود الدولية الدبلوماسية، التي شارك فيها كل من قطر  ومصر والأمم المتحدة عن التوصل إلى هدنة لأربعة أيام، واتفاق لتبادل 300 سجين من النساء والأطفال لدى إسرائيل، مقابل 50 من الأسرى، مع فتح معبر رفح لدخول المساعدات الإنسانية وخروج الرعايا الأجانب الراغبين في الخروج من القطاع.

من هنا أود توجيه رسالة إلى جميع المسؤولين في الدول العربية:

أن تلك الهدنة، التي تم التوصل إليها، تتطلب، أكثر من أي وقت آخر، موقف عربي حاسم للغاية، لأن ما صدر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يوم أمس، وما ورد من معلومات من داخل الإدارة الأمريكية يؤكد أن تل أبيب تعتزم مواصلة عمليتها العسكرية من أجل ما يزعمون أنه “تحقيق  الانتصار الكبير، وتحقيق أهداف العملية العسكرية وهي القضاء على حماس، وإعادة جميع المخطوفين”.

أقول إن الإدارة الأمريكية هي الأخرى تخفي نواياها الحقيقية في استخدام هذه الهدنة كخطوة تكتيكية لتسهيل عودة المحتجزين الإسرائيليين من قبل حماس، وبعدها الاستمرار في خطة خبيثة للسيطرة الكاملة على قطاع غزة بأكمله، ليعلنوا بعد ذلك أنه “لا يوجد طرف فلسطيني يمثل الشعب الفلسطيني”، بل ويعتزمون الذهاب لأبعد من ذلك بسحب الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، وسيقولون إن “منظمة التحرير الفلسطينية لم تعد موجودة”، وسيطرحون في الأمم المتحدة قضية سحب القرار الذي تم بموجبه الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني (أوضح هنا أن السلطة الوطنية الفلسطينية لا تتمتع بوضع مثبت في قرارات الأمم المتحدة، لكن منظمة التحرير الفلسطينية فقط هي المعترف بها دولياً من قبل الأمم المتحدة. وقد قررت واشنطن وتل أبيب وقف تمويل ومنع وصول المساعدات المالية للضفة والقطاع، في الوقت الذي يمثل فيه الراتب الشهري المصدر الأساسي لمقومات الحياة لغالبية الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع، وتلك إحدى الأدوات، بخلاف القتل والدمار، لإجبار شعبنا الفلسطيني على ترك الأراضي الفلسطينية)، وعلى هذه الخلفية، سيرغبون في إغلاق الممثليات والسفارات الفلسطينية في البلدان المختلفة، إضافة إلى إعادة النظر في القرارات الأممية الخاصة بحل الدولتين، تمهيدا لنسف فكرة الدولتين من أساسها.

ولهذا الغرض تراهن بعض الأطراف الصهيونية داخل الإدارة الأمريكية، ومعهم حكومة نتنياهو على التمكن من اختلاق فتنة وصدامات داخلية في الضفة الغربية، بالتزامن مع افتعال بعض التصدعات الإقليمية، لا سيما أن اجتماع القمة العربية والإسلامية، وقدر التعاطف الإقليمي والدولي الهائل قد أصبح يهدد إسرائيل بشكل حقيقي، وسيستغلون هذا كله لقطع المساعدات المالية وتشويه سمعة الشخصيات القيادية الفلسطينية بهدف تصفية القضية الفلسطينية.

لهذا يصبح أهم ما يتعين علينا القيام به فلسطينيا وعربيا وإسلاميا، إضافة إلى التحركات الدبلوماسية، اتخاذ خطوات عملية وفعلية تهدد بالدرجة الأولى المصالح الأمريكية في العالم العربي والإسلامي، ودعم الفلسطينيين بكل ما يمكن، وبالدرجة الأولى إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني. وعلى الفلسطينيين بهذا الصدد أن يعقدوا فوراً مؤتمراً وطنياً، يتم فيه انتخاب لجنة تنفيذية تمثل جميع التنظيمات والفصائل وكافة أطياف الشعب الفلسطيني، بما في ذلك أهالينا في الشتات، ويمكن القيام بذلك بواسطة التقنيات الحديثة ووسائل الاتصالات وغيرها لاستعادة الدور الفعال لمنظمة التحرير الفلسطينية.

أكرر هنا أنه في هذه المرحلة الدقيقة لا يجوز الثقة بالإدارة الأمريكية الحالية بتاتاً. والأمل فقط ظل في دول الجنوب العالمي، ومجموعة “بريكس”، وغيرها من دول العالم الحر الذين يقفون بصدق وإخلاص إلى جانب الحق الشرعي للشعب الفلسطيني. ويجب أن نستند إلى هؤلاء في إفشال مخطط الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية لتصفية القضية الفلسطينية. في النهاية نعوّل بشكل كبير على المملكة العربية السعودية، فيما تشير كل المؤشرات إلى أن الرياض قد بدأت بالفعل في اتخاذ مواقف وتحركات حاسمة وجدية للغاية في هذا الإطار.

 

يجب على الدول العربية الآن طرح قضية اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية على الطاولة، وأن يكون تمثيل فلسطين كاملاً وليس كمراقب، ورفض أي حجة لعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة بلا حدود واضحة ومحددة. بالمناسبة، ربما لا يعرف كثيرون أن دولة إسرائيل هي الأخرى معترف بها في الأمم المتحدة دون حدود واضحة ومحددة، لهذا فإن أي تبريرات لعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة لن يكون مقبولاً، وأنا على ثقة أن طرح الاعتراف بالدولة الفلسطينية اعترافاً كاملاً غير منقوص في الجمعية العامة للأمم المتحدة سيحظى بتأييد الغالبية الساحقة، وسيفضح انعزال إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية أمام العالم أجمع.

 

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: التحریر الفلسطینیة بالدولة الفلسطینیة للشعب الفلسطینی الأمم المتحدة

إقرأ أيضاً:

إسرائيل وإيران.. "مفاجأة أكتوبر" في الانتخابات الأمريكية

خلال العام الماضي، كافحت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لمنع نشوب حرب إقليمية في الشرق الأوسط، خوفاً من أن تجذب الولايات المتحدة إليها، أو تعيث فساداً في الاقتصاد العالمي. لكن هذه السياسة، وفقاً لمقال للكاتب جدعون رحمان في صحيفة "فايننشال تايمز"، هي الآن "قريبة جداً من الفشل".

للمرة الثانية هذا العام، أطلقت إيران صواريخ على إسرائيل، وساعدت الولايات المتحدة إسرائيل على إسقاط هذه الصواريخ. ووعد جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، بأنه ستكون هناك "عواقب وخيمة على إيران"، وقال إن الولايات المتحدة "ستعمل مع إسرائيل" لضمان أن يكون هذا هو الحال. وهذا يبدو وكأنه تهديد بعمل عسكري أمريكي إسرائيلي مشترك ضد إيران، بحسب الكاتب في الصحيفة الأمريكية.


تصعيد متبادل

في أبريل (نيسان)، تم إقناع إسرائيل بالحد من انتقامها إلى مستوى يمكن للإيرانيين قبوله ضمنياً، وتوقف إطلاق النار المتبادل، لكن هذه المرة، يبدو من غير المرجح أن يتم وقف تبادل الضربات بين إيران وإسرائيل ومنعها من التصاعد أكثر.

وشنت إسرائيل للتو موجة ثانية في حربها مع أعدائها الإقليميين، وفتحت جبهة جديدة مع توغل بري في لبنان مع استمرار الضربات المدمرة التي وجهتها بالفعل إلى حزب الله، القوة المسلحة المدعومة من إيران. ومن الواضح أن الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتانياهو ترغب في الرد بقوة على إيران، على أمل إلحاق ضرر دائم بالجمهورية الإسلامية وربما ببرنامجها النووي المخيف.

ومن المؤكد أن الإيرانيين قد فهموا مخاطر التصعيد المضاد الإسرائيلي، وقد يخشى البعض في طهران من أنهم سيستمرون بإطلاق الصواريخ على إسرائيل. لكن الفشل في الرد على الهجمات الإسرائيلية على حزب الله التي أعقبت اغتيال إسماعيل هنية، زعيم حماس، في طهران في يوليو (تموز) سيبدو أيضاً خطراً جدياً على إيران.

'Iran made a big mistake tonight - and it will pay for it,' Israeli Prime Minister,' Benjamin Netanyahu said at the outset of a political-security meeting, after Iran fired ballistic missiles at Israel, raising fears of a wider war https://t.co/KfYd6Bdm7j pic.twitter.com/aKFsFwQTfd

— Reuters (@Reuters) October 2, 2024

ويشير المنطق القاتم للحرب والردع، بحسب رأي الكاتب، إلى أن القوة غير القادرة على الدفاع عن أصدقائها، أو الرد على الهجمات في عاصمتها، تبدو ضعيفة. ومن المحتمل أن يؤدي الضعف إلى مزيد من الهجمات، بينما يؤدي أيضاً إلى فقدان النفوذ والهيبة.

نظرة أمريكا

وراء حديثه القاسي، ربما لا يزال البيت الأبيض يحث إسرائيل على معايرة ردها وعدم الرد بقوة لدرجة أن إيران تشعر بأنها مضطرة لرفع الرهان مرة أخرى. بعد الانسحاب من أفغانستان، لا ترغب إدارة بايدن في الانجرار إلى صراع آخر في الشرق الأوسط.

ومع قتال القوات الإسرائيلية بالفعل في غزة ولبنان، قد يكون لحكومة نتانياهو أسبابها الخاصة لعدم تصعيد الصراع المباشر مع إيران في الوقت الحالي. ولكن إذا قرر الإسرائيليون أنهم يريدون اتخاذ إجراءات مباشرة أكثر صرامة، فقد أظهروا بالفعل أنهم سعداء تماماً بتجاهل دعوات إدارة بايدن لضبط النفس.

وقد يأمل البيت الأبيض أنه من خلال العمل مع إسرائيل، يمكنه ممارسة المزيد من التأثير على قوة وطبيعة الرد الإسرائيلي.

كانت الولايات المتحدة تحث إسرائيل لأشهر عدة على عدم شن هجوم على حزب الله، وحتى بعد أن بدأت إسرائيل الأعمال العدائية الشهر الماضي، انضمت إدارة بايدن إلى المملكة المتحدة وفرنسا ودول أخرى في الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في لبنان، ولكن أيضاً تم تجاهلها مرة أخرى.

تجاهل نتانياهو

ويقول الكاتب إن استعداد نتانياهو ببساطة لتجاهل رغبات أقرب حليف له وضامنه الأمني ينبع من ضمانه بأن أميركا على الرغم من أنها تحث على ضبط النفس في غزة ولبنان، إلا أنها ستحمي إسرائيل دائماً من عواقب التصعيد، مشيرة إلى الالتزام الشامل بالدفاع عنها من إيران وأعدائها الإقليميين الآخرين.

'Based on what we know at this point, this attack seems to have been defeated and ineffective" - US National Security Adviser Jake Sullivan says at a White House news conference.

The IDF says Iran launched nearly 200 missiles into Israel.https://t.co/dbbaci2jmM

???? Sky 501 pic.twitter.com/c31gMt6bST

— Sky News (@SkyNews) October 1, 2024

ونتيجة لذلك، تدرك الحكومة الإسرائيلية أن تحدي إدارة بايدن يكاد يكون خالياً من المخاطر. وفي الواقع، يمكن أن تكون هناك بعض الفوائد في حال أجبرت الولايات المتحدة على نشر قوتها العسكرية ضد إيران.

ويقول رحمان إن فرص رفض أمريكا دعم إسرائيل في أزمة دائماً ما تكون طفيفة، بل وتكاد تكون معدومة خصوصاً مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

ترامب المستفيد؟

وقد تعمدت كامالا هاريس اتخاذ موقف أكثر صرامة مع نتانياهو بشأن غزة. لكنها سترغب أيضاً في الظهور بمظهر صارم وداعم تماماً لإسرائيل في وقت الخطر. ولا يمكنها المخاطرة بأن تبدو ناعمة مع إيران، التي تمتلك الولايات المتحدة معها تاريخاً طويلاً من العداء، الذي يعود إلى أزمة الرهائن في عام 1979.

PRESIDENT TRUMP: The world right now is spiraling out of control. A short time ago, Iran launched over 200 ballistic missiles at Israel and we are closer than ever to global catastrophe.

We have a non-existent president and our Vice President, who should be in charge, is going… pic.twitter.com/5FL97VUgWV

— Trump War Room (@TrumpWarRoom) October 1, 2024

ومع ذلك، قد يجلب الوضع المحفوف بالمخاطر الحالي أخباراً سيئة لهاريس، لأن منافسها دونالد ترامب يحب الادعاء بأن العالم كان في سلام خلال فترة رئاسته، لكن "ضعف" إدارة بايدن أدى إلى حروب في أوروبا والشرق الأوسط، وهذا التصعيد الأخير يناسب روايته تماماً.

وفي كل مرة تجري فيها انتخابات رئاسية في أمريكا، هناك تكهنات حول "مفاجأة أكتوبر" المحتملة التي تقلب السباق قبل أسابيع فقط من التصويت.. لقد قدمت إسرائيل وإيران للتو "مفاجأة أكتوبر" في هذه الانتخابات، وقد يكون ترامب هو المستفيد.

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة الأمريكية تعلن عن تقديم مساعدات إلى لبنان بقيمة 157 مليون دولار
  • الإمارات تقود تحركاً عربياً لدى الأمم المتحدة لمواجهة تداعيات التصعيد العسكري في لبنان وتفعيل الاستجابة الإنسانية العاجلة
  • الخارجية الفلسطينية تدين "الاستهداف الإسرائيلي الممنهج" لغوتيريش
  • الأمم المتحدة تحذر من زيادة المستوطنات الإسرائيلية داخل الأرضي الفلسطينية المحتلة
  • الأمم المتحدة تحذر من زيادة المستوطنات الإسرائيلية داخل الأرضى الفلسطينية
  • المبعوثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة: المنطقة متجهة لصراع واسع بسبب التصعيد
  • السفارة الأمريكية: نشعر بالقلق من الأضرار التي لحقت بمقر سفير الإمارات في السودان
  • رسالة مفتوحة تدعو لعدم التصويت للسعودية في الأمم المتحدة
  • إسرائيل تُصنّف أمين عام الأمم المتحدة شخصًا غير مرغوب فيه
  • إسرائيل وإيران.. "مفاجأة أكتوبر" في الانتخابات الأمريكية