مستوطنات غلاف غزة.. سلة غذاء إسرائيل تبحث عن سكان
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
لا ترغب الغالبية العظمى من سكان مستوطنات غلاف غزة الإسرائيليين بالعودة للعيش بهذه المستوطنات إذا انتهت الحرب المتواصلة على قطاع غزة منذ 49 يوما، بسبب تحول تلك المناطق إلى نقطة ضعف أمام ضربات المقاومة الفلسطينية.
وأرود تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية، مقابلات مع أسر فرت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي من مستوطنات الغلاف صوب مدينتي تل أبيب وإيلات على البحر الأحمر.
وتتكون تلك التجمعات من حوالي 50 مستوطنة معروفة منذ ذلك الحين بغلاف غزة، وهو الاسم الذي تردد كثيرا منذ عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ويبلغ عدد سكان غلاف غزة أكثر من 60 ألفا، ويرتفع إلى أكثر من 200 ألف مع احتساب بعض البلدات والأحياء القريبة التي طالتها صواريخ المقاومة الفلسطينية، وهم الآن نازحون إما في تل أبيب أو في فنادق ومنتجعات إيلات.
وإلى جانب كون هذه المستوطنات، خط الدفاع الأول لإسرائيل أمام قطاع غزة، فإنها تعد كذلك موردا رئيسا للأسواق الإسرائيلية في قطاعي المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية.
رقعة مهمة
وتشير بيانات لاتحاد المزارعين الإسرائيليين، إلى أهمية أراضي غلاف غزة بالنسبة للأمن الغذائي الزراعي للسوق الإسرائيلية.
ووفق بيانات الاتحاد، فإن 75% من الخضروات المستهلكة في إسرائيل تأتي من غلاف غزة، إضافة إلى 20% من الفاكهة، و6.5% من الحليب.
وتُعرف المنطقة المحيطة بقطاع غزة باسم "رقعة الخضار الإسرائيلية" التي تحتوي أيضا مزارع للدواجن والماشية، إلى جانب مزارع للأسماك.
ومنذ عقود تفرض إسرائيل قيودا مشددة على الأراضي الفلسطينية بقطاع غزة الواقعة مقابل الغلاف، وتمنع المزارعين الفلسطينيين من استغلال أراضيهم، عدا عن تعرض تلك المساحات لقصف إسرائيلي في كل عملية عسكرية ضد القطاع.
ورغم إعلان وزارة الزراعة الإسرائيلية التزامها الكامل بدعم مزارع غلاف غزة، وتخصيص مبلغ 2.5 مليون شيكل (625 ألف دولار) لدعم المزارعين، فإن التجارب السابقة للمزارعين، تشي بأن عودتهم مستقبلا إلى هناك، قد لا تكون خيارا.
ويشكو مزارعو مستوطنات غلاف غزة من وعود لا يتم الإيفاء بها من جانب وزارة الزراعة، التي وعدتهم سابقا بتقديم دعم بقيمة 770 مليون شيكل كجزء من إصلاح رسوم الاستيراد، لكنهم لم يتلقوا ذلك.
إعادة السكان
وتخشى الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، من جدية تصريحات المستوطنين بأن عودتهم لبلدات الغلاف ليست خيارا مطروحا، إلا أن أحد السيناريوهات يتمثل في تقديم حوافز مالية وإعفاءات ضريبية للراغبين بالعودة.
وفي أكثر من مناسبة، نفذت إسرائيل هذه الخطوة لتشجيع الإسرائيليين على العيش بالمستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية، خلال العقود الثلاثة الأخيرة.
بينما هناك فرضية أخرى لكنها لا تحظى بدعم عديد الخبراء في إسرائيل، وهي تحويل كامل مناطق الغلاف إلى أراض زراعية، وأماكن سكن لأكثر من 25 ألف عامل آسيوي ينشطون في القطاع الزراعي.
وبحسب تقارير نشرتها هيئة البث الإسرائيلية، وصحيفة غلوبس الإسرائيلية فقد عادت غالبية العمالة الآسيوية إلى بلدانهم الأم، مع اندلاع الصراع مع قطاع غزة، في وقت يشكو فيه أرباب العمل، من شح وفرة العمالة في القطاع الزراعي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غلاف غزة
إقرأ أيضاً:
نزع سلاح المقاومة الفلسطينية: المعركة الأخيرة للمحتل
يمانيون../
لم يكن ليجرؤ المحتل الصهيوني وداعمه الامريكي أن يشترط نزع سلاح المقاومة لإيقاف الحرب على غزة إلا وقد وجد أن هذا السلاح هو العقبة الكأداء أمام المضي بمشروعه، والذي عجز أن يتمه لسبعة عقود؛ بما يمتلكه من أعتى الأسلحة وأكثرها تطورًا وفتكا. ها هو اليوم يرى مشكلته الحقيقية فيما تمتلكه المقاومة من سلاح بسيط؛ لكن هذا السلاح البسيط يتكئ على قوة اليقين بانتصار صاحب الحق وحتمية زوال المحتل.
تلك القوة هي التي أعجزت المحتل في غزة لنحو 18 شهرا عن تحقيق أي نصر ابتداء من تحرير أسراه.
انطلاقا من كل ذلك؛ وأمام إصرار العدو الصهيوني على موقفه القائم على ربط وقف الحرب بالقضاء التامّ على المقاومة الفلسطينية ونزع سلاحها، كان موقف المقاومة حتى الآن حاسمًا: أنّ ما فشل الاحتلال في تحقيقه من تهجير وتركيع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة تحت آلاف الأطنان من الصواريخ والقذائف، سيفشل أيضًا أمام تشبث المقاومة بسلاحها وحقها في مقاومة المحتل.
ففي خضمّ تصاعد الضغوط الرامية إلى نزع سلاح المقاومة الفلسطينية كشرط لإنهاء الحرب المستمرة على غزة نقلت المقاومة بشتى فصائلها رسائل تحد كبيرة للكيان الصهيوني وداعمه الأمريكي؛ مفادها أنه لا مفاوضات تُفضي إلى التخلي عن سلاحها .
و أعلنت في بيانات رسمية وتصريحات صحفية خلال الساعات الأخيرة موقفها الرافض لأي نقاش من قبل الاحتلال أو الوسطاء بشأن سلاح المقاومة ومحاولات نزعه.
وفي هذا السياق، قالت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”: إن اشتراط العدوّ الصهيوني انسحاب المقاومة من غزة، إلى جانب نزع سلاحها، هو مخطّط أمريكي يهدف إلى سحب ورقة المحتجزين من يد المقاومة، تمهيدًا لتنفيذ مخطّط الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لتفريغ غزة وتهجير سكانها بالكامل.
وشدّد عضو المكتب السياسي للحركة، سهيل الهندي، في تصريح صحافي على “أن محددات المقاومة ثابتة، وتتمثل بالوقف التام لحرب الإبادة، والانسحاب الشامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وأي أفكار ومقترحات جديدة لا تتضمن هذه المحددات مصيرها الفشل”.
وأكدَّ أن “سلاح المقاومة غير قابل للنقاش، متمسكون بحق شعبنا المشروع في مقاومة الاحتلال بالأشكال كافة حتى التحرير والعودة”.
بدوره قال، رئيس الدائرة السياسية لـ “حماس” في الخارج سامي أبو زهري، إن “نزع سلاح المقاومة غير مطروح للنقاش، ولن يتحقق، وسلاح المقاومة سيبقى ما بقي الاحتلال، لأنه وُجد لحماية شعبنا وحقوقنا الوطنية”.
كذلك، أكدَّ عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد أبو السعود؛ “إن سلاح المقاومة حق خالص لشعبنا وهو خارج أي تفاوض أو تباحث”.
وقال أبو السعود في تصريحات صحفية، “لا أحد عاقل خارج المقاومة أو داخلها؛ يقبل بتسليم السلاح؛ وترك شعبنا مكشوف الظهر؛ ولهذا فمن البديهي أن يكون السلاح خارج أي نقاش أو حديث أو تفاوض”.
وأوضح “أن وجود شعبنا الفلسطيني؛ يرتكز بتمسكه بسلاحه، وحقه في مقاومته؛ وتقرير مصيره أسوة بشعوب الأرض”.
أيضًا، أكدّت لجان المقاومة في فلسطين، أنّ المقاومة منفتحة على أي مقترح ينهي الحرب بشرط انسحاب القوات الصهيونية وإعادة الإعمار دون قيود، لكنها رفضت بشكل قاطع أي نقاش حول تسليم سلاح المقاومة، معتبرة ذلك “حقاً أساسياً لشعبنا غير قابل للمساومة”.
وأكدَّت اللجان في بيان أن طرح العدو الصهيوني بند نزع سلاح المقاومة ضمن مقترحات الهدنة “يهدف إلى تعطيل المفاوضات وإفشالها”، مشيرة إلى أن ذلك “يثبت عدم رغبة العدو في التوصل إلى اتفاق يضمن وقف الحرب واستعادة أسرى الاحتلال”.
وشددت لجان المقاومة على أن “سلاح المقاومة خط أحمر”، قائلةً: “هو حق أساسي لشعبنا مرتبط بإنهاء الاحتلال وتحرير الأرض والمقدسات، ولن نتنازل عنه”. وأضافت: “سنفشل أوهام العدو الصهيوني وحليفه الأمريكي، ولن نسمح بفرض شروط بالإكراه والدمار”.
أما الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين؛ فشددت عبر عضو المكتب السياسي، سمير أبو مدللة على حق الشعب الفلسطيني في حمل السلاح والدفاع عن أرضه وكرامته هو حق مكفول وفق القانون الدولي وحق الشعوب في تقرير المصير.
وأضاف في تصريحات صحفية : “نحن لا نتحدث عن جيوش نظامية، بل عن مقاومة شعبية موحدة، وسلاحها هو سلاح مشروع في يد أبناء شعبنا للدفاع عن أنفسهم في وجه الاحتلال، وليس أداة عدوان”.
وأوضح أبو مدللة أن أي دعوة لتسليم السلاح في هذه المرحلة تُعد دعوة للاستسلام ولإطالة أمد الحرب والدمار ومزيد من استهداف المدنيين، مضيفًا أن المقاومة موحدة، والشعب الفلسطيني يرفض التهجير.
وفي المسار عينه؛ رفضت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية المقترح الذي نُقل عبر الوسيط المصري ويشمل نزع سلاح المقاومة في غزة، مؤكدة أن السلاح مخصص للدفاع عن النفس، وأن أي تهدئة لا تتضمن ضمانات حقيقية ستكون بمثابة فخ سياسي يكرّس الاحتلال بدلًا من مقاومته.
وفي بيان أصدرته اللجنة، التي تضم عدة فصائل من بينها حماس والجهاد الإسلامي، أكدت اللجنة أن سلاح المقاومة خط أحمر، وليس مطروحًا للتفاوض، وأن الحديث عنه في هذه المرحلة ما هو إلا محاولة للالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني وتضليل للرأي العام الدولي.
وفي قلب هذه الضغوط، رأى محللون سياسيون أن إعادة طرح فكرة نزع سلاح المقاومة في غزة، وجعلها شرطاً لوقف الحرب تعد ضرباً من ضروب الخيال، فوقائع الميدان والتاريخ الطويل للمقاومة الفلسطينية يكشفان استحالة فرض هذا الطرح على شعب يقاتل من أجل حريته.
حيث أكد المحلل السياسي حازم عيّاد، في حديث لـ”قدس برس” على أن “التنازل عن السلاح ليس مطروحًا في قاموس المقاومة، لأنه لا يعني فقط هزيمتها، بل هزيمة الشعب الفلسطيني بأكمله”. وبالتالي، فإن دعوات نزع سلاح غزة ليست سوى محاولة لإضعاف آخر ما تبقى من أوراق القوة بيد الشعب الفلسطيني.
وهو ما أكدته أستاذة العلوم السياسية المختصة بالشأن الفلسطيني، الدكتورة أريج جبر، في حديث للمصدر عينه بقولها إن “فكرة تحرير الأراضي الفلسطينية لا يمكن أن تتحقق إلا عبر المقاومة المسلحة، وليس عبر التنازلات والمفاوضات التي لم تسفر سوى عن اتساع المشروع الصهيوني”، مشددةً على أن “المقاومة الفلسطينية لا يمكن أن تقبل أي تخفيف عن المدنيين إلا بما يخدم المشروع الوطني الفلسطيني أولًا، إذ إن أي تنازل في هذه المرحلة يمثل ضربة قاصمة للقضية الفلسطينية”.