هل دخل الدعم الغربي لأوكرانيا مرحلة الكساد؟.. خبراء روس يجيبون
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
موسكو– انحسار تدريجي واضح بدأت تظهر ملامحه في الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا، هي خلاصة ما يؤكده مراقبون روس عند الحديث عن المرحلة القادمة من الحرب مع كييف، التي يؤكدون أنها ستكون لصالح القوات الروسية.
وما يعزز هذه الخلاصات، هو الرأي الواسع الانتشار في أوروبا، عن "عبث وعدم جدوى" المساعدة العسكرية لأوكرانيا، على خلفية الهجوم المضاد غير الفعال على الإطلاق من القوات المسلحة الأوكرانية، وفق ما أكدت مجلة "نيوزويك" الأميركية في عددها الصادر نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ونقلت قناة "إيه بي سي" التلفزيونية الأميركية في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري عن مسؤول أوكراني لم تذكر اسمه، أن كييف أعربت عن قلقها بشأن تراجع إمدادات الأسلحة من الولايات المتحدة، في ضوء الخلافات في الكونغرس الأميركي بشأن استمرار المساعدة لكييف، التي لا تتلقى -وفق ما نقلته المجلة- الذخائر الأساسية اللازمة، وتخاطر بدفع تكلفة باهظة في مواصلة العمليات ضد القوات الروسية.
حقائق جديدةويشير مراقبون روس إلى أن مزاج الخبراء العسكريين والسياسيين الغربيين فيما يتعلق بالآفاق الأوكرانية بدأ يتغير بسرعة، وأن المزيد والمزيد من الأصوات باتت تعترف بأن انتصار أوكرانيا على روسيا غير متوقع، مما يطرح تساؤلات عن الأسباب التي تقف وراء التغير في وجهات النظر، ولماذا بدأ الغرب يعترف بأن الوقت أصبح في صالح روسيا؟
ووفقًا للخبير العسكري العقيد المتقاعد فيكتور ليوتفكين، فإن النقص في الأسلحة والذخيرة في القوات المسلحة الأوكرانية سيزداد، وأكد في حديثه للجزيرة نت أن "أوكرانيا باتت تفتقر إلى كل شيء تقريبًا، القذائف والأفراد والدعم الجوي، إلى جانب انخفاض إمدادات الذخيرة، الذي أدى إلى انخفاض كبير في الدعم الناري للقوات".
كما يتابع ليوتفكين بأن "الهجوم المضاد فشل"، مستشهدا على ذلك بأن أوكرانيا أنفقت في عام 2022 حوالي 2.5 مليون قذيفة على الجبهة، بينما لا تزال هناك 20 ألف قذيفة من عيار 155 مليمترا في المستودعات الألمانية، التي تعد واحدة من الجهات المانحة الرئيسية للقوات الأوكرانية، بينما تنتج فرنسا أقل من 40 ألف قذيفة شهريًا، وتخطط الولايات المتحدة للوصول إلى رقم 90 ألف قذيفة شهريًا بحلول عام 2025.
يدل ذلك حسب رأي ليوتفكين، على أن الدعم الغربي لم يستطيع عمليا تلبية احتياجات القوات الأوكرانية، كما أشار إلى مشكلة تعطل المعدات الغربية التي تسببت بمشكلة للجيش الأوكراني، الذي ليس لديه ما يكفي من إمكانات لإصلاحها، ويواجه النقص في الكادر المتخصص القادر على ذلك.
ويخلص الخبير العسكري إلى أن الهجوم المضاد لم يؤد بعد إلى اختراق جدي، لأن القوات الروسية أمنت نظام دفاع متطور، وخطوطا متعددة الطبقات من التحصينات، وخلقت ميزة عددية من خلال التعبئة.
ثورة ملونة؟أكد مكسيم نيفينتشانني النائب في مجلس مقاطعة نيكوليايف، أن الغرب بات مقتنعا بأن الرئيس فولوديمير زيلينسكي بات يشكل عبئا عليه، بعد خسارة الرهان عليه في إضعاف وتدمير روسيا.
وتابع في حديثه للجزيرة نت بأنه "يتوقع بدء اضطرابات داخل أوكرانيا، بنسخة جديدة من الـ "ميدان" بإدارة غربية، للإطاحة بزيلينسكي، وإيصال نخبة جديدة من المسؤولين إلى سدة الحكم، لا سيما من العسكريين، تكون مهيأة لوقف الحرب مع روسيا وتوقيع اتفاق سلام دائم معها".
وردا على سؤال عما إذا كان الرأي العام في أوكرانيا يمكن أن يقبل بالواقع الجيوسياسي الجديد، المتمثل في خسارة القرم والمناطق الأربع التي انضمت إلى روسيا، أوضح نيفينتشانني أن "الناس باتت أكثر من أي وقت مضى تريد العودة إلى الحياة الطبيعية، وأن الحرب والخدمة الإجبارية وملفات الفساد في سدة الحكم هي الاعتبارات الأساسية التي باتت تحدد مواقف الشارع الأوكراني".
حسابات خاطئةبدوره رأى المحلل السياسي فلاديمير أولتشينكو، أن دعم القوات الأوكرانية في ساحات المعارك لم يسفر عن أي نتائج إيجابية لكييف والغرب، بل تحول إلى تقارير تظهر الخسائر من المعدات الغربية، التي أنفقت عليها مبالغ ضخمة، وهذا هو على وجه التحديد ما يراه الأوروبيون الآن مبررا لمعارضة الاستمرار في دعم أوكرانيا.
ويقول أولتشينكو إنه "سادت حالة من الجنون عندما شجعت الولايات المتحدة دول الناتو على تقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا، بشكل جماعي وفردي، وهنا نجحت أيضا الأطروحة التي روج لها الأميركيون بضرورة تقديم المساعدة بسرعة إلى كييف، لأن ذلك سيؤدي إلى إنهاك روسيا وحل الصراع لمصلحة الغرب، لكن هذه الفرضية قد استنفدت الآن" حسب تعبيره.
ويعتبر المحلل السياسي أن هناك فهما متزايدا في أوروبا لعبثية وعدم جدوى صرف الأموال على المساعدات العسكرية لأوكرانيا، بل أن الكثيرين يقولون إنه بالفعل ليس لديهم ما يقدمونه، وهي مناورة مريحة لتجنب أية دعوات أميركية جديدة لمساعدة أوكرانيا.
ويخلص المحلل السياسي ذاته لكون هذه النتيجة منطقية، لأن كل الأموال التي كان من الممكن استخدامها للدعم الاجتماعي أو الاستثمار أو التنمية في هذه البلدان، يتم إنفاقها في النهاية على الأسلحة التي يتم تدميرها في أوكرانيا، لكن ذلك لا يعني بأن المساعدات العسكرية لكييف ستتوقف، لكنها ستكون بكميات أقل من ذي قبل.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
موسكو.. هل يتجاوز ترامب الدولة العميقة ويجمّد المساعدات العسكرية لأوكرانيا؟
أثار دعم الولايات المتحدة الأميركية وحلف الناتو أوكرانيا في عام 2022 أكبر مواجهة بين موسكو والغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 عندما أوشك الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة على الدخول في حرب نووية. يقول دبلوماسيون روس وأميركيون إن العلاقات بين أكبر قوتين نوويتين في العالم تدهورت لأدنى مستوياتها فقط خلال أكثر أيام الحرب الباردة توترا.وقال المسؤولون الروس وعلى رأسهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل الانتخابات الأميركية، إنه أيا كان الفائز بالرئاسة الأميركية فلن يحدث فرقا بالنسبة لموسكو.
وفي خطاب النصر، شدد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أمام حشد من مؤيديه في مقر حملته الانتخابية بولاية فلوريدا على أنه سينهي الحروب في العالم، بما في ذلك الحرب الروسية الأوكرانية، قائلاً: "لن أبدأ الحروب، بل سأنهيها".
وكان رفض ترامب الإفصاح عما إن كان قد تحدث -بعد انتهاء ولايته السابقة - مع الرئيس الروسي كما ورد في كتاب الصحفي بوب وودورد لكنه قال إن الحديث معه "أمر حكيم" بالنسبة للولايات المتحدة. وذكر أن بوتين يحظى باحترام كبير في روسيا، وأشار أيضا إلى علاقاته الطيبة مع زعيمي الصين وكوريا الشمالية، وأضاف "روسيا لم تحظ قط برئيس يحترمونه بهذا القدر". وبعد انتخاب ترامب، قال الكرملين في بيان إن ترامب أدلى ببعض التصريحات المهمة حول رغبته في إنهاء حرب أوكرانيا خلال حملته، لكن الوقت فقط هو الذي سيخبر ما إذا كانت تلك التصريحات ستفضي إلى إجراء فعلي. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، لست على علم بأي خطط للرئيس بوتين لتهنئة ترامب على فوزه مشيرا إلى أن العلاقات مع واشنطن وصلت إلى أدنى مستوياتها التاريخية.
وأضاف: "قلنا مرارا إن الولايات المتحدة قادرة على المساهمة في إنهاء هذا الصراع. لا يمكن أن يتم ذلك بين عشية وضحاها، ولكن الولايات المتحدة قادرة على تغيير مسار سياستها الخارجية.. هل سيحدث هذا، وإذا كان الأمر كذلك، فكيف.. سنرى بعد تنصيب الرئيس الأميركي في كانون الثاني المقبل.
وقال كيريل دميتريف رئيس صندوق الثروة السيادي الروسي المصرفي السابق في غولدمان ساكس والذي كانت له اتصالات سابقة مع فريق ترامب ، إن فوز ترامب قد يكون فرصة لإصلاح العلاقات. ومع ذلك سبق وأبدى نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف تخوفاً من أن يتعرض ترامب لعملية اغتيال إذا حاول وقف الحرب في أوكرانيا، لذلك لن يستطيع القيام بذلك.
فماذا يقول السفير الروسي السابق في لبنان الكسندر زاسيبكين؟
إن فوز ترامب قد يسهل افتراضياً ، كما يقول زاسيبكين لـ"لبنان24"، إنهاء الحرب على الساحة الأوكرانية لأنه وعد ببذل الجهود من أجل التوصل إلى المصالحة بين موسكو وكييف من خلال التواصل مع الرئيس بوتين وفلاديمير زيلينسكي، إلا أن الجانب الروسي يبدي شكوكاً في تحقيق هذا الهدف لأن نظام كييف تخلى عن مشروع اتفاق اسطنبول واتخذ قراراً برفض التفاوض مع روسيا، ومنذ ذلك الوقت أصبح الحسم العسكري مطروحاً دون أية توقعات بالعودة إلى التفاوض، وفي هذا الصدد يتساءل الجانب الروسي ما هي الأدوات التي يريد الرئيس ترامب استخدامها للوصول إلى اتفاق، واذا كان المقصود إيقاف المساعدات العسكرية لأوكرانيا فهذا جيد، لكن الدولة العميقة في الولايات المتحدة على ما يبدو لن تسمح لترامب بذلك، وإذا قرر ترامب الاستمرار في سياسة الرئيس السابق جو بايدن وتقديم المزيد من السلاح لأوكرانيا للضغط على روسيا، فلن ينجح بسبب صمود روسيا، وإذا حاول إيجاد حل وسط، فموقف روسيا معروف ويتمثل باستعدادها الدائم للبدء بالمفاوضات على أساس مشروع اتفاق اسطنبول وذلك أخذاً في الاعتبار مستجدات الأوضاع على الميدان، لكن من الواضح أن زيلينسكي لن يوافق على ذلك وفي هذه الحالة سوف يواصل الجيش الروسي تقدمه كما يحدث الان حتى قبول أوكرانيا بالشروط الروسية بما في ذلك الموافقة على انضمام أربعة مناطق جديدة إلى روسيا.
وبالعودة إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية، فيمكن القول بحسب زاسيبكين، أن أكثرية الخبراء الروس لا يتوقعون تغييرات كبيرة في السياسة الأميركية على الساحة الأوكرانية بغض النظر عن شخصية صاحب البيت الأبيض، وإذا طرأ أي تغيير في المستقبل فسيكون لأسباب موضوعية تتصل بأن الولايات المتحدة لم تعد قادرة بشكل خاص والمعسكر الغربي بشكل عام على مواصلة المواجهة مع الأقطاب الأخرى ، لذلك قد تلجأ إلى إنهاء هذه المرحلة والانتقال إلى تنقية الأجواء وإعادة ترتيب العلاقات لتأمين الاستقرار والتنمية المستدامة
وبحسب زاسيبكين، من الممكن التكهن أن إدارة واشنطن قد تحاول افتعال المشاكل بين الأقطاب الأخرى مثلا بين روسيا والصين، لكنها سوف تفشل خاصةً أمام النمو السريع لقدرات مجموعة البريكس.
المصدر: لبنان 24