أمام مشهدية المجازر التي ترتكبها إسرائيل كل يوم فإنه على اغلب الظنّ أن القارئ العربي عمومًا واللبناني خصوصًا قد ملّ مما نكتبه كل يوم. "العدّية" نفسها نكرّرها يوميًا، ولكن بأساليب مختلفة، وذلك اعتقادًا منا بأن لجوءنا إلى بعض الحيل في تنميق بعض التعابير واللعب على الكلمات قد يساعدنا لكي لا نقع في الرتابة أولًا، ولإرضاء القرّاء ثانيًا، ومحاولة إبعاد الملل نتيجة كل ما يقرأونه أو يسمعونه أو يشاهدونه.

فالأسطوانة نفسها تتكرّر وكأن إبرة "الفونوغراف" معلّقة عند مواضيع قد أصبح الحديث عنها مموجًا لكثرة علقه وتكراره، باعتبار أن المثل الشعبي اللبناني عن التكرار لا ينطبق على حال القارئ العربي واللبناني. فلا حديث يعلو اليوم على الحديث عن معاناة أهل غزة، وما يتعرّضون له من قصف همجي ووحشي على عدد دقات عقارب الساعة. أمّا لبنانيًا فإن الحديث عن جبهة الجنوب، التي تلتهب أحيانًا وتخمد أحيانًا أخرى، هو الحديث السائد. وما نحاول أن نكتبه كل يوم ليس سوى رجع لصدى حديث الصالونات، إذ لا يخلو أي لقاء وعلى أي مستوىً كان من التطرّق إلى كمّ هائل من الاستنتاجات عمّا يمكن أن تؤول إليه التطورات الجنوبية، مع ازدحام الأسئلة الكثيرة عمّا إذا كان "حزب الله" سيُدخل لبنان في حرب شاملة. 

أمّا الموضوع الأهم لحديث الصالونات والصحف والمواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي ولمطالع النشرات الإخبارية فهو موضوع قيادة الجيش مع اقتراب موعد إحالة قائده الحالي العماد جوزاف عون إلى التقاعد في العاشر من شهر كانون الثاني المقبل، وعمّا إذا كان التمديد له سيكون هو الأرجح من بين المخارج المطروحة لتلافي الفراغ في قيادة الجيش في هذا الوقت المفصلي، مع ما لهذه المؤسسة، التي لا تزال الملاذ الآمن، من أهمية وطنية خاصة.  

والذين تتبعوا ما يصدر من تصريحات وحملات متبادلة حول موضوع التمديد للعماد عون يعتقد أن الدنيا بألف خير، وأن هموم المواطن باتت محصورة بما يمكن أن يقوله بعض من هؤلاء السياسيين، الذين تباعد بينهم وبين ناسهم مسافة ضوئية تُقاس بالسنين. فهموم المواطنين في مكان غير المكان الذي يحاول بعض رجال السياسة وضعهم فيه، وهو المكان الذي لا يشبههم بشيء، بل يشبه المصالح التي تجمع هؤلاء السياسيين حينًا، وتباعد بينهم أكثر الأحيان.  

فإذا كان المواطنون قد ملّوا مما نكتبه ومما نحاول أن نقدّمه من مادة جديدة جديرة بالقراءة، وتخاطب عقولهم وليس غرائزهم، فإنهم لم يعودوا بالتأكيد يهتمّون بما يقوله هذا السياسي أو ذاك الزعيم، مع ما بات راسخًا في أذهانهم من أن أغلبية ما يسمعونه لا يخلو من كمّية غير مبالغ فيها من الدجل السياسي لأغراض شعبوية لم تعد حبائلها تنطلي على أحد. 

لا نعمّم. ولكن إذا اقتضى الأمر فإن التعميم يصبح أداة من بين أدوات كثيرة للدفاع عن وجهة نظر لا نزال نعتقد أنها الأصح نسبيًا في ما يتعلق بأي محاولة للمسّ بهيبة المؤسسة العسكرية، لأننا مقتنعون بأن ما يُبقي لبنان واقفًا على رجليه هو هذا التفاني الذي يبديه جميع المنتمين إلى "مؤسسة الانصهار الوطني" في تنفيذ ما يُطلب منهم من مهام أمنية. 

من هنا، فإن المسّ بمعنويات الضباط والرتباء والجنود في هذه الظروف الصعبة، التي يمرّ بها البلد، هو بمثابة "الخيانة العظمى"، بغض النظر عمّا يتم تداوله من حلول لتحاشي الوصول إلى أي فراغ في القيادة العسكرية. فإذا كان موضوع عدم تسريح العماد جوزاف عون والتمديد له لسنة أو إلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية هو الحلّ فلتأخذ الأمور مسارها الطبيعي، ولتؤخذ المصلحة العليا للوطن في الاعتبار، لأن الاستقرار العام خطّ أحمر، وهو فوق أي اعتبار آخر. 

أمّا إذا كان هذا الحلّ متعذّرًا، وهو ليس كذلك، فليؤخذ القرار المناسب، الذي من شأنه أن يؤّمن ديمومة الاستقرار، وديمومة بقاء المؤسسة العسكرية – الأم الأمل الباقي بقيامة قريبة لوطن لم نعد نعرف ماذا نكتب عنه، وهو الذي لا يزال الأجمل على رغم ما يُلصق به من تشوهّات وبشاعات هي بعيدة كل البعد عن طبيعته وطبيعة أهله، الذين يحبّون الحياة وثقافتها. 
   المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: إذا کان

إقرأ أيضاً:

الدمار في غزة عظيم| مصطفى بكرى: أيها العالم الجبان أين الحديث عن حقوق الإنسان

قال الإعلامى مصطفى بكرى، لا تسألنى عن عدد الضحايا فى غزة، عائلات كاملة شطبت،معقبا:" حتى  بيوت الله هدمت حيث دمرت المساجد والكنائس".


وتابع بكرى، خلال برنامج حقائق واسرار المذاع عبر قناة صدى البلد أن الدمار فى غزة عظيم حتى أن أشلاء الشهداء اختلطت مع بعضها البعض.

الصحة العالمية: الوضع في غزة كارثي والإمدادات الإنسانية محجوبةخبير: غزة تكشف تواطؤ المجتمع الدولي وصمته المخزي تجاه القضية الفلسطينيةخبير: تصريحات كاتس تكشف مخططًا ممنهجًا لضم ربع غزة وتهجير سكانها5 شهداء في قصف للاحتلال الإسرائيلي على غزة وخان يونسخبير: إسرائيل تهدف لتحويل غزة إلى منطقة استعمارية واستثمارية لصالحهاخبير: إسرائيل تفرض قيودًا صارمة على الصحافة العبرية خلال العمليات العسكرية على غزةابناء غزة وفلسطين 


وأكد الإعلامى مصطفى بكرى، أن ابناء غزة وفلسطين متمسكون بأرضهم صامدون كأشجار الزيتون ولن يتركوها حتى لو كان مصيرهم الاستشهاد.

وأضاف مصطفى بكرى قائلا:" ايها العالم الجبان أين الحديث عن حقوق الإنسان قررتم جميعا القضاء على الشعب الفلسطيني العظيم.

وكان كشف الناطق العسكري باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، اليوم الجمعة، عن أن نصف الأسرى الإسرائيليين يتواجدون في المناطق التي طلب جيش الاحتلال إخلاءها في قطاع غزة.

وقال أبو عبيدة عبر حسابه بمنصة “تليجرام”: “إن كتائب القسام قررت عدم نقل هؤلاء الأسرى من تلك المناطق؛ وذلك ضمن إجراءات تأمين مشددة، لكنها محفوفة بالمخاطر الشديدة على حياتهم”، بحسب ما أوردته وكالة الصحافة الفلسطينية "صفا".

مقالات مشابهة

  • "الشعب يريد إعلان الجهاد".. آلاف الطلبة التونسيين يتظاهرون رفضا للمجازر الإسرائيلية في غزة
  • فيديو.. حماس تعلن قصف أسدود في إسرائيل برشقة صاروخية
  • مظاهرات عربية وعالمية تطالب بوقف المجازر الإسرائيلية في غزة
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • غدًا .. انعقاد مجلس الحديث الأربعين من مسجد الإمام الحسين
  • شاهد بالفيديو.. من “بلكونة” شقتها بالقاهرة.. سيدة سودانية توثق لعودة مئات السودانيين إلى وطنهم و 9 بصات سفرية تنقل المواطنين يومياً من أمام العمارة التي تسكن فيها
  • رؤية المستقبل الحديث
  • مصطفى بكرى: أيها العالم الجبان أين الحديث عن حقوق الإنسان
  • الدمار في غزة عظيم| مصطفى بكرى: أيها العالم الجبان أين الحديث عن حقوق الإنسان
  • أكبر أزمة أيتام في التاريخ الحديث.. أرقام صادمة لضحايا العدوان على غزة من الأطفال