الجزيرة:
2024-12-27@05:48:52 GMT

هدنة غزة.. مكاسب الأطراف وحساباتها

تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT

هدنة غزة.. مكاسب الأطراف وحساباتها

يعبّر إعلان اتفاق الهدنة في المعركة الدائرة في قطاع غزة عن محصّلة صراع الإرادات بين مختلف الأطراف المؤثرة في هذه المواجهة حتى الآن، إذ يأتي بعد أزيد من شهر ونصف الشهر من الاشتباك العسكري والسياسي والإعلامي فيما بينها.

ونتيجة لذلك، يمكن استقراء الوضع الحالي للصراع عن طريق تحليل بنود اتفاق التهدئة، ومقارنتها بمواقف ومصالح الطرفين الرئيسيين وحلفائهما.

دوافع القرار

بالنسبة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فقد أوقعت بالاحتلال ضربة عسكرية وسياسية غير مسبوقة بهجومها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأسرت عددا كافيا للإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، ولذلك فمن مصلحتها توقف الهجوم الإسرائيلي على القطاع في أسرع وقت، وقد كان هذا موقفها من البداية.

ورغم ذلك، فإن وقف إطلاق النار بشكل دائم في ظل وجود عسكري إسرائيلي داخل القطاع ربما لا يكون من مصلحتها.

ومما زاد من حاجة الحركة إلى الهدنة تفاقم معاناة سكان القطاع بفعل العدوان والحصار المشدّد، وتدمير مرافق الحياة المدنية، في ظل عجز عربي وإسلامي عن إحداث ضغط كاف عن ردع الاحتلال عن عدوانه أو حتى كسر الحصار بأي شكل كان.


وفي المقابل، فإن الأولوية الإستراتيجية للاحتلال هي إدامة وتركيز الضغط على سكان القطاع وعلى حركة حماس، وتحقيق مكسب إستراتيجي يعوض الاختلال البالغ في الصورة والمكانة الناتج عن عملية طوفان الأقصى. إلا أن قبول الهدنة، أو التهدئة كما سمتها كتائب القسام، عائد إلى دوافع عدة، منها:

تزايد الضغط الدولي المطالب بهدنة إنسانية، الذي بلغ ذروته بدعوة مجلس الأمن منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الجاري إلى هدن وممرات إنسانية، وتبلور موقف أميركي دافع بهذا الاتجاه، متأثر بتزايد الضغوط الشعبية عموما، وبين قواعد الحزب الديمقراطي خصوصا، وهو ما يحدث قلقا لدى الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن أثر الحرب على فرص إعادة انتخابه في الانتخابات الرئاسية نوفمبر/تشرين الثاني العام المقبل. تزايد الضغط الداخلي المطالب بتحرير الأسرى لدى المقاومة، والذي توّجته مسيرة كبرى لأهاليهم من تل أبيب إلى القدس. وهذا مسار حرصت المقاومة على تفعيله من خلال مقاطع الفيديو التي نشرتها بخصوص الأسرى، وتصريحاتها بشأن مقتل العشرات منهم بفعل القصف الإسرائيلي على القطاع. اتضاح العجز عن تحقيق حسم ميداني في شمال القطاع، رغم مرور أكثر من شهر ونصف الشهر من بدء الحرب، وذلك في ظل مقاومة نسبة كبيرة من سكّانه ضغوط الاحتلال الساعية إلى تهجيرهم، وبفعل وتيرة أعمال المقاومة التي تزداد كلما ازداد توغل جيش الاحتلال داخل المناطق المأهولة. آثار الهدنة

أما آثار الهدنة على الطرفين، فيمكن تقييمها على النحو التالي:

على صعيد الوضع الإنساني، تلبي الهدنة حاجة ماسّة لسكان القطاع، من خلال توفير الغذاء والماء والعلاج، بعد أن وصلت الحال إلى "مجاعة واسعة النطاق"، وفقا لوصف برنامج الأغذية العالمي، إضافة إلى توفير الفرصة لاستخراج جثامين آلاف الشهداء من تحت الأنقاض.

وهذه القضايا أساسية لتعزيز صمود سكان القطاع في مواجهة العدوان الإسرائيلي.

أما في ملف التهجير، الذي يشكّل إستراتيجية للاحتلال في التعامل مع القطاع في الوقت الحالي، فيتوقع أن يسهم إيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال القطاع في تمكين الراغبين في البقاء فيه من الصمود لفترة أطول.

وفي الوقت ذاته، فإن الهدنة بما نصت عليه من السماح لسكان شمال القطاع بالنزوح إلى جنوبه قد تدفع إلى نزوح جزء ممن بقوا في شمال القطاع، الذين يقدّر عددهم بنحو 800 ألف مواطن، وفقا لجهاز الإحصاء الفلسطيني.

أمّا النازحون من الإسرائيليين الذين يقدّر عددهم بنصف مليون، فلا يتوقع لهم العودة في ظل الهدنة، بسبب غياب اليقين بشأن ما سيجري بعدها، وبما ستؤول إليه الحرب.

الاشتباك الميداني

وفي ملف الاشتباك الميداني، تصب الهدنة بشكل أكبر في مصلحة المقاومة، إذ تقلّل من زخم الهجوم الإسرائيلي، وتدفع قوات الاحتلال إلى اتخاذ وضع دفاعي، بفعل تعذّر الفعل الهجومي عليها، في حين أنها في أرض معادية تتمركز المقاومة تحتها، وتحظى بدعم واحتضان السكان فيها.

كما تمكّن الهدنة المقاومة من ترميم بعض قدراتها وتعزيز استعداداتها لاستئناف القتال، وهو الأمر الذي تحتاجه أكثر من جيش الاحتلال الذي لديه عمق جغرافي وإمداد لوجستي من خارج أرض المعركة الرئيسية.

ويشكّل أثر الهدنة على ديمومة الحرب هاجسا لحكومة الاحتلال التي تخشى من تراجع الدعم الدولي لعدوانها حينما تستأنفه عقب انتهاء الهدنة، إذ سيكون تبريره أصعب، كما أن دافعية الجيش عموما وقوات الاحتياط خصوصا لاستئناف القتال ستنخفض خلال فترة الهدنة، وذلك بفعل استمرار الحشد والاستنفار من دون القيام بعمل قتالي.

وقد أثار هذا الأمر خلافات داخل حكومة نتنياهو، مما دفعه إلى التأكيد أنّ جيش الاحتلال سيستأنف الحرب بقوّة فور انتهاء الهدنة.

وعلى كل الأحوال فعلى الأرجح ستكون القيود على حرية العمل العسكري الإسرائيلي في القطاع أكبر في حال استئناف العدوان عقب انتهاء الهدنة. ويظهر هذا في أمور منها طلب الولايات المتحدة إيجاد مناطق آمنة في جنوب القطاع قبل توسيع العملية البرية فيه.


 

تبادل الأسرى

وفي ملف تبادل الأسرى، من المرجح أن كتائب القسام لم تسع إلى أسر غير العسكريين لدى قيامها بعملية طوفان الأقصى، إلا أن من دخلوا من المدنيين الفلسطينيين أو عناصر فصائل أخرى هم من جلبوا هؤلاء معهم، وهو ما ظهر في موقف حركة حماس المبكّر بهذا الشأن، وخصوصا في ما يتعلق بالأسرى من ذوي الجنسيات غير الإسرائيلية.

إلا أنّه مع توسع وتصاعد العدوان الإسرائيلي بدأ موقف الحركة بالتشدّد بشأنهم، وربط الإفراج عن أي منهم بإقرار هدنة والإفراج عن بعض الأسرى الفلسطينيين، وربط فئة من يعتبرهم الاحتلال مدنيين، بفئة النساء والأطفال في سجونه، وهو ما أدى إلى معادلة تؤدّي حال اكتمالها إلى تحرير هاتين الفئتين مقابل الأسرى من غير جنود الاحتلال.

ويعدّ هذا مكسبا إضافيا للمقاومة إلى جانب إقرار الهدنة، وفي المقابل فسيشكّل مكسبا لحكومة الاحتلال التي ستتخفّف من ضغوط بعض الدول التي تسعى إلى تحرير مواطنيها، كالولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وكندا وهولندا والبرتغال والأرجنتين. كما سيعطيها الأمر صورة نصر جزئي ستسعى إلى تضخيمه إعلاميا.

وعلى الصعيد الداخلي الإسرائيلي، فإن الإفراج عن جزء من الأسرى سيلبي مطالب شعبية بهذا الخصوص، إلا أنه أيضا سيعزّز مساعي بقية الأسرى للإفراج عن ذويهم قبل استئناف العدوان على القطاع، ومن شأن ذلك إثارة احتجاج أهالي الأسرى العسكريين بشأن التمييز بين العسكريين والمدنيين في صفقات التبادل، مما يقلل من تماسك الجبهة الإسرائيلية الداخلية في إسناد الحرب.


الاقتصاد الإسرائيلي

أما فيما يتعلق بأثر الهدنة على الاقتصاد الإسرائيلي، فيتوقع أن يكون أثرها محدودا، إذ لن يكون بإمكان حكومة الاحتلال تسريح عدد كبير من جنود الاحتياط الذين جنّدتهم للحرب، ولن يكون سهلا استئناف الأعمال الاقتصادية المعطلة، بفعل حالة الترقّب التي لن تنتهي خلال الهدنة.

وبذلك فسيبقى نزيف الاقتصاد الإسرائيلي مستمرّا على الرغم من تعطّل جهود الضغط العسكري على القطاع خلال الهدنة، مما يعزّز المحصّلة الإيجابية لهذا الاتفاق بالنسبة إلى المقاومة.

وفي جبهات المقاومة الأخرى، فإذا وافق الاحتلال على أن تكون مشمولة بالتهدئة فمن شأن ذلك تكريس سابقة بشأن تعامل الاحتلال مع المقاومة وداعميها بشكل موحّد، وهذا وإن كان ملزما على صعيد الأطراف السياسية كحزب الله في لبنان، إلا أنه لن يكون ملزما على المستوى الشعبي في الضفة القدس.

وفي المقابل، من شأن ذلك تخفيف الضغوط على جبهته الداخلية، وتمكينه من زيادة الاستعدادات لمواجهة التصعيد على هذه الجبهات، وخصوصا على الجبهة الشمالية، التي حرص حزب الله فيها على فرض "إعماء عسكري" على الاحتلال، من خلال الاستهداف المكثف لمختلف وسائط المراقبة على الحدود، وهو ما سيتمكّن الاحتلال من تجاوزه خلال فترة الهدنة.

وبملاحظة محصّلة مكاسب الطرفين المترتبة على الهدنة، يتّضح أن الميزان يميل إلى صالح المقاومة والفلسطينيين بشكل واضح، وإن كانت هناك مكاسب أيضا للاحتلال.

وختاما فإن الدلالة الأهم للهدنة هي عجز الاحتلال عن الاستمرار في سياسة ممارسة الضغط الأقصى على الفلسطينيين والمقاومة لتحقيق الأهداف المعلنة لحربه، وهي تحرير أسراه وتقويض قدرات حركة حماس.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: شمال القطاع على القطاع القطاع فی وهو ما إلا أن

إقرأ أيضاً:

إسرائيل: حماس تراجعت عن التنازلات التي أدت لاستئناف مفاوضات غزة

زعمت هيئة البث الإسرائيلية، اليوم الأربعاء 25 ديسمبر 2024، بأن "حركة حماس ترفض تقديم قائمة المحتجزين الأحياء والأموات الذين سيفرج عنهم في المرحلة الأولى، وسيتم تبادلهم مع أسرى فلسطينيين، في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار والافراج عن المحتجزين".

وأضافت الهيئة نقلاً عن مصادر، أن الحركة تراجعت عن التنازلات التي أدت لاستئناف المحادثات وعادت لتطالب بإنهاء الحرب.

إقرأ أيضاً: الإعلام العبري: مفاوضات غزة لم تنهار وتفاهمات بشأن فيلادلفيا ونتساريم

وفي وقت سابق، أفادت وكالة الأنباء الفرنسية، نقلًا عن قيادي في حركة حماس، بأن اتفاق وقف إطلاق النار سيقضي بوقف الحرب تدريجيًا والانسحاب الإسرائيلي من غزة.

وأضاف القيادي بحركة حماس، أن اتفاق وقف إطلاق النار سينتهي بصفقة جادة لتبادل الأسرى والمحتجزين ووقف دائم للحرب، ومن الممكن أن يرى اتفاق وقف إطلاق النار النور قبل نهاية العام الجاري، إذا لم يعطله رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو .

وأشار إلى أن هناك بعض النقاط العالقة في مفاوضات وقف إطلاق النار لكنها لا تعطل التوصل لاتفاق، مضيفًا أنه تم الاتفاق على معظم النقاط المتعلقة بقضايا وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين.

وأكدت قناة كان العبرية نقلاً عن مصادر مطلعة على مفاوضات صفقة الأسرى، أن المفاوضات لم تنهار، وأن عودة الوفد الإسرائيلي كانت بهدف اتخاذ قرارات في إسرائيل بشأن كيفية المضي قدمًا في المفاوضات.

وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أكد، مساء أمس، عن عودة فريق المفاوضات الإسرائيلي الذي يضم مسؤولين رفيعي المستوى من الأجهزة الأمنية إلى تل أبيب، وذلك بعد أسبوع من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، المكثفة في قطر.

وقال مكتب نتنياهو، في بيان صحفي، إن الوفد الذي يضم مسؤولين من جهاز الموساد والأمن العام (الشاباك) والجيش الإسرائيلي، يعود لـ"إجراء مشاورات داخلية في إسرائيل بشأن استكمال المفاوضات لإعادة الأسرى" المحتجزين في قطاع غزة.

وأشار مكتب نتنياهو إلى "أسبوع مهم من المفاوضات" في قطر، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.

المصدر : وكالة سوا

مقالات مشابهة

  • حصاد 2024.. أبرز اغتيالات الاحتلال الإسرائيلي لقيادات «حماس» و«حزب الله»
  • لافروف: لا جدوى من هدنة هشة ونريد اتفاقا يضمن أمن روسيا
  • شتاء ثانٍ تحت الحصار الإسرائيلي.. الجوع والبرد يفاقمان أزمة فلسطين مع استمرار الحرب
  • خبير عسكري: بنية المقاومة تضررت خلال الحرب لكنها لا تزال قادرة على العمل
  • لافروف : نرفض أي هدنة مع أوكرانيا
  • خبيران: عمليات المقاومة أكثر نوعية والاحتلال يعاني نقص احترافية واضحا
  • لافروف: نرفض أي هدنة مع أوكرانيا
  • إسرائيل: حماس تراجعت عن التنازلات التي أدت لاستئناف مفاوضات غزة
  • طائرات سلاح الجو الإسرائيلي تقصف بلدة طمون شمال الضفة الغربية
  • مغردون عن عملية القسام ببيت لاهيا: هكذا يكون تحرير الأسرى يا نتنياهو