فاجأت تركيا الأسواق العالمية برفع أسعار الفائدة لمستوى تاريخي ما يشكل ضغطا على الأسواق الناشئة بما فيها مصر التي تعاني من أعراض اقتصادية مزمنة، فهل تؤشر تلك الخطوة على مستقبل الإجراءات الاقتصادية المقبلة؟.

ومع استمرار وتيرة تشديد السياسة النقدية، رفع البنك المركزي التركي سعر الفائدة أكبر من المتوقع إلى 40% بمقدار 500 نقطة أساس يوم الخميس الماضي؛ وبذلك تكون أسعار الفائدة ارتفعت بأكثر من 30 نقطة مئوية منذ إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان في أيار/ مايو.





تأتي تلك الخطوة استمرارا لمحاولة البنك المركزي مكافحة التضخم المرتفع وانخفاض الليرة، حيث وصل معدل التضخم في البلاد إلى 61٪ في تشرين الأول/ أكتوبر فيما يتم تداول الليرة عند 28.76 التي انخفضت 35% مقابل الدولار منذ بداية العام.

 لكن كيف يمكن أن تؤثر إجراءات البنك المركزي التركي على الاقتصاد المصري وكيف يمكن أن تحدد ملامح التغيرات الاقتصادية التي سوف ينتهجها نظيره البنك المركزي المصري خلال الفترة المقبلة بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية في مصر.

تتقاطع أزمة اقتصاد البلدين في أكثر من نقطة مثل ارتفاع معدلات التضخم وتراجع العملة المحلية وضعف الاستثمارات الأجنبية حيث انخفضت العملة المحلية في مصر بأكثر 100% وقفز التضخم الأساسي في مصر إلى أكثر من 40% قبل أن يتراجع قليلا إلى 38.1% في تشرين الأول/ أكتوبر.

  ويضغط صندوق النقد الدولي على مصر لاتخاذ إجراءات إصلاحية هيكلية من أجل استمرار برنامج القرض الجديد البالغ 3 مليارات دولار والذي توقف سريعا بعد صرف أول جزء بسبب تباطؤ الحكومة المصرية في الالتزام بشروط الصندوق.

 كان على رأس تلك الشروط تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وزيادة أسعار الفائدة من أجل كبح معدلات التضخم المرتفعة، وتخفيف قبضة الدولة على الاقتصاد وخاصة الجيش والسماح للقطاع الخاص بالنمو والعمل بحرية أكثر.

مصر على خطى تركيا بعد الانتخابات الرئاسية

يعتقد المستشار الاقتصادي رئيس منتدى التنمية والقيمة المضافة، أحمد خزيم، أن إجراءات التشديد النقدي في تركيا سوف تنعكس على مصر الذي جمدت قرارات الخروج من الأزمة الاقتصادية لأسباب سياسية، وقال لـ"عربي21": "إن صندوق النقد والبنك الدوليين والمؤسسات المالية العالمية تتوقع أن يشهد عام 2024 مؤشرات اقتصادية سلبية مثل تراجع معدلات التضخم وتراجع نسب النمو الاقتصادي في العديد من دول العالم ولكنها سوف تختلف من بلد إلى آخر".



وأضاف أن "تركيا قبل انتخابات الرئاسية في مايو الماضي حاولت الحفاظ على أسعار الفائدة من خلال هندسة مالية مفادها اتباع سياسات مالية ونقدية تيسيرية ولكنها أدت في نهاية المطاف إلى قفزة في التضخم وهروب رؤوس أموال المستثمرين الأجانب لكنها بعد الانتخابات عدلت من سياستها إلى النقيض تماما وبشكل متسارع ومع تطورات الأوضاع السياسية في المنطقة سوف تزيد من صعوبة الأوضاع الاقتصادية في بلاد المنطقة وتضغط عليها لاتخاذ إجراءات مشابهه".

وأوضح  خزيم أن "مصر خلال الأعوام الماضية اتبعت نفس السياسة من خلال محاولة تثبيت سعر صرف الجنيه في البنك المركزي لكنها لم تمنع من ارتفاع معدلات التضخم إلى مستوى قياسي وهروب الاستثمارات الأجنبية وانخفاض الجنيه بأكثر من 30% مقارنة بالسعر الرسمي حتى تجاوز 50 جنيها للدولار وهذا جزء من الأزمة الاقتصادية، ولكن مع انتهاء الانتخابات الرئاسية في ديسمبر المقبل سوف نشهد تغيرا كبيرا على غرار ما حدث في تركيا، وأتوقع أن يصل سعر الجنيه رسميا 40 جنيها وبالتالي سوف تزيد معدلات التضخم والتي بدورها سوف تدفع المركزي المصري إلى زيادة أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى".

كيف يضغط رفع الفائدة في تركيا على مصر؟

توقع الخبير الاقتصادي، الدكتور ياسر عبد العزيز، أن تؤثر إجراءات المركزي التركي على الاقتصادي المصري الذي يعاني من أعراض متشابهة، وقال: إن "قرارات التشديد النقدي التركية سوف تمثل ضغطا على باقي الأسواق الناشئة ومنها مصر التي تتشابه إلى حد ما في مستوى التضخم وإن اختلفت الأسباب بين البلدين".



 وأوضح لـ"عربي21": "وبالتالي هناك مطالب باتباع البنك المركزي المصري لسياسة التشديد النقدي ورفع الفائدة لمستوى يقلل الفجوة بين معدل الفائدة 20.25% ومعدل التضخم 38% حتى يرفع من قيمة الجنيه ويقلل الطلب على الدولار من ناحية وحتى يجذب استثمارات الأجانب من ناحية أخرى وفي نفس الوقت تقليل الإنفاق الدولاري غير ذي أولوية وابتكار أساليب جديدة لجذب الدولار".

 وتابع الخبير الاقتصادي "ما نراه في تركيا من ارتفاع للتضخم بلغ في العام الماضي 85% والعام الحالي 65% ومتوقع العام القادم 36% هو نتيجة منطقية للسياسة الغير تقليدية بخفض الفائدة والتي أدت أيضا لخسارة الليرة 31% من قيمتها مؤخرا وبالتالي كان من المنطقي اتباع سياسة التشديد النقدي الحالية ورفع الفائدة لمستوى 40% لتحجيم التضخم وجذب الدولار".

وفق بيانات البنك المركزي  المصري المنشورة على موقعه الإلكتروني، تضاعف الدين الخارجي على أساس مالي مرتين بزيادة بنحو 195%، خلال آخر 7 سنوات، أي منذ بدء التعاون مع صندوق النقد الدولي في الإصلاح الاقتصادي ومواجهة أزمة نقص النقد الأجنبي وسد الفجوة التمويلية.

وزاد الدين الخارجي خلال تلك الفترة من نحو 55.8 مليار دولار في نهاية العام المالي 2015-2016 إلى نحو 164.72 مليار دولار في نهاية 2022-2023، وهو ما يعادل نحو 40.3% من حجم الناتج المحلي الإجمالي بنهاية حزيران/ يونيو 2023، لكن البنك المركزي المصري يصفه بأنه ضمن الحدود الآمنة وفقا للمعايير الدولية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي تركيا الفائدة مصر اقتصادية مصر اقتصاد تركيا فائدة المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المرکزی المصری التشدید النقدی أسعار الفائدة البنک المرکزی معدلات التضخم فی ترکیا

إقرأ أيضاً:

الذهب إلى أدنى مستوى في 8 أسابيع والدولار عند أعلى مستوى في عام

تراجع الذهب للجلسة الخامسة على التوالي الخميس إلى أدنى مستوى في ثمانية أسابيع بتأثير من قوة الدولار وارتفاع عوائد سندات الخزانة، وسط حالة من عدم اليقين بشأن وتيرة خفض أسعار الفائدة من جانب البنك المركزي الأمريكي.

وهبط الذهب في المعاملات الفورية 0.6 بالمئة إلى 2559.39 دولار للأوقية (الأونصة) بعد أن سجل أدنى مستوياته منذ 19 أيلول/ سبتمبر  في وقت سابق من الجلسة.

وانخفضت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 0.9 إلى 2564.00 دولارا.

وقال كايل رودا محلل الأسواق المالية لدى كابيتال دوت كوم "في الوقت الراهن، يتحرك الذهب تحت ضغط الدولار والعوائد... ورغم أن بيانات التضخم التي صدرت الليلة الماضية تشير إلى أن بنك الاحتياطي الاتحادي قد يكون قادرا على خفض الأمور قليلا في الشهر المقبل، فإن العام القادم تحرِكه توقعات ارتفاع التضخم وبالتالي خفض أسعار الفائدة بشكل أقل".



وأظهرت البيانات الصادرة الأربعاء أن أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة ارتفعت كما كان متوقعا في تشرين الأول/ أكتوبر .

وعادة ما يكون الذهب أداة للتحوط ضد التضخم، إلا أن ارتفاع أسعار الفائدة يقلل من جاذبية المعدن النفيس الذي لا يدر عوائد.

وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، تراجعت الفضة في المعاملات الفورية 0.9 بالمئة إلى 30.05 دولار للأوقية وهو أدنى مستوى لها منذ 19 أيلول/ سبتمبر . وهبط البلاتين 0.5 بالمئة إلى 933.10 دولار. ونزل البلاديوم 0.8 بالمئة إلى 925.75 دولار.

على جانب آخر، استقر الدولار عند أعلى مستوى في عام مقابل نظرائه الرئيسيين  الخميس ويتجه لتسجيل مكسب لليوم الخامس على التوالي بدعم من ارتفاع العوائد وفوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية.

وارتفع الدولار إلى ما يزيد عن 156 ينا للمرة الأولى منذ  تموز/ يوليو. وتراجع اليورو لأدنى مستوياته منذ نوفمبر تشرين الثاني 2023 عند 1.0546 دولار كما هبط الإسترليني لأدنى مستوى له أمام الدولار في ثلاثة أشهر عند 1.2683 دولار.

ومن المتوقع أن تؤدي الرسوم الجمركية المرتفعة وتشديد إجراءات الهجرة في ظل إدارة الرئيس المنتخب ترامب إلى زيادة التضخم، مما قد يؤدي إلى إبطاء دورة البنك المركزي الأمريكي لخفض أسعار الفائدة.

وصعد مؤشر الدولار، الذي يقيس العملة مقابل ست عملات رئيسية من بينها اليورو والين، 0.2 بالمئة إلى 106.69 وهو أعلى مستوى له منذ أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر  2023.

مقالات مشابهة

  • الذهب إلى أدنى مستوى في 8 أسابيع والدولار عند أعلى مستوى في عام
  • اليوم.. البنك المركزي المصري يطرح أذون خزانة بقيمة 50 مليار جنيه
  • البنك المركزي المصري يطرح أذون خزانة غدا بقيمة 50 مليار جنيه
  • تفاصيل قرار البنك المركزي بسحب سيولة بقيمة 1.37 تريليون جنيه.. فيديو
  • قرار البنك المركزي بسحب 1.37 تريليون جنيه من السيولة.. كيف سيؤثر على التضخم؟
  • تفاصيل قرار البنك المركزي بسحب سيولة بقيمة 1.37 تريليون جنيه
  • سعر بيع الدولار يتوقف في البنك المركزي المصري عند 49.39 جنيه
  • البنك المركزي يشارك في فعاليات الناس والبنوك والجهاز المصرفي يتبني استراتيجات الاقتصاد الأخضر
  • البنك المركزي المصري يحصد المراكز الأولى في المناورات المتخصصة بمسابقة الأمن السيبراني
  • البنك المركزي المصري يسمح بفتح الحسابات البنكية للشباب من عمر 15 عامًا دون موافقة ولي الأمر