الذكرى الـ43 على رحيل الحصري..أول من نادى بإنشاء نقابة لقراء القرآن الكريم
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
تحل اليوم ذكرى الشيخ محمود خليل الحصري، والذي رحل عن عالمنا في 24 نوفمبر من عام 1980، لتحل مع إشراقة شمس اليوم الجمعة الذكرى الثالثة والأربعين عن رحيل علم من أعلام دولة التلاوة المصرية.
محطات في حياة المُعلم الأوليعتبر الحصري أول من سجل المصحف الصوتى المرتل برواية حفص عن عاصم، وهو أول من نادى بإنشاء نقابة لقراء القرآن الكريم، ترعى مصالحهم وتضمن لهم سبل العيش الكريم، ونادى بإنشاء مكاتب لتحفيظ القرآن في جميع المدن والقرى، وقام هو بتشييد مسجد ومكتب للتحفيظ بالقاهرة.
وُلد في غرة ذي الحجة سنة 1335 هـ الموافق 17 سبتمبر من عام 1917 في قرية شبرا النملة التابعة لطنطا بمحافظة الغربية، وكان والده قبل ولادته قد انتقل من محافظة الفيوم إلى هذه القرية التي ولد فيها، وقد أجاد قراءة القرآن الكريم بالقراءات العشر.
انتقل والده قبل ولادته من محافظة الفيوم إلى قرية شبرا النملة، حيث ولد الحصري، أدخله والده الكتاب في عمر الأربع سنوات ليحفظ القرآن وأتم الحفظ في الثامنة من عمره، كان يذهب من قريته إلى المسجد الأحمدى بطنطا يوميا ليحفظ القرآن وفي الثانية عشرة انضم إلى المعهد الديني في طنطا، ثم تعلم القراءات العشر بعد ذلك في الأزهر.
حصل على شهاداته في ذلك العلم (علم القراءات) ثم تفرغ لدراسة علوم القرآن لما كان لديه من صوت متميز وأداء حسن، وفي عام 1944م تقدم إلى امتحان الإذاعة وكان ترتيبه الأول على المتقدمين للامتحان في الإذاعة، وفي عام 1950م عين قارئا للمسجد الأحمدي بطنطا، كما عين في العام 1955م عين قارئا لمسجد الحسين بالقاهرة.
أدرك الشيخ الحصري منذ وقت مبكر أهمية تجويد القرآن في فهم القرآن وتوصيل رسالته، فالقراءة عنده علم وأصول؛ فهو يرى أن ترتيل القرآن يجسد المفردات القرآنية تجسيدًا حيًا، ومن ثَمَّ يجسد مدلولها التي ترمي إليها تلك المفردات، كما أن ترتيل القرآن يضع القارئ في مواجهة عقلانية مع النص القرآني، تُشعر القارئ له بالمسؤولية الملقاة على عاتقه.
وتزوج عام 1938م، وكانت معظم مسئوليات التربية تقع على كاهل زوجته بسبب انشغاله بعمله وأسفاره، ويروي أحد أبنائه: "كان يعطي كل من حفظ سطرًا قرش صاغ بجانب مصروفه اليومي، وإذا أراد زيادة يسأل ماذا تحفظ من القرآن فإن حفظ وتأكد هو من ذلك أعطاه، وقد كانت له فلسفة في ذلك فهو يؤكد دائمًا على حفظ القرآن الكريم حتى نحظى برضاء الله علينا ثم رضاء الوالدين، فنكافأ بزيادة في المصروف، وكانت النتيجة أن التزم كل أبنائه بالحفظ، وأذكر أنه في عام 1960م كان يعطينا عن كل سطر نحفظه خمسة عشر قرشًا وعشرة جنيهات عن كل جزء من القرآن نحفظه، وكان يتابع ذلك كثيرًا إلى أن حفظ كل أبنائه ذكورًا وإناثًا القرآن الكريم كاملًا والحمد لله".
ابنته "إفراج" -ياسمين الخيام- حاصلة على ليسانس آداب قسم فلسفة وعلم نفس، وعملت بعد تخرجها بمجلس الأمة (مجلس الشعب) حتى درجة وكيل أول وزارة، وهي الآن ترأس جمعية الشيخ الحصري للخدمات الدينية والاجتماعية.
أسرة الشيخ الحصري تحيي ذكرى وفاته بالقرآن والدعاء أمام قبره بالبساتين أعلام فلسطين ومصر وصور السيسي تزين مسجد الحصري قبل مسيرات نصرة غزةفي عام 1965م قضى الشيخ محمود خليل الحصري عشرة أيام كاملة فى مسجد بباريس، وهناك وعلى يديه أشهر عشرة من الفرنسيين إسلامهم، أيضا أشهر ثمانية عشرة أمريكيا إسلامهم من بينهم طبيبان وثلاثة مهندسين، وفى مدينة سان فرانسسكو تقدمت سيدة أمريكية مسيحية لتعلن أن قراءته مست وجدانها وأحست من عمق نبرات القراءة أن القرآن الكريم على حق، رغم أنها لم تفهم كلماته، ولذلك أشهرت إسلامها على يد الشيخ الحصرى ووعدته بأن تلتحق بأحد المراكز الإسلامية لتتعلم اللغة العربية.
رؤيا والده
كان أبوه خليل السيد يشتغل بصناعة الحصير، فلقب بالحصري، وكان كلما وجد مصلى بلا حصير أو مفروشا بقش الأرز، هرع إليه وفرشه بالحصير الجديد، حتى جاءته الرؤيا العجيبة، حيث رأى عموده الفقري يتشكل ويتدلى عنقودا من العنب، والناس تأتي جماعات جماعات، يأكلون من عنقود العنب، وعنقود العنب لا ينفد.
ولما تكررت الرؤيا ذهب لأحد الشيوخ وقصها عليه، فسأله الشيخ إن كان له ذرية، قال: "ولدي محمود عمره عامان"، قال: "ألحقه بالأزهر، يتعلم العلوم الشرعية، فسوف يكون له شأن كبير"، وقد كان!!!! ولا نزال نأكل من عنقود العنب، وعنقود العنب لا ينفد.
حرص في أواخر أيامه على تشييد مسجد ومعهد دينى ومدرسة تحفيظ بمسقط رأسه قرية شبرا النملة، وأوصى في خاتمة حياته بثلث أمواله لخدمة القرآن الكريم وحُفَّاظه، والإنفاق في جميع وجوه البر.
تلاوة زي ما يكون جبريل هو اللي يتلوا القرآنقال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إن الشيخ محمود خليل الحصري خلال حياته ملأ الأرض علمًا وتعليمًا، لافتًا إلى أنه ولد في قرية شبرا النملة بطنطا ودفن بها، وحفظ القرآن ورتله وجوده وقرأ القراءات العشر، وجاء للقاهرة وقدم طلبا للامتحان بالإذاعة بعد توليه مقرأة سيدي عبد العال بطنطا، والذين كانوا يتقنون قراءة القرآن الكريم بشكل رهيب، وامتحنه الشيخ محمود برانق والشيخ عامر بن عثمان، معقبًا: "بعد الانتهاء من امتحانه قالوله إيه يابني ده.. دي تلاوة زي ما يكون جبريل هو اللي يتلوا القرآن".
وأضاف جمعة أن الشيخ محمود خليل الحصري، لقب بالشيخ المعلم، أو المعلم الأول لأنه بدأ وكان أولًا في العديد من الأشياء، وجميعها كانت تحقق نقلة نوعية في التعامل مع القرآن الكريم، وهو ما جعله يفوز بلقب المعلم.
وتابع عضو هيئة كبار العلماء، أن الشيخ الحصري بدأ في الدراسة الأكاديمية وألف فيما بعد 10 كتب أعطاها وهبة للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وكلها تفيض بالعلم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الحصري محمود خليل الحصري قراء القرآن قراءة القران الكريم مسجد الحسين الشیخ محمود خلیل الحصری القرآن الکریم الشیخ الحصری حفظ القرآن فی عام
إقرأ أيضاً:
مدير الجامع الأزهر يتفقد سير الدراسة برواق القرآن الكريم بالغربية ويوصي بانتهاج طريقة المصحف المعلم
قام مدير الجامع الأزهر بزيارة تفقدية لرواق القرآن الكريم في محافظة الغربية. تأتي هذه الزيارة في سياق متابعة سير الدراسة في مختلف فروع الرواق الأزهري وتقييم أداء الدارسين في حفظ وتلاوة القرآن الكريم.
وخلال الجولة، أبدى مدير الجامع الأزهر إعجابه الكبير بمستوى الأداء الذي أظهره الدارسون، مشيدًا بحماسهم واجتهادهم في حفظ وتلاوة آيات الله. كما أوصى د. عودة بانتهاج طريقة "المصحف المعلم"، التي تعتبر من الأساليب الفعالة في تعليم القرآن الكريم. وأوضح أن هذه الطريقة تسهم في ضمان تحقيق نتائج جيدة في الحفظ والتلاوة والتجويد، حيث تتيح للدارسين القدرة على فهم معاني الكلمات وطرق النطق الصحيحة.
وفي إطار زيارته، التقى مدير الجامع الأزهر بعدد من المحفظين برواق القرآن الكريم، حيث ناقش معهم التحديات التي تواجه العملية التعليمية والسبل الممكنة لتطويرها. وأكد على أهمية الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في الاستماع إلى أئمة التلاوة وجهابذة علوم القراءات والتجويد، أمثال الشيخ الحصري والمنشاوي، واستخدام التطبيقات التعليمية والبرامج الرقمية لتعزيز تجربة الحفظ وتحسين مهاراتهم.
كما شدد المدير على ضرورة تقديم الدعم المستمر للدارسين، سواء من خلال توفير الموارد التعليمية المناسبة وتوفير المقارئ المستمرة، أو من خلال تنظيم ورش العمل والدورات التدريبية للمعلمين، مما يسهم في تحسين جودة التعليم القرآني.
وفي ختام الزيارة، قدم المدير شكره وتقديره للجهود المبذولة من قبل المحفظين والدارسين، مؤكدًا أن مثل هذه الزيارات تعكس اهتمام الرواق الأزهري بتعزيز تحفيظ القرآن الكريم في جميع أنحاء البلاد، مما يساهم في بناء جيل جديد يتمتع بفهم صحيح لكتاب الله وقِيَمه.
ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر
عقد الجامع الأزهر الشريف اللقاء الثاني لملتقى السيرة النبوية تحت عنوان "بشارة الميلاد وطهارة النسب الشريف". وحاضر في الملتقى أ.د نادي عبد الله، أستاذ الحديث وعلومه ووكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، والأستاذ الدكتور، صلاح عاشور، أستاذ التاريخ وعميد كلية اللغة العربية السابق، وأدار اللقاء فضيلة الشيخ إبراهيم حلس، مدير إدارة الشئون الدينية والعربية بالجامع الأزهر الشريف.
في البداية قال د. نادي عبدالله المولى عزَّ وجلّ يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس. فاصطفى أنبيائه من لدن آدم عليه السلام، اختياراً فيه صفوة وفضل ومنة، إلى أن جمع كل الفضائل في خاتمهم سيدنا محمد ﷺ.
وبيّن أستاذ الحديث وعلومه أن شرف نسب وطهارة شخص النبي ﷺ أمر واضح فهو ﷺ ذكره الله وطهره في كل أموره. في عقله هداية ورشد لأنه يلتقي بوحي السماء، وقلبه قد حفظه ربه. حينما كان يتنزل عليه جبريل بآيات القرآن كان يتعجل ويحرك لسانه خشية أن ينساه، فقال له المولى تبارك وتعالى: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾. جمع الله كل الأنوار وكل الأسرار في قلب نبينا المختار ﷺ، وزكي نطقه وقوله، فهو لا ينطق إلا حقاً، ليس سباباً ولا لعاناً، ولا بفاحش في القول، بل كان ﷺ كل ما يقوله حق. وزكَّاه في فؤاده وشرح له صدره، وكمَّله بصفات الجمال والكمال، وطهره من الذنوب والأوزار. ثم مدحه وزكاه كله فقال:﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾.
أما عن نسبه ﷺ وطهارة هذا النسب الطاهر يتحدث النبي ﷺ بنفسه عن طهارة نسبه المبارك. هذا اللؤلؤ الذي جرت خرزاته النقية الطاهرة من أول سيدنا آدم الى أبويه ﷺ. يقول ﷺ: (إن اللهَ اصطفى كنانةَ من ولدِ إسماعيلَ، واصطفى قريشًا من كنانةَ، واصطفى من قريشٍ بني هاشمٍ، واصطفاني من بني هاشمٍ). وجد ﷺ في قوم غلبت عليهم نفوسهم، وتغيرت فيهم الفطرة فكانوا يأتون بأشياء من أفعال الجاهلية كوأد البنات، وأكل حق الضعيف، وأمور غير أخلاقية تفشت في مجتمعاتهم. فكانت مهمة النبي ﷺ أمر ثقال وهى أن يخرج هذه النفوس من ظلماتها لاستقبال وحي الله عزّ وجلَّ ونور النبوة العطر. أراد النبي ﷺ أن يخلص تلك النفوس من هواها ومن شهواتها لتنغمس في حب الله ورسوله. فأوجد طائفة من المؤمنين أحبوا الله ورسوله أكثر من حبهم لأنفسهم وأولادهم وزوجاتهم، وأحدث ﷺ تغييراً جذرياً في مجتمع عصبي همجي ليصبح مجتمعاً قائداً ورائداً.
وأوضح د. نادي أنه حين نتحدث عن شرف نسبه ﷺ وطهارته لابد أن نأخذ من وصفه الشريف، وأن نتخلق من خُلقه العظيم. يقول ﷺ: (آلُ محمَّدٍ كلُّ تقيٍّ)، فكل من اتقى الله وطهر قلبه وخلقه نال من نسب سيدنا رسول الله ﷺ. وكل نسب ينقطع يوم القيامة إلا من انتسب إلى سيدنا محمد ﷺ، انتسب إليه بالعمل الصالح، وأن يهتدي بهديه، ويقتدي بخلقه، موصياً بالاقتداء بأخلاق رسول الله ﷺ، واتباع وسنته، والسير على نهجه، وأن تصبغ الأمة نفسها في شرع المولي تبارك وتعالى، ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ ۖ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ۖ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾.
من جانبه أوضح د. صلاح عاشور أن الحديث عن مولده ﷺ حديث عطر وماتع. فبشارة مولده ﷺ التي أكد المؤرخون على أنها كانت حقيقة ثابتة، أثبتها كثير من المؤرخين من خلال الأمور التي وقعت قبل ميلاده ﷺ وكانت تنبئ فعلا باقتراب ظهور رسالة سماوية في هذه الأرض، وفي هذه البقعة المباركة من الجزيرة العربية -مكة المكرمة- كما كان يوجد أشخاص يرون أن ما عليه قومهم هو باطل، وأن عبادة الأصنام والأحجار لا تفيد ولا تنفع. كانوا يعرفون بالأحناف ومنهم قص بن ساعده، وزيد بن عمرو بن نوفيل. كما توجد بعض الأمور التاريخية التي تؤكد على أن هناك رسول سيبعث منها حادثة الفيل. كانت كل هذه مؤشرات تؤكد على اقتراب ظهور دين جديد ونبي جديد فتهيأت له المنطقة.
وأشار أستاذ التاريخ إلى أنه منذ بزوغ فجر الإسلام تغيرت كثير من المفاهيم التي كانت سائدة في العالم قبل قدوم الإسلام، حيث قدم منهجاً وفكراً جديدين، غيرا تلك المفاهيم المغلوطة. ويكفي أن الإسلام خلص العالم من ذلك الارتكاز الذي كانت فيه البشرية قبل ظهور الإسلام. جاء الإسلام ليخلص العالم من الفساد الذي كان موجوداً قبل الإسلام، وأخرج الإسلام العرب من الجزيرة العربية إلى شتى بقاع الدنيا لنشر علوم الدين وجعلهم أمة ذات شأن. والمتدبر فى القرآن الكريم يجده يؤكد على أن الدين عند الله الإسلام وما دون ذلك فليس هو الدين الصحيح.
وفى ذات السياق ذكر الشيخ إبراهيم حلس، مدير إدارة الشئون الدينية والعربية بالجامع الأزهر الشريف، أن ميلاد النبي ﷺ كان ضرورة للبشر كافة، كما بعث أيضاً للناس كافة، فكانت به تمام الرسالات. ولذلك كانت دعوة سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾. فرسول الله ﷺ دعوة سيدنا إبراهيم، وبشارة الرسل من بعده، وبه تمت الرسالات. وكان ميلاده ﷺ ميلاد النور. يقول ﷺ: (مَثَلِي ومَثَلُ الأنْبِياءِ مِن قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بُنْيانًا فأحْسَنَهُ وأَجْمَلَهُ، إلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِن زاوِيَةٍ مِن زَواياهُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ به ويَعْجَبُونَ له ويقولونَ: هَلّا وُضِعَتْ هذِه اللَّبِنَةُ قالَ فأنا اللَّبِنَةُ، وأنا خاتَمُ النبيِّينَ.) فكانت هذه بشارة ميلاد الهدى والنور ﷺ.