تحت عنوان «أمريكا والصين لم تدخلا بعد في حرب باردة لكن يجب ألا ينتهي بهم الأمر إلى شيء أسوأ»، نشرت مجلة فورين أفيرز الأمريكية، مقالاً، قالت فيه إن الحرب الباردة الأصلية انتهت في ديسمبر 1991 بتفكك الاتحاد السوفييتي، لكن فكرة أن العالم يشهد المراحل الأولى من حرب باردة جديدة هذه المرة منافسة استراتيجية بين الصين والولايات المتحدة قد ترسخت في العديد من الأوساط، وخاصة في واشنطن.

ليس هناك شك في أنه مع صعود قوة الصين منذ أوائل عام 2010، أصبحت العلاقة بين الولايات المتحدة والصين مثيرة للجدل على نحو متزايد بحسب ما جاء في المقال بحسب كاتبه «وانغ جيسي»، وفي السنوات الأخيرة، تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ عام 1972، عندما استقبل الزعيم الصيني ماو تسي تونج الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون في بكين وبدأت عملية التطبيع.

الدخول في حرب باردة

وأكدت أن الأمر متروك للبلدين لاتخاذ القرار بشأن الدخول في حرب باردة؛ وستشكل تصوراتهم وافتراضاتهم بدورها واقع العلاقة، وإذا تم التعامل مع هذه العلاقة على النحو اللائق فقد تعمل على تعزيز الاستقرار العالمي، وإذا تم التعامل معها بشكل سيء، فقد يغرق العالم في شيء أسوأ بكثير من الحرب الباردة.

وأوضح كاتب المقال، أن الوضع الحالي يشبه الحرب الباردة في عدد من النواحي، فالولايات المتحدة والصين هما الدولتان الوحيدتان اللتان يمكن اعتبارهما قوتين عظميين، كما كانت حال الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي طيلة القسم الأعظم من النصف الثاني من القرن العشرين، وكما كانت الحال في الحرب الباردة، فهناك بعد أيديولوجي للمنافسة، حيث يتناقض احتضان الصين للشيوعية وحكم الحزب الشيوعي الصيني بلا منازع مع نظام الرأسمالية الديمقراطية في الولايات المتحدة.

الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة

ونوه بأنه اليوم تتنافس بكين وواشنطن على الدعم والنفوذ فيما يشار إليه بـ«الجنوب العالمي»، تماماً كما فعل الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة في ما يسمى بالعالم الثالث خلال الحرب الباردة، لكن أوجه التشابه هذه تقابلها اختلافات مهمة، موضحاً أن العلاقة بين الاقتصادين الأميركي والصيني المرتبطين بشكل وثيق لا تشبه إلى حد كبير العلاقة بين الاقتصادين الأميركي والسوفياتي، اللذين كانا يعملان بشكل مستقل تقريباً عن بعضهما البعض.

وأكد أنه على الرغم من الاختلافات الإيديولوجية بين بكين وواشنطن، فإن الصين لا تسعى إلى تصدير نسختها من الماركسية بالطريقة التي فعلها الاتحاد السوفييتي، وعلى الرغم من أنه نادرًا ما يتم ملاحظته في الغرب، إلا أنه من المهم أن الحزب الشيوعي الصيني نادرًا ما يمجد اللينينية بشكل منفصل ويشير بشكل أكثر شيوعًا إلى إيديولوجيته الرائدة باسم الماركسية، وبالتالي، على الرغم من أن المنافسة بين الولايات المتحدة والصين تنطوي على نماذج متنافسة، إلا أنها ليست من نوع المنافسة الأيديولوجية العالمية التي خاضتها واشنطن وموسكو.

وأكد أن هذه العوامل تجعل الوضع الحالي أقل خطورة من الحرب الباردة، لكن الاختلافات الأخرى تدفع في الاتجاه المعاكس. فمن ناحية، اندلعت الحرب الباردة في سياق عالم يتحول إلى العولمة؛ ومن ناحية أخرى، فإن المنافسة الأميركية الصينية تجري في عالم يتفكك ويتفكك. وفي أعقاب أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، حافظت واشنطن وموسكو على آليات لمنع الأزمات وإدارتها في حال حدوثها، وتفتقر العلاقات الأميركية الصينية المعاصرة إلى مثل هذا التنسيق.

المنافسة الأمريكية الصينية

وأشار إلى أن الاجتماع الذي عقد الأسبوع الماضي كان بين الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الأمريكي جو بايدن في سان فرانسيسكو قد أحيا الآمال في أن يجد البلدان مسارا مستقرا ويتجنبان صراعا كارثيا.

وأعلن الزعيمان عدة مرات أنهما لا يسعيان إلى حرب باردة جديدة، والمفتاح هو أن تفهم حكوماتها بشكل أفضل كيف تختلف المنافسة الأمريكية الصينية عن تلك السابقة التاريخية: الاعتراف بأوجه التشابه، واحتضان الاختلافات التي تجعل الأمور أقل خطورة اليوم مما كانت عليه خلال الحرب الباردة، والعمل على تقليل تأثير الاختلافات. وهذا يمكن أن يجعل الأمر أكثر خطورة.

بحسب كاتب المقال، وضع اجتماع بايدن وشي البلدين على مسار أقل تهديدا على المدى القصير، ولكن اجتماعاً واحداً وحده لا يستطيع أن يوقف الزخم الطويل الأمد في اتجاه الصراع. ويتعين على المواطنين ذوي النفوذ في كلا البلدين أن يحشدوا جهودهم لإيجاد سبل تتجاوز المشاركة الرسمية لتعزيز الصالح العام، وأياً كان النموذج الذي سيختاره قادة النموذج الجديد في بكين وواشنطن، فيتعين عليهم أن يفعلوا ما هو أكثر من مجرد تجنب حرب باردة جديدة؛ يجب أن تمنع واحدة ساخنة، كذلك.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الولايات المتحدة الأمريكية أمريكا الصين الحرب الاتحاد السوفییتی الولایات المتحدة الحرب الباردة

إقرأ أيضاً:

الحرب التجارية تتصاعد.. رسوم ترامب الجمركية تدخل حيز التنفيذ وهذا موقف الصين

عواصم - رويترز

دخلت رسوم جمركية "مضادة" فرضها الرئيس دونالد ترامب على عشرات الدول حيز التنفيذ اليوم الأربعاء، بينها رسوم ضخمة بنسبة 104 بالمئة على السلع الصينية، وهو ما أدى إلى تفاقم حرب تجارية عالمية وتحفيز عمليات بيع واسعة النطاق في أسواق المال.

وتسببت الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب في هزة للنظام التجاري العالمي القائم منذ عقود وأثارت مخاوف من الركود وأدت لخسارة تريليونات الدولارات من القيمة السوقية لشركات كبرى.

ومنذ أن كشف ترامب عن تلك الرسوم الأربعاء الماضي، تكبد مؤشر ستاندرد اند بورز 500 أكبر خسارة منذ إطلاقه في خمسينيات القرن الماضي. ويقترب المؤشر الآن من أن يصبح من الأسواق التي تسودها الرهانات على الهبوط والتي تتحدد بتراجع بنسبة 20 بالمئة عن أعلى مستوى بلغته في الآونة الأخيرة.

كما تأثرت السندات العالمية القياسية، وهي أصول تعتبر آمنة نسبيا، بالاضطرابات التي شهدتها الأسواق مع تحول مثير للقلق نحو عمليات بيع اضطرارية طلبا لملاذ.

كما أشارت العقود الآجلة للأسهم الأوروبية والأمريكية إلى احتمالات تكبد مزيد من الخسائر في أعقاب جلسة عصيبة شهدتها معظم الأسواق الآسيوية. إلا أن الأسهم الصينية صمدت بدعم من مساندة من الدولة.

وتجاهل ترامب التراجع الحاد في الأسواق وقدم للمستثمرين إشارات متضاربة حول ما إذا كانت الرسوم الجمركية ستبقى على المدى الطويل، ووصفها بأنها "دائمة" لكنه تفاخر أيضا بأنها تضغط على الزعماء الآخرين لطلب المفاوضات.

وقال في البيت الأبيض أمس الثلاثاء "تأتي لنا الكثير من الدول تريد أن تعقد صفقات" وأضاف في وقت لاحق أنه يتوقع أن تسعى الصين للتوصل لاتفاق أيضا.

ومن المقرر أن تجري إدارة ترامب محادثات مع كوريا الجنوبية واليابان، وهما حليفان مقربان وشريكان تجاريان رئيسيان للولايات المتحدة، كما من المقرر أن تزور رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني الولايات المتحدة الأسبوع المقبل.

ومن المتوقع أيضا أن يتحدث نائب رئيس وزراء فيتنام مع وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت في وقت لاحق من اليوم الأربعاء. وفيتنام هي مركز للتصنيع منخفض التكلفة في آسيا وفرض عليها ترامب بعضا من أعلى الرسوم الجمركية على مستوى العالم.

ودفعت احتمالات إبرام صفقات مع دول أخرى أسواق الأسهم إلى الارتفاع أمس الثلاثاء، لكن الأسهم الأمريكية تخلت عن مكاسبها بنهاية يوم التداول.

وقال وزير المالية الألماني يورج كوكيس اليوم الأربعاء إن أكبر اقتصاد في أوروبا معرض لخطر ركود جديد نتيجة للتوتر التجاري. ويقدر بنك جيه.بي مورجان أن احتمال دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود بنهاية العام يصل إلى 60 بالمئة.

* موقف الصين

رفع ترامب الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى مثليها تقريبا بعد أن كانت بنسبة 54 بالمئة الأسبوع الماضي، ردا على رسوم مضادة أعلنتها بكين قبل أيام. وتعهدت الصين بالتصدي إلى ما تعتبره ابتزازا.

وتعهدت شركات وساطة صينية كبرى بالمشاركة في جهود تبذلها شركات حكومية من أجل استقرار أسعار الأسهم المحلية بسبب الاضطرابات التي تسببت فيها تلك الرسوم.

وخفض بنكا نيوزيلندا والهند المركزيان أسعار الفائدة اليوم الأربعاء مما قد يمهد لخطوة أوسع نطاقا يتخذها صناع السياسات لمحاولة التخفيف من وطأة الرسوم على اقتصاد بلادهم.

كما تضخ دول أخرى دعما ماليا لقطاعات تصدير أساسية. وأعلنت كوريا الجنوبية عددا من الإجراءات الطارئة لشركات السيارات منها خفض للضرائب وتقديم للدعم.

وحذر بعض خبراء الاقتصاد من أن المستهلكين الأمريكيين سيتحملون على الأرجح وطأة الحرب التجارية في نهاية المطاف بارتفاع أسعار كل السلع.

وأظهر استطلاع جديد للرأي أجرته وكالة رويترز بالتعاون مع مؤسسة إبسوس أن ما يقرب من 75 بالمئة من الأمريكيين يتوقعون ارتفاع أسعار السلع اليومية في الأشهر الستة المقبلة.

وبدأ يوم السبت تطبيق الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب بنسبة 10 بالمئة على جميع الواردات من العديد من البلدان.

وشملت الجولة الأحدث من الرسوم الجمركية دولا وصفها ترامب بأنها "تنهب" الولايات المتحدة.

وشملت تلك القائمة بعض أقرب حلفاء واشنطن بما في ذلك الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم تبلغ 20 بالمئة إضافة إلى رسوم على قطاعات معينة. ومن المقرر أن يصوت التكتل على إجراءات مضادة مبدئية في وقت لاحق اليوم الأربعاء.

وقال وزير المالية الياباني اليوم الأربعاء إن المفاوضات التجارية مع واشنطن قد تشمل معدلات الصرف للعملة، في ظل اتهامات من واشنطن بخفض طوكيو للين من أجل اقتناص ميزات تجارية وهو ما تنفيه طوكيو.

كما ألمح ترامب إلى أنه لم ينته بعد من فرض رسوم جمركية.

مقالات مشابهة

  • إندونيسيا تعلن استعدادها لاستقبال الفلسطينيين المتضررين من الحرب على غزة بشكل مؤقت
  • الحرب التجارية تتصاعد.. رسوم ترامب الجمركية تدخل حيز التنفيذ وهذا موقف الصين
  • الأهلي كلمة السر.. لماذا تصدر اللاعب ماركو فيراتي الترند| القصة الكاملة
  • تصعيد جديد في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.. بكين تتعهد بالقتال حتى النهاية
  • عسكرة أوروبا: العالم يعود إلى أجواء الحرب الباردة مع روسيا
  • الأونروا: النظام الصحي في غزة يتعرض للهجوم بشكل كامل منذ بداية الحرب
  • مبعوث أممي يحذر من إغراق الأسواق العربية بسلع لن تدخل أمريكا‍
  • سعر النفط يواصل الهبوط بسبب تصاعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين ومخاوف الركود
  • برقية غيرت التاريخ.. كيف كانت السبب في دخول أمريكا الحرب العالمية الأولى؟
  • خبير: أمريكا تعيق عمل المؤسسات الدولية وتكيل بمكيالين