عربي21:
2024-10-02@03:20:01 GMT

سيناريوهات ما بعد غزة: خيارات أم أوراق للضغط

تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT

قبل أن تنجح جهود الوساطة في تحقيق هدنة مؤقتة بين الكيان الصهيوني وحركة حماس، بدأت عدة جهات تتحدث عن مستقبل غزة بعد الحرب، والخيارات ما بعد حماس.

في الواقع، كانت دولة الكيان الصهيوني أول من باشر هذه الاستشرافات، فتحدثت عن سيطرة أمنية على قطاع غزة، وعن وضع انتقالي مؤقت للجيش داخلها، لتأتي بعد ذلك خيارات واشنطن، التي بدت رافضة تماما لهذه الفكرة، بحكم أنها تعني احتلالا، وإجهازا على «حل الدولتين» فطرحت فكرة تولي السلطة الفلسطينية مسؤولية قطاع غزة، لتجسيد وحدة السلطة على الأراضي الفلسطينية كمقدمة لتنزيل «حل الدولتين».



في الواقع، انطلقت هذه السيناريوهات، بعد أن تسرب جزء من المخطط الإسرائيلي، والذي كشفته العملية العسكرية التي استهدفت المدنيين، ودمرت الهياكل الخدمية، لإجبار السكان على النزوح القسري نحو الجنوب، فقد اتضح أن هدف الكيان الإسرائيلي، هو إنهاء مشكلة غزة، بتصديرها إلى مصر، عبر تهجير مواطنيها إلى سيناء، وهو السيناريو الذي حرك السلطات المصرية، واستفز أمنها القومي، ودفع بالسلطات الأردنية للتحرك بكل قوة، لأنها استشعرت منه محاولة لإحياء فكرة تهجير فلسطينيي الضفة إلى الأردن، وإنهاء مشكلة الضفة عبر تصديرها هي الأخرى للأردن.

لا يهمنا كثيرا مناقشة هذه الخيارات، ومدى قابليتها للتطبيق، فالثابت في تجارب الحروب، والخبرة الدولية في تسوية النزاعات، أن أيا منها لا يكون له أي معنى إذا لم تدعمه المعركة على الأرض، وتمسح به موازين القوى القائمة، ففكرة القضاء على حماس، وتخليص القطاع منها، فكرة قديمة التزمها عدد من قادة الكيان الصهيوني، لكنهم أبدا، لم ينجحوا في تطبيقها، مع أنهم جعلوا منها عنوانا لعدد من حروبهم، فينطلق العدوان، ويدوم أسابيع، ثم ينتهي بهدنة أو وقف إطلاق نار، مشفوع بتبادل أسرى أو بغيره، دون أن يتحقق هذا الهدف، فيكون جواب القيادة العسكريين الإسرائيليين، أنهم نجحوا في إضعاف قدرة حماس على تهديد دولة الكيان، ويكون الجواب على مستوى السياسة، تحميل المسؤولية لقادة سياسيين، وإجبارهم على ترك مربع القيادة.
ولذلك، من المهم في التعامل مع سيناريوهات ما بعد حرب غزة، الانتباه إلى الفرق بين الخيارات التي ستفرضها أرض المعركة، وبين الخيارات التي تتحرك الدبلوماسية من أجل دفع المنطقة إليها وتحريك الفاعلين ضمنها إلى دعمها وإسنادها.

وضمن هذا الإطار، ينبغي أن نعتبر السيناريوهات الصهيونية، بحكم أن الدولة العبرية هي الراغبة في تحقيق أكبر إفادة من هذه الحرب لاسيما على المستوى الأمني، هي سيناريوهات موضوعة للتفاوض مع الدول الحليفة للضغط على دول المنطقة، أي أنها حين تطرح فكرة القضاء على حماس، وتخليص غزة منها، أو حتى تهجير سكان غزة، أو حين تقول بأن الجيش الإسرائيلي سيحتفظ بسلطة أمنية على غزة بعد الحرب، فإنها في الواقع، تدفع حلفاءها إلى ممارسة أقصى الضغوط على الفاعلين في المنطقة، من أجل تحقيق هدف واحد لا يتم الإعلان عنه، وهو تأمين إسرائيل بأن لا تشكل غزة مصدر تهديد لها.

واشنطن، تفهم هذه اللغة جيدا، ولذلك، فإنها حين انتقدت خيارات الدولة العبرية، أبقت على شيء واحد هو روح السيناريو الإسرائيلي، أي خروج حماس من مربع الخيارات، فطرحت فكرة أن الشعب الفلسطيني، من خلال منظمة التحرير، هو الذي يقرر في مصير غزة، وأن الخيار الأنسب، هو وحدة السلطة على كل من غزة والضفة.

السيد جوزيف بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، تبنى الموقف ذاته. فحتى ولو بدا أنه ضد التهجير القسري للفلسطينيين، الدائم أو المؤقت، وضد الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، وضد عودة حماس، فإن كل تركيزه كان على أن تتولى السلطة الفلسطينية الحالية مسؤولية قطاع غزة، وأن يكون ذلك بدعم عربي.

الذكاء الأوروبي، زاد إلى الموقف الأمريكي، ضرورة أن تتحمل الدول العربية مسؤولية دعم السلطة الفلسطينية في غزة، لأن السيد بوريل يدرك أن السلطة الفلسطينية لا تمتلك أي قاعدة شعبية في غزة، ولا يمكن لها بدون إسناد مصري سياسي وأمني وعسكري، أن تتولى مسؤولية إدارة القطاع كما كانت تفعل قبل 2006.

الصينيون والروس يعرفون أن هذه السيناريوهات غير واقعية، وغير قابلة للتطبيق، لأنهم يدركون أن حماس أضحت في تقديرات المسؤولين السياسيين والأمنيين المصريين والأردنيين جزءا من جدار أمنهم القومي، وأن الدعم للسلطة الفلسطينية، الذي يقترحه بوريل، ليس بأقل سوءا من خيار التهجير القسري، إذ كلاهما يشتركان في توريط مصر في صراع مستنزف، يضعفها ولا يحقق لها أي مصلحة، فإذا كان خيار قبولها للتهجير إلى أرض سيناء، سيورطها في صراع مع الفلسطينيين، ومواجهة تبعاته الأمنية والعسكرية مع إسرائيل، فإن الثاني، يورطها في صراع أمني وعسكري مع فصائل المقاومة الفلسطينية، وفي تحمل مسؤولية سياسية وأمنية أمام المجتمع الدولي.

المصريون، وبعد أن تأكد لهم أن سيناريو التهجير أضحى مستبعدا، بدأوا يفكرون في خيار وسط التفافي، يتم فيه إدماج جزء من منشقي «فتح» داخل جهاز حماس الحكومي، حتى يزول جزء من الاعتراض على مستقبل القطاع في ظل إدارة حماس.

في الواقع، تبين هذه الاستشرافات عن تطلعات أكثر منها خيارات واقعية، فالذي يتأمل أهداف الكيان الإسرائيلي المعلنة عند بداية الحرب، يخرج بنتيجة أن الهدنة التي تحققت بوساطة قطرية، تسير في اتجاه معاكس للشروط التي تم الإعلان عنها، والتي تصب في صالح المقاومة بشكل شبه كامل.

ولذلك، واستنادا إلى خبرة من حروب الدولة العبرية ضد قطاع غزة، فإن المحدد الأساسي للخيارات الممكنة، هو قدرة الجيش الإسرائيلي على الاستمرار في الحرب، بما يعنيه ذلك تحقيق أهداف ملموسة على الأرض، وتأمين جبهته الداخلية، والكفاية الاقتصادية لتلبية متطلبات الحرب المكلفة، وتحصين المجتمع السياسي، وتدبير ملف الأسرى، وحشد قدر مهم من الدعم الدولي، ثم قدرة المقاومة على الصمود وتوجيه ضربات إلى العدو، وتحويل المعاناة الإنسانية إلى معركة حقوقية دولية، تجبر الدول على الانخراط في الضغط، ليس لمنع خيارات تجويع الشعب الفلسطيني ومنعه من الحاجيات الأساسية من الطعام والماء والكهرباء والطاقة، ولكن أيضا، لوقف شامل لإطلاق النار.

لقد أبانت الأيام القليلة الماضية عن حنكة سياسية وإعلامية وتواصلية كبيرة للمقاومة، أدارت بها الصراع على أكثر من واجهة، كما ساهمت عملياتها العسكرية الموثقة في قلب المعادلة رأسا على عقب، بما ثبت المعادلة التقليدية التي يتم تدريسها اليوم في العلاقات الدولية وإدارة النزاعات، وهي أن مستقبل أي صراع، يتحدد بموازين القوى فيه، واليوم، لا تمتلك حماس فقط ورقة قوة وفعالية ضرباتها العسكرية، وتدبيرها السياسي والإعلامي والتواصلي للمعركة، ولكنها، إلى جانب ذلك، تملك ورقة أخرى مهمة، وهي أن الدول العربية، باتت على خلاف من العقيدة الإسرائيلية، فحماس التي تعتبرها إسرائيل تهديدا لها وأن هدفها الأول القضاء عليها، صارت القاهرة تعتبر أنها جزء لا يتجزأ من أمنها القومي، وأن أي إجهاز عليها سيعني أحد امرين، إما التهجير، وإما توريط مصر، وجعلها دركي إسرائيل تقوم بما عجزت إسرائيل نفسها عن تحقيقه.
(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطينية فلسطين غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السلطة الفلسطینیة فی الواقع قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الصحة الفلسطينية: 41638 شهيدًا حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، عن ارتفاع حصيلة العدوان على غزة إلى 41638 شهيدًا و96460 جريحًا، وذلك منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي.

وأكدت الصحة الفلسطينية، في تصريحات نقلتها فضائية "القاهرة الإخبارية" في خبر لها، اليوم الثلاثاء، أن جيش الاحتلال ارتكب 4 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة راح ضحيتها ضحيتها 23 شهيدًا و101 مصابًا خلال 24 ساعة.

ويُواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه المُكثف وغير المسبوق على قطاع غزة، جوًا وبرًا وبحرًا، مُخلّفًا آلاف الشهداء والجرحى، معظمهم من الأطفال والنساء، منذ السابع من أكتوبر 2023.

ويشن جيش الاحتلال مئات الغارات والقصف المدفعي وتنفيذ جرائم في مختلف أرجاء قطاع غزة، وارتكاب مجازر دامية ضد المدنيين، وتنفيذ جرائم مروعة في مناطق التوغل، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح أكثر من 90 % من السكان.

ويواجه سكان قطاع غزة قيود إسرائيلية متزامنة في ظل استمرار الحرب، لا سيما محافظتي غزة والشمال، مجاعة شديدة في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عامًا.

ودمرت طائرات الاحتلال الإسرائيلي مربعات سكنية كاملة فى قطاع غزة، ضمن سياسة التدمير الشاملة التي ينتهجها الاحتلال في عدوانه المستمر على قطاع غزة.

ولا يزال آلاف الشهداء والجرحى لم يتم انتشالهم من تحت الأنقاض، وآلاف الضحايا تحت الركام وفي الطرقات ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم، وذلك بسبب تواصل القصف وخطورة الأوضاع الميدانية، في ظل حصار خانق للقطاع وقيود مُشددة على دخول الوقود والمساعدات الحيوية العاجلة للتخفيف من الأوضاع الإنسانية الكارثية.

مقالات مشابهة

  • الجهاد الاسلامي تبارك الضربات الصاروخية التي نفذها الحرس الثوري ضد الكيان الغاصب
  • حماس وسرايا القدس تنعيان مقاوما طاردته السلطة وقتله الاحتلال
  • 4 سيناريوهات محتملة بشأن الغزو الإسرائيلي في لبنان
  • الصحة الفلسطينية: 41638 شهيدًا حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة
  • لوفيغارو: 4 سيناريوهات محتملة للتوغل الإسرائيلي في لبنان
  • حماس تنعى الشهيد عبد الحكيم شاهين
  • وزير الأوقاف: أدعو الأديان الثلاثة ليكونوا صوتا واحدا للضغط على العالم لوقف العداون الإسرائيلي
  • وزير الأوقاف: أدعو الأديان الثلاثة ليكونوا صوتاً واحدًا للضغط لوقف العداون الإسرائيلي
  • الصحة الفلسطينية: استشهاد 16859 طفلًا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة
  • لشكر: خطاب القضية الفلسطينية يجب أن يكون عقلانيا وكفى من مخاطبة النخاع الشوكي بالحماس وباللاءات التي تسقط!