واشنطن وطهران تنتظران على مفترق طرق.. وما بعد غزة يرسم خريطة المنطقة
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
كتبت هيام قصيفي في" الاخبار": دخل لبنان في صلب المفاوضات الجارية حول العودة إلى تطبيق شامل للقرار الدولي 1701 من جهة، ورسم خريطة مستقبلية لتطبيع الوضع جنوباً. وإذا كانت إسرائيل تصرّ على السير في هذا المنحى، فهذا يعني أن انعكاس الهدنة على لبنان، قد لا يكون مرتبطاً فحسب بمهلة الأيام القليلة، لأن ما بدأ الكلام عنه حول مستقبل غزة وتمديد الهدنة، ووضع النازحين، يتعدّى المعالجات الإنسانية واللوجيستية ليطرح مصير غزة والضفة ولبنان معهما.
لذا استعادت واشنطن حضورها الفاعل في إدارة التفاوض حول لبنان. والدور الأميركي الحالي يبرز بقوة في اتجاه ضاغط لوقف مسار متفجّر، لكنه في الوقت نفسه بدأ يضغط كي يتكيّف لبنان مع احتمالات ما بعد غزة وإعادة الاعتبار إلى وضع الجنوب بما كان عليه بعد حرب تموز، لا بما أصبح عليه حالياً. وهذا ما تتشارك به مع الأمم المتحدة، وإن بدورها المحدود. كما تسعى فرنسا، بمستوى أقل تأثيراً، إلى العودة مجدداً إلى الوضع اللبناني، رغم أنها فقدت فاعليتها ولا تتمتع بالحضور نفسه، ولا سيما بعد العشوائية التي طبعت إدارة الرئيس إيمانويل ماكرون لملف حرب غزة بين تأييد مطلق لإسرائيل والعمل على حشد تحالف دولي ضد حماس لم يُكتب له أن يبصر النور، ومن ثم عقد مؤتمر لمساعدة فلسطينيي غزة وما أحدثه ذلك من إرباك داخل الدبلوماسية الفرنسية، ما ينعكس حكماً على تعثّر تواصلها مع أطراف النزاع المعنيين بملف لبنان. وفي المقابل، يُسجل حالياً انحسار أي وساطة عربية مكتملة العناصر تجاه لبنان في ظل انشغال القنوات المعتادة، كمصر أو الأردن، بتحييد حرب غزة عن أراضيهما، وقطر بالتحضير مع مصر لهدنة غزة، وتراجع الدور العربي - الخليجي تحت وطأة تصاعد النفوذ الإيراني في القضية الفلسطينية، وضغط ملف التطبيع مع إسرائيل. وعدا التواصل السعودي - الإيراني الذي لم ينتقل إلى مرتبة أكثر فاعلية، لا يبدو إلى الآن أن ثمة راعياً للتفاوض حول لبنان واحتمال تفلّت الوضع الجنوبي، غير واشنطن وطهران. وهما الآن تنتظران على مفترق طرق، لأن ما بعد غزة يرسم خريطة المنطقة بما يتعدّى الساحات المشتركة وحدَها.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: ما بعد
إقرأ أيضاً:
ماذا يعني فقدان جبل الشيخ ؟
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
ما ان وصلت دبابات الاحتلال إلى تخوم جبل الشيخ حتى قام رجال (المعارضة) بتسليم أسلحتهم برحابة صدر إلى الإسرائيليين، علماً ان الأموال التي صُرفت عليهم تكفي لتعليم الأبقار غناء القدود الحلبية على مقام الحجاز، لكنها غير كافية لتعليم الحمير حب الوطن. .
فالجبل الذي يسمونه: جبل الشيخ، يسمونه أيضاً: جبل حرمون. وله أسم ثالث: (عين الأمة). . ينفرد بخصائص جيوسياسية تعطيه بعداً استراتيجياً يجعله من صنف المفقودات الأندلسية، وسوف يكون مصيره مثل مصير جبل طارق الذي يصعب استرداده، ويتعذر توفير البديل عنه بعدما صار في قبضة اسرائيل، التي لن تغادره ولن تتخلى عنه. وبالتالي ينبغي ان نضفي عليه منذ الآن تسمية رابعة، فنسميه: (الجبل السليب) أو (الجبل المسلوب)، لأنه لن يعود بعد الآن إلى الحاضنة السورية إلا بمعجزة كونية. .
واليكم خصائص هذا الجبل وأهميته الجغرافية والسياسية والسيادية والعسكرية. .
فهو يمثل القمة الأعلى في السلسلة الجبلية الممتدة من (بانياس) السورية، وسهل (الحولة) في الجهة الجنوبية الغربية، إلى وادي (القرن) في الجانب الشمالي الشرقي، ويشكل علامة فارقة في سلسلة جبال لبنان الشرقية المتموضعة بين البلدين. .
يحده وادي (العجم) من الشرق والجنوب، وتنتمي اليه قرى الريف الغربي لدمشق والجولان المحتل، ولا يبعد كثيرا عن سهل (البقاع) ووادي (التيم) في لبنان. ولهذا الجبل أربع قمم، الأعلى 2814 متراً، والثانية إلى الغرب 2294 متراً، والثالثة إلى الجنوب 2236 متراً، والرابعة إلى الشرق 2145 متراً. وقد باشرت إسرائيل منذ الآن ببناء اربعة مراصد خرسانية معززة بالرادارات، ومنظومات الإنذار المبكر، واجهزة الاستطلاع العميق، زرعتها كلها فوق هذه القمم الأربع. .
والجبل بشكل عام يبدو للناظر وكأنه صورة لشيخ كبير غطى رأسه الشيب (الثلوج). يطل على سهول لبنان وسوريا وفلسطين والأراضي الأردنية. .
أما اسمه الآخر: (جبل حرمون) فيعود إلى اللغة الكنعانية القديمة، وتعني: المحرم أو المقدس. وبسقوطه سقطت آخر الدفاعات السورية الجنوبية، واصبحت المدن اللبنانية تحت رحمة المدفعية الإسرائيلية، وباتت الهضاب الأردنية مكشوفة تماما لكاميرات المراقبة الليلية والنهارية، وسوف يتحول هذا المثلث الحدودي إلى خاصرة رخوة تهدد الجميع. .
ولكن ما لا يخطر على البال ان هذا الجبل المتجمد في معظم ايام السنة هو المصدر الرئيس لتدفق المياه العذبة من سفوحه الغربية والجنوبية المغطاة بالثلوج إلى القنوات والمسام الصخرية، التي تغذي وتشكل الجداول والأنهار في محيط المنطقة. ثم تندمج كلها لتشكل نهر الأردن. .
ولك ان تتصور الآثار الكارثية المترتبة على فقدان سيادتنا الوطنية عليه. وتغيير هويته مثلما تغيرت هوية الجولان والمناطق المحتلة الأخرى. .
يا شام إن جراحي لا ضفاف لها فامسحي عن جبيني الحزن والتعبا
دمشق، يا كنز أحلامي ومروحتي أشكو العروبة أم أشكو لك العربا ؟