جلالة الملك حمد محلقًا في سماء مملكته
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
تعوّدت أن أقرأ الأفعال قراءاتٍ أخرى، قراءات تكشف ما وراءها، أو تُنبئ به، فيما نسمّيه دراسةً لمعنى المعنى، ولذا فيوم حلَّق جلالته في سماء مملكة البحرين لم يكن يومًا أو حدثًا عاديًا، بالنسبة لي على الأقل، فما أعرفه ويعرفه الجميع من أوصاف ملكنا حفظه الله، وطيب خصاله وشمائله الكثيرة، الحكمة في إشاراته وتلميحاته، والحكمة في بعض المواقف في صمته، وهو البحر العميق الذي لا يُدرك قراره.
الملك المحلّق في سماء بلاده يوم الخميس 16 نوفمبر 2023، ماذا أراد أن يقول؟ ماذا أراد أن يقول غير حقيقة أن الطيران هو من الهوايات المحبّبة لجلالته؟ أرى ويرى كل من تأمّل في صفاته وشخصيته طويلاً أن الغاية والمعنى أكبر من ذلك بكثير، والمواقف التي اختبرتها بنفسي تؤكد ذلك.
الملك الذي التقيته في أسعد الأيام منذ زمن طويل، يوم زيارتنا له وجمعًا من الأدباء والشعراء، وشهقت لهيبته لما صافحته فشدَّ على يدي بقوة، كان وراء ذلك ما وراءه من الحكمة، يومها ودون أن ينبس بكلمه علمني ألا أخشى أو أخاف، جلالته علمني الثبات، علمني أن على مرايا الوجوه أحيانًا كثيرة ألا تعكس خبايا قلوبها.
الملك الذي ظل والدي المغفور له بإذن الله أيامًا كثيرة يسألني بعد لقائه بجلالته، «ماذا يقصد جلالته بتلك الإشارة؟»، وقد أشار يومها جلالة الملك إشارة معيّنة برأسه الكريم وهو يبتسم، ثم بيده، وظللنا أيامًا ونحن نفكّر فيما وراءها من المعاني، حتى عرفنا سرّ تلك الإشارة، أو أحسبنا عرفنا.
فلما حلَّق جلالته خاطفًا كل القلوب والأبصار، حلَّق في قلوب ذوي الألباب أكثر، طاف بها كما طاف في سماء بلاده، وأظنّه كل الظن أراد أن يقول مخبرًا «أحميك يا سماء مملكتي كما أحمي أرضك»، ربّ احفظ له البحرين واحفظه واحفظها لنا حاضرةً بين الممالك والأمم، ودرّةً عصماء في مياه الخليج العربي.
أما المغفور له بإذن الله الجد، فقد أخبرني بتك الحادثة العجيبة في زمن المغفور له بإذن الله الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة، لما اضطر بسبب الأمطار الفيضانية منذ زمن طويل وهو في جزيرة حوار، أن يلتجئ ليحتمي بالأبنية الموجودة هناك، والتي كانت تخصُّ الأمير الراحل.
عاد بعدها الجد إلى جزيرة البحرين الأم خجِلاً من عنوة الدخول، واضطراره لذلك، فتوجّه معتذرًا بكل ما حصل عليه من ثمار الكمأ (الفقع البري) للأمير الراحل، علّ هذه الهدية البسيطة أن تزيل من نفس الجد ذلك الشعور المُخجل، فما كان جواب الأمير الراحل إلا قوله: «هذه كلها منازلكم».
وأنا اليوم لدي مثل هذا الشعور، خجل أن كلّ ما لدي هو قلم سيال، فماذا أهدي ملكًا أهداه الله المُلك، ماذا أهدي والملوك ظل الله في الأرض، ما عندي لأهديه إلا صادق الكلمات والأشعار، وما أصدق شاعرنا القديم حين قال:
تراهُ إذا ما جئته متهللاً كأنّك تعطيه الذي أنت سائله
الدكتورة لولوة بنت خليفة آل خليفة
أستاذ الدراسات الأدبية والنقدية المساعد
جامعة البحرين
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا فی سماء
إقرأ أيضاً:
من هو الصحابي الذي جبر الله خاطره من فوق سبع سماوات؟.. تعرف عليه
قال الدكتور محمود مرزوق، وكيل وزارة الأوقاف بمحافظة شمال سيناء، إن الله تعالى جبر خاطر سيدنا بلال بن رباح رضي الله عنه، لما قال الحارث بن هشام كلمات جارحة في حق سيدنا بلال (أَمَا وَجَدَ مُحَمَّدٌ غَيْرَ هَذَا الغُرَابِ الأَسْوَدِ مُؤَذِّنًا؟).
وأضاف مرزوق، في خطبة الجمعة التي نقلها التليفزيون المصري من مسجد الروضة بمحافظة شمال سيناء، عن موضوع "أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ"، أنه في هذا الحين جاء الرد الإلهي لجبر خاطر سيدنا بلال بن رباح رضي الله عنه، ونزل قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.
وتابع: هَذَا المَوْقِفَ المَشْهُودَ رِسَالَةُ طَمْأَنَةٍ، وَإِعَادَةُ ثِقَةٍ لِلإِنْسَانِ، نِدَاءٌ لمَن ابْتُلِيَ بِمَنْ يَنْتَقِصُ مِنْ قَدْرِهِ أَوْ يَسْخَرُ أَو يَتَنَمَّرُ بِشَكْلِهِ أَوْ هَيْئَتِهِ أَو طَرِيقَتِهِ: ارْفَعْ رَأْسَكَ، فَإنَّ اللهَ -جَلَّ جَلَالُهُ- يُدَافِعُ عَنْكَ كَمَا دَافَعَ عَنْ سَيِّدِنَا بِلَالٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي يَحْمِيكَ مِنْ كُلِّ تَمْيِيزٍ عُنْصُرِيٍّ، فَأَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ.
قالَ سَيِّدُنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: «لمَّا نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الكَعْبَةِ، قَالَ: مَرْحَبًا بِك مِن بَيْتٍ، مَا أَعْظَمَكِ، وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ! وَلَلْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ حُرْمَةً مِنْكِ».