الداهية الغزي.. هكذا أنقذت الاستخبارات التركية مخترق القبة الحديدية
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
تحدثت وسائل إعلام تركية، وعلى رأسها صحيفة "صباح" المقربة من الحكومة التركية، يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري عن دور جوهري لجهاز الاستخبارات التركية "إم آي تي" في إحباط محاولة الموساد الإسرائيلي اختطاف مهندس برمجيات فلسطيني مسؤول عن اختراق القبة الحديدية وتعطيلها، من العاصمة الماليزية كوالالمبور خلال العام الماضي 2022.
وكانت الحادثة قد خرجت إلى العلن في أكتوبر/تشرين الأول 2022، حينما اختطف عملاء للموساد الإسرائيلي مهندس البرمجيات الفلسطيني عمر البلبيسي في كوالالمبور بنية نقله إلى تل أبيب للتحقيق معه، في الوقت الذي أعلن فيه الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن امتلاك الحركة وحدة سايبر عملت في الخفاء ضد الاحتلال الإسرائيلي.
ووفقا لصحيفة "صباح"، نقلا عن مصادر استخباراتية، فإن البلبيسي كان قد نجح في اختراق نظام تشغيل القبة الحديدية الإسرائيلية في الفترة ما بين عامي 2015 و2016، وسمح لصواريخ المقاومة الفلسطينية بالوصول لأهدافها دون اعتراض يذكر.
تحفظت المصادر الاستخباراتية التركية على الاسم الكامل للمهندس الفلسطيني، واكتفت بذكر اسمه الأول "عمر"، لكن موقع "واي نت" الإسرائيلي كان قد كشف عن الاسم الكامل للمهندس عمر البلبيسي بعد أن نشرت صحيفة "نيو ستريت تايمز" الماليزية تفاصيل عملية الاختطاف في تقرير نشرته يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
يأتي التقرير المستند إلى مصادر في الاستخبارات التركية ليكمل المشهد، ويشرح بداية قصة الموساد الإسرائيلي مع المهندس البلبيسي بعد أن اكتفت المصادر الماليزية بالإعلان عن تحرير المخطوف واعتقال العصابة آنذاك.
تخرّج عمر البلبيسي من قسم علوم الحاسوب في الجامعة الإسلامية بغزة، وعمل موظفا في قسم التكنولوجيا في وزارة الداخلية الفلسطينية في غزة، واستطاع تطوير برنامج خاص بالوزارة يساعد على اختراق أجهزة الأندرويد بسهولة في عمر 24 عاما. وتمكنت الاستخبارات الإسرائيلية من كشف هوية البلبيسي، الذي كان وراء اختراق نظام القبة الحديدية وتعطيلها بعد 3 سنوات على الحادثة.
وبحسب المصادر التركية، تكررت محاولات جهاز الموساد لتجنيد البلبيسي، ففي عام 2019 تواصل شخص باسم "أنابل" مع البلبيسي مدعيا عمله مع شركة برمجة نرويجية، وطلب منه تصميم مشروع برمجي خاص بالشركة، وبعد فترة من الزمن تواصل معه شخصان يدعيان "جاوسر" و"جالِس" بحجة أنهما من الشركة النرويجية نفسها، مقدميْن له عرض عمل بشكل كلي في النرويج، وعندما طلب منهما التواصل عبر مكالمة الفيديو بـ"الواتساب" تهربا منه وأرسلا له فيزا "شنغن" كبرهانٍ على جديتهما، ولكن البلبيسي أجاب على عرضهما بالرفض.
عملاء الموساد: فؤاد أسامة حجازي (أعلى يمين) ورائد غزال (أسفل يمين) ويوسف دحمان (أعلى يسار) ونيكولا رادونيج (صحيفة صباح التركية) المراقبة واللقاء الأولتذكر صحيفة "صباح" أن المهندس البلبيسي قرر الانتقال إلى إسطنبول في مارس/آذار 2020 بهدف العمل، هذا الأمر وجد فيه جهاز الموساد الإسرائيلي فرصة ذهبية للوصول إليه عن طريق تقديم عروض عمل مغرية بعوائد مادية عالية.
وكان الاحتكاك الأول بين البلبيسي والموساد بعد خروجه من غزة في أبريل/نيسان 2021 حين تواصل معه عميل الموساد المدعو رائد غزال عبر تطبيق الواتساب، وادّعى أنه مدير موارد شركة فرنسية اسمها "تنيك هاير" (Think Hire)، وقدّم له عرض عمل كذلك.
تمكّن غزال من لقاء عمر البلبيسي وجها لوجه في إسطنبول، وبالتحديد في منطقة بيليكدوزو وبيرام باشا والفاتح، في يونيو/حزيران وأغسطس/آب 2021، قبل أن يبدأ عميل الموساد الثاني المدعو عمر شلبي في فتح خط اتصال معه.
بدأ شلبي بالتقرب من البلبيسي، وعرض عليه مبلغ 10 آلاف دولار لإنشاء برنامج برمجة لشركة فرنسية أخرى، فسارع لبرمجته وتسليمه لصالح الشركة الفرنسية التي أرسلت بدورها الأموال على 3 دفعات عبر ضابط في الموساد استخدم اسما مزيفا هو جون فوستر، وهو ما أكده جهاز الاستخبارات التركية بعد فحص بيانات الحساب البنكي "كويت ترك" الخاص بالبلبيسي.
كان شلبي دائم السؤال عن وجود عائق أمام البلبيسي إذا رغب في السفر خارج تركيا، قبل أن ينسحب ويسلم المهمة لشخص يدعى نيكولا رادونيج (44 عاما) يحمل جواز سفر الجبل الأسود في يونيو/حزيران 2022.
عرض العمل وشكوك الاستخبارات
وبحسب الصحف التركية، استطاع رادونيج أن يلتقي بالمهندس البلبيسي في فندق كاراكوي الذي أقام فيه بالفترة ما بين 28 و31 أغسطس/آب 2022 بحجة عرض عمل جديد كان ملخصه أن الراتب الشهري سيكون 5200 دولار إذا عمل البلبيسي من تركيا، في حين أنه سيبلغ 20 ألف دولار إذا وافق على العمل من مقر الشركة في البرازيل.
وقال رادونيج للمهندس الفلسطيني إنهما سيعملان معا في المشروع عبر الإنترنت مع زملاء آخرين -تبيّن لاحقا أنهم ضباط بالموساد الإسرائيلي- وهم: عبد البر محمد كايا، وفؤاد أسامة حجازي، ويوسف دحمان، وطلب منه اختيار شخص منهم ليعمل معه بشكل متواصل.
أدركت الاستخبارات التركية احتمال اختطاف المهندس الفلسطيني، مما دفعها إلى منعه من السفر في المرة الأولى خوفا على حياته، لكن مع إصرار البلبيسي على السفر إلى ماليزيا -التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل- في عطلة لمدة 15 يوما، أبلغت الاستخبارات التركية إدارتها في إسطنبول عن الشكوك التي تراودها بشأن التهديدات التي تشكل خطرا على حياة البلبيسي.
أصدرت الاستخبارات التركية جميع التحذيرات اللازمة قبل مغادرة البلبيسي تركيا، وقامت بتثبيت تطبيق تعقّب على هاتفه كي تحصل بشكل مباشر على موقعه في ماليزيا حتى ولو كان هاتفه مغلقا، بحسب ما أفادت به الصحيفة.
ماليزيا اعتقلت عملاء جهاز الموساد المشاركين في اختطاف المهندس البلبيسي في كوالالمبور (الصحافة الماليزية) في أيدي الموسادلدى وصول المهندس الفلسطيني إلى مطار العاصمة الماليزية كوالالمبور يوم 28 سبتمبر/أيلول 2022، تمكّن فريق للموساد كان بانتظاره من اختطافه واستجوابه في شاليه على بعد 50 كيلومترا من العاصمة، حيث تعرض للتعذيب بشدة والاستجواب لمدة 36 ساعة عبر الفيديو كونفرانس مع ضباط في تل أبيب.
تركزت أسئلة عملاء الموساد للبلبيسي حول كيفية اختراقه القبة الحديدية وحجب رؤيتها الصواريخ لمدة من الزمن، كما حاولوا معرفة طريقة إلغاء تفعيل الاختراقات التي نفذها المهندس الفلسطيني لهواتف جنود وضباط إسرائيليين في وقت سابق.
بالإضافة إلى ذلك، استفسر الموساد عن وجود مهندسي حاسوب ومهندسي برمجيات، ومبرمجين آخرين يشاركونه الحرب الإلكترونية من إسطنبول.
تقول صحيفة صباح إنه حالما تحققت الاستخبارات التركية من مكان وجود المهندس البلبيسي، أرسلت على الفور إحداثيات الموقع إلى السلطات الماليزية التي قامت بدورها بتنفيذ عملية بقوات خاصة واستطاعت تحرير البلبيسي سالما، وأمرت محكمة في العاصمة كوالالمبور باعتقال 11 شخصا من المختطِفين.
كما قامت الاستخبارات التركية في الأسابيع الأخيرة بإلقاء القبض على عميل الموساد أسامة حجازي، ونقلت المهندس الفلسطيني البلبيسي إلى تركيا، ووضعته تحت حماية أمنية تابعة لها، بحسب المصدر ذاته.
وتعتبر هذه العملية واحدة من العمليات الكبرى والأهم في تاريخ الاستخبارات التركية، بحسب مدير قسم الأخبار في صحيفة "صباح" التركية عبد الرحمن شيمشك.
كما تداولت وسائل الإعلام التركية الحادثة بشكل لافت، وبات اسم المهندس الفلسطيني عمر البلبيسي معروفا في الأوساط الإعلامية التركية بـ"الداهية الغزي".
وأشارت صحيفة "صباح" إلى أن هذه ليست أول محاولة للموساد في استهداف ناشطين وخبراء فلسطينيين في ماليزيا، وأنه في عام 2018 قُتل مهندس الكهرباء الفلسطيني فادي البطش على يد سائقيْ دراجات نارية يعملان لصالح الموساد.
في السياق نفسه، تواصلت الجزيرة نت مع قائد في حركة حماس في إسطنبول، رفض بدوره التعليق على الحادثة، مكتفيا بتوجيه الشكر للجهود التركية المستمرة في دعم القضية الفلسطينية والفلسطينيين الموجودين على الأراضي التركية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاستخبارات الترکیة الموساد الإسرائیلی المهندس الفلسطینی القبة الحدیدیة
إقرأ أيضاً:
الفصائل ترد على انباء خروج قياداتها الى ايران بعد التهديدات الإسرائيلية: الموساد يقف خلفها - عاجل
بغداد اليوم - بغداد
رد مصدر مقرب من فصائل المقاومة العراقية، اليوم الخميس (21 تشرين الثاني 2024)، على انباء خروج 9 من قيادات الفصائل الى العاصمة الإيرانية طهران بعد التهديدات الإسرائيلية بضرب العراق.
وقال المصدر في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن" الفصائل لا تولي أي أهمية للشائعات التي تروج لها شبكات الحرب النفسية التي يقودها الموساد الصهيوني واذرعه في المنطقة وهي تنفق ملايين الدولارات من اجل الترويج لأكاذيب وافتراءات".
وأضاف، أن" الانباء التي تتناقلها بعض المنصات والمواقع عن خروج 9 من قيادات الفصائل العراقية الى طهران غير دقيقة، والقيادات مستمرة في اداء واجباتها ضمن مسارات مقاومة الكيان الصهيوني ".
وأشار المصدر الى، أن" الفصائل العراقية جزء من محور المقاومة في منطقة الشرق الأوسط لمواجهة اجندة الكيان الصهيوني وقيادات الفصائل تدرك خطورة الموقف الحالي وهي مستمرة في أداء واجباتها، مؤكدا أن ما يطلق من شائعات وخلط للأوراق ما هو الا اجندة صهيونية برعاية أمريكية معروفة الدوافع والراي العام لن تنطلي عليه هذه الأكاذيب".
وأعلنت مواقع عربية وإسرائيلية يوم السبت الماضي، خروج عدد من قادة الفصائل العراقية المسلحة المدعومة من طهران، من العراق والتوجه نحو إيران بعد تهديدات عن عزم إسرائيل تصفيتهم.
ووفقا لموقع "العين الإخبارية" فأن" القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أبلغ قادة تلك الفصائل وبعضهم قيادات في الإطار الشيعي التنسيقي (الحزب الحاكم) بضرورة الخروج من العراق، وفق مؤشرات وتهديدات على عزم إسرائيل استهداف قادة تلك الفصائل المسلحة.
ووفق المصدر الذي اشترط عدم الكشف عن هويته إن "الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي كان أول الشخصيات التي غادرت العراق واستقرت في مدينة مشهد شمال شرق إيران، وقد ظهر في خطبة صلاة الجمعة الماضية بطهران في الصف الأول، وهي الصلاة التي أداها المرشد علي خامنئي".
وأضاف المصدر أن "زعيم جماعة حركة كتائب سيد الشهداء أبو آلاء الولائي خرج هو الآخر من العراق عبر المنافذ البرية باتجاه إيران"، مبينا أن الولائي خرج مساء اليوم عبر منفذ مهران الحدودي بين إيران والعراق.
وتابع المصدر أن "زعيم منظمة بدر والقيادي في الإطار الشيعي هادي العامري هو الآخر خرج الجمعة الماضية من مطار النجف الدولي باتجاه طهران، بعدما زار محافظة كربلاء المقدسة لدى الشيعة وقام بزيارة مرقد الإمام الحسين وأخيه أبوالفضل العباس".
وأشار المصدر العراقي إلى أن "قائد كتائب الإمام علي شبل الزيدي هو الآخر خرج من بغداد باتجاه العراق الجمعة عبر منفذ المنذرية، الذي يربط محافظة ديالى العراقية مع محافظة كرمنشاه غرب إيران".
ويؤكد المصدر أن "زعيم كتائب حزب الله أبوحسين الحميداوي موجود في العاصمة طهران منذ قرابة ثمانية أيام، تحسباً لهجمات إسرائيلية"، منوهاً أن "زعيم حركة النجباء أكرم الكعبي مستقر في محافظة قم وسط إيران منذ فترة طويلة".
وتعد كتائب حزب الله والنجباء وكتائب سيد الشهداء من الجهات التي تشن هجمات بالطائرات المسيرة على إسرائيل وكذلك القوات الأمريكية، وهي تنشر بيانات تحت مسمى "المقاومة الإسلامية في العراق".
ويرى مراقبون أن استمرار الهجمات من قبل الفصائل العراقية تحرج رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أمام الولايات المتحدة التي تعمل على ضبط تحركات إسرائيل تجاه العراق.
وقبل حوال أسبوع تلقى السوداني رسالة أمريكية تطالبه بضبط تحركات تلك الفصائل، وإلا فإن الولايات المتحدة ربما لا تستطيع إقناع إسرائيل بعدم توجيه ضربات على مواقع عسكرية للفصائل والحشد الشعبي.
ويتابع المصدر حديثه أن "السوداني طلب من زعيم تيار الحكمة الوطني المعتدل عمار الحكيم، التدخل لإقناع الفصائل بعدم التصعيد لتجنب الانخراط في صراع مشابه لحرب لبنان وغزة".
فيما يقول مصدر في كتائب حزب الله العراقية لـ"العين الإخبارية" "لقد اتخذنا كافة الإجراءات الاحترازية لحماية المواقع العسكرية في عموم العراق تحسباً لهجمات معادية"، منوهاً "الفصائل عززت التنسيق والتعاون فيما بينها لمواجهة الضربات المحتملة على العراق".
وأوضح "لقد أبلغنا السوداني أن الفصائل المقاومة تعتبر أي عدوان على العراق يعني نقض الهدنة مع القوات الأمريكية الموجودة في العراق، وسوف نقوم بهجمات غير مسبوقة على القواعد الأمريكية في العراق وسوريا".