بوابة الوفد:
2024-10-06@12:21:32 GMT

كثيرة العشاق (50)

تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT

جاء إلى مصر فى السابعة عشرة من عمره، وعندما عاشر الشعب المصرى، وتعرّف على ثقافته القومية، حاول العمل دائمًا على كل ما هو فى صالح مصر، ليصبح  فى نهاية مشوار حياته - رغم جنسيته الأرمنية-  مصريًا أكثر من بعض المصريين.

عندما كان نوبار نوباريان صغيرًا قال له خاله (سوف تلتحق بقلم المُـترجمين، ولكن عليكَ أنْ تــُـتقن اللغة التركية), كان خاله يُـدرك أنّ تعليم اللغة التركية مهم بسبب سيطرة الخلافة العثمانية على معظم دول البلقان وآسيا الصغرى، ومن بين تلك الدول أرمينيا, وبالفعل تعلــّم «نوبار» اللغة التركية وأجادها مثل أى تركى، كما أجاد اللغات الفرنسية والإنجليزية واليونانية الحديثة، وفشل فى تعلم اللغة العربية، وكان يُـفضــّـل التحدث بلغة الشعب المصرى، التى أخذت وصفــًا غير علمى لدى المُـتعلمين المصريين عندما أطلقوا عليها (عامية اللغة العربية) وذكر من أرّخوا لحياته أنه كان يُجيد الحديث والكتابة بإحدى عشرة لغة، ومولعًا بالقراءة وخاصة كتب التاريخ.

وصلتْ شهرة «نوبار» ودقته فى العمل الإداري  بمصر درجة كبيرة حتى أنّ بعض القادة السياسيين فى الغرب فكــّروا فى الاستعانة به ليكون أميرًا لإمارة مستقلة فى أوروبا أو فى أرمينيا (موطنه الأصلي) ورغم ذلك فضــّـل البقاء فى مصر, وكتب فى مذكراته (مصر مثل عظمة كبيرة ثمينة يرغب فيها كلبان - فرنسا وإنجلترا- وبينما هما يتشاجران ويتوجـّس كل منهما من الآخر، يتسرّب سرب من النمل -اليونانيون واليهود الشرقيون- ويصل إلى العظمة وينهشها ويسمن منها.

كان «نوبار» يرى أنّ مصر تـُعانى من ثلاث مشكلات: الجباية (300 ألف جنيه استرلينى تدفعها مصر سنويًا للسلطان التركى/ العثمانى) التى أخذت اسم (الجزية) وفرضتها تركيا على مصر، الامتيازات الأجنبية, ومنظومة السخرة التى هى امتداد لعصور الخلافة الإسلامية, ويعتبره كثيرون أنه أول رجل دولة مصرى تحدث فى القرن19عن مبادئ الإنسانية والعدل الاجتماعى.

   تزوّج «نوبار» وعمره 24 سنة فتاة أرمينية تتحدث مثله عدة لغات، ووقفتْ بجانبه تـُسانده فى كل المحن والدسائس التى كانتْ تـُحاك ضده خاصة من العثمانيين أو من الإنجليز والفرنسيين.

   وكتب «نوبار» فى مذكراته أنّ محمد على هو صاحب الفضل فى انتقال مصر من حال إلى حال أفضل وقال «إنّ كل ما يتعلق بمصر الحديثة يجب أنْ يُنسب إلى محمد على، إنه الرجل الذى قام بهذا التحول فى مصر, لقد فتح أبوابها أمام التقدم المادى فى أوروبا. وحكى عن زيارته للريف الفرنسى ومعه إبراهيم بن محمد على، وأنّ إبراهيم بكى عندما شاهد جمال الريف ونظافة مبانيه والاهتمام بالزراعة, وتمنى أنْ يكون الريف المصرى مثل الريف الفرنسى، خاصة أنّ التربة فى مصر أكثر خصوبة من تربة الأراضى الفرنسية, كما تمنى لو أنّ  يكون التعليم المصرى مثل التعليم فى المدارس الفرنسية.

ونقل نوبار فى مذكراته عن إبراهيم باشا قوله: «إنّ الله خلقنى من أجل خير مصر، لكى أجعلها غنية ومُرفـّهة, ولن يكون من العدل أنْ يدعونى الموت قبل أنْ أتمكــّن من إسعادها»، وكان يرى أنّ الدولة المُـحترمة هى دولة القانون, وعندما تأكــّـد أنّ القانون البريطانى يحترم حقوق الإنسان الإنجليزى قال «إنّ احترام القانون يُـشكــّـل مضمون العظمة الحقيقية لإنجلترا».

أما والده محمد على فكان يرى أنّ إنجلترا تسعى وتشتهى امتلاك مصر, وهو ما عبّر عنه المستشرق والمؤرخ «بوركهارت» الذى قال "كان محمد على مُـهتمًا اهتمامًا كبيرًا بالأحداث التى تجرى فى أوروبا, وكان يعتقد أنّ إنجلترا سوف تسعى بعد سقوط نابليون إلى تدعيم سيطرتها على البحر المتوسط بالاستيلاء على مصر, وأنّ محمد على قال لهذا المؤرخ «أنا أعرف أنّ إنجلترا تطمع فى مصر, إننى صديق الإنجليز, ولكن الحقيقة أنّ من بين كبار الدول من يعطيك من طرف اللسان حلاوة، ولا يُضمر لك فى نفسه الإخلاص).

ونكمل فى اللقاء القادم

حفظ الله مصر وأهلها

 

[email protected] 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ندى صلاح صيام مصر الشعب المصرى الدول أرمينيا محمد على فى مصر

إقرأ أيضاً:

السبت.. "جمال الحرف في اللغة العربية" ندوة ومعرض بمكتبة القاهرة الكبرى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تنظم مكتبة القاهرة الكبرى برئاسة الكاتب يحى رياض يوسف مدير المكتبة ندوة ثقافية ومعرضا فنيا حول "جمال الحرف في اللغة العربية"، في الخامسة من مساء السبت المقبل، الموافق 5 أكتوبر الجاري، بحضور  الدكتور محمد زينهم العميد الأسبق لكلية الفنون التطبيقية.

وحصل الفنان محمد زينهم على بكالوريوس الفنون التطبيقية قسم الزخرفة التطبيقية جامعة حلوان 1976، وماجستيرا بعنوان أثر الفنون المسيحية على القيم الوظيفية فى تصميم الزجاج المعاصر وعلاقته بالعمارة الدينية المسيحية بكلية الفنون التطبيقية- جامعة حلوان 1983، ورسالة الدكتوراه بعنوان الاستفادة من تكنولوجيا الزجاج فى إنتاج نوعيات من الزجاج الملون بالخامات المصرية لاستخدامها فى العمارة الداخلية 1989.

تأثر الفنان محمد زينهم فى بداية حياة بالمناظر الطبيعة من البيئة المصرية ثم تحول إلى التجريد منه الباحته لعدة سنوات إلى إن شارك فى معرض موسكو الدولى فظهر التأثير بالاصالة فى المصرى القديم واستحداث رؤية جديدة كانت نقطة تحول فى إعمال الفنان الزجاجية أو التصويريه ثم عشق الفن الأسلامى واستوحى منها الكثير من الأعمال المستحدثه وذلك بعد قباب مسجد النور ثم تحول إلى الإستلهام من البيئه المحيطة بها والكلاسكية . 

البيئة فى التصوير الزيتى رؤية تعبر عن قوة الضوء فى مصر والان يهم الفنان فى الخيال المؤثر بالبيئه والحضارة المصرية فى إعمال الزجاج والتصوير .

مقالات مشابهة

  • “مركز البحوث والتواصل المعرفي” يختتم مشاركته في “كتاب الرياض”
  • اللواء خالد شعيب يضع اكليلا من الزهور على النصب التذكاري لشهداء القوات المسلحة
  • د. منجي علي بدر يكتب: الذكرى 51 لنصر أكتوبر العظيم
  • وعاد إلى المشهد…!!
  • ٥١ عاماً.. الطيران المصرى عزة وكرامة
  • عبقرية الإعلام المصرى على أرض الميدان
  • بين الانتصار والاغتيال دروس لإنقاذ الوطن
  • أكتوبر المجيد غَير الواقع وشَكَل المستقبل
  • انتصار أكتوبر وروح الإرادة فى مواجهة التحديات
  • السبت.. "جمال الحرف في اللغة العربية" ندوة ومعرض بمكتبة القاهرة الكبرى