عثر جنود إسرائيليون فى كيبوتس كفر عزا على جثث 40 طفلاً برؤوس مقطوعة، وقد نزعت أحشاؤهم، ومن بينهم رضع، وقامت عناصر حماس باغتصاب العديد من النساء الإسرائيليات، ولم يسبق لأولئك الجنود أن شاهدوا شيئًا بهذه الوحشية! هذا الهراء كان تغريدة نيكول زيديك مراسلة محطة «آى 24» الإسرائيلية والتى انتشرت كالنار فى الهشيم فى كافة وسائل الإعلام الغربية لدرجة أن بايدن ردد صداها كالببغاء وصرح بغشم يحسد عليه «حماس قالت علنا إنها تخطط لمهاجمة إسرائيل مجددا كما فعلت من قبل، وستقطع رؤوس الأطفال الرضع، وستحرق النساء والأطفال وهم أحياء».
وبالرغم من تراجع البيت الأبيض عن هذه التصريحات الهوجاء إلا أنه عاد وكرر نفس الأسطوانة البالية بأن النساء تعرضن للاغتصاب والاعتداء وتم عرضهن كجوائز.
أستطيع تفهم دوافع بايدن الانتخابية وتملقه للجالية اليهودية من أجل فترة رئاسية أخرى ولكن المفاجأة الصادمة كانت فى ذلك السلوك الإعلامى المشين فى تغطية حرب غزة هذه فضيحة مهنية مكتملة الأركان ضربت عرض الحائط كل المعايير الأساسية للصحافة الإخبارية أبسطها مبدأ التحقق «تحقق مرتين قبل النشر» ثم الانزلاق سريعًا الى هوة الادعاءات الكاذبة والأخبار الزائفة المجهلة وتعمد تعريف مصطلحات الأحداث بطريقة خبيثة لفرض توافق عام مؤيد للمجازر الوحشية ودائما ما يقال إن الحقيقة هى الضحية الأولى فى أوقات الحروب.
هذا الانحياز الأعمى الذى يقطر عنصرية وكراهية جعل وسائل إعلام رئيسية كانت مضرب الأمثال فى المهنية والمصداقية تتبنى بهتان نتنياهو الإعلامى ولا تستحى أن تكون جزءًا من خطة الدعاية الصهيونبة التى كانت من اللحظة واضحة ترتكز على محورين هما شيطنة حماس ووصمها بالدعشنة لاستغلال تفشى الإسلاموفوبيا فى الغرب والأخرى ابتزاز معاداة السامية التى تعنى التدمير الشامل لمن يجرؤ على الكلام، بلا شك نجحت هذه الاستراتيجية فى الأيام الأولى للحرب لكن مع مرور الوقت افتضحت الأكاذيب فقد فند جاكسون هينكل زيف ادعاءات نتنياهو، حيث أكد أن صورة إحراق حماس لجثة الطفل الإسرائيلى التى نشرها، هى صورة كلب تم تعديلها بواسطة الذكاء الاصطناعى. لقد فاض الكيل ببعض الأصوات القليلة لكنها شريفة، فقد احتج أكثر من 750 صحفيًا من عشرات المؤسسات الإخبارية الغربية فى رسالة مفتوحة نشرت تدين قتل إسرائيل للصحفيين فى غزة وتنتقد التغطية أحادية الجانب.
لطالما تشككت فى مصداقية القيم الغربية، الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان، وكانت تلك الشكوك مؤسسة على معايشة ووقائع ملموسة ومازلت أعتقد أن ظاهرة الرأى العام الديموقراطى مجرد أكذوبة مصطنعة وهو ما تثبته نظرية والتر ليبمان والتى حدثها كل من إدوارد هيرمان ونعوم تشومسكى وهى تصنيع الموافقة الجماعية «manufacturing consent».
فوسائل الإعلام تمد الجمهور بالحقائق المفبركة والمعلومات المبتسرة كما تريدها مراكز القوة وجماعات الضغط ومن ثم تصنع النخبة السياسية الرأى العام من خلال وسائل الإعلام كما تريد وتضفى تعددية هشة لإضفاء الشرعية عليها، وهنا أستدعى مقولة الحاخام راشورون فى براغ 1869«إذا كان الذهب هو قوتنا الأولى للسيطرة على العالم، فإن الصحافة ينبغى أن تكون قوتنا الثانية».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جنود إسرائيليون رؤوس مقطوعة الهشيم وسائل الإعلام الغربية
إقرأ أيضاً:
الهند نحو تعزيز المساواة بين الجنسين في بلدان الجنوب العالمي
خاص- نيودلهي من المعلوم أن الهند على مدى العقود الماضية سعت جدياً لاتباع نهج شامل لسياسات النوع الاجتماعي، مع التركيز على التنمية بقيادة المرأة، والمساواة بين الجنسين، من خلال مبادرات متعددة الأبعاد؛ حيث ركزت هذه الجهود على تعزيز القيادة النسائية وريادة الأعمال والتعليم وتنمية المهارات. ومن الجدير بالذكر أنه وفقاً لتقرير الفجوة العالمية بين الجنسين لعام 2024م؛ فإن الهند حققت تقدماً ملحوظاً في مجالين حاسمين؛ وهما التحصيل التعليمي، والصحة والبقاء على قيد الحياة. كما يلاحظ أن الهند قد اقتربت باستمرار من تحقيق أعلى درجة في هذين المجالين خلال السنوات الأخيرة؛ ما يُجسّد تقدمها في تضييق فجوة النوع الاجتماعي. وعلى الرغم من إدراك التحديات العديدة التي لا تزال قائمة، فقد طورت الهند سياسات المساواة بين الجنسين، بما تتجاوز الاهتمامات المحلية؛ حيث تبنّت منظورًا أكثر دولية من خلال ترويج النشط للمساواة بين الجنسين على أوسع نطاق. في حين شهدت الهند ظهور اتجاهات ايجابية في مجال المساواة بين الجنسين، مع تزايد عدد النساء العاملات بالأجور، بينما انخفضت نسبة النساء العاملات في القطاع الزراعي، وارتفعت مشاركة النساء في قطاع الخدمات. ارتباط الهند بالاحتفاء بجميع أشكال الهوية الجندرية يعود إلى تراثها العريق وتاريخها الغني والمتنوع والمتناغم عبر القرون الوسطى والقديمة. فعلى مدى قرون، شهدت ثقافة شبه القارة الهندية وفنونها وآدابها وفضاءاتها العامة تعبيرات جندرية متعددة؛ باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية وطريقة عيش مقبولة. وبحسب الباحثين، فإن تهميش الجنس الثالث كان نتيجة لتجربة شبه القارة الهندية مع الحكم الاستعماري، الذي اعتبر أي تعبير جندري مختلف غير مرغوب فيه، نظرًا لتعارضه مع المفهوم الثنائي الصارم للجندر اوالجنسانية الذي ساد في الغرب؛ وفق قولهم. وعلى الصعيد العالمي، تبنت الهند نمطاً من الدبلوماسية الجندرية يصفه الخبراء بأنه النموذج الأولى للسياسة الخارجية النسوية . كما ورد في تصريح وزير الشؤون الخارجية الهندي الدكتور إس. جايشانكار باعتبارها سياسة خارجية “متوازنة من حيث النوع الاجتماعي” حيث تتطلب السياسة الخارجية النسوية تطوير منظومة مؤسسية في مجال السياسة الخارجية، التي تُجسّد الابتكار في السياسات، وتعكس القيم والأهداف والمخاوف النسوية المتعلقة بالتنوع الجندري والشمول بين الجنسين. وفي هذا السياق، نلاحظ تزايد مشاركة المُجنَّدات الهنديات في بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وهو عنصر محوري في جهود الهند في مجال حفظ السلام، ويُعبّر عن القيم التقدمية للهند، ودور المساواة بين الجنسين في معالجة القضايا الأمنية العالمية. وفي مؤتمر تم عقده مؤخراً بنيو دلهي في فبراير 2025م تحت عنوان ” النساء وحفظة السلام من بلدان الجنوب العالمي”؛ شاركت فيه مجندات من 35 دولة بمساهمة القوات، أكدت الهند مجدداً على ريادتها في تعزيز الشمولية الجنسانية في عمليات حفظ السلام “. وقد سلط المؤتمر الضوء أيضًا على الإستراتيجيات الواجب اعتمادها؛ لتعزيز الاستفادة من مساهمات النساء في مناطق النزاع من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة. ويجسد هذا المؤتمر الدور الثابت للهند في نشر النساء ضمن بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة؛ كأداة من أدوات القوة الناعمة، ووسيلة أساسية لخدمة مصالحها الدبلوماسية، في حين تشير التجربة إلى أن مجنّدات الهند كن فعالات في تغيير واقع مناطق النزاع من خلال توفير الأمن، وبناء الثقة، وتقديم نماذج يُحتذى بها للنساء والأطفال المحليين. ثانياً.. على الصعيد العالمي، اظهرت الهند دائماً التزامها الراسخ بالمساواة بين الجنسين من خلال توقيعها على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، ومنصة عمل بكين، واتفاقية حقوق الطفل، وغيرها من الاتفاقيات الأممية المتعلقة بالمساواة بين الجنسين. كما انضمت الهند إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة في سبتمبر 2020م ، تقديرًا لالتزام نيودلهي بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمساواة بين الجنسين، فضلًا عن تضامنها ودعمها الملموس الذي قدّمته الهند سواء على شكل الأدوية أو اللقاحات– للدول الصناعية وللدول النامية دون استثناء. ثالثاً.. يجسد مبدأ الهند ” فاسودهيفا كوتومباكام” يعني به العالم اسرة واحدة من جوهر السياسة الخارجية النسوية للهند . فقد لعبت الهند دور الجار الكريم والنبيل من خلال كونها “أول المستجيبين” في كل ما يتعلّق بالتعاون بين بلدان الجنوب اذا استدعت الحاجة إليها. ويُعدّ دور الهند في مدّ يد العون لجيرانها خلال الأزمات الإنسانية وجهود الإغاثة من الكوارث أو الأزمات الاقتصادية (كما تجلّى مؤخرًا مساعدة الهند لسريلانكا أثناء أزمتها الاقتصادية) مثالًا يُحتذى به. كما جرت العادة أن الهند حافظت على التواصل بشكل فعال مع دول الجنوب العالمي في تعزيز التمكين الاقتصادي للنساء من خلال دعم برامج تدريب تنمية المهارات للنساء في البلدان المجاورة. وشاركت أيضًا في تقديم مساعدات مخصصة للجنسين لعدد من الدول في أمريكا الجنوبية، والمحيط الهادئ، والشرق الأوسط، وجنوب آسيا، وأمريكا الوسطى، وأفريقيا، مثل كمبوديا، وفيجي، وليسوتو، وميانمار، وفلسطين، وطاجيكستان – على سبيل المثال لا الحصر – وذلك في إطار تعزيز جهود التعاون الاقتصادي والتنمية. ومن جانب آخر، فقد أطلقت الهند في عام 2019م مبادرة تحالف مجموعة الـ20 من أجل تمكين المرأة وتقدم تمثيلها الاقتصادي بمشاركة الممثلين من الحكومة والقطاع الخاص؛ حيث يهدف هذا التحالف إلى إقامة شراكة فعّالة قائمة على العمل بين قطاع الأعمال والحكومات؛ لتسريع وتيرة تمكين المرأة وتعزيز قيادتها في دول مجموعة العشرين. ومع ذلك، لا يزال أمام المجتمع الدولي طريق طويل؛ من أجل الوصول إلى مرحلة القضاء التام على التمييز القائم على أساس الجنس؛ إذ لا بد من استهداف الظواهر على المستوى الكلي للسياسات، وكذلك التفاوتات والعوائق على المستوى الفردي أو الجزئي لغرض تحقيق النتائج المرجوّة. وتعمل الهند على اعتماد سياسات ذات توجهين – داخلي وخارجي – لمعالجة قضايا المساواة بين الجنسين؛ سواء داخل البلاد أو على المستوى الدولي. وعلى الصعيد الداخلي، ومن خلال برامج وطنية وإقليمية متنوعة؛ مثل شبكات الأمان والمؤشرات والاستهداف المجتمعي، تكافح الهند التمييز القائم على النوع الاجتماعي، وتعمل جاهدة على تمكين النساء والفئات الأخرى. أما على الصعيد الدولي، فقد أظهرت التزامًا راسخًا بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للنساء من خلال سياساتها القائمة على النوع الاجتماعي (الموجهة نحو الشراكة بين القطاعين العام والخاص) حيث يُعدّ بدء حوار وبرامج عملية لتمكين الفئات المهمشة اقتصاديًا على المنصات العالمية؛ مثل الأمم المتحدة ومجموعة العشرين من الإنجازات المهمة (التي لا تزال في تطور مستمر) في مسيرتها نحو المساواة بين الجنسين.