التغير المناخي يهدد أسماك الرنكة في بحر البلطيق
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
التغير المناخي يهدد أسماك الرنكة في بحر البلطيق
يفكّ هولغر شوغرن عقدة شبكة الصيد الخاصة به بمهارة ثم يلقيها في أعماق بحر البلطيق، فمنذ خمسة عقود، يمارس الرجل البالغ 84 عاماً صيد الرنكة قبالة ساحل مدينة كوتكا في جنوب شرق فنلندا، استمراراً لمهنة عائلته منذ خمسة أجيال.
مختارات أسماك الأسد.. تغزو البحار وتدمر الشعاب المرجانية! تحذير أممي من احتباس حراري كارثي يصل لنحو ثلاث درجات مئوية الصيد بـ"الديناميت" في ليبيا ـ تدمير للبيئة والثروة السمكية والصحة تعرف على أصناف السمك المناسبة للأطفال؟ينصح الأطباء بتقديم الأسماك للأطفال لما تتضمنه من بروتينات وأحماض دهنية وفيتامينات ضرورية للنمو الصحي السليم للطفل.
تقدم الهولنديون بشكر خاص لجيرانهم الألمان على مساندتهم لهم في ذروة أزمة فيروس كورونا المستجد، بعد أن فتحت ألمانيا مستشفياتها للعشرات من المرضى الهولنديين.
وفي ميناء المنطقة، ينتظر عشرات الزبائن الدائمين عودة شوغرن لشراء الأسماك التي اصطادها في ذلك اليوم. إلا أنّ عمليات البيع هذه قد تتقلّص وتندر.
وعلى مدى عقود، بات بحر البلطيق الواقع بين الدول الصناعية في شمال أوروبا، أحد أكثر الأنظمة الإيكولوجية البحرية تلوّثاً في العالم. وفي أكتوبر، قرر الاتحاد الأوروبي أن يخفض بنسبة 43 في المائة كميات الرنكة المسموح باصطيادها عام 2024 في هذه المياه.
وتمثل الرنكة نحو 80 في المائة من عمليات صيد الأسماك السنوية في فنلندا. ويؤكد شوغرن أنّ "كثيرين يخشون أن يصحبوا مضطرين للتخلي" عن هذا النشاط.
انخفاض مستمر لعدد الأسماك
ومع الانخفاض المستمر في أعداد الرنكة في بحر البلطيق منذ سبعينات القرن العشرين، قد تواجه هذه الأسماك مصيراً مماثلاً لمصير أنواع أخرى انقرضت تقريباً من المنطقة. ويتميّز بحر البلطيق بأنّه قليل العمق، مما يجعله عرضة بصورة كبيرة لتداعيات التغير المناخي.
أما مساحة سطحه فهي مماثلة لمساحة البحر الأسود، لكنّ الأخير يحتوي على مياه أكثر بما يصل إلى عشرين مرة. ويتسبّب ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض الملوحة الذي يرجع إلى ارتفاع معدلات هطول الأمطار وانخفاض تدفق المياه من المحيط الأطلسي، في تهديد أنواع كثيرة بالكاد تستطيع التكيّف مع التغييرات المناخية.
ويقول يوكا بوني، وهو باحث في المعهد الفنلندي للموارد الطبيعية (LUKE) "كلما تقلّص بحر البلطيق، كلما أصبح الوضع أكثر سوءاً للأنواع البحرية".
وكلّما خسرت مياه البلطيق ملوحتها، تزداد معاناة أنواع كبيرة تعيش في المياه المالحة كسمك البقلة. وفي ثمانينات القرن الفائت، وصلت أعداد سمك البقلة إلى معدلات قياسية، لكنها انهارت في غضون بضعة عقود لدرجة أنّ الاتحاد الأوروبي أصدر في العام 2020 قراراً عاجلاً بحظر اصطيادها.
وانقرض نوع من الأسماك يُسمى "أسيبنسر أوكسيرينكس" كان وفيراً في السابق، بسبب التلوث وانسداد الأنهر التي تهاجر هذه الحيوانات عبرها.
وجبة من سمك الرنجة، ميكلنبورغ فوربوميرن، ألمانيا، أرشيف (07.03.2020).
تأثير معاكس
وفي حين يدعو البعض إلى خفض الكميات المسموح باصطيادها بشكل كبير للحفاظ على أعداد الأسماك المتبقية، للبعض الآخر آراء مختلفة. ويقول بوني "حتى الحظر التام لصيدها ما كان ليساعد في الحفاظ على أعدادها. بل كان يُحتمل أن يتسبب بتأثير معاكس". ويشير الباحث إلى أنّ المناخ والأضرار البيئية يهددان الأنواع أكثر من صيدها.
ومع انهيار أعداد سمك البقلة البلطيقي، تُحرم الرنكة من أكبر مفترس طبيعي لها. ولولا الصيادين، لكانت أعداد هذه الأنواع باتت "كثيفة جداً، مع انخفاض نموّ الأسماك" لعدم تلقّيها كمية كافية من الغذاء. إلا أنّ هذه الحجة يرفضها ماتي أوفاسكا، المسؤول عن مسائل الصيد لدى الصندوق العالمي للطبيعة.
وفي حال استمر الصيد المكثف بالوتيرة الراهنة، فإن أعداد أسماك الرنكة معرضة للانخفاض، مما يمهّد الطريق لانتشار أنواع أخرى مثل الصابوغة التي قد تتكاثر وتمنع أعداد الرنكة من التعافي، على قول اوفاسكا. ويضيف "سيكون من الضروري الحد من صيد الأسماك".
ويشعر المستهلكون بالقلق من التهديد الذي تواجهه أسماك الرنكة التي تحظى بشعبية كبيرة لدى الفنلنديين إذ يتناولونها ضمن أطباق مختلفة. ويقول ماركو كارجالاينن لوكالة فرانس برس من ساحة الأسواق في وسط هلسنكي "أتناول سمك الرنكة كل أسبوع".
فمن الرنكة المخمرة مع البصل وأوراق الغار وصولاً إلى الرنكة المدخنة، يشكل "سيلاكا" منذ قرون عنصراً مهماً من تقاليد فن الطهو في البلدان الاسكندينافية.
لكن مع زيادة القيود المفروضة، ثمة خطر في أن يتوقف صيدها بصورة دائمة. ويقول بوني "سيُحجم حينها الجميع عن الاستثمار" في هذا القطاع. لكنّ ذلك لن دفع هولغر شوغرن للتخلي عن شباكه. ويؤكد الرجل الثمانيني "ضرورة مراجعة السياسة الأوروبية المتعلقة بالصيد" مضيفاً "ينبغي أيضاً احترام تقاليد الصيادين".
ر.ض (أ ف ب)
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: بحر البلطيق أسماك الرنكة التغير المناخي التلوث الاحتباس الحراري البيئة بحر البلطيق أسماك الرنكة التغير المناخي التلوث الاحتباس الحراري البيئة بحر البلطیق
إقرأ أيضاً:
غموض يلف قطع كابلين رئيسيين للإنترنت ببحر البلطيق واختلاف بين مسؤولين أمريكيين وأوروبيين
(CNN)-- يحاول المحققون فك الغموض الذي يكتنف كيفية قطع كابلين للإنترنت تحت سطح البحر في بحر البلطيق على بعد ساعات فقط من بعضهما البعض، حيث يقول المسؤولون الأوروبيون إنهم يعتقدون أن التعطيل كان عملاً تخريبيًا، وأشار المسؤولون الأمريكيون إلى أنه كان على الأرجح مجرد حادث.
ملاحظة: مسارات الكابلات تقريبية. Credit: TeleGeography and submarinecablemap.comوتعطل الكابلان – BCS East-West الذي يربط ليتوانيا والسويد وC-Lion1 الذي يربط فنلندا بألمانيا، فجأة يومي الأحد والاثنين، وسارع الزعماء الأوروبيون إلى التعبير عن شكوكهم إذ قال وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس: "لا أحد يعتقد أن هذه الكابلات انقطعت عن طريق الخطأ".
وقال وزيرا خارجية فنلندا وألمانيا في بيان مشترك إنهما "يشعران بقلق عميق" بشأن الحادث وأثارا احتمال أن يكون جزءًا من "حرب هجينة"، وذكرا روسيا على وجه التحديد في بيانهما.
ولم يتم انتشال تقييمهما من فراغ، إذ اتُهمت روسيا بشن حرب هجينة ضد أوروبا بعد سلسلة من الحوادث المشبوهة وهجمات الحرق العمد والانفجارات وغيرها من أعمال التخريب في العديد من الدول الأوروبية والتي تم إرجاعها إلى موسكو.
وجاء انقطاع الكابلات بعد أسابيع فقط من تحذير الولايات المتحدة من أن موسكو من المرجح أن تستهدف البنية التحتية الحيوية تحت سطح البحر، وجاء ذلك بعد أشهر من التحركات المشبوهة للسفن الروسية في المياه الأوروبية وتعزيز كبير لوحدة بحرية روسية سرية مكلفة بمسح قاع البحر.
لكن اثنين من المسؤولين الأمريكيين المطلعين على التقييم الأولي للحادث قالا لشبكة CNN ، الثلاثاء، إنه لا يُعتقد أن الضرر كان نشاطًا متعمدًا من قبل روسيا أو أي دولة أخرى.
وبدلاً من ذلك، قال المسؤولان لشبكة CNN إنهما يعتقدان أن السبب على الأرجح هو سحب المرساة من سفينة عابرة، إذ وقعت مثل هذه الحوادث في الماضي، وإن لم تكن بشكل متتابع سريع مثل حادثتي الأحد والاثنين.
من جهته رفض الكرملين، الأربعاء، التلميحات "المضحكة" على حد تعبيره التي تشير إلى تورطه، قائلا إنه "من السخافة الاستمرار في إلقاء اللوم على روسيا في أي شيء دون أي أساس".