مؤتمر الإسلام: رغم إحباطهم مسلمون يحاربون كراهية اليهود
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر، ما تأثير مطالبها على مواقف الجمعيات الإسلامية من معاداة السامية؟
دخلت وزيرة الداخلية الألمانية، في الجوهر مطالبة الجاليات والجمعيات الإسلامية في ألمانيا بـ " رفع الصوت ضد معاداة السامية" وإدانة "هجمات حماس الإرهابية الفظيعة ضد إسرائيل".
مختارات ألمانيا- حملة أمنية تستهدف أعضاء ومناصرين لحماس و"صامدون" ألمانيا ـ عملية أمنية ضد "المركز الإسلامي بهامبورغ" وجماعات تابعة له DW: تحقيق في اتهامات بمعاداة السامية.. توقيف موظفين عن العمل
وتحدثت الوزيرة نانسي فيزر لمدة 25 دقيقة في بداية مؤتمر الإسلام في المانيا (DIK). ومثلما لم يحدث مع أي من أسلافها في المنصب الوزاري منذ إطلاق مؤتمر الإسلام عام 2006، فقد رفعت التوقعات والمطالب الملقاة على الجانب الإسلامي.
ولكن ماذا عن "معاداة المسلمين"؟
مر أكثر من ربع ساعة على بدء الخطاب قبل أن تقول الوزيرة: "لدينا في ألمانيا أيضاً مشكلة معاداة المسلمين"، محذرة من أن اتهامات معاداة السامية لا ينبغي أن تستغل لمعاداة المسلمين. وانعقد المؤتمر، الذي استمر يومين، تحت شعار "السلام الاجتماعي والتماسك الديمقراطي: مكافحة معاداة السامية وكراهية المسلمين في زمن الانقسام الاجتماعي".
لقد تغير المزاج الاجتماعي في ألمانيا وأوروبا منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 عندما تعرضت إسرائيل لأفظع هجمات إرهابية منذ المحرقة. وتسبب هجوم حماس بمقتل 1200 شخص في إسرائيل، غالبيتهم مدنيون، بحسب السلطات الإسرائيلية. كما اختطفت حماس حوالي 240 رهينة.
ومنذ ذلك الحين، تردّ إسرائيل بقصف مدمّر على قطاع غزة أوقع 14128 قتيلاً بينهم 5840 طفلاً، وفق سلطات حماس. كما بدأت إسرائيل عمليات برية واسعة داخل القطاع منذ 27 تشرين الأول/أكتوبر. وتفرض "حصاراً مطبقاً" على قطاع غزة الذي لا تصله إمدادات وقود ومواد غذائية ومياه.
ويشار إلى أن حركة حماس جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنف في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية. كما حظرت الحكومة الألمانية جميع أنشطة الحركة في ألمانيا.
أما في ألمانيا فقد كشف اليهود عن تعرضهم لإهانات وشعورهم بالخوف، ووقعت هجمات على كنس ومراكز مجتمعية يهودية، وجرى ترديد شعارات معادية للسامية في المظاهرات. وتحاول السلطات الألمانية التصدي لكل ما سبق ذكره من انتهاكات ضد اليهود. وتلقي السلطات بـ "المزيد من المسؤولية" على "الإسلام" في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاربة كراهية اليهود.
ولم تدعو الوزيرة أكبر الجمعيات والاتحادات الممثلة للمسلمين في ألمانيا إلى المؤتمر: لا "المجلس المركزي للمسلمين"، الذي لا ينأى بنفسه بمسافة كبيرة عن المتطرفين الشيعة، ولا "الاتحاد الإسلامي التركي" (ديتيب). و"ديتيب" مقرب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي وصف حماس بـ "حركة تحرر" وإسرائيل بـ "الدولة الإرهابية". وتربط "ديتيب" علاقة مباشرة بـ"رئاسة الشؤون الدينية التركية" (ديانت) المعادية للسامية.
ولم تأت نانسي فيزر في كلمتها على ذكر "المجلس المركزي للمسلمين" وعدم مشاركته، ولكنها، وجهت انتقادات شديدة لـ "ديتيب"، قائلة إنه صدر عنها صريحات "مزعجة"، بيد أنها عادت وأشارت إلى أن وزارتها "اتفقت" مع "ديانت" و"ديتيب" لتدريب الأئمة في ألمانيا: "نحن بحاجة لبعضنا البعض، رغم كل الانتقادات".
ألمانيا .. عملية أمنية تستهدف جمعيات موالية ل "حزب الله"انتقادات للوزيرة
في اليوم الثاني من المؤتمر، ومع مغادرة المتحدثين السياسين، كانت الأمور تغلي خلف الأبواب المغلقة. وبحسب معلومات DW، فقد ترددت انتقادات لخطاب نانسي فيزر في ورش العمل، التي لم يُسمح لممثلي وسائل الإعلام بالمشاركة فيها. وأفاد المشاركون أنهم شعروا بأنهم "مثل أطفال المدارس" وأنهم كانوا ينظرون إلى خطاب الوزير على أنه "يشبه خطاب معلم المدرسة". ونقل عن المشاركين انزعاجهم من إلقاء الوزيرة كلمتها ومن ثم انصرافها دون إتاحة أي فرصة لطرح ولو حتى سؤال واحد عليها.
أحد الذين عبروا عن انتقاداتهم بشكل علني هو برهان كيسيسي، رئيس "المجلس الإسلامي لجمهورية ألمانيا الاتحادية". وقال كيسيسي لـ DW إنه "أعجبت بفكرة معالجة معاداة السامية ومعاداة المسلمين معاً. لكننا رأينا أن معاداة السامية أخذت مساحة أكبر". ولطالما اشتكت أصوات كثيرة من العنصرية ضد المسلمين. وقال كيسيسي: "كان من الأفضل لو تم منحها نفس وزن معاداة السامية على الأقل".
ويوضح برهان انتقاداته: "يشعر المسلمون في ألمانيا – بعيداً عن حي نيوكولن البرليني وغيره من المناطق ذات الكثافة العالية بالمسلمين– بعدم الأمان". وأضاف أنه زار مؤخراً مدينة هانوفر: "يفكر الكثير من خريجي الجامعات والمتعلمين بالهجرة من ألمانيا، لأنهم قلقون وخائفون من التهديدات أو الهجمات على المساجد"، مشيراً إلى أن من يتحدث عنهم هم من الجيل الثالث أو الرابع من المهاجرين.
بدت طاولة المعلومات أمام قاعة المؤتمرات بمثابة رمز لتغير الأولويات في ظل التطورات الحالية. وعلى الطاولة تقرير مكون من نحو 400 صفحة، عن "معاداة المسلمين" في ألمانيا أعدته الحكومة الاتحادية في نهاية حزيران/يونيو 2023. تركزت تحضيرات المؤتمر على ذلك الموضوع حتى جاء إرهاب حماس والحرب في الشرق الأوسط، وما نتج عنها من احتجاجات ومعاداة للسامية في الشوارع الألمانية.
ولعل التقرير الورقي الآنف الذكر، الذي استغرق إعداده وقتاً طويلاً بمشاركة باحثين، كان أيضاً دليلاً على أن مسائل أخرى أكثر جوهرية أصبحت على المحك اليوم. وفي يومه الثاني، اكتسب المؤتمر الإسلامي ديناميكيته الخاصة مرة أخرى. وكان عمر كونتيش، رئيس "اتحاد المساجد المالكية في ألمانيا"، الذي يضم حوالي 120 مسجداً من أتباع الإسلام التقليدي، جالساً على المنصة.
مؤتمر الإسلام في ألمانيا 2023: انتقادات لدور الجمعيات الإسلامية في مواجهة معاداة السامية، كيف ترد الجمعيات على ذلك؟
الكراهية والتحريض على الانترنت
تحدث عمر كونتيش عن التحديات التي تواجه الأئمة والدعاة في عصر وسائل التواصل: "الجيل الحالي لديه جاليات ومجتمعات افتراضية حيث للصور تأثير فوري، وتولد مشاعر قوية، منها الكراهية والغضب. ونوه عمر إلى أن "عدد المصلين في مسجد ما قد يصل إلى 300 وربما 400 مسلم، أما الخطيب على الإنترنت فيصل عدد متابعيه إلى عشرات الآلاف. إننا في عصر التيك توك".
وقد تناول نفس النقطة متكلمون آخرون من القطاع التربوي. وحذرت ديبورا شنابل، مديرة مركز "آن فرانك التعليمي"، قائلة: "ليس لدينا إجابات. وهناك استثمار ضئيل للغاية في هذا المجال. وديناميكية وسائل التواصل والعالم الرقمي سريعة. يجب علينا الآن أن نعمل بسرعة في هذا الميدان".
وذهب خبير التطرف أحمد منصور أبعد في التحذير وسمى على وجه التحديد "الوكالة الاتحادية للتثقيف السياسي" بالاسم: "إذا لم نشن هجوماً مضاداً على وسائل التواصل الاجتماعي الآن، وإذا لم نتواجد هناك، فسوف ينتصر الراديكاليون. علينا أن نتحرك، وإلا فإننا سنخسر"، مشدداً على أن التحدي ينطبق على أوروبا كلها. كما حدد أحمد منصور خطوات ملموسة: "محو الأمية الإعلامية كمادة إلزامية في كل مدرسة، وعمل الشباب الرقمي. وأضاف: "يتطلب الأمر روايات مضادة ومختصين يتصدون للأخبار الزائفة".
وتعتزم وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، تناول "معاداة السامية بين المسلمين بقوة أكبر" في نسخة العام المقبل من "مؤتمر الإسلام الألماني" (DIK).
أعده للعربية: خالد سلامة
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر معاداة السامية كراهية اليهود مؤتمر الإسلام في ألمانيا وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر معاداة السامية كراهية اليهود مؤتمر الإسلام في ألمانيا معاداة المسلمین معاداة السامیة مؤتمر الإسلام فی ألمانیا إلى أن
إقرأ أيضاً:
وزراء وبرلمانيون إسرائيليون يطالبون الكونغرس الأميركي بإعلان حق اليهود الديني بالأقصى
"الحق الديني القومي اليهودي في جبل الهيكل"؛ تحت هذا العنوان وقّع مجموعة من الوزراء وأعضاء الكنيست الحاليين والسابقين رسالتهم التي وجهوها قبل أيام للكونغرس الأميركي بمجلسيه "الشيوخ والنواب" من أجل المضي قدما لإعلان في الكونغرس "للاعتراف بالحق الأبدي وغير القابل للجدل للشعب اليهودي" في المسجد الأقصى.
وفي رسالتهم يدّعي الموقعون أنه تقع في هذا المسجد معابدهم التي دمرتها الإمبراطوريتان البابلية والرومانية منذ حوالي 2500 و1900 عام، ويزعمون أنه "بينما تضمن دولة إسرائيل ذات السيادة الوصول إلى الأماكن المقدسة لجميع الأديان، فإن الشعب اليهودي على وجه التحديد هو الذي يُحرم من الوصول الحر الكامل إلى مكانه المقدس بسبب الضغوطات الدولية الشديدة".
وبالتالي -وفق نص الرسالة- فإن "الاعتراف الرسمي من جانب الدولة الرائدة في العالم والصديقة الكبرى لإسرائيل من الممكن أن يساعد في تحييد هذه الضغوط".
وفي ذيل الرسالة وقّع 16 شخصا من المطالبين بهذا الإعلان الرسمي، بينهم وزير الاتصالات الإسرائيلي ووزير الثقافة والرياضة وكلاهما من حزب الليكود، بالإضافة لأعضاء كنيست حاليين بينهم يهودا غليك، وعضو الكنيست السابق موشيه فيغلين، كما وقع على العريضة نائب رئيس بلدية الاحتلال في القدس أرييه كينغ.
يقول خالد العويسي، الأستاذ المشارك بدراسات بيت المقدس ورئيس قسم التاريخ الإسلامي جامعة أنقرة للعلوم الاجتماعية إن ما تصبو إليه هذه الجماعات هو اتخاذ خطوات عملية لتغيير الوضع في المسجد الأقصى، والمباركة الأميركية حجر أساس للتقدم في إنجاح هذه التغييرات.
إعلانوأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن صفقة القرن التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى نصت على جعل الأقصى مكان عبادة لجميع الأديان، وكان ذلك نقطة تحول في سياسة الاحتلال للسماح لليهود بالقيام بطقوس داخل المسجد كالسجود الملحمي، بعد أن كان ممنوعا ويتم إخراج من يحاول القيام بأي طقوس يهودية.
"والآن بعد عودة ترامب وتشكيلته الصهيومسيحية وسياسة الكاوبوي، تحاول جماعات الهيكل الاستفادة قدر المستطاع لتحقيق أهدافها بالأقصى والتي تتقاطع مع الصهيونية المسيحية في فكرة بناء هيكل يهودي على أنقاض المسجد" وفق الأكاديمي العويسي.
وقطعت إدارة ترامب الجديدة -وفقا للأكاديمي عويسي- شوطا في تغيير المصطلحات، كاستخدام "يهودا والسامرة" بدل الضفة الغربية، وهذا أغرى الجماعات المتطرفة ودفعها للتقدم بمثل هذه العريضة لمطالبة مجلس الشيوخ الأميركي للاعتراف بالحق اليهودي في أولى القبلتين.
ورجّح العويسي أنه مع إدارة ترامب وسياساته غير المتوقعة تستطيع هذه الجماعات الحصول على أكثر مما تسعى إليه، "وبما أن إسرائيل مرتبطة بالغرب ارتباطا عضويا من بداية تاريخها إلى اليوم لا تستطيع أن تأخذ أي قرار بمفردها باعتبارها ممثل الغرب في المنطقة، رغم أنهم يحاولون الخروج من هذه البوتقة.
"إذا أخذوا اعترافا رسميا من أميركا بخصوص الحق اليهودي في الأقصى فسيلقون بالضغوطات الدولية الأخرى في سلة المهملات، وسيشرعون بتحقيق ما لم يتمكنوا من تحقيقه حتى الآن كحلم بناء كنيس داخل المسجد والهيكل الثالث".
أما الأكاديمي ومسؤول الإعلام والعلاقات العامة السابق بالمسجد الأقصى عبد الله معروف فاستهل حديثه للجزيرة نت بالقول إنه رغم ما يظهر فعليا على السطح بأن جماعات المعبد المتطرفة وحكومة الاحتلال تملك سيطرة من نوع ما على الأقصى والأراضي المحتلة، فإن الحقيقة أنها تشعر بعدم إحكام سيطرتها بالكامل حتى اللحظة، وبالتالي تسعى لتحصيل الحماية الأميركية لأي تحرك دراماتيكي متطرف يتعلق بمسألة في غاية الحساسية مثل قضية الأقصى.
إعلان"تشعر الجماعات المتطرفة بأنها بحاجة لدعم غير مشروط من الإدارة الأميركية الحالية في الملفات الحيوية والحساسة كضم الضفة الغربية وتحقيق مشروع القدس الكبرى، بالإضافة للاعتراف بحقوق الصلاة والعبادة لليهود داخل الأقصى وهو الأمر الذي يوصلها إلى تحقيق هدفها المرحلي الأساسي بإقامة كنيس داخل المسجد".
وتخشى هذه الجماعات -وفقا لمعروف- من تبعات هذا التحرك في حال قامت به من دون غطاء أميركي، لأنها ترى فيها غطاء دوليا باعتبار أن الإدارة الحالية يمكن أن تفرض إرادتها على المجتمع الدولي، وأن تسكت أي أصوات دولية معارضة لأي تحركات إسرائيلية تتعلق بهذه القضية الحساسة.
وأضاف: "تسعى الجماعات المتطرفة الآن للحصول على اعتراف التيار المسيحي الصهيوني المحافظ الذي يسيطر على الحزب الجمهوري والكونغرس الأميركي بغرفتيه النواب الشيوخ، ومن خلال هذا الاعتراف تريد الحصول على الدعم الكامل من إدارة ترامب، فهي تظن أنها بذلك تستطيع تجاوز الرفض الدولي المتوقع".
وفي قراءته لهذه الخطوة الجديدة يرى معروف أن هذه الجماعات مخطئة بشكل كبير في تقديراتها لقوة إدارة ترامب وقدرته على فرض رؤيتها على العالم كله، وأكبر دليل على ذلك أنه عندما اعترف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال عام 2017 فشل في إقناع دول العالم الأخرى بذلك وبنقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس كما فعل.
ولم يتعد الأمر مجموعة صغيرة جدا من الدول غير المؤثرة، وهذ الأمر يدل على ضيق الأفق والفشل الإستراتيجي بالنظر إلى الحراك والتغيرات العالمية التي أنتجتها الأحداث الأخيرة في قطاع غزة من تأثير على الرأي العام العالمي، وبالمقابل "ما تزال هذه الجماعات تظن أن إدارة ترامب بأسلوبها الاعتباطي يمكنها أن تفرض على المجتمع الدولي بالقوة ما لا تستطيع أن تفرضه بسلطة القانون" يضيف معروف.