الهدنة في الإعلام العبري: صفقة خاسرة وانتصار لحماس
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
القدس المحتلة- في مشهد إعلامي منهزم غابت عنه مضامين "الانتصار" أو "الإنجاز" أو حتى عبارات الرضا، تصدرت وسائل الإعلام الإسرائيلية عناوين تقارير وتحليلات عكست مشاعر الخوف والهواجس من سيرورة الهدنة مع حماس وأيام تحرير المحتجزين الإسرائيليين التي وصفت بـ"العصيبة".
وعكست عناوين ومضامين كبرى الصحف الإسرائيلية الصادرة، الخميس، حالة العصبية والهواجس التي يعيشها المجتمع الإسرائيلي، حيث فردت صفحاتها الداخلية للتحليلات والتقارير التي تستعرض حالة عدم اليقين من الهدنة والمرحلة الأولى من صفقة التبادل، دون أن توصف الصفقة بـ"الإنجاز"، إذ اعتبرت بعض التحليلات أن إسرائيل تذوق "طعم الخسارة".
وفي محاولة للتقليل من مرارة "الهدنة والصفقة"، اختارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عنوان "ننتظرهم.. عائلات المحتجزين تتوقع البشارة"، إذ تناول الكاتب الإسرائيلي بن درور يميني، في مقالة له بالصحيفة المشاعر المختلطة للإسرائيليين، قائلا "لا يوجد مكان للفرح، وبالتأكيد بعد الهجوم المفاجئ بالسابع من أكتوبر".
لا مكان للفرح
وفي إشارة إلى الحزن بالمجتمع الإسرائيلي من عدم تحرير جميع المحتجزين دفعة واحدة وعددهم 240، أضاف يميني "لا مكان للفرح وما دام هناك رهائن في غزة.. لا مكان للفرح ما دام بمقدور حماس مواجهة الجيش الإسرائيلي عسكريا وإطلاق الصواريخ.. لقد توصلنا إلى صفقة جزئية تبقي على الكثير من التساؤلات".
وفي مؤشر إلى كثير من التساؤلات بشأن الهدنة والصفقة واستمرارية الحرب بالمستقبل، قالت صحيفة "هآرتس "في عنوانها "يستغلون الوقت.. تحرير الأطفال والنساء المحتجزين لن يتم قبل الجمعة".
وأشارت الصحيفة في التحليلات والمقالات إلى أن الهدنة والصفقة تصب في مصلحة حماس التي تستغل الوقت من أجل إعادة ترتيب قواتها والجهوزية للجولات القتالية المستقبلية، دون أن يكون أي أفق لإسرائيل بكل ما يتعلق بتحرير جميع المحتجزين الإسرائيليين ضمن صفقات مستقبلية.
ذات المضمون اختارته صحيفة "يسرائيل هيوم" في عنوانها "تأجيل ليوم.. ننتظر عودتكم.."، دون أن تسلط الضوء في صفحاتها الداخلية على مظاهر الفرح من الصفقة أو أي "إنجاز" من العلمية العسكرية.
وذهبت الصحيفة بالتحليلات والتحذيرات من مغبة إقدام حركة حماس على وضع الجيش الإسرائيلي في القطاع أمام تحديات قد تؤدي إلى وقف اتفاق إطلاق النار، وتعرقل صفقة التبادل، وذلك بحسب تقديرات المحلل العسكري للصحيفة، يوآف ليمور.
ورجح ليمور أن الجيش الإسرائيلي سيكون مطالبا بتوسيع دائرة المعارك البرية وهجماته بعد انقضاء أيام وقف إطلاق النار، ويعتقد أن المجتمع الإسرائيلي سيبقى يدعم العلميات العسكرية في غزة ما دام هناك محتجزون ورهائن إسرائيليون لدى حماس التي ستعيد ترتيب أوراقها وحشد قواتها في أثناء الهدنة.
الصفحات الداخلية لـ"يديعوت أحرونوت": ننتظر المحتجزين.. بلا مظاهر فرح (الجزيرة) أهداف حماسوأجمعت التقديرات والتحليلات الإسرائيلية أن الهدف الرئيسي لزعيم حماس، يحيى السنوار، من الهدنة المؤقتة هو استغلال الوقت وتنفس الصعداء بعد أكثر من 40 يوما من الهجمات الإسرائيلية العنيفة، وإعادة ترتيب الأوراق وتنظيم الفصائل المسلحة والاستعداد والجهوزية لاستمرار محتمل للصراع، على أمل تأخير المعارك البرية قدر الإمكان.
ورجحت التحليلات العسكرية للإسرائيليين أنه من المشكوك فيه ما إذا كانت حماس توقعت مثل هذا الانهيار في خط الدفاع الإسرائيلي في مواجهة الهجوم المفاجئ بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول، لقد أبقى النجاح والإنجاز الذي حققته حركة حماس بـ"طوفان الأقصى" قدرا كبيرا من أوراق المساومة، وفقا لمركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب.
لكن حركة حماس ورغم النجاحات والإنجازات، من وجهة النظر الإسرائيلية، بحسب الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" تدفع أيضا ثمن هجوم الجيش الإسرائيلي، والغزو البري لشمال غزة، والنزوح القسري الجماعي الذي فرضه الجيش الإسرائيلي على سكان شمال قطاع غزة، والتدمير شبه الكامل لمدينة غزة، والمباني والبنية التحتية في شمال القطاع.
الصفحات الرئيسية لصحيفتي "يديعوت أحرونوت" و"هآرتس".. يستغلون الوقت.. ننتظركم" (الجزيرة) مخاوف إسرائيلوبحسب صحيفة "هآرتس"، فإن هناك مخاوف من إمكانية إلحاق ضرر محتمل واستهداف القوات الإسرائيلية البرية أثناء وقف إطلاق النار، بطريقة من شأنها أن تؤدي أيضا إلى انهيار التهدئة وتحول دون استمرار إطلاق سراح المحتجزين، خاصة إذا ما تمكنت حماس إعادة تنظيم وحشد قواتها إلى الشمال، واستعادة مقرات القيادة والسيطرة المتضررة.
وتساءلت التحليلات والتقديرات ماذا سيحدث بعد أسبوع، هل تجدد إسرائيل إطلاق النار عندما يكون على المحك وعد السنوار بمحاولة إنقاذ المزيد من الأطفال الإسرائيليين؟.
وتجمع التقديرات الإسرائيلية أنه من المؤكد أن معظم المجتمع الدولي سيضغط على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار لفترة طويلة، مقابل وعود بمزيد من صفقات التبادل بالمستقبل.
وتناولت التحليلات والمقالات الخلافات والتباين بالمواقف الإسرائيلية بشأن "الهدنة والصفقة"، والتي تمحورت حول تقييم المخاطر والمداولات وتداعيات مسألة وقف إطلاق النار على سير الحرب والمعارك البرية بالقطاع، في وقت لا يزال السنوار، يعيش وفق مفهوم الجولات القتالية.
صحيفة "هآرتس" خصت صفحاتها الداخلية للتحليلات والتقديرات بشأن الهدنة ومستقبل الحرب في غزة (الجزيرة) أيام عصيبة تنتظر الإسرائيليينتحت عنوان "إطلاق سراح المحتجزين لن يؤدي إلى فرحة عارمة.. أيام عصبية تنتظرنا"، كتب المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل مقالا، لخص الواقع الذي يعيشه المجتمع الإسرائيلي في ظل الحرب على غزة والضبابية بشأن مصير ومستقبل المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس في قطاع غزة.
أمام الإسرائيليين الآن بضعة أيام مثيرة للأعصاب، ربما لن تكون هناك فورة من الفرح في إسرائيل، يقول هرئيل "كما حدث بعد صفقة شاليط المثيرة للجدل. عاش المحتجزون فترة عصيبة خلال الهجوم المفاجئ والحرب الإسرائيلية على غزة، فالعديد منهم سيتركون أفراد عائلاتهم رهائن في جحيم غزة".
عشية الهدنة المؤقتة وصفقة التبادل، يعتقد المحلل العسكري أن المشاعر والأجواء العامة في إسرائيل تتأرجح بين الرغبة في تدمير حكم حماس في غزة والمطالبة بإطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين في القطاع، وهذا لم يتحقق من خلال الهدنة الإنسانية وصفقة تبادل الأسرى الأولية.
ولفت هرئيل إلى أن الحكومة الإسرائيلية صادقت على مضض، وبلا إجماع ووسط تباين بالمواقف وخلافات بشأن وقف إطلاق النار المؤقت، على المرحلة الأولى من صفقة التبادل التي تضمن مبدئيا إطلاق سراح 50 مختطفا إسرائيليا من النساء والأطفال، لكنها لا تلتزم بالإفراج عن جميع النساء والأطفال.
صحيفة "يديعوت أحرونوت": يتجهزون لعودتهم لاحتضان المحتجزين وتأقلمهم بعد الأسر (الجزيرة) عمليات محدودةوحيال ذلك، يعتقد المحلل العسكري أن استئناف العمل العسكري سيكون محدودا في شمال قطاع غزة، الذي تم فيه إلحاق الضرر بمعظم كتائب حماس، مع تركيز جهد عسكري بري كبير في جنوب القطاع الذي سيكون بظروف صعبة أكثر، بسبب الكثافة السكانية الهائلة.
ومن وجهة نظر المحلل العسكري، فإن السنوار الذي يعتبر أن الحرب الحالية هي أيضا استمرار لجولات القتال التي خاضتها حماس مع إسرائيل في الماضي، فقد حقق انتصارا ساحقا بمعركة "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
يقول هرئيل إنه "صلاح الدين الجديد، المنتصر على الصليبيين اليوم"، وهي النظرية والعقيدة التي لا تتغير لدى السنوار وحماس بغض النظر عن نتائج الحرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المحتجزین الإسرائیلیین المجتمع الإسرائیلی الجیش الإسرائیلی وقف إطلاق النار المحلل العسکری یدیعوت أحرونوت صفقة التبادل إطلاق سراح فی غزة
إقرأ أيضاً:
مسؤولون في جيش الاحتلال: قوة حماس تتعاظم دون إنجاز صفقة تبادل
يمنع وجود الأسرى الإسرائيليين المتبقين على قيد الحياة والموزعين في أرجاء قطاع من "القضاء العسكري" بشكل عملي على حركة حماس، ويعمل على إحباط إمكانية عمل جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، فيما تُسمى "جزر متسعة"، لا تدخل إليها القوات كي لا يتعرضوا للخطر.
وقال المحلل العسكري الإسرائيلي يوآف زيتون، في مقال افتتاحي عبر صحيفة "يديعوت أحرونوت"؛ إن حماس "تنجح بهذا في إعادة تثبيت حكمها الجزئي في القطاع، وبعد ثلاثة أشهر من قتل ستة مخطوفين في النفق في رفح على أيدي حماس، يحرص الجيش على عدم القيام بأي عمل قد يؤذي عشرات الأسرى المتبقين على قيد الحياة".
واعتبر زيتون أنه لهذا السبب: "لا يعمل جنود الجيش بريا ولا يهاجمون أيضا في مناطق واسعة في قطاع غزة، وحماس تستفيد من ذلك وترمم قدراتها العسكرية في هذه المناطق الكبرى الموجودة في شمال القطاع، وذلك بالتوازي مع الأماكن الوحيدة التي يهاجم فيها الجيش الإسرائيلي في هذه الأشهر، وهي جباليا وبيت لاهيا المجاورة لها".
إظهار أخبار متعلقة
وذكر أن "مسألة المخطوفين الإسرائيليين في أسر حماس، أصبحت عاملا مركزيا يؤخر ويضيق إنجازات الجيش في القطاع، بينما يقول مسؤولون كبار في هيئة الأركان في أحاديث مغلقة، ويقصدون أحد أهداف الحرب التي وضعتها الحكومة، تصفية البنى التحتية العسكرية والسلطوية لحماس التي تعاظمت في قطاع غزة، برعاية إسرائيلية وقطرية على مدى الـ 15 سنة التي سبقت 7 أكتوبر".
وذكر أن "وجود المخطوفين في قطاع غزة، يؤثر ويغير أساليب القتال وأماكن العملية البرية والهجمات الجوية، ويقيد جدا القوات في ضرب حماس بشكل أكبر، وذلك بدءا من أوامر فتح النار البسيطة في الميدان، وحتى القرارات إلى أين تُرسل الألوية".
وزعم أن "لدى الجيش الإسرائيلي معلومات استخبارية معقولة عن وضع المخطوفين، تستند أساسا إلى معلومات تنتزع من التحقيق مع المخربين المعتقلين، وحل لغز ما يعثر عليه في الميدان ككاميرات المتابعة وتحليل المعطيات المتجمعة المختلفة، ونوعية المعلومات عن وضع المخطوفين وأماكنهم تتغير باستمرار؛ لأن حماس تحاول نقلهم من مكان إلى مكان، وتوزيعهم في القطاع لتصعيب الأمر على الجيش لإنقاذهم في عمليات خاصة".
وقال؛ إنه "في الجيش، يقدرون أن سياسة حماس في إعدام المخطوفين إذا ما لوحظت حركة قريبة لقوات الجيش لم تتغير، ولهذا فإن الخطر على حياتهم واضح وفوري، وليس فقط بسبب شروط الأسر التي ستتفاقم في الشتاء المقترب".
وأشار إلى "محاولة الجيش توضيح هذا الوضع للمستوى السياسي، بأن عدم التوجه إلى صفقة لتحرير المخطوفين، يمس مباشرة باحتمال الإيفاء بالهدفين اللذين حددتهما الحكومة في بداية الحرب: تقويض سلطة حماس وإعادة المخطوفين، ويقدرون في الجيش أن حماس شددت الحراسة على المخطوفين، ولولا وجودهم لكان كل الأمر بدا مختلفا في قطاع غزة، وعمل الجيش كان سيكون أكثر سحقا ضد حماس دون القيود التي تستفيد منها حماس. وهناك فرق بين تفكيك القدرات العسكرية لحماس، والمس بحكمها المدني الذي ضعف، ولكنه لا يزال قائما في القطاع".
وأكد أن هناك "في الجيش يوجد من يقدر أن حماس تخلت عمليا عن جباليا في أعقاب الاجتياح الطويل لفرقة 162، الذي بدأ قبل نحو شهرين ونصف، وصفي خلاله أو اعتقل أكثر من ألف مخرب من حماس، بينما فقد الجيش الإسرائيلي 28 ضابطا ومقاتلا منذ بداية العملية".
وقال؛ إن "الأغلبية الساحقة من الجمهور الغزي لم ترَ جنود الجيش الإسرائيلي في معظم هذا الهجوم الطويل الممتد لـ 14 شهرا من القتال، ولهذا، فإن حماس لا تزال متجذرة بقوة لدى الغزيين كحكم، لأنه ليس لها أي منافس، وهي مثلا أخذت الحظوة على حملة التطعيم ضد شلل الأطفال، التي سمحت إسرائيل بتنفيذها وهي تعمل على قمع جيوب المقاومة لحكمها، التي تطل بين الغزيين في مظاهرات محلية، كما نشخص أيضا آلية تعويض مالي من جانب حماس لنشطائها وموظفيها: فمؤخرا عادت لتدفع لهم أجرا شهريا، وإن كانت بضع مئات من الشواكل وليس بالآلاف مثلما قبل الحرب، وذلك رغم الضائقة الاقتصادية التي تعيشها".
وأضاف أن "الجمهور في غزة ليس قريبا من الانقلاب على حماس ولم تتراكم بعد الطاقة لذلك؛ لأنه لا ينشأ لها بديل، إضافة إلى ذلك، فإن معظم الجمهور الغزي المتجمع في جنوب القطاع، لم يعد يشعر منذ أشهر طويلة بوقع ذراع الجيش، وهو مشغول أساسا بالبحث عن خيمة أو بطانية للشتاء، وهذا يهمهم أكثر من موت السنوار الذي نسي هكذا، حسب الحوار الذي نلتقطه في الشارع الفلسطيني".
"الحكومة لا تقرر"
ومن ناحية البديل لحكم حماس، قال زيتون؛ إنهم "في الحكومة يواصلون أساسا الرفض ولا يبادرون: يرفضون طلب بعض الوزراء إقامة حكم عسكري إسرائيلي، وبالطبع يرفضون أيضا دخول السلطة الفلسطينية إلى المنطقة حتى ولو على سبيل تجربة محلية. المبادرة التي بحثت في الحكومة قبل أكثر من شهر لإدخال مقاولين أمريكيين يوزعون الغذاء، لا تزال بعيدة عن التنفيذ، وتبدو كعرض إعلامي أكثر من أي شيء آخر".
إظهار أخبار متعلقة
وأضاف أنه "لم تصل إلى قيادة المنطقة الجنوبية أوامر بالبدء بالخطوة، وهذه لا تزال لدى جهات أمنية أخرى مجرد موضع دراسة، وفي الجيش يقولون أيضا؛ إنه إلى شمال القطاع نحن لا نزال ندخل نحو 50 شاحنة مساعدات كل يوم، بل ونقوم بحملات إنسانية خاصة، بمساعدة منظمات إغاثة دولية نحرص على إبقاء الغذاء والماء في مناطق القتال في بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا، كي يرى العالم أنه لا يوجد تجويع في غزة حتى في الأماكن التي فصلناها".
وزعم نقلا عن الجيش، أن "الوقود يدخل إلى غزة أسبوعيا وأساسا لتفعيل محولات المياه ولاستخدام المستشفيات، لكن خط الكهرباء الجديد مثلا الذي سمحنا بإقامته، ينتج منذ الآن 20 ألف كيلو واط كل يوم لمئات آلاف النازحين في المواصي. هناك يصل أيضا الماء والغذاء بشكل سريع في غضون عشر دقائق أيضا من معبر كيسوفيم، الذي أقمناه وأعدنا فتحه، مما يقلل ظاهرة سلب الشاحنات".