صنع المستحيل، وهدم الصعوبات، استطاع أن يعلو باسمه بين كبار المخرجين، لتصبح أعماله خالدة بمرور السنوات، ومرجع أساسي للمخرجين الجدد، قدم على مدار مشواره الفني عددا قليلا من الأفلام السينمائية، ولكن على الرغم من قلتها، إلا أن هذه الأفلام كانت كافية لصناعة تاريخ واسم كبير وهو المخرج داوود عبد السيد.

كان صاحب البصمة الواضحة والتأثير الكبير الذي أظهر النجوم بأدوار مغايرة لطبيعتهم، وكان ذلك منذ الخطوة الأولى، خلال فيلم «الصعاليك»، بين شخصيتي «مرسي» و«صلاح» نور الشريف ومحمود عبد العزيز، إذ شهد العمل مبارزة تمثيلية حقيقة بين بطلي العمل، وأظهر النجمان بصورة مختلفة عن أعمالهما السابقة.

وأيضاً الفنان محمود عبد العزيز الذي ظهر بصورة مختلفة في فيلم «الكيت كات» المأخوذ من رواية «مالك الحزين» للكاتب إبراهيم أصلان، إذ أنه يعتبر العمل الوحيد الذي ظهر من خلال محمود عبد العزيز بدور الأعمى، وقد حرص على اختياره للدور الذي قدم رسالة حقيقة ويشير إلى أن العمى ليس عمى البصر ولكن عمى البصيرة، حتى يخرجه من دور رأفت الهجان، إذ ذاع صيته وقتها وقد حصل بطل الفيلم الفنان محمود عبدالعزيز على جائزة أفضل ممثل لعام 1991.

«مكتشف المواهب»

استطاع المخرج داوود عبد السيد أن يكتشف الفنان شعبان عبد الرحيم ووظفه في فيلم «مواطن ومخبر وحرامي»، ليصنع بين النجوم الثلاثة خالد أبو النجا وصلاح عبد الله وشعبان عبد الرحيم حالة من الكوميديا والتشويق، وكان له دور بارز في الإشارة لموهبة الفنانة نجلاء بدر خلال فيلم «قدرات غير عادية»، وأيضاً الفنانة عبلة كامل التي أعاد اكتشافها من جديد خلال فيلم «سارق الفرح».

واستطاع المخرج داوود عبد السيد أن يغير من جلد الفنانة فاتن حمامة من خلال فيلم «أرض الأحلام»، وقد رشح عام 1993 لجائزة الأوسكار لأحسن فيلم أجنبي، والتي اعتمدت أحداثه على شخصية «نرجس» التي كانت تستع للهجرة إلى أمريكا وتتعرض لأحداث عديدة تغير من وجهة نظرها في السفر، وأيضاً اختيار الفنان آسر ياسين في فيلم «رسائل البحر»، وقدم من خلال بطل العمل الدور بشكل مختلف عن أدواره السابقة .

وقرر المخرج داوود عبد السيد أن يصنع من شخصية نور الشريف فارق وعلامة مميزة في مشواره الفني من خلال دوره في فيلم «البحث عن سيد مرزوق»، وشاركه البطولة آثار الحكيم، وقرر أن يخرجه من قالب العنف والإثارة، إلى شخصية الموظف البرئ الساذج، الذي يجد نفسه متهمًا بالقتل.

ومن جانبه تحدث الناقد الفني محمود قاسم عن المخرج داوود عبد السيد قائلاً: «رغم قلة أعماله السينمائية إلا أنه يظل علامة بارزة في تاريخ السينما، ونموذج يقتدي به الجميع كمرجع في الأفلام السينمائية، وفكرة ابتعاده عن السينما مؤخراً أزعجتنا جميعاً، لأنه يعتبر إرثا يتعلم منه الجميع على مدار سنوات طويلة».

وأضاف محمود قاسم لـ «الوطن»، داوود عبد السيد قدم حوالي 10 أفلام سينمائية، تحمل في رسائلها مشكلات المجتمع بشكل سلسل يناسب الجميع من الشعب.

وتحدث «قاسم» عن فكرة اكتشافه للنجوم، «داوود عبد السيد أشار ببصمته الواضحة أن يبرز النجوم في أدوار مختلفة عن ما قدموه خلال مشوارهم الفني، من أبرزها أيضاً دور الفنان محمود عبد العزيز قدمه بشخصية الرجل البسيط، وأيضاً الفنان شعبان عبد الرحيم الذي قدم دور الحرامي في فيلم «مواطن ومخبر وحرامي»، فهو كان اكتشاف ومفأجاة الفيلم، وأعاد اكتشاف الفنان آسر ياسين في فيلم «رسائل البحر» الطبيب الذي يعاني من مشكلة في النطق، ويتعرض للتنمر».

وتابع: «من المميز خلال مشواره الفني فيلم الكيت كات، فاستطاع أن يصنع حالة من الكوميديا مع توصيل رسالة واضحة من خلال اختيار شخص غير مُبصر، والفيلم لاقي نجاحاً كبيراً بمجرد طرحه، وقد احتل المرتبة 8 ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في السينما العربية، وأتذكر أنه حصل على عدد من الجوائزمنها، الجائزة الذهبية لأحسن فيلم من مهرجان دمشق السينمائي الدولي عام 1991».

واستطرد حديثه: «محطة فيلم أرض الأحلام للفنان فاتن حمامة، الذي قدم من خلاله رسالة مهمة وواضحة للشباب التي كانت تريد الهجرة خارج البلاد، من تأليف هاني فوزي، وشارك في بطولته يحيي الفخراني وهشام سليم، وأيضا فيلم مواطن ومخبر وحرامي، الذي يجمع بين علاقة غريبة وغير متوقعة بين ثلاث أطراف منهم الأعزب والمخبر واللص» خاتماً حديثه: «سيظل المخرج داوود عبد السيد أيقونة مهمة في تاريخ السينما المصرية».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: داوود عبد السيد أفلام داوود عبد السيد نور الشريف آثار الحكيم محمود عبد العزیز خلال فیلم خلال فی من خلال فی فیلم

إقرأ أيضاً:

إكسبوجر 2025.. كيف أعاد المهرجان سردية التصوير في العالم؟

في أجواء مليئة بالإلهام والتفاؤل، استضاف مهرجان التصوير الدولي «إكسبوجر 2025»، المقام حاليا في دولة الإمارات الشقيقة والذي ينظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، مجموعة من أبرز المصورين والمبدعين العالميين، ليعيد سردية التصوير الفوتوجرافي بينما احتضن المصورين الذين حوّلوا عدساتهم إلى أدوات لتوثيق الجمال، وإيصال رسائل إنقاذ الكوكب، وإبراز القضايا الإنسانية من بين هؤلاء، برز اسم المصور البيئي فرانك جازولا، الذي ألقى خطابًا ملهمًا خلال المهرجان، كاشفًا عن رحلته التي بدأت كمغامرة تحت الماء وانتهت برسالة عالمية لحماية البيئة.

فرانك جازولا: من المغامرة إلى الرسالة

لم يكن فرانك جازولا مجرد مصور مغامر، بل كان رجلاً استجاب لنداء البحر منذ أكثر من عشر سنوات، وغاص في أعماقه ليصبح واحدًا من أبرز المصورين البيئيين الذين كرسوا حياتهم لتوثيق الجمال الهش تحت الماء، والتحذير من المخاطر التي تهدده و خلال جلسة ملهمة في «إكسبوجر 2025»، استعاد جازولا لحظة التحول الأولى في مسيرته، قائلاً: «كان لقاءً عابرًا مع مصور شهير، أعلنت أمامه عن رغبتي بأن أصبح مصورًا مهمًا» تلك الدعوة قادته إلى مشروع استكشاف في غرينلاند، غيرت مجرى حياته إلى الأبد.منذ ذلك الحين، أصبح اللون الأزرق رفيق جازولا الدائم.

يقول: «هذا اللون يحيطني، ويسكنني، ويدفعني لمواصلة التوثيق، ليس فقط لحياة المحيطات، بل أيضًا للآثار التي يتركها الإنسان عليها بسبب السياسات البيئية غير الرشيدة». وهكذا، تحول شغفه بالمغامرة إلى مهمة أعمق: الدفاع عن الكوكب عبر عدسة تكشف للعالم ما يجري تحت سطح الماء.لم يقتصر دور جازولا على التصوير، بل أصبح محاضرًا في مجال حماية البيئة البحرية، مسلطًا الضوء على تدهور الشعاب المرجانية، والتلوث الناجم عن البلاستيك، والتغير المناخي.

لكن هذا الشغف لم يكن بلا ثمن تحدث جازولا عن تجربته الأكثر تحديًا: «مكثت شهرًا في القطب الشمالي، أمارس الغطس في المياه المتجمدة.كان ذلك شاقًا للغاية، لكنني لم أتمكن من التوقف، لأنني أحب ما أفعله».

«الأمل العميق»: مشروع لإنقاذ الشعاب المرجانية

في مسيرته الممتدة، جاءت لحظة فارقة حين نشرت مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» أول صورة التقطها جازولا يقول: «كانت نقطة تحول كبرى، أعطتني الأمل في تنفيذ مشروعات بيئية ضخمة» ومن بين هذه المشروعات، أطلق جازولا مشروع «الأمل العميق»، الذي يهدف إلى دراسة الشعاب المرجانية. خلال هذا المشروع، غاص مع فريقه حتى 80 مترًا تحت سطح الماء، وواجهوا خطر هجوم الكائنات البحرية، لكنه يؤمن أن مواجهة المخاطر جزء لا يتجزأ من المهنة، ما دام الهدف هو حماية البيئة البحرية.

«الطريق إلى إكسبوجر»: معرض يعيد تعريف السرد الفوتوغرافي

ضمن فعاليات «إكسبوجر 2025»، برز معرض «الطريق إلى إكسبوجر»، الذي ينظمه اتحاد المصورين العرب، كواحد من أبرز المحطات البصرية التي تعيد تعريف مفهوم السرد الفوتوغرافي. يجمع المعرض بين التراث والتكنولوجيا والروح الإنسانية، ويقدم شهادة حية على الإبداع العربي.في المعرض، تتنوع الأعمال بين توثيق المعالم الأثرية، واللقطات الرياضية، والمشاهد الطبيعية التي تجسد تفرّد البيئة العربية والعالمية من القدس، تروي عدسة عبد الله خضر قصة «قبة الصخرة» بكل تفاصيلها، بينما يقدم عمار السيد أحمد صورة «ريش الطاووس»، التي تعكس ألوان الحياة وتنوعها الساحر

محمد أمين: عدسة أنقذت ملايين الأرواح

في زاوية أخرى من المهرجان، تبرز قصة المصور الكيني محمد أمين، الذي حوّل صوره إلى نداء عالمي لإنقاذ ملايين الأرواح. في منتصف الثمانينيات، وثّق أمين المجاعة التي ضربت شمال إثيوبيا، حيث أزهقت أرواح مليون إنسان. صوره التي انتشرت في وسائل الإعلام العالمية، دفعت العالم إلى التحرك في أكبر حملة إغاثة إنسانية في التاريخ.في «إكسبوجر 2025»، تُعرض صور أمين ليس فقط كتوثيق للتاريخ، بل كتذكير بقدرة الصورة على تغيير الواقع.

يقول أمين: «الصورة ليست مجرد مشهد، بل هي رسالة تنقل الحقيقة وتلامس القلوب».

الابتكار والتكنولوجيا: مستقبل السرد البصري

خلال المهرجان، أكد خبراء على أهمية الابتكار والتكنولوجيا في تطوير السرد القصصي البصري. في جلسة بعنوان «تطور سرد القصص: الماضي - الحاضر - المستقبل»، تحدث المخرج جلين جينور عن دور الابتكار في صناعة السينما، مؤكدًا أن «الابتكار هو مفتاح النجاح في هذا المجال».

من جهته، أشار ترافون فري إلى أن الإمارات أصبحت مركزًا ملهمًا لصناع الأفلام الشباب، مؤكدًا أن التكنولوجيا الحديثة، مثل الهواتف الذكية، أتاحت للجميع فرصة سرد قصصهم بطرق مبتكرة.

«باكاشيميكا»: سرد القصص البصرية في إفريقيا

في جلسة أخرى، سلط المهرجان الضوء على مهرجان «باكاشيميكا» الدولي للتصوير الفوتوغرافي، الذي يحتفي بالمجتمع الفوتوغرافي المزدهر في زامبيا وجنوب إفريقيا. تحدث المؤسسون عن أهداف المهرجان، الذي يسعى إلى دعم التعليم الإبداعي والبحث التصويري في المنطقة، وتعزيز ثقافة التصوير كأداة للتعبير الفني.

آنا جوسين: السرد البصري كقوة دافعة للتغيير

اختتمت فعاليات «إكسبوجر 2025» اليوم بجلسة للمصورة الفنزويلية آنا ماريا أريفالو جوسين، التي حثت المشاركين على استخدام السرد البصري كأداة للتغيير الاجتماعي و قالت جوسين: «الصورة يمكن أن تكون قوة دافعة للتغيير الإيجابي، إذا ما تم استخدامها بوعي وإبداع».

مقالات مشابهة

  • ذكرى ميلاد محمود الجندي.. عمل في مصنع نسيج ورفض يكون زوج الست
  • شاهد| هذا هو المكان الذي سيدفن فيه جثمان الأمين العام الأسبق لـ”حزب الله” اللبناني الشهيد السيد حسن نصر الله (فيديو)
  • انطلاق عروض “مقهى السينما” في دمشق القديمة
  • أحمد العوضي عن "فهد البطل": تحدٍّ جديد بعد نجاح "حق عرب"
  • لأبراهام مانغيستو الذي أفرجت عنه حماس اليوم قصة مختلفة... فما هي؟
  • من الأسير الإسرائيلي هشام السيد الذي ستسلمه القسام دون مراسم؟
  • محمود ميسرة السراج: المرة دي حبيبنا المخرج الكبير رؤوف عبد العزيز قال ياخدها من قصيرها وجابني في دور الشيطان شخصيا
  • مسلسلات رمضان 2025.. نجوم الشركة المتحدة يروجون لأعمالهم
  • طارق السيد يكشف أمرًا مهمًا في قمة الأهلي والزمالك
  • إكسبوجر 2025.. كيف أعاد المهرجان سردية التصوير في العالم؟