يعمل الاحتلال الإسرائيلي على إفراغ شمال قطاع غزة بشتى الطرق والوسائل، أبرزها استهداف المباني السكنية المأهولة بالمدنيين، وسط مخاطر تعتريها عملية النزوح عبر طريق وحيد أطلق عليه الاحتلال "الممر الآمن".

وهجر الاحتلال مئات الآلاف من الفلسطينيين خلال حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها لليوم 47 على التوالي.



وترصد "عربي21" مسيرة مواطن فلسطيني نزح من شمال قطاع غزة وتعرض لصنوف متعددة من التنكيل والتعذيب.

ويقول أبو سليم (55 عاما) إنه قرر النزوح بعدما أصبحت الحياة غير ممكنة في المناطق الشمالية بسبب عنف القصف ضد المدنيين، وسط انعدام مقومات الحياة الأساسية من طعام وشراب.

ويذكر أبو سليم لـ"عربي21" أنه قضى 40 يوما كاملة في بيته ضمن منطقة بيت لاهيا، وكان شاهدا على عشرات المجازر وفقدان مئات الشهداء، قائلا: "حتى الآن أصوات القصف وراحة الدمار لا تغادرني، لكن كل ذلك لا شي من اللي شفته لما نزحت".


وخرج أبو سليم رفقة عائلته في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، وسلك ما يُسمى "الممر الآمن" على طريق صلاح الدين، ووصل الحاجز الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه في ساعات الصباح الأولى.
ويكشف "بدأنا بالمرور عبر بوابة إلكترونية، والكثير مروا والكثير تم النداء عليهم واعتقالهم، وأنا كنت منهم، رحلة العذاب استمرت من الساعة 9 صباحا حتى 12 ليلا.. شفنا الموت بعيوننا".

ويضيف "بدأ الجنود بالتحقيق معنا ووصفنا بأننا عناصر تابعة لحركة حماس.. قلت لهم أنا موظف سلطة متقاعد، وعند كل إجابة لي يبدأون بضربي".

ويذكر "سألوني عن انتمائي لحماس وعن أمكان وجود الأسرى الرهائن، وسألوني عن المستشفى الإندونيسي وأين الأنفاق الموجودة تحتها، وعن بعض البنايات في منطقة سكني وما هي أسمائها ومن يملكها وعن ماذا يوجد تحتها".

ويقول أبو سليم "مع كل إجابة أتعرض للضرب سواء باليد أو العصي وأطراف الأسلحة وحتى الأحذية، وضلينا على هذا الوضع لساعات طويلة حتى غابت الشمس".

ولم يكن هذا مجمل التعذيب والتنكيل الذي تعرض له أبو سليم مع العشرات في ذلك اليوم، وقال: "بعد التحقيق والضرب الشديد طلب الجنود أن نخلع ملابسنا.. قاموا بتعريتنا وحكوا لنا انبطحوا على الأرض، واستمر الضرب لساعات أخرى".

ويؤكد أبو سليم أن "أسوأ فقرة كانت الأخيرة عندما بدأت الآليات والدبابات بالدوران حولنا.. جنزير الدبابة مر من جانب رأسي أكثر من مرة، وفي كل مرة كنت أدفن في الرمل أكثر، وهذا كان في آخر الليل".

ويضيف "لا أعرف هل دهست الدبابات أحدا أم لا، حتى صوت الدبابات كان يغطي على صوت الصراخ، ربنا ينتقم منهم عذبونا، كل اللي شفته بالحرب كوم وهذه الليلة كوم ثاني".


ويشير إلى أنه "بعد ساعات طويلة لا يستطيع تقديرها من الخوف والرعب الشديد طلب الجنود أن نقف على ركبنا، واستمر هذا الوضع لفترة طويلة أيضا وسط أجواء باردة واحنا عريانين، وكان الجنود يتمشون من خلفنا ويطلقون النار من فوق رؤوسينا ومن جانب أذاننا".

ويوضح "لا أعرف أيضا هل قتوا أحد بهذه الطريقة أم أنه كان مجرد تخويف، ثم كل فترة كان الجندي يطلب من أحدنا ارتداء ملابسه والهروب باتجاه الجنوب، لكن إطلاق النار المتقطع والمرعب استمر".

ويذكر "انتظرت حتى جاء دوري وطلب مني الجندي ارتداء الملابس والجري.. طبعا ما حد رجع لقى نفس أواعيه لبسنا أي شي كنا نلاقيه وجرينا".

ويقول أبو ساهر "الرعب ما توقف هنا، كانت الساعة يمكن 12 بالليل.. مشيت فترة طويلة في العتمة تحت صوت الزنانات (طائرات الاستطلاع) والقصف، والصبح لما لقيت حدا أكلم من جواله أهلي اللي أجوا بعدها اخدوني.. أنا مش مصدق إني لسه عايش أصلا".

وتواصل قوات االاحتلال ارتكاب المجازر في قطاع غزة لليوم 48 على التوالي، مخلفة وراءها أكثر  من  14500 شهيد، بينهم 6000 طفل، و4000 سيدة، ما يعني أن 69 بالمئة من الشهداء هم من فئتي الأطفال والنساء.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال غزة الممر الآمن الفلسطينيين فلسطين غزة الاحتلال الممر الآمن سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قطاع غزة أبو سلیم

إقرأ أيضاً:

من ممر النزوح إلى طريق العودة.. ماذا نعرف عن محور «نتساريم» في غزة؟

في قطاع غزة، حيث تختلط المعاناة بالأمل، برز اسم "نتساريم" ليحمل أبعادًا سياسية وإنسانية عميقة، الممر الذي كان شاهدًا على نزوح الآلاف أصبح اليوم بوابة لعودتهم، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية منه تنفيذًا لاتفاق الهدنة. 

وبين التاريخ العسكري والدلالات الاستراتيجية، يحتل محور نتساريم مكانة محورية في المشهد الفلسطيني والإسرائيلي، ليصبح رمزًا يعكس الصراع المستمر وآمال الفلسطينيين في العودة.

نتساريمنتساريم.. من ممر للنزوح إلى بوابة أمل العودة

بدأت القوات الإسرائيلية انسحابها من محور نتساريم يوم الإثنين 27 يناير 2025، في خطوة ترمز إلى تطبيق بنود الهدنة التي تم التوصل إليها مؤخرًا، مع هذا الانسحاب، شهد القطاع عودة تدريجية للسكان النازحين إلى شمال غزة، حيث أظهرت لقطات تلفزيونية تدفق الحشود عبر الطريق، وسط مشاعر مختلطة من الفرح والحذر.

وفتحت نقطة العبور الأولى في وسط القطاع في الساعة السابعة صباحًا بالتوقيت المحلي، وسمح بعودة الفلسطينيين مشيًا على الأقدام عبر شارع الرشيد، المعروف بطريق البحر، بينما تمت الموافقة على مرور المركبات عبر طريق صلاح الدين بعد التفتيش الأمني في الساعة التاسعة صباحًا.

ويمتد محور نتساريم من الحدود الإسرائيلية شرقًا إلى البحر الأبيض المتوسط غربًا، بطول يقارب سبعة كيلومترات، الاسم يرتبط بمستوطنة إسرائيلية سابقة تحمل نفس الاسم، ويعود تاريخ ظهوره كممر استراتيجي إلى خطة "الأصابع الخمسة" الإسرائيلية في سبعينيات القرن الماضي، التي هدفت إلى تشريح القطاع لتحقيق السيطرة العسكرية. 

ورغم انتهاء وجود المستوطنة، ظل الممر أداة استراتيجية خلال الحروب الأخيرة، حيث استخدمته إسرائيل لمراقبة وتنظيم حركة الفلسطينيين بين شمال القطاع وجنوبه، مع فرض قيود صارمة عليه أثناء الحرب.

ويمثل، هذا الممر جزءًا من خطة إسرائيلية طويلة الأمد تهدف إلى تقسيم غزة إلى قسمين، وإقامة منطقة عازلة تمنع الهجمات على غرار هجوم السابع من أكتوبر.

وترى القيادة الإسرائيلية في الطريق شريانًا أمنيًا يتيح التنقل السريع بين المواقع العسكرية، بينما أثار الممر جدلًا واسعًا حول أهدافه الحقيقية، حيث يخشى الفلسطينيون أن يكون بداية لتكريس تقسيم القطاع أو إعادة احتلال مناطق منه.

في المقابل، أصرت حركة حماس على ضرورة انسحاب إسرائيل الكامل من محور نتساريم، معتبرة أن أي وجود إسرائيلي في هذه المنطقة يهدد وحدة القطاع ويعمق الأزمة الإنسانية، الممر، الذي كان يُمنع الفلسطينيون من استخدامه في السابق، تحول الآن إلى شريان حياة يحمل أمل العودة، لكنه يظل في الوقت نفسه نقطة صراع تعكس التحديات السياسية والأمنية بين الجانبين.

بين انسحاب القوات الإسرائيلية وعودة النازحين، يقف محور نتساريم شاهداً على صراع طويل ومستمر. ورغم أن فتح الطريق يمثل خطوة إيجابية للمدنيين الفلسطينيين، إلا أن مستقبل الممر يظل معلقاً بين كونه بوابة للعودة أو أداة لتقسيم القطاع. 

وفي ظل هذه التطورات، تظل القضية الفلسطينية حاضرة بقوة في المشهد الدولي، حيث تتطلب الجهود السياسية حلاً جذرياً يضمن حقوق الشعب الفلسطيني ويحفظ وحدته الوطنية.

مقالات مشابهة

  • من ممر النزوح إلى طريق العودة.. ماذا نعرف عن محور «نتساريم» في غزة؟
  • سلطات الاحتلال تعتقل اثنين من الجنود بشبهة التخابر مع إيران
  • جيش الاحتلال يكشف تفاصيل عودة السكان لشمال غزة
  • خوفا من الاعتقال.. تصرف خبيث يفعله الجنود الإسرائيليون خلال سفرهم للخارج
  • الكيان الصهيوني يواصل عدوانه على عدة مدن فلسطينية مساء اليوم
  • شاهد.. لبنانية تقف بوجه الجنود الإسرائيليين أثناء إطلاقهم النار تجاه مواطنيها
  • رسالة عاجلة من قبلان إلى اليونيفيل.. ماذا تضمنت؟
  • كيف يمكن تتبع جنود الاحتلال المشاركين بحرب غزة وملاحقتهم دوليا؟
  • سليم حجّة أسير فلسطيني محكوم بـ16 مؤبدا
  • أمل شجاعية بعد تحريرها: الجنود الإسرائيليون أجبروا على خلع حجابهن.. وسأعوض ما فاتني