توماس فريدمان يرصد بصيص أمل بين ظلام 7 أكتوبر
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
تحت عنوان "المنقذون" ناشد الكاتب الصحفي الأمريكي توماس فريدمان في مقال مطول إسرائيل إلى إعلاء أصوات التعايش الصادقة. وسلط الضوء على شخصيات عربية وإسرائيلية تدعو إلى التعايش وتحرص على بناء مستقبل مشترك على أساس القيم المشتركة العابرة للحدود الإثنية اليهودية والعربية. ومن بين هذه الشخصيات من يرى أن 7 أكتوبر لم يكن حرباً بين اليهود والعرب، بل بين الظلام والنور.
من رحم أهوال 7 أكتوبر ستخرج في يوم من الأيام محاولة أخرى لبناء دولتين
وقال فريدمان: "بصفتي مراقباً طويل الأمد للصراع العربي الإسرائيلي، أعترف أنني أتجنب بقوة كلاً من نشطاء (من النهر إلى البحر) على اليسار المؤيد للفلسطينيين، والمتعصبين الحزبيين بالمثل على اليمين الصهيوني المناصر لمشروع (إسرائيل الكبرى)، ليس فقط لأنني أجد رؤاهم التفردية للمستقبل شيئاً مقيتاً، بل أيضاً لأن الصحفي الموجود بداخلي يجدهم يغفلون بالكلية تعقيدات الحاضر". لقطات إنسانية
وأضاف: "هم لا يفكرون في الأم اليهودية في القدس التي حدثتني في لحظة معينة عن حصولها للتو على رخصة سلاح لحماية أطفالها من حماس، وفي اللحظة التالية عن مدى ثقتها في مدرس أطفالها العربي الفلسطيني، الذي هرع بأطفال إلى ملجأ المدرسة أثناء الغارة الجوية الأخيرة التي شنتها حماس. وهم لا يفكرون في علاء عمارة، صاحب المتجر العربي الإسرائيلي ابن قرية الطيبة، الذي تبرع بـ 50 دراجة هوائية للأطفال اليهود الذين نجوا من هجوم حماس على مستوطناتهم الحدودية في 7 أكتوبر، ليفاجأ بحرق متجره بعد بضعة أيام، على ما يبدو على أيدي شباب قوميين متشددين من عرب إسرائيل، ولاحقاً بحملة باللغتين العبرية والإنكليزية لجمع تبرعات نجحت في جمع أكثر من 200 ألف دولار لمساعدته على إعادة بناء المتجر نفسه بعد أيام قليلة من الحادث".
My column: The Rescuers https://t.co/incOpv8VQA
— Thomas L. Friedman (@tomfriedman) November 22, 2023
وتابع بقوله: "على مدى نصف القرن الماضي، رأيت الفلسطينيين والإسرائيليين يفعلون أشياء فظيعة ضد بعضهم. لكن هذه الحلقة التي بدأت بهجوم حماس على الإسرائيليين، بمن فيهم نساء وأطفال صغار وجنود في المستوطنات المجاورة لغزة، والانتقام الإسرائيلي من مقاتلي حماس المتمركزين في غزة والذي أسفر أيضاً عن قتل وجرح وتشريد عدة آلاف من المدنيين الفلسطينيين (من الأطفال حديثي الولادة إلى المسنين)، هي بالتأكيد الأسوأ منذ أيام التقسيم الذي فرضته الأمم المتحدة سنة 1947".
وزاد: "لكن من قرأوا هذا العمود على كلا الجانبين يعلمون أنني لست من الأشخاص الذين يسجلون النقاط، حيث ينصبّ تركيزي دائماً على كيفية الخروج من دوامة العين بالعين والسن بالسن المرعبة هذه قبل أن يفقد الجميع عيونهم وأسنانهم".
ومضى الكاتب يقول: "تحقيقاً لهذه الغاية، كرّست الكثير من الوقت أثناء رحلتي إلى إسرائيل والضفة الغربية هذا الشهر لرصد وسبر أغوار التفاعلات اليومية الفعلية بين عرب إسرائيل واليهود. وهذه دائماً ما تكون تجارب معقدة، ومفاجئة في بعض الأحيان، ومحبطة في أحيان أخرى، وفي كثير من الأحيان تكون مشجعة أكثر مما تتوقع. ذلك لأنها تكشف عما يكفي من بذور التعايش المتناثرة حولنا، بحيث يظل بإمكان المرء أن يحلم بالحلم المستحيل، حلم حصولنا في يوم من الأيام على حل الدولتين للإسرائيليين والفلسطينيين الذين يعيشون بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن".
Take a moment during this time of giving thanks to read a powerful and inspiring story featuring Arab voices whose heroism and commitment to peaceful pluralism is being drowned out by those chanting "from the river to the sea." https://t.co/9cDJcfTl97
— Mike Bloomberg (@MikeBloomberg) November 22, 2023
وأوضح فريدمان أنه فور وصوله إلى تل أبيب، جلس مع منصور عباس، "الذي ربما يكون أشجع القيادات السياسية الإسرائيلية في يومنا هذا"، موضحاً أن عباس مواطن فلسطيني من عرب إسرائيل، وهو مسلم متدين وعضو في الكنيست الإسرائيلي، حيث يقود حزب القائمة العربية الموحدة المهم. وأصبح صوت عباس الآن أكثر حيوية لأنه لم يرد على إرهاب حماس بالصمت. يدرك عباس أنه يحق للمرء أن يغضب من الألم الذي تلحقه إسرائيل بالمدنيين في غزة، ولكن تركيز المرء كل غضبه على ألم غزة يثير الشكوك بين اليهود في إسرائيل وفي جميع أنحاء العالم، في ظل تجاهل فظائع حماس التي أشعلت فتيل هذه الحرب.
كان أول ما قاله عباس لفريدمان عن هجوم حماس: "لا يمكن أن يقبل أحد ما حدث ذلك اليوم. ولا يمكننا أن ندينه ونقول "لكن"؛ فتلك الكلمة "لكن" أصبحت غير أخلاقية. (تُظهر استطلاعات الرأي الأخيرة إدانة ساحقة من عرب إسرائيل لهجوم حماس).
يرى عباس التعقيدات التي تعيشها تلك الأم اليهودية الإسرائيلية في القدس التي لم تفقد ثقتها قط في معلم أطفالها العربي الفلسطيني، وصاحب متجر الدراجات العربي الإسرائيلي الذي مد يده بشكل عفوي لتخفيف آلام أطفال يهود لم يعرفهم من قبل. وفي الوقت نفسه، تحدث عن الألم الشديد الذي يشعر به الفلسطينيون من عرب إسرائيل والبدو عند رؤية أقاربهم يُسحقون ويُقتلون في غزة.
وينقل فريدمان عن عباس قوله: "من أصعب الأشياء اليوم أن تكون عربياً إسرائيلياً. فالعربي الإسرائيلي يشعر بالألم مرتين، مرة كعربي وأخرى كإسرائيلي".
واستعاد فريدمان بعضاً من قصص العرب البدو الإسرائيليين و7 أكتوبر.
وقال: "بعد حوالي أسبوع من رحلتي، تلقيت مكالمة هاتفية من صديقي أفروم بورغ، الرئيس السابق للكنيست الإسرائيلي، وحفيد كبير حاخامات الخليل سنة 1929. أخبرني أنه وصديقه طالب الصانع (وهو عربي بدوي إسرائيلي خدم معه في الكنيست، وقدم صوتاً رئيسياً أعطى اسحق رابين الأغلبية التي مكّنته من إبرام اتفاق أوسلو للسلام) يريدان اصطحابي لملاقاة بعض "البدو الأخيار". وهؤلاء مواطنون إسرائيليون مسلمون من البدو ناطقون بالعربية لكنهم يتحدثون العبرية بطلاقة، ولعبوا أدواراً بطولية في إنقاذ اليهود من هجوم حماس.
ولفت فريدمان إلى أنه طوال الوقت، كان ضحايا حماس من اليهود والبدو يعالَجون معاً في المستشفيات الإسرائيلية، التي أصبح العرب أو الدروز الإسرائيليون الآن يشكلون نحو نصف الأطباء المستجدين فيها، وكذلك نحو 24 في المائة من الممرضات ونحو 50 في المائة من الصيادلة.
وقال فريدمان: يمكن لبدوي من عرب إسرائيل أن ينقذ يهودياً إسرائيلياً على حدود غزة في الصباح، ويتعرض للتمييز من قِبل اليهود في شوارع بئر السبع بعد الظهر، ويتباهى بأن ابنته - الطبيبة التي تخرجت في إحدى كليات الطب الإسرائيلية - قضت ليلتها كاملة على قدميها لرعاية المرضى اليهود والعرب في مستشفى هداسا.
حل بناء الدولتين وبذور التعايش
ومضى فريدمان يقول: "مثلما أسفر ظلام حرب عيد الغفران عن بزوغ فجر معاهدة كامب ديفيد، ومثلما أسفرت وحشية الانتفاضة الأولى والرد الإسرائيلي عن اتفاقيات أوسلو، فمن رحم أهوال 7 أكتوبر ستخرج في يوم من الأيام محاولة أخرى لبناء دولتين لهذين الشعبين الأصليين. وإلا فإن هذه الزاوية بأكملها من العالم ستصبح غير صالحة لسكنى أي شخص عاقل؛ فهناك أناس كثيرون للغاية يملكون أسلحة قوية كثيرة للغاية في يومنا هذا".
واختتم فريدمان مقاله بالقول: "عندما يحين ذلك اليوم، سيتطلب الأمر باني جسور كمنصور عباس، عضو الكنيست الإسرائيلي ورئيس حزب القائمة العربية الموحدة، للاعتناء ببذور التعايش التي ما زالت هنا، وإنْ كانت مدفونة على عمق أكبر من أي وقت مضى. فعباس، ويوسف الزيادنة، وعائلة القريناوي، وآيا ميدان، وأصدقائي أفروم وطالب وران سيكونون هم المنقذون".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل العربی الإسرائیلی من عرب إسرائیل
إقرأ أيضاً:
من المؤرخ الإسرائيلي الذي قُتل في معارك لبنان وماذا كان يفعل؟
عندما دخل المؤرخ الإسرائيلي زئيف إيرلتش إلى جنوبي لبنان لفحص واحدة من القلاع التاريخية القريبة من مدينة صور، لم يكن يعرف أن نيران حزب الله ستكون بانتظاره هناك لترديه قتيلا.
وكان إيرلتش (71 عاما) موجودا في منطقة عمليات تبعد عن الحدود بنحو 6 كيلومترات، لمسح قلعة قديمة بالقرب من قرية "شمع" عندما باغتته صواريخ حزب الله.
ورغم أنه كان يرتدي زيا عسكريا ويحمل سلاحا شخصيا، فإن بيانا صادرا عن الجيش الإسرائيلي اعتبره "مدنيا"، وقال إن وجوده في تلك المنطقة يمثل انتهاكا للأوامر العملياتية.
وكان المؤرخ، الذي تقول الصحف الإسرائيلية إنه منشعل بالبحث عن "تاريخ إسرائيل الكبرى"، يرتدي معدات واقية، وكان يتحرك إلى جانب رئيس أركان لواء غولاني العقيد يوآف ياروم.
وبينما كان الرجلان يجريان مسحا لقلعة تقع على سلسلة من التلال المرتفعة حيث قتل جندي إسرائيلي في وقت سابق، أطلق عنصران من حزب الله عليهما صواريخ من مسافة قريبة، فقتلا إيرلتش وأصابا ياروم بجروح خطيرة.
ووصف جيش الاحتلال الحادث بالخطير، وقال إنه فتح تحقيقا بشأن الطريقة التي وصل بها إيرلتش إلى هذه المنطقة. لكن صحيفة يديعوت أحرونوت أكدت أن هذه لم تكن المرة الأولى التي يرافق فيها إيرلتش العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان.
كان يعمل مع الجيش
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن يجال -شقيق القتيل- أن إيرلتش كان يعامل بوصفه جنديا في الميدان، وأنه كان يرافق القوات الإسرائيلية بغرض البحث الأثري بموافقة الجيش وبرفقته.
واتهم يجال المتحدث باسم جيش الاحتلال بمحاولة حماية كبار الضباط وإلقاء مسؤولية ما جرى على القيادات الوسطى. وقد أكد الجيش أنه سيعامل القتيل بوصفه جنديا وسيقوم بدفنه.
وقُتل إيرلتش بسبب انهيار المبنى الذي كان يقف فيه عندما تم قصفه بالصواريخ. وتقول صحف إسرائيلية إن العملية وقعت فيما يعرف بـ"قبر النبي شمعون".
ووفقا للصحفية نجوان سمري، فإن إيرلتش كان مستوطنا، ولطالما رافق الجيش في عمليات بالضفة الغربية بحثا عن "تاريخ إسرائيل"، وقد قُتل الجندي الذي كان مكلفا بحراسته في العملية.
وأشارت يديعوت أحرونوت إلى أن القتيل كان معروفا في إسرائيل بوصفه باحثا في التاريخ والجغرافيا، وقالت إنه حرّر سلسلة كتب "السامرة وبنيامين" و"دراسات يهودا والسامرة". وهو أيضا أحد مؤسسي مستوطنة "عوفرا" بالضفة الغربية.
وتشير المعلومات المتوفرة عن إيرلتش إلى أنه درس في مؤسسات صهيونية دينية، منها "مدرسة الحائط الغربي" بالقدس المحتلة، وحصل على بكالوريوس من الجامعة العبرية فيها، وأخرى في "التلمود وتاريخ شعب إسرائيل" من الولايات المتحدة.
كما خدم القتيل ضابط مشاة ومخابرات خلال الانتفاضة الأولى، وكان رائد احتياط بالجيش.