بقلم: تاج السر عثمان بابو

أشرنا في مقال سابق إلى الحرب التي جاءت بعد انقلاب ٢٥ أكتوبر 2021 والاتفاق الإطارى بهدف تصفية الثورة، وعدم تكرار تجربتها مما يعيد إنتاج الأزمة والحرب بالسير في السياسات السابقة، فقد كان حصاد حكومات الفترة الانتقالية من ٢٠١٩ إلى أبريل ٢٠٢٣ هشيما كما في الآتي:

(١)
فيما يختص بالأوضاع المعيشية والاقتصادية :
– سارت الحكومات في سياسة النظام البائد الاقتصادية القائمة علي تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي برفع الدعم عن المحروقات والتعليم والصحة والدواء، التخفيض المستمر للجنية السوداني ، حتى اصبح المواطن يعيش في جحيم غلاء الأسعار، ونقص الجازولين الذي يهدد الموسم الزراعي، والزيادات المستمرة في أسعار المحروقات والغاز والخبز والدواء الذي أصبح شحيحا، حتى أصبحت الحياة لا تُطاق.


– بدلا من التوجه الداخلي والاستفادة من الدعم الخارجي في إطار الخطة لدعم الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي ودعم الصادر وقطاع النقل، ومحاسبة رموز النظام البائد واستعادة الأموال المنهوبة، وضم شركات الأمن والجيش والدعم السريع والاتصالات والمحاصيل النقدية والذهب والبترول لولاية المالية ، وسيطرة البنك المركزي علي النقد الأجنبي، ووقف تجارة العملة، وتركيز الأسعار. الخ ، اتجهت الحكومة لاستجداء المعونات الخارجية لتقع في قبضة المؤسسات الرأسمالية العالمية التي تفرض إملاءاتها، وتخضع البلاد للمزيد من التبعية والديون الخارجية التي تجاوزت 60 مليار دولار.
– اضافة لاجازة قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص 2021 الذي يؤدي الي الاستمرار في سياسة النظام البائد في الخصخصة ونهب القطاع العام ، واجازة قانون الاستثمار 2021 وقانون التعدين ، والاتجاه لا عطاء الإمارات مشروع الهواد الزراعي وميناء ابوعمامة في غياب الشرعية، ومواصلة سياسة النظام البائد في نهب اراضي وثروات البلاد.

(٢)
اما في ميدان الحقوق والحريات الأساسية والعدالة :
– ابقت الحكومة علي القوانين المقيدة للحريات مثل : قانون النقابات 2010 ” قانون المنشأة”، وعدم اجازة القانون الديمقراطي للنقابات الذي يؤكد ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية، والقانون الجنائي 1991 الذي حوي كل القوانين المقيدة للحريات مثل: قوانين سبتمير، ليس ذلك فحسب بل وصل الاستهتار والتآمر علي الثورة باصدار مشروع قانون الأمن للنظام البائد الذي رفضته قوي الثورة.
– عدم تسليم البشير ومن معه للجنائية الدولية، والخرق المستمر” للوثيقة الدستورية” ، وآخرها التعديل لتضمين بنود سلام جوبا الذي من حق المجلس التشريعي الذي يعدل الدستور بثلثي الأعضاء، واستباق المؤتمر الدستوري الذي يقرر شكل الحكم ، بتعيين مناوي حاكما لدارفور حتى دون انتظار تكوين الأقاليم!!.
– القمع في مواجهة حركة الاحتجاجات والاعتصامات والمواكب السلمية والنهوض الجماهيري الواسع لتحقيق مطالب المواطنين في زيادة الأجور وتوفير خدمات التعليم والصحة وتفكيك سيطرة رموز النظام البائد من المحليات، وتحقيق مطالب وشعارات ثورة ديسمبر كما عبرت المليونيات التي نفذتها الجماهير لتصحيح مسار الثورة وتحقيق أهدافها.
– تأخيرإعلان نتائج التقصي في مجزرة فض الاعتصام ، والانتهاكات باطلاق النار علي المواكب والتجمعات السلمية ومحاسبة المسؤولين عنها، وعدم تطبيق الأحكام الصادرة حولها، والخرق ل “الوثيقة الدستورية” المستمر، اضافة لتزوير توصيات المؤتمر الاقتصادي.
– عدم هيكلة الشرطة والجيش والأمن ، وحل كل المليشيات (دعم سريع ومليشيات الكيزان) وجيوش الحركات وقيام الجيش المهني الموحد ، وعدم اصلاح القضاء والنيابة العامة وقيام المحكمة الدستورية، والبطء في تفكيك النظام واستعادة أموال الشعب المنهوبة ، و
– عدم تكوين التشريعي والمفوضيات.

(٣)

سارت الحكومات في سياسة الحلول الجزئية للنظام البائد في السلام الجزئي القائم علي المحاصصات الذي يعيد إنتاج الحرب ويفتت وحدة البلاد، بدلا من الحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة ويخلق السلام المستدام والديمقراطية والعدالة والتنمية المتوازنة، اضافة لهيمنة المكون العسكري علي ملف السلام الذي من مهام مجلس الوزراء، وتكوين مجلس السلام بدلا من مفوضية السلام المنصوص عليها في “الوثيقة الدستورية”، ووقع اتفاقا مع الجبهة الثورية عطل بموجبه تكوين التشريعي ، وهذا خرق آخر “للوثيقة الدستورية”، اضافة للتدخل الدولي الكثيف في عملية السلام، بدلا من المؤتمر الجامع للسلام في الخرطوم الذي يشترك فيه اصحاب المصلحة والحركات والمتضررون في المعسكرات وكل القوي السياسية والمدنية في مناطق الحروب، رغم اتفاق جوبا استمرت الحرب في دارفور كما حدث في الجنينة.

كانت النتيجة التوقيع غلي اتفاق جوبا الجزئي الذي لم يشمل حركات عبد الواحد والحلو . الخ، ووجد معارضة واسعة، آخرها كما جاء في بيان مشترك بتاريخ : 29 /10 / 2020 رفض التجاوز والمحاصصات والمسارات وقعته خمسة عشر تكتلا سياسيا وأهليا ومطلبيا يمثلون أقاليم الشرق والوسط والشمال.
اضافة للانقلاب علي الوثيقة الدستورية بجعل بنود اتفاق جوبا تعلو عليها، وتكوين مجلس الشركاء ، واستباق المؤتمر الدستوري في تكوين الأقاليم وغير ذلك.
هذا فضلا عن عدم تنفيذ الاتفاق وخرقه المستمر ولم يحقق السلام، بل تحول إلى ومحاصصات ومناصب.

(٤)
اما فيما يختص بالعلاقات الخارجية فقد تم الاتي:
التفريط في السيادة الوطنية وربط البلاد بالاحلاف العسكرية الخارجية، لنهب اراضي ومياه وثروات البلاد الزراعية والمعدنية، والسيطرة علي الموانئ، والاتفاقيات لقيام قواعد عسكرية بحرية لروسيا وأمريكا، والتفريط في أراضي البلاد المحتلة ( الفشقة، حلايب، شلاتين. الخ)، وزج السودان في الحروب الخارجية ( اليمن ، ليبيا.الخ)، مما يهدد أمن البلاد، بدلا من التوازن في علاقاتنا الخارجية لمصلحة شعب السودان.
الخضوع للابتزاز الأمريكي بالرفع من قائمة الدول الراعية للارهاب مقابل التطبيع مع اسرائيل الذي من مهام الحكومة المنتخبة القادمة، وإلغاء قانون مقاطعة اسرائيل 1958 الذي أجازه برلمان منتخب، ودفع مبلغ 335 مليون دولار عن جرائم إرهابية ارتكبها النظام البائد شعب السودان غير مسؤول عنها، وهو يعاني المعيشة الضنكا جراء الارتفاع المستمر في الأسعار ، والنقص في الوقود والخبز والدواء والعجز عن طباعة الكتاب المدرسي. الخ، فضلا عن المراوغة وعدم الشفافية في التطبيع، باعتبار ذلك استمرار في اسلوب النظام البائد القائم علي الأكاذيب وخرق العهود والمواثيق، والخضوع للاملاءات الخارجية، مثل فصل البشير للجنوب مقابل وعد برفع السودان من قائمة الإرهاب، .الخ، تم فصل الجنوب وظل السودان في قائمة الإرهاب.

(٥)
هكذا كان حصاد حكومات الفترة الانتقالية هشيما، مما يتطلب الخروج منها بالتغيير الجذري الذي يرسخ الحكم المدني الديمقراطي الذي ينجز مهام الفترة الانتقالية وأهداف الثورة.

الوسومتاج السر عثمان بابو

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الفترة الانتقالیة النظام البائد بدلا من

إقرأ أيضاً:

أنيس بن ميم: الجزيري جدد للزمالك موسمين.. ورفض كل العروض التي تلقاها مؤخرا

كشف أنيس بن ميم محامي سيف الدين الجزيري مهاجم فريق الزمالك، آخر تطورات مفاوضات اللاعب مع ناديه لتجديد عقده.

أنيس بن ميم: الجزيري جدد للزمالك موسمين

وقال بن ميم في تصريحات لبرنامج كورة كل يوم مع كريم حسن شحاتة على قناة الحياة: "سيف الجزائري لاعب ذو أخلاق عالية ولا يفتعل أي أزمات نهائيا، ولم يتخذ أي إجراءات ضد النادي".

وتابع: "الزمالك توصل إلى اتفاق مع الجزيري على تجديد عقده لمدة موسمين، وتم الاتفاق على كل البنود حتى الأمور المالية، ولكن يتبقى فقط حسب الأمر من الناحية القانونية وتوثيق العقود مع الاتحاد المصري وفيفا".

خالد الغندور يكشف حقيقة الإصابة المزمنة لـ أشرف داري مدافع الأهلي محمد مصيلحي: أديت رسالتي باحترام مع الاتحاد السكندري.. والضغوط تمنعني من الاستمرار

وأضاف: "عندما جلس الجزيري بديلا في الفترة الأخيرة مع الزمالك، اتخذ إجراء بينه وبين نفسه عن طريق التدرب بشكل أكبر وراجع نفسه أكثر وعمل أكثر على نفسه، ولنقل أن الفترة التي غاب فيها كان يراجع نفسه من أجل الرجوع أقوى مع الفريق".

وأتم: "الجزيري تلقى عروض عديدة في الفترة الأخيرة ولكنه رفض كل العروض من أجل الزمالك، حتى عائلته كانت تفضل أن يستمر مع الأبيض، وهو يريد أن يصبح أحد أساطير النادي، ولا يفتعل أي مشكلات إذا جلس بديلا".

مقالات مشابهة

  • تعقيدات الأزمة السودانية والمخرج الممكن من النفق المظلم
  • اللجنة العليا للتحضير للمؤتمر الاقتصادي: البلاد تحتاج خطة اقتصادية للحرب
  • تفاصيل قرار الدستورية بشأن قانون الإيجار القديم.. رئيس اتحاد المستأجرين يكشف التفاصيل
  • الخارجية : سورية تؤكد على أن إمعان هذا الكيان الغاصب بالاستهتار المنقطع النظير بالقوانين الدولية، وعدم اكتراثه بكل المطالبات الدولية لوقف عدوانه وانتهاكاته، يأتي جراء عدم اتخاذ مجلس الأمن لموقف حازم وحقيقي لردعه عن جرائمه، التي شملت أيضاً الاعتداء على قوا
  • أول تعليق من رئيس الوزراء على حكم الدستورية بشأن تعديل قانون الإيجار القديم
  • ما نظام دعم الفيديو الذي يخطط الفيفا لاعتماده بدلا من فار؟
  • مصير عقود الإيجار القديم بعد حكم «الدستورية»
  • أنيس بن ميم: الجزيري جدد للزمالك موسمين.. ورفض كل العروض التي تلقاها مؤخرا
  • ما الذي نعرفه عن المقاتلات الأمريكية التي تقصف الحوثيين لأول مرة؟
  • النظام الجزائري الذي أقسم بأن جيشه مستعد للذهاب إلى فلسطين يرفض إستقبال قيادات حركة حماس بعد إغلاق مكتبها في قطر