كيف أفلست مليشيا الحوثي بالبنوك والقطاعات التجارية الخاصة التفاصيل في التقرير عملت مليشيات الحوثي على تدمير قطاعات المالية والبنوك طيلة 9 أعوام وهو ما عرضها لخسائر فادحة حتى أصبحوا عاجزين عن الوفاء بالتزاماتهم.

وقد عمد الحوثيون منذ اجتياح العاصمة اليمنية صنعاء، على التدمير الممنهج للاقتصاد اليمني، وقطاعي البنوك والمالية، وتحويلهما إلى قطاعات خاصة تخدم أهدافهم وأجندتهم، وإشباع أطماع قيادت الحوثي الإرهابية القائمة على النهب والقتل.

ونهبت المليشيات الحوثية البنك المركزي اليمني في صنعاء، والاحتياطي النقدي، منذ السيطرة على المركزي اليمني، بالإضافة إلى اتخاذ مسار عشوائي لإدارة الاقتصاد وموارد الدولة، وفرض أموال هائلة على المصارف والبنوك الخاصة.

وتسببت عملية تدهور سعر صرف العملة اليمنية إثر حرب المليشيات ونهبها للاحتياطي من العملات الأجنبية في البنك المركزي اليمني بصنعاء، والمقدرة بقرابة 5 مليارات دولار، بتآكل أصول البنوك التجارية والإسلامية اليمنية، من 6 مليارات دولار في العام 2014، إلى مليار و700 مليون دولار حتى عام 2021.

 فيما أظهرت دراسة حكومية مؤخرا أن قيمة الخسائر التي مُني بها قطاع المالية والبنوك في تعز فقط، بلغت أكثر من 833 مليون دولار أمريكي، بسبب حرب المليشيات والحصار الذي لحق بالمدينة منذ 8 أعوام.

وقالت مصادر مصرفية في اليمن إن مليشيات الحوثي شيدت أكثر من 1000 شركة ومؤسسة صرافة وشبكة تحويلات مالية، خلال 9 أعوام مضت وذلك بهدف شرعنة الأموال المنهوبة من مختلف قطاعات وموارد الدولة.

وأوضحت أن مليشيات الحوثي نهبت البنك المركزي، والمصارف وفرضت جبايات التجار والمصانع والقطاع الخاص، والوقود، وسعت لإدماجها في الدورة النقدية، ومن ثم إعادة تحويلها لتغذية حربها ضد اليمنيين، أو تهريبها إلى الخارج.

وأكدت أن المليشيات عمدت على إنشاء شركات خاصة بقيادتها للاستيراد والمتاجرة بوقود المشتقات النفطية، والحصول على المنح والمعونات النفطية الإيرانية، وبيعها في السوق السوداء وبأسعار باهظة، وتنفيذ عمليات غسيل الأموال، دون الخضوع لأي إجراءات قانونية ودولية.

وأشارت إلى أن سيطرة المليشيات الحوثية على القطاع المصرفي نتج عنه آثار مدمرة للاقتصاد الوطني، حيث تسبب ذلك في عجز البنوك اليمنية عن قيامها في المراسلات الخارجية لدى البنوك والمصارف الإقليمية والدولية. كما قامت بإعاقة البنوك المحلية من الوصول إلى استثماراتها في أذون الخزانة لدى البنك المركزي في صنعاء، وخلق أزمة السيولة المالية.

وبسبب أزمة السيولة النقدية الحادة التي شهدها القطاع المصرفي وعدم قدرة الدولة على تسييل أذون الخزانة أصبحت البنوك عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه المودعين وجعلها تضع سقفا للسحوبات النقدية بالعملة المحلية والأجنبية.

وهناك 25 مصرفا في اليمن لها 534 فرعا في مختلف المحافظات اليمنية وقد بلغ عدد الحسابات المفتوحة لدى هذه البنوك حتى ديسمبر/كانون الأول 2022، نحو 4 ملايين و822 ألفا و555 حسابا.

نهبت مليشيات الحوثي الخزينة العامة للدولة والاحتياطي النقدي ورواتب الموظفين، وتواصل نهب الإيرادات العامة طيلة 9 أعوام، ومارست الابتزاز للقطاع المصرفي والخاص، كما سطت على الأرصدة البنكية لملايين المواطنين.

ووفقا للخبير الاقتصادي اليمني فارس النجار، فإن أزمة خسائر قطاع المالية والبنوك في اليمن، بدأت منذ سيطرة الحوثيين على القطاع المصرفي، فقد عمدت المليشيات على نهب مدخرات واحتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي والتي كانت تقدر بـ4.7 مليار دولار أمريكي.

وأضاف النجار ، أنه “عندما هرعت المليشيات عام 2019، على عدم القبول بالطبعة الجديدة التي تم إصدارها في العاصمة المؤقتة عدن، بعد نقل البنك المركزي إليها، نتج عنه وجود نظامين ماليين منفصلين والتي كانت انعكاساته خطيرة على القطاع المصرفي”.

تتمثل هذه الانعكاسات في أزمة السيولة الخانقة، لأن القطاع المصرفي-وفق النجار- والبنوك التجارية في اليمن يوجد 90% من الاستثمار الخاص بها في “أذون الخزانة” لدى البنك المركزي، وذلك لعدم وجود استثمارات حقيقية.

وبلغت قيمة عجز الدولة عن الوفاء بالتزاماتها للقطاع المصرفي بسبب الحرب الحوثية 2.502 تريليون ريال يمني، موزعة بين 798، 1 تريليون ريال يمني (أذون خزانة)، ومبلغ 704 مليار الاحتياطيات القانونية للبنوك التجارية والإسلامية في البنك المركزي، والذي أدى إلى عجز البنوك عن الوفاء بالتزاماتها لعملائها، إذ وعلى مدى 9 سنوات لم تستطع هذه البنوك الوصول إلى أموال استثماراتها أو الحصول على فوائدها؛ بسبب نهبها من قبل المليشيات.

هذا الأمر وبحسب النجار، أضعف الثقة بالقطاع المصرفي، وبالمقابل عمدت المليشيات بنفوذها السياسي والعسكري على إنشاء قطاع موازٍ وهو قطاع الصرافة الذي استحوذ في السوق على القطاع المصرفي.

 ولم تكتفي مليشيات الحوثي بذلك، ولكي تستكمل عملية نهب وتدمير القطاع المصرفي أصدرت قراراً بما يسمى “منع التعاملات الربوية” والذي كان الشرعنة الأخيرة لسرقة أموال استثمارات البنوك التجارية لدى أذونة الخزانة، وقامت بتحويلها إلى سيولة نقدية غير قابلة للسحب، لاعتبارات دينية أدخلتها على اعتبار أنها معاملات ربوية.

وبالإضافة لذلك، فإن الإجراءات الحوثية التي تفرض على البنوك التجارية عدم التعامل بما هو معروف في التعامل على مستوى تحديد أسعار الفائدة وغيرها، جعلت البنوك التجارية اليمنية في حالة من العزلة، علاوةً للعزلة التي سببتها الحرب

. ولم تكتفي المليشيات بهذا الأمر، وإنما توغلت لضرب القطاعات المصرفية المتمثلة في البنوك الإسلامية، فتارة يتم البسط على أموال بعضها مثل بنك التضامن الاسلامي في صنعاء بحجج وهمية، وتارة السطو والهيمنة عليها لكشف حسابات عملاء هذه البنوك والذي يعد مخالفة للقانون سواء كانت على المستوى الدولي أو المحلي.

كما انخفضت الأصول الخارجية والاحتياطيات بما يهدد الأمن الغذائي واستدامة استيراد السلع الأساسية، خاصة مع محدودية طرق التواصل بين البنوك اليمنية والبنوك الإقليمية والدولية، وفقا لمراقبين.

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: على القطاع المصرفی البنوک التجاریة ملیشیات الحوثی البنک المرکزی عن الوفاء فی الیمن

إقرأ أيضاً:

البنك المركزي يقف عاجزا عن وقف انهيار الريال.. ويتهم الصرافين

يبدو البنك المركزي اليمني عاجزاً أمام مسار انهيار الريال وكأنه يشاهد تدهوره متهماً الصرافين بالمسؤولية. فماذا في التفاصيل؟ ففي الوقت الذي وصل فيه اضطراب سوق الصرف إلى ذروته في عدن ومناطق إدارة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً مع انهيار سعر صرف الريال وتخطيه عتبة 2600 ريال مقابل الدولار، قررت "جمعية الصرافين" إيقاف صرف العملات الأجنبية، في محاولة منها لوقف هذا الانهيار غير المسبوق.

 

وأصدرت الجمعية تعميماً موجهاً لشركات ومنشآت الصرافة والشبكة الموحدة للأموال يقضي بوقف عمليات بيع وشراء العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني بصورة كاملة حتى إشعار آخر، إضافة إلى وقف أي تعاملات نقدية بالعملات الأجنبية تجاه الريال اليمني للمصلحة العامة، مثلما قالت الجمعية وتجنباً للعواقب كافة.

 

في السياق، يرى الباحث الاقتصادي والمالي وحيد الفودعي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "قرار جمعية الصرافين إيقاف التداول لا يُعد حلاً جذرياً بقدر ما هو انعكاس لحالة الارتباك في إدارة السوق، فمثل هذه القرارات المؤقتة قد تُخفف من حدة المضاربة آنياً، لكنها لا تُعالج جوهر المشكلة المتمثل في غياب السياسة النقدية الفاعلة والرقابة السيادية على السوق"، مضيفاً أن نجاح أي قرار يتوقف على ما إذا كان جزءاً من حزمة إصلاحات متكاملة أم مجرد ردة فعل. وإذا بقيت الإجراءات تُدار من خارج الإطار المؤسسي الرسمي، فإن أثرها سيكون مؤقتاً، وربما سلبياً على المدى المتوسط.

 

وتسارعت عملية انهيار العملة المحلية في اليمن خلال اليومين الماضيين، إذ وصل سعر الصرف في عدن إلى حدود 2600 ريال للدولار، ونحو 680 مقابل الريال السعودي. ويأتي التطور وسط توقعات تشير إلى استمرار الانهيار الذي قد يتجاوز الألف الثالث خلال 30 يوماً، في حال استمرت المؤسسات النقدية الحكومية في موضع المتفرج لما يحصل، وهو مؤشر واضح لعجزها التام عن التدخل لضبط سوق صرف العملة المحلية، ورمي الكرة في ملعب الصرافين الذين توجه لهم الانتقادات كثيراً بالمضاربة بالعملة المحلية، بدليل بيان الجمعية الممثلة لهم بوقف صرف العملات الأجنبية.

 

وقال مصرفيون ومراقبون وخبراء اقتصاد إن الوضع الحالي يؤكد أن الحكومة، ممثلة بالبنك المركزي في عدن، لم تعد عاجزة عن التدخل فقط، فقد رفعت الراية البيضاء بشكل رسمي وسلم الأمر لشركات ومنشآت الصرافة المتحكمة بشكل كلي بسوق الصرف وإدارة السياسة النقدية التي تعتبر من صلب ومهام البنك المركزي.

 

لكنّ للكاتب والمحلل الاقتصادي في عدن عبدالرحمن أنيس، رأياً آخر في هذا الخصوص، حيث يشير في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن البنك المركزي اليمني قد رمى الكرة قبل فترة في ملعب الصرافين منذ اتخاذ قرار التعويم الذي يعني ضبط سعر صرف العملة وفق احتياج السوق، وبالتالي توقف البنك عن التدخل لإنقاذ العملة وضخ الدولار في السوق.

 

 

ويعتبر قرار جمعية الصرافين في عدن التدخل الوحيد حتى الآن لمواجهة أكبر انهيار تشهده العملة المحلية في اليمن، مقابل صمت تام غير مسبوق من البنك المركزي اليمني والحكومة، علماً أن البنك الذي يرى خبراء اقتصاد ومصرفيون أن تدخله يتطلب ضخ الدولار في السوق كلما استدعى الأمر ذلك وارتفع سعر الصرف، وهذا ليس بإمكان البنك المركزي في الوقت الحالي نظراً للظروف الراهنة التي تشهدها البلاد.

 

بحسب أنيس، فإن سعر صرف الريال سيظل يتصاعد ما لم يكن هناك تدخل خارجي بتوفير شحنات وقود مجانية أو دعم البنك المركزي في عدن بمنحة مناسبة يمكن أن تعيد التوازن إلى سوق الصرف.

 

من جانبه، يبيّن الباحث وحيد الفودعي أن تخلّي البنك المركزي اليمني عن دوره، كما يرى البعض، فيه قدر من التبسيط؛ فإذا كان هناك تنسيق بينه وبين جمعية الصرافين لإيقاف التداول مؤقتاً بهدف كبح جماح المضاربات، فإن ذلك جزء من إدارة الأزمة، لا دليل على الانسحاب، فيما يكمن التحدي الحقيقي في تحويل هذه الإجراءات من ردات فعل مؤقتة إلى سياسة نقدية متماسكة تستعيد السيطرة المؤسسية على السوق.

 

ووفق الفودعي، "كل تراجع في سعر العملة يعني تآكلاً مباشراً في القدرة الشرائية للمواطن، وارتفاعاً في معدلات الفقر، واتساع فجوة الثقة بين الناس والحكومة، وكذا على مستوى التوافق الحكومي، فاستمرار الانهيار يُقوّض الشرعية الاقتصادية التي تُبقي الحكومة قائمة، ويُعزز مناخ السخط الاجتماعي".

 

وبينما يتهمه الكثيرون بجزء كبير من المسؤولية عن الوضع الحاصل في عدن ومحافظات أخرى في الجنوب اليمني، حمّل المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في الائتلاف الحكومي الذي قال إنه يتابع الأوضاع عن كثب عقب تهاوي سعر صرف الريال بشكل غير مسبوق؛ رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي ورئيس الحكومة المعترف بها دولياً أحمد عوض بن مبارك، مسؤولية انهيار الأوضاع الخدمية والمعيشية للمواطنين، مؤكداً أن وزراء "الانتقالي" يعتزمون عقد مؤتمر صحافي في قادم الأيام، لتوضيح الأسباب الحقيقية لهذه الانهيارات المتواصلة.

 

ويؤكد المحلل الاقتصادي وفيق صالح، لـ"العربي الجديد"، أن الهبوط المستمر في قيمة العملة اليمنية ألقى بتداعيات سلبية على الوضع المعيشي للمواطنين، وأحدث اضطرابات في أسعار السلع والمواد الغذائية، علاوة على تأثيراته المختلفة على زعزعة الثقة بالاقتصاد الكلي وهروب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتراجع الإنتاج المحلي.

 

وبالتالي، فإن الحلول الشاملة لأزمة الريال اليمني تبدأ بمعالجة الانقسام النقدي، ونقص الإيرادات وتعزيز الحوكمة في الجهاز المصرفي الرسمي، عبر إعادة الثقة لهذا القطاع ومكافحة السوق السوداء، وتنفيذ سياسات نقدية صارمة، تمنع حدوث أي تلاعب بالعملة من الكيانات الخارجة عن القانون، بحسب صالح الذي يتحدث عن أن وقف بيع وشراء العملات الأجنبية، إجراء يهدف إلى تقليل حدة المضاربة بالعملة وكبح عملية الطلب على شراء النقد الأجنبي من السوق المصرفية، خصوصاً بعدما اقترب سعر صرف الدولار الواحد من تجاوز حاجز 2600 ريال. فهذه الخطوة، صحيح أنها قد تنجح في وقف عملية التداول بالعملات الصعبة، بشكل مؤقت، مما يخفف الضغط على قيمة الريال اليمني، إلا أن هذا النجاح أيضاً مرهون بتنفيذ حزمة من الحلول الشاملة، مثل توفير احتياجات السوق من النقد الأجنبي، وتنفيذ سياسات صارمة للسيطرة على الأنشطة المصرفية والمالية، وتحجيم دور السوق السوداء.

 

أما من وجهة نظر الفودعي، فإن أهم حل هو استعادة تصدير النفط المتوقف بسبب هجمات الحوثيين، والذي أفقد الموازنة أكثر من 60% من الإيرادات بالعملة الصعبة كانت ستعزز من الاحتياطيات وتدعم البنك المركزي اليمني في تدخلاته النقدية في سوق الصرف وكبح جماح التضخم. ويردف أنه لا يمكن كسر حلقة الانهيار إلا عبر استعادة البنك المركزي وظيفته الأساسية في إدارة السوق، ووقف التوسع غير المنضبط في الكتلة النقدية، وربط السياسة المالية والنقدية بسياسات واقعية تتواءم مع هيكل الاقتصاد اليمني الهش.


مقالات مشابهة

  • قوة أمنية في أبين تحبط تهريب عشرات المهاجرين الأفارقة إلى مناطق سيطرة مليشيا الحوثي
  • التطور التشريعي ومبادرات التنويع تعزز آفاق نمو القطاع المصرفي في سلطنة عُمان
  • البنك المركزي يقف عاجزا عن وقف انهيار الريال.. ويتهم الصرافين
  • مليشيا الحوثي تستهدف منازل المواطنين بقذائف الهاون في لحج
  • عاجل.. غارات أمريكية عنيفة تستهدف مواقع وتحصينات مليشيا الحوثي في ثلاث محافظات يمنية
  • البنك المركزي يقرر بيع 2000 دولار لكل حاج وبسعر الصرف الرسمي
  • مليشيا الحوثي تواصل تجريف التعليم بإلغاء مادة اللغة الإنجليزية واستبدالها بأنشطة ومهارات طائفية
  • الجمهورية اليمنية تُطلّق التقرير الوطني الـ10 عن آثار العدوان على اليمن
  • رسائل المجلس الأعلى للتكتل الوطني للسفير الأمريكي حول مواجهة مليشيا الحوثي
  • الجمهورية اليمنية تُطلّق التقرير الوطني العاشر عن آثار العدوان على اليمن