الجزيرة:
2025-03-15@03:38:03 GMT

الهدنة المؤقتة تكشف نقاط ضعف إسرائيل في الحرب

تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT

الهدنة المؤقتة تكشف نقاط ضعف إسرائيل في الحرب

عندما أطلقت إسرائيل حربها الوحشية على قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر الماضي، أبدى رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو لا مبالاة صريحة تجاه مصير وحياة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس والفصائل الأخرى، لدرجة أنه اعتقد أن حياة الأسرى لا تستحق حتى أن تُمنح آلة القتل الإسرائيلية في غزة استراحة مؤقتة قبل تحقيق هدفها المُعلن وهو القضاء على حماس.

الآن، ومع مرور شهر ونصف على الحرب، أثبت نتنياهو أنه كان ساذجًا للغاية، وأن رهانه على سياسة الأرض المحروقة لإجبار حماس على الإفراج عن الأسرى كان فاشلًا ببساطة. لا تعني صفقة التبادل الجزئية- التي تم التوصل إليها بوساطة قطرية وشملت هدنة مؤقتة لمدة أربعة أيام فقط، والسماح بإدخال شحنات من المساعدات الإنسانية للقطاع- أن نتنياهو سيتخلى بعد الآن عن مواصلة سياسة الأرض المحروقة في هذه الحرب، لكنّ مجرّد قبوله بصفقة من هذا النوع، يعني أنه لن يكون قادرًا على مواصلة الحرب في غزة بالطريقة التي يُريدها.

حقيقة أن الصفقة شملت الإفراج عن عدد صغير من الأسرى الإسرائيليين لدى الفصائل- (50 من نحو 240 أسيرًا)، مقابل إفراج إسرائيل عن 150 أسيرًا فلسطينيًا لديها- تُشير إلى أن نتنياهو قبل على مضض الدخول في لعبة التفاوض على الأسرى مع حماس، وما تنطوي عليه من ضغط على مسار العمليات العسكرية الإسرائيلية في المستقبل.

من المعلوم أن قضية الأسرى تُشكل نقطة الضعف الكبرى في إستراتيجية إسرائيل في الحرب؛ لأنّها وضعت نتنياهو تحت ضغط شديد في الداخل، وكذلك في الخارج؛ كون عددٍ من الأسرى يحملون جنسيات مزدوجة أميركية وغربية. وبالتالي، فإنه على الرغم من جهوده المكثفة لحصر التركيز الإسرائيلي على الحرب نفسها، لم يستطع في نهاية المطاف تجاهل هذا الضغط للإقدام على مبادرات غير مستساغة كالموافقة على هدنة مؤقتة، والتفاوض مع حماس.

ومن المؤكد أن حركة حماس عندما قررت احتجاز أكبر قدر من الأسرى في هجوم السابع من أكتوبر، بنت جزءًا أساسيًا من إستراتيجيتها في الحرب على نقطة الضعف الإسرائيلية هذه. لقد كتبت مقالة في الجزيرة نت في السابع من أكتوبر، حول أنّ ملف الأسرى سيُكبل قدرة إسرائيل على مواصلة حربها. وإذا كانت الموافقة على صفقة جزئية لتبادل الأسرى- مُصممة من وجهة نظر نتنياهو لتخفيف الضغط الداخلي عليه في هذه القضية- فإنها في الواقع ستعمل على زيادة الضغط عليه أكثر من أي وقت مضى للإفراج عن جميع الأسرى لدى الفصائل.

وبالنسبة لحركة حماس، فإنّ الصفقة رابحة بكل المقاييس؛ رغم أنها لن تؤدي على الفور إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. فمن جانب، سعت حماس إلى تخفيف الضغط الدولي عليها من خلال القبول بالإفراج عن الأسرى المدنيين، وهذا الأمر يكتسب أهمية كبيرة في السياق الإعلامي لهذه الحرب.

ومن جانب آخر، قد يُساعد الإفراج عن خمسين أسيرًا حركةَ حماس والفصائل الأخرى في تعزيز قبضتها على الأسرى الآخرين للتفاوض عليهم في المستقبل بشروط أقوى. وإلى جانب نجاحها في استخدام ملف الأسرى- كورقة ضغط على إسرائيل لإجبارها على الدخول في مفاوضات معها عبر القنوات الخلفية- فإن أربعة أيام من وقف الحرب، رغم قلّتها، تُساعد جهود حماس في تخفيف جزئي لحجم الكارثة الإنسانية المهولة التي سبّبتها الحرب الإسرائيلية.

حاول المسؤولون الإسرائيليون إبراز بعض الفوائد العسكرية من هذه الصفقة، على اعتبار أنها ستُساعد الجيش الإسرائيلي في إعادة تنظيم قواته للمرحلة التالية من الحرب

إنّ قضية إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة- والتي استخدمتها إسرائيل والولايات المتحدة كورقة مقايضة مع حماس في ملف الأسرى بشكل غير أخلاقي وغير إنساني- تبقى الأولوية الأساسية التي ينبغي أن تُركز عليها دبلوماسية القنوات الخلفية، وهو ما نجحت حركة حماس بفرضه على إسرائيل. مع ذلك، فإن الانفراجة الجزئية في قضية الإغاثة الإنسانية للمنكوبين في قطاع غزة، لا ينبغي أن تجعل العالم يشعر بالرضا عن النفس إذا لم تؤدّ صفقة تبادل الأسرى الجزئية إلى خلق مسار إنساني مستدام في الفترة المقبلة. وفق الصفقة سيتم السماح لـ 300 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية بالدخول إلى غزة يوميًا خلال وقف إطلاق النار، أي بمجمل 1200 شاحنة خلال الأيام الأربعة من الهدنة، لكنّها لن تكون كافية بأي حال للتعامل مع الحجم الكبير للكارثة الإنسانية.

إن السؤال الأكبر في هذه الصفقة يدور حول تأثيرها المحتمل على مسار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد انتهاء الهدنة المؤقتة. لقد صممت إسرائيل بنود الهدنة للسماح لها بمواصلة عمليتها العسكرية بقوة بعد انتهاء الأيام الأربعة. رغم ذلك، فإن استئناف الحرب بطريقة اعتيادية- وكأن شيئًا لم يحصل في الأربعة أيام- لن يمضي بالطريقة التي يأملها نتنياهو.

حاول المسؤولون الإسرائيليون إبراز بعض الفوائد العسكرية من هذه الصفقة، على اعتبار أنها ستُساعد الجيش الإسرائيلي في إعادة تنظيم قواته للمرحلة التالية من الحرب، والتي يقولون إنها ستشمل الشطر الجنوبي من القطاع بعدما اقتصرت خلال شهر ونصف على الشطر الشمالي. مع ذلك، فإن حقيقة أن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن حتى الآن من القضاء تمامًا على وجود المقاومة في شمال قطاع غزة- والتعامل بفاعلية مع الأنفاق التي تواصل المقاومة من خلالها تكبيد إسرائيل خسائر عسكرية فادحة- لا تدعو للاعتقاد بأن إسرائيل قادرة على إحداث تغيير كبير في ديناميكية الحرب بمُجرد توسيع رقعة العمليات العسكرية إلى الجنوب. لا بل إن توسيع هذه العمليات سيعني شيئًا واحدًا، وهو مضاعفة التحديات العسكرية التي تواجهها إسرائيل في الحرب بدلًا من تقليصها.

علاوة على ذلك، فإن إسرائيل ستواجه بعد انتهاء هدنة الأربعة أيام صعوبة في تجنب الارتدادات الكبيرة لحربها على صورتها أمام العالم لاعتبارين أساسيين:

أوّلهما: أن استئناف الحرب سيولد تفاعلًا دوليًا قويًا كما لو أن الحرب بدأت للتو. وثانيهما: أن التداعيات الإنسانية الكبيرة لتوسيع العمليات العسكرية إلى جنوب قطاع غزة ستكون أكبر من قدرة إسرائيل والولايات المتحدة على تجاهلها واحتواء تداعياتها على صعيد الموقف الدولي؛ كون الخسائر المدنية المتوقعة في هذه الحالة ستكون مضاعفة بشكل أكبر؛ لأن جنوب قطاع غزة أضحى الملجأ الوحيد للفلسطينيين الهاربين من جحيم الحرب، ولا يوجد مكان آخر يُمكنهم الاحتماء فيه.

إنّ النتيجة الواضحة التي يُمكن استخلاصها من صفقة تبادل الأسرى الجزئية أن هذه الحرب لن تنتهي بدون تسوية سياسية. وبالتأكيد، فإن هذه التسوية لن تكون على غرار ما تطمح إليه إسرائيل وهو إخراج غزة تمامًا من معادلة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حرکة حماس قطاع غزة فی الحرب التی ی فی هذه

إقرأ أيضاً:

المعارضة الإسرائيلية تحذر من موت الأسرى بحال عودة الحرب إلى غزة

حذّر قادة أحزاب المعارضة الإسرائيلية، من خطر موت الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، بحال قررت حكومة بنيامين نتنياهو العودة إلى القتال والحرب.

جاء ذلك خلال اجتماعات عقدها قادة الأحزاب الإسرائيلية لكتلهم البرلمانية في الكنيست، وناقشوا خلالها المرحلة الراهنة من توقف الحرب الشاملة على قطاع غزة، وفشل جهود التوصل إلى تفاهمات تفضي إلى إطلاق سراح مزيد من الأسرى الإسرائيليين في غزة.

ووجه قادة كتل المعارضة في الكنيست اتهامات إلى نتنياهو، بتغليب مصالح ائتلافه الحكومي على ما وصفوه "المصالح القومية"، فيما عبّروا عن معارضتهم لقناة المفاوضات المباشرة بين حركة حماس والإدارة الأمريكية، مؤكدين أنها نتيجة مباشرة للإدارة الفاشلة من قبل نتنياهو للمفاوضات.

وخلال اجتماع كتلة "المعسكر الوطني"، تطرق رئيس الحزب، بيني غانتس، إلى المفاوضات الجارية لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وشدد على أن "مصلحة دولة إسرائيل هي استعادة أكبر عدد ممكن من الرهائن، بأسرع وقت ممكن، وضمن صفقة واحدة إن أمكن".

واعتبر أن "تقسيم الصفقة إلى مراحل وتأجيل المفاوضات لا يخدم إلا حماس، فهي تحتاج إلى الوقت لإعادة بناء قدراتها وتعبئة مخزونها وتجنيد المزيد من الأفراد. مصلحتنا تكمن في دفع الثمن مرة واحدة، وليس بالتقسيط التي تشمل الفائدة لصالح حماس".



وحول ضلوع الإدارة الأمريكية في المفاوضات، قال غانتس: "نحن جميعًا ممتنون للإدارة الأمريكية والرئيس دونالد ترامب على العمل الاستثنائي الذي يقومون به، لكن إسرائيل هي الجهة المسؤولة عن مواطنيها، وحكومة إسرائيل هي المسؤولة عن إعادة الرهائن".

وتابع: "من غير المقبول أن يصرّح المبعوث الأميركي (لشؤون الأسرى، آدم) بوهلر أنه تلقى تفويضًا من الإدارة الأمريكية لقلب كل حجر، لدرجة أنه التقى مباشرة مع قيادات حماس، بينما المسؤولون في إسرائيل لا يزالون مترددين في إرسال وفد تفاوضي أو في تحديد صلاحياته".

بدوره، قال رئيس المعارضة، يائير لبيد، في مستهل اجتماع كتلة "ييش عتيد" إن "الحكومة، لم تقل للإسرائيليين ما الذي سيحدث في اليوم التالي. لم تقل لهم لماذا تعود إلى الحرب، في حين أن الثمن الفوري لهذه العودة هو موت الرهائن. نحن نستحق إجابة على هذا السؤال".

وأضاف أنه "إذا عادت إسرائيل للحرب في غزة، سيموت الرهائن. الحكومة لا ينبغي لها، ولا يمكنها، أن تكذب على الجمهور. العودة إلى الحرب تعني القضاء على أي فرصة لإنقاذ الرهائن. القضاء على حماس هدف قومي، لكنه لن يتحقق طالما أن الحكومة لا تقدم بديلاً لحماس".



من جانبه، تطرق رئيس حزب "الديمقراطيين" (تحالف العمل وميسرت)، يائير غولان، إلى المفاوضات بين الإدارة الأمريكية وحماس، قائلًا: "بسبب نتنياهو وحكومته المتخاذلة والمُهملة، نشأ محور يتجاوز إسرائيل – صفقة بين الولايات المتحدة، حماس، وقطر"، على حد قوله.

وذكر أنه "أصبحت الشراكة بين قطر وحماس مشروعة ومقبولة لدى الإدارة الأمريكية، وذلك بفضل إخفاقات نتنياهو السياسية"، مضيفا أن "نتنياهو قدّم لحماس أعظم هدية يمكن لأي تنظيم إرهابي أن يحلم بها – الشرعية الدولية"، على حد تعبيره.

واعتبر غولان أن حركة حماس "لم تعد منبوذة" على الصعيد الدولي، "بل أصبحت طرفًا في مفاوضات سياسية مع أقوى دولة في العالم"، مشيرا إلى أنه "منذ عام ونصف، يماطل نتنياهو، يُفشل إطلاق سراح الرهائن، ويمنع بناء بديل لحكم حماس".

وقال إن النتيجة الواضحة لسياسات نتنياهو وإدارته للحرب هي "جعل من حماس طرفًا لا مفر منه، والآن العالم يستنتج أنه لا خيار سوى التحدث معها. حماس لم تعد معزولة، ونتنياهو جعلها شريكًا مباشرًا في المحادثات".

مقالات مشابهة

  • رمضان في سجون “إسرائيل”.. قمع وتجويع بحق الأسرى الفلسطينيين
  • محللان: حماس رمت بـ”كرة من نار” على إسرائيل
  • تفاصيل رد حماس على مقترح تمديد الهدنة
  • محمد مصطفى أبوشامة: إسرائيل ترفض إنهاء الحرب في غزة لإبقاء الوضع معلقا
  • لماذا لن يعود نتنياهو لقرار الحرب؟
  • محللان: حماس رمت بـكرة من نار على إسرائيل
  • أغلبية في إسرائيل تؤيد إنهاء الحرب على غزة
  • تفاصيل خطة ويتكوف لتمديد الهدنة بغزة وأنباء عن إقالة بولر
  • تقرير عبري: تقدم في المفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس
  • المعارضة الإسرائيلية تحذر من موت الأسرى بحال عودة الحرب إلى غزة