سودانايل:
2024-11-15@13:32:19 GMT

سينما ….. الفيلم السودانى ” وداعا جوليا ” !

تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT

1

شاهدت أمس بمدينة تورنتو الفيلم السودانى " وداعا جوليا " الذى أنتج و عرض حديثا، و بما اننى من المهتمين بفن السينما و ذلك من خلال مشاهدتى لكثير من الأفلام فى الماضى و الحاضر و قد تناولت الكثير منها بالتعليق و النقد و ابداء الرأى، آثرت الكتابه عن هذا الفيلم .
قصة الفيلم من تأليف محمد الكردفانى و قد قام بنفسه بكتابة السناريو،الحوار و اخراج الفيلم.

تناولت قصة الفيلم و احداثه عدة قضايا تتفاوت فى أهميتها و ألخصها فى الآتى:
1- العرقية أو الأثنية فى المجتمع السودانى و أشكال ممارستها المتخفية ،العلنية و المغلفة و ذلك من خلال مجريات أحداث الحرب فى جنوب السودان، موت القائد د جون قرنق فى حادثة طائرة وانفصال الجنوب باعتباره المحصلة النهائىة لتلك الممارسات، و أيضا من خلال علاقة بين إمرأتين احداهما من الشمال و الأخرى من جنوب السودان و التى تبدوا فى مظهرها طبيعية و إنسانية .
2- الفساد الذى ساد مؤسسات الدولة الحكومية ابان تلك الحقبة و عبر عنه فى الفيلم فساد رجال الشرطة و مؤسسات الدولة التحتية كلجان الانقاذ الشعبية.
3- كما تناول بشكل غير مباشر لبروز فئة جديدة من الرأسمالية الطفيلية تسكن الأحياء الجديدة فى الخرطوم ،التى انبثقت فجأة من العدم و بعض ساكنيها الذين لا يتورعون من فعل كل شى للحفاظ على السلطة و المال .
4- القضايا الأجتماعية المتمثلة فى الزوجة التى تمارس فن الغناء و منعها من مزاولته بواسطة الزوج.

2
قبل التعرض لمضمون الفيلم أقول ان الفن عموما هو شكل من أشكال الوعى الأجتماعى يعكس فيه الفنان فهمه و تفسيره للواقع المحيط به باشكال و قوالب فنية. الفن السينمائى هو أكثر الفنون تعقيدا لأنه يجمع بين ثنايا كل أشكال التعبير الفنى فى شكل واحد، مثل حبكة القصة الدرامية،السيناريو و الحوار، الموسيقى و حركة الكاميرا المجسدة لصور تعزز المضمون المراد توصيله للمشاهد، المؤثرات الصوتيه.... ...الخ
باختصار غير مخل لقصة الفيلم، الهدف من ذلك محاولة لاعطاء القارئ فكرة عن مجريات الاحداث ثم لاحقا التعليق عليه......... امراة و زوجها يعيشون فى الخرطوم قبل الإستفتاء على مصير الجنوب، المرأة كانت تمارس فن الغناء قبل أن يأمرها زوجها بالتوقف من الغناء، كما يتضح من الحوار المتبادل بين الزوجان إن الزوج عنصرى و شديد العنصرية فى سلوكه .
الحى المذكور غير محدد بالأسم داخل الفيلم، و لكن يظهر انه من الأحياء الجديدة التى انبثقت كالنباتات الطفيلية ايام حكم نظام الأنقاذ،، و ساكنيها هم الأثرياء الجدد و بعض الموالين لحكم الأخوان. تلك المرأة و هى تقود عربتها تقوم بصدم طفل جنوبى و تهرب، و يبدوا ان هروبها كان نتيجة للخوف، خاصة بعد التوتر الذى ساد العاصمة بين الجنوبيين و الشماليين قبل الأستفتاء و بعد مقتل جون قرنق فى حادثة تحطم طائرة، و المظاهرارات التى خرجت تندد بمقتله .
أب الطفل طارد المرأة الهاربة ب " الموترسايكل " الذى يملكه حتى منزلها ، والمرأة المهرولة تدخل منزلها و تخبر زوجها و هى تصيح أن هنالك جنوبى يطاردها. الرجل يأخذ بندقيته و يقول باطلاق النار على الجنوبى و يقتله .
بأساليب الفساد الذى تمارسه الشرطة مع تآمر رئيس اللجنة الشعبية عُمل على اخفاء جسد القتيل الجنوبى واوراقه الثبوتية إضافة الى " الموترسايكل " ، مع تدوين البلاغ ضد مجهول . بالطبع لم يٌبذل مجهودا لمعرفة القاتل باعتباره جنوبيا و لن يتابع قضيته أحد. حاولت زوجة القتيل الجنوبى البحث عن زوجها لكنها فشلت لتواطؤ السلطات المناط بها الكشف عن الجريمة و لعنصرية رجال الأمن تجاهها .
للتكفير عن ذنبها و دورها فى اغتيال الرجل الجنوبى، سعت الزوجة لاحضار الزوجة الجنوبية مع طفلها للعمل معها و اسكانها فى المنزل. بعد وقائع كثيرة جرت بالفيلم، و بعد تدخل منسوب و قيادى للحركة الشعبية لتحرير السودان مع بعض قواته فى الخرطوم استطاع هذا القائد كشف سر اختفاء الزوج الجنوبى، كما تعرف الزوجة ان المرأة الشمالية استضافتها للتكفير عن دورها فى اغتيال زوجها . ينتهى الفيلم برجوع الجنوبية المولودة فى الخرطوم الى الجنوب بعد الأستفتاء و انفصال جنوب السودان ،كما يتم الأنفصال بين الزوج و زوجته التى تعود مجددا لمزاولة فن الغناء .
3
ملاحظات عامة حول الفيلم
1- إبتداءاً أقول ان الفيلم تطرق الى قضية محورية و مهمة سكت الناس عن تناولها و تفادوا إثارتها بعد الإستقلال زمنا طويلا و بدوافع عدة ، و هى قضية الاثنية فى المجتمع السودانى، و هو ما يحمد على مخرج الفيلم و كاتب قصته اثارته، ورأى هى أمتداد لما أثاره المخرج أمجد أبو العلا و كاتب قصته حمور زيادة فى فيلمه الجيد ( ستموت فى العشرين ).
لكن أيضا ووفقا لاعتقادى فان الطرح للقضية من خلال وقائع الفيلم لم يكن بالعمق المطلوب و ذلك لتفاديه ذكر الأسباب الجوهرية التى أدت لتلك الممارسات العنصرية، وأنا هنا لا أقصد السرد التاريخى و لكن أن يتم ذلك مثلا من خلال الكاميرا بزيارتها للاماكن التاريخية فى العاصمة المرتبطة بتجارب الرق فى السودان و هى كثر، و أيضا من خلال حوار بين الشخصيات الرئيسية فى الفيلم بشكل إبداعى بعيد عن لغة الهتاف.
2- افتقد الفيلم لطرح البعد التاريخى لقضية العنصرية فى السودان و ربطها بالهوية و التوجه العربى الأسلامى، كما ان تلك النظرة الدونية للآخرين قادت لحروب على مستوى رقعة الوطن....الغرب....جبال النوبة و الأنقسنا. يمكن استخدام الكاميرا هنا فى لقطات تعكس الماضى و أخرى تعبر عن الحاضر.
3- التمييز العنصرى فى مدن الشمال أرتبط بالبعد الأقتصادى فالمضطهدين كانوا يمارسون المهن الدنيا و ليس لديهم تلك الروابط للارتقاء فى السلم الأجتماعى أو العمل المهنى، كما كانوا يسكنون فى أطراف المدن بالأضافة الى أن كثيرا من مالكى المنازل يستنكفون عن تأجير منازلهم لغير ابناء الشمال خاصة بعد الفتوى التى اصدرها مجمع علماء الفقه الأسلامى السودانى بعدم تأجير منازلهم للجنوبيين !!
4- تناول قضية الرق فى الفيلم لم تكن بمستوى السلوك الوحشى لتلك الممارسة و تسبيبها الكارثى فى كل ما حاق بالسودان من مشاكل و حروب السودان التى يمر بها فى الحاضر.
5- الفيلم " هبش " برفق علاقة الأزواج الجنسية و الأنسانية و كانت دون مستوى التساوؤل الجاد خلال مجريات أحداث الفيلم ......... لماذا تتم تلك الممارسات و مدى ارتباطها بقضية الجندر .
6- مشاهد التصوير و الموسيقى المعبره تلعب دورا محوريا لتوصيل كثير من القضايا المثارة داخل الفيلم الى ذهن المشاهد، كنت أتمنى أن يتجول المخرج قليلا بكامرته فى أرجاء العاصمة فهنالك كثير من المشاهد المعبرة التى تخدم القضايا المثارة حتى دون حوار بالأضافة لاستخدام الموسيقى القومية المتنوعة .
7- تطويل ساعات العرض لمدة ساعتين، مع تناول كثير من القضايا و تداخلها ، جعل الفيلم مترهلا، كما شتت انتباه المشاهد و استمتاعه .
8- أرجع جميع تلك السلبيات التى ذكرتها، للكاتب و المخرج الذى جمع بين يديه جميع خيوط مراحل انتاج الفيلم، مما أفقد الفيلم لرؤية شخص آخر متنوع الأفكار و الإبداع .
9- الجانب الأيجابى للفيلم هو اتجاه المخرجيين الشباب الجدد فى استخدام فن السينما لمناقشة القضايا السودانية التى ظلت اجيالا عدة تتفادى التطرق لها....فى تقديرى التمثيل كان جيداً و يبشر بنشوء جيل من الممثلين الموهوبين الذين سوف يشكلون نواة لسينما قوية فى المستقبل القريب .
الممثلين
المغنية و المسرحية ايمان يوسف – دور زوجة الرجل الشمالى
عارضة الأزياء الجنوبية سيران رياك فى دور الزوجة الجنوبية
الممثل المخضرم نزار جمعة فى دور الزوج الشمالى
الممثل قير دونى
المنتج
أمجد أبو العلا و ستيشن فيلمز
يجرى عرض الفيلم الآن فى آماكن متعددة من العالم كما سوف يعرض أيضا فى مهرجان " كان " كما جاء فى الاعلام.

عدنان زاهر
14 نوفمبر 2023

elsadati2008@gmail.com
//////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فى الخرطوم من خلال

إقرأ أيضاً:

الشكري … الهوية الأفريقية … قرية سر الكل !!

لا أحب عادة الكتابة عن اللايفاتية الذين يملأون الأجواء ولكن هنا سأذكر واحدا منهم ليس للحديث عن لايفاته ذات المضمون السياسي في الحرب الحالية وهو مؤيد للجيش كما تعلمون ، وهو الشاب الصغير المشهور بالشكري.

شاهدت له اليوم فيديو وهو متضجر في حوار مع أحدهم ويبدو أن محاوره الذي لم يظهر في المقطع القصير كان يحاول أن يفرض عليه هوية أفريقية لا يقبلها الشكري.

هذا جدل عقيم من دعاة للهوية الأفريقية إنتشروا بأعداد لا تحصى في الأسافير منذ سنوات منذ أن ظهر الإنترنت في فضاءات السودان من قبل ظهور الجوالات الذكية والفيسبوك ، رسالتهم وهمهم معارضة كل حديث عن العرب والعروبة في السودان والإنكار المتعصب لوجود عرب في السودان.

وأنصح الشكري وكل شاب يتعرض لمثل هذه المصيدة العبثية ألا يتورط في النفي والإثبات ، فقط عليه ان يطلب من الطرف الآخر أن يشرح له ماهي الهوية الأفريقية وماهي مطلوباتها ؟
عن تجربة ، فقبل سنوات كنت في قروب واتساب ودار النقاش في الموضوع ففوجئت بأحدهم يدخل علي في الخاص ليخبرني أن السودان ليس به عرب ونحن أفارقة وهويتنا أفريقية.
قلت له : سمعة وطاعة فقط أشرح لي الهوية الأفريقية عشان لامن أتبناها معاك أتبناها على فهم !
قال لي هو غير متخصص في هذه الأمور !
قلت له كيف تطلب مني أن أتبنى هوية لا تستطيع شرحها وتفسيرها ؟
صمت وأختفى.
نجي لسر الكل وما أدراك ما سر الكل ! والشكري …
قبل أيام كنت أبحث في إرشيف فيسبوك لمعرفة مواقع قرى شرق النيل العزلاء التي إجتاحتها الميليشيات المدججة بالسلاح فشردت أهلها ونهبتهم واستباحتهم.

ولفت نظري قرية غريب إسمها وهي قرية سر الكل وحين وجدت منشورات عنها وجدت قرية تستحق أن نطلق عليها المدينة الفاضلة.

سر الكل إحدى قرى السدارنة وتقع شمال شرق تمبول ، وهذه القرية فيها خدمات بالعون الذاتي في مجالات عديدة ، خدمات صحية ، فحوصات ، تطعيم ، طاقة شمسية ، تعليم.
بنوا مدرسة ثانوية وجهزوها وصارت ملاذا لطلاب عدة قرى مجاورة.

المذهل أن سكان القرية قرروا أن إفطار طلاب المدرسة عليهم ، تخيل ، وقت الفطور كان طلاب المدرسة بالعشرات يتم توزيعهم على البيوت المجاورة للمدرسة لتناول طعام الإفطار الذي يتم تجهيزه من أصحاب الدار واستمر هذا الكرم لسنوات وتوقف ، لماذا ؟ سنأتي للسبب.

كتب أحد أولئك الطلاب في منشور ينعى أحد كبار السن في القرية من جيران المدرسة وتذكر كيف كانوا يذهبون للفطور في بيته فكان الشيخ يحمل لهم الإفطار بنفسه ثم يجالسهم لتبادل الأنس معهم.

وفي خلال ذلك البحث ظهر لي فيديو للشكري سنة 2020م يشكر في قرية سر الكل الفريدة ويحكي ذكرياته حين كان طالبا في ثانويتها.

قرية سر الكل من القرى التي إجتاحتها الميليشيات في أكتوبر 2024م فشردت سكانها ونهبتها واستباحتها ومن المؤكد أن كل شيئ فيها قد تعطل.

مواطن قرية سر الكل نموذج للمواطن الذي إستغنى عن الحكومة وبادر بسد نواقصها وتفوق عليها وأظن لو أني كنت من مواطني سر الكل لما حملت هما لمن يحكم السودان ولا شغلت بالي بذلك.

شخصيا أعتبر منبر البطانة الحر أفضل حركة مطلبية في السودان فهم لم يرفعوا السلاح ولم ينتظروا الحكومة وبادروا بتقديم الخدمات.

ربما لهذه الأسباب والثقافة المتحضرة كان لزاما تحطيم سر الكل وتجربة سر الكل ورقي سر الكل ، ولكن الله غالب ولا حول ولا قوة إلا بالله.
#كمال_حامد ????

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ميكالى: شباب مصر كانوا الأفضل والحظ ساند المغرب
  • عودة سوبر دونالد
  • محافظ أسوان: حققنا معدلات إنجاز بملف التقنين واسترداد أراضى الدولة
  • انطلاق الملتقى المصرى السودانى الأول لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين
  • الأولى من نوعها المفروضة على أحد طرفي الصراع.. خبراء يكشفون مدى فاعلية عقوبات مجلس الأمن الدولي ضد السودان
  • قانون الإيجار.. والسلام المجتمعى
  • وزبر في قمة الرياض
  • «الدولة الفلسطينية» فى مهب الريح!
  • منتخب مصر ضد المغرب.. مواجهة صعبة على "شط القناة"
  • الشكري … الهوية الأفريقية … قرية سر الكل !!