سودانايل:
2024-09-17@00:26:12 GMT

ماذا لو اجتاح الدعم السريع الخرطوم!

تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT

فى السادس عشر من نوفمبر الجاري صدّرت صحيفة (the economist ) البريطانية الشهيرة مقالها عن حرب السودان بعنوان مليشيا الإبادة تربح الحرب فى السودان! وهى خلاصة ترددت علي صفحات عدد من الدوريات الإقليمية والعالمية. ما يجمع عليه المراقبين أن السودان وقع ضحية صراع المحاور وان ميلان كفة الحرب مرتبط بحجم الدعم الواسع الذى تتلقاه المليشيا وتوفره دولة الإمارات التى سخرت مواردها المالية لضمان تفوق نوعي للمليشيا فى التسليح خصوصاً في جانب الطيران المُسيّر والمدافع المضادة للطائرات إضافة لخلق محيط إقليمي مساند للدعم السريع عبر صفقات اقتصادية وعسكرية كما وحدث فى تشاد وبدرجة أقل وضوحاً فى إثيوبيا وجنوب السودان.


خلق كل ذلك حقيقة على الجميع مواجهتها وهى أن موازين القوة قد تغيرت مرحلياً لصالح الدعم السريع بما يجعل انتصاره فى معركة الخرطوم خيارا لا يمكن استبعاده. ومع مرارة هذا الاحتمال على الكثيرين إلا أن الضرورة تحتم مناقشته وتبعاته المصيرية على مستقبل الوطن وسلامة شعبه. وقبل الخوض فى مناقشة متعلقات هذا الاحتمال يجب التأكيد على أن انتصار الجيش هو الراجح بإذن الله ولكنه رهين بتغيير فى قيادة الجيش والدولة بمن يرغب فى/ويستطيع حشد طاقات الشعب وقوي الدولة وتوفير السند الدولى الذي يتيح للجيش تحقيق الانتصار.
من المفيد قبل النظر في تبعات اجتياح الخرطوم، الوقوف علي نقطة انطلاق الموجة الثانية لقوات المليشيا وهى دارفور، إذ شهدت الساعات الأولى من صباح اليوم الحادي والعشرون من نوفمبر انسحاب قوات الفرقة عشرون للقوات المسلحة من الضعين حاضرة ولاية شرق دارفور وبذلك تكون عملياً أربعة من ولايات دارفور الخمسة تحت سيطرة المليشيا واجزاء من ولاية شمال دارفور والتى مازالت الفرقة الخامسة صامدة فى حاضرتها الفاشر ومسنودة بقوات عدد من الحركات المسلحة أبرزها حركة العدل والمساواة جناح جبريل ابراهيم وحركة تحرير السودان بقيادة منى مناوي. وتمثل الفاشر تحديا حقيقيا للدعم السريع ليس عسكرياً فقط ولكن سياسياً واجتماعياً وإنسانيا، فإجتياح الفاشر يهدد بإنتقال الحرب علي خطوط الهوية فى عودة لسيناريو الحرب الأهلية للعام ٢٠٠٣ إضافة لإشعال موجة نزوح ضخمة بعد أن صارت الفاشر الملاذ الأخير لنازحى مدن الإقليم المستباحة من المليشيا. إشعال نار الحرب الأهلية خطر قطعاً يضع له الدعم السريع الف حساب فهو يهدد جهده العسكري تجاه الخرطوم بصورة جادة كما ينسف روايته حول دوافع الحرب ويهدد بموجة جديدة من العقوبات علي المليشيا وقيادتها تشل قدرتها علي الفعل السياسي والحكم. يضاف إلى ذلك العجز الواضح للدعم السريع على الإدارة المدنية لمناطق سيطرته والتى انهارت فيها الخدمات وارتفعت فيها اسعار السلع والاسواء من ذلك فشله في تسويق نفسه كحكومة مقبولة لكافة مكونات دارفور وموقف الحركات المسلحة الأساسية بالاصطفاف خلف الجيش هو أوضح تعبير عن ذلك، هذا الموقف تعززه الوحشية المفرطة وأوضح أمثلتها ما تم بحق مجتمع المساليت.
أمام ذلك يكون افضل خيارات المليشيا هو تسكين جبهة الفاشر والانطلاق شرقاً فى محاولة فرض أمر واقع فى الخرطوم، قبل أن يتداعى البيت من الداخل، وهو خيار أيضا له تحدياته.
الانطلاق شرقاً هذه المرة يقف أمامه سجل سبعة أشهر من الانتهاكات عاشها شعب إقليم كردفان مع ارتفاع دعوات بالمواجهة وهو سياق يستحق أن ينظر فى تفاعلاته واهم محطاته هى الابيض وفيها تتمثل كل تعقيدات كردفان وستكون تحديا جسيما أمام المليشيا.
على افتراض أن المليشيا تجاوزت كل العقبات وطرقت باب الخرطوم للمرة الثانية بقيادتها الأساسية وبما جلبته من دارفور من عتاد وعديد وبإفتراض أن ميزان الجيش العسكري لم تحدث فيه تغييرات جوهرية وهو مستبعد فعندها وبعد معارك طاحنة ستكون المليشيا قد وضعت يدها على العاصمة ودمرت الجزء المهم من الجيش.
عند تلك النقطة يكون السؤال المطروح هل تحقق لها الانتصار؟ ثم ما خطوتها التالية؟ لن تستطيع المليشيا ادعاء الانتصار التام الا بوصولها ساحل البحر الأحمر وتحديداً بورتسودان وإسقاط العاصمة البديلة وهو أمر يمثل تحدي عسكري إذ تنتقل الحرب بعد الخرطوم إلى مناطق عشائرية وهي فى معظمها معادية للدعم السريع ولها مكوناتها المسلحة مما قد يحيل الصراع إلى حرب أهلية (نظرا لطبيعة الدعم السريع). يضاف إلى ذلك التحول المتوقع فى سلوك دول تناصر الدولة السودانية ولها مخاوف حقيقية تمس أمنها القومي من حكومة فى الخرطوم تحركها مصالح محور الإمارات - اثيوبيا مما يؤدي إما لتدخلها المباشر في الحرب او لزيادة دعم الجيش بما يمنع سقوط الدولة. وفى ذات السياق لا يمكن استبعاد ردات فعل بقية أطراف السودان إذ من المستبعد قبولها بالدعم السريع كقوة ممثلة للدولة ومحتكرة للعنف وهو ما قد يستدعي وبشكل مباشر تحرك من قبل قوات الحلو ببسط سيطرتها على كافة جنوب كردفان وجبال النوبة والتمهيد لإعلان كيان مستقل. سلوك مماثل متوقع فى النيل الأزرق وتحديداً مناطق سيطرة عقار ورفض شعبي واسع واستعداد للمواجهة فى الوسط والشمال. هذا السيناريو يتفق ومخططات تفتيت الدولة السودانية لكيانات جهوية وعرقية ضعيفة ومتناحرة وعمليا هو ردة الفعل التلقائية لدولة الدعم السريع.
بديل الدعم السريع الآخر هو الامتناع عن تجاوز الخرطوم والسعى نحو اتفاق سلام منتصر مع قيادات بديلة للجيش تؤسس أما لثنائية عسكرية يكون فيها الدعم السريع القوة الضاربة او لجيش جديد يمثل فيه الدعم السريع عظم الظهر ثم تشكيل حكومة صورية انتقالية الراجح أن تتكون من المجلس المركزي للحرية والتغيير وبعض الكيانات السياسية والجهوية ولكنها حكومة ستفتقد قطعاً للشخصيات المحترمة إذ لن تقبل أن تكون دمية بيد آل دقلو، كما أنها ستواجه تحديات مجتمع شديد الانقسام وبلد منهار اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ولها معارضة شديدة بالداخل والخارج ومهددة بعقوبات دولية تشل حركتها وفواتير واجبة السداد للدول التى دعمت الحرب. هذه وصفة لن تصمد أمامها اى حكومة مدنية مما يفتح الباب لدكتاتورية مليشياوية وحرب اخري.
الخيار المستبعد والذي تفضله القوى المدنية ممثلة فى المجلس المركزي هو مقايضة آل دقلو بالإفلات من الملاحقة القضائية والحفاظ على بعض مكاسبهم الاقتصادية مقابل التنازل عن السلطة ووجود معتبر للدعم السريع في الجيش الجديد وهذا خيار قد يتوافق مع المجتمع الدولي ولكن تقف أمامه طموحات الأسرة والمكونات الداعمة لها في الحرب وتقف ضده مطالب الضحايا بالعدالة ومصالح الدول التى ساندت المليشيا.

ibnouf77@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: للدعم السریع

إقرأ أيضاً:

مبارك الفاضل: الدعم السريع مغامرة وانتهت، وهو الآن يريد الخروج من المأزق بعد أن تحول لعصابات للنهب والسلب

مبارك الفاضل المهدي رئيس حزب الأمة شخصية مثيرة للجدل، عودنا على تضارب المواقف من فترة لأخرى، في وقت يرى فيه الرجل أن لديه أسبابه في هذا التغيير، وظهرت خلافاته الأخيرة على السطح مع الحركات المسلحة والقوى التي كان يقف معها في مساندة الجيش، حتى القوات المسلحة نفسها لم تسلم من الخلاف معها، بعدما ظل يؤيدها منذ بداية الحرب، لكن اجتماعات جنيف كانت مكمن الخلاف، والتي أيدها وتحمس للدخول فيها، ويرى أنها المخرج من الحرب والتي لن تنتهي قريبا في نظره، وأن الضحية هو الشعب السوداني، حاولنا حوار الفاضل ومناقشته في تفاصيل خلافاته الأخيرة وأسباب هذه الخلافات، ووقفنا معه على مجمل رؤيته للأوضاع في البلاد… وفيما يلي نص الحوار:

*بداية سيد مبارك لست من المؤيدين لجنيف فقط بل أنت من المتحمسين بشدة لها، ماسر هذا الحماس؟

نحن مختلفون عن أي قوى سياسية أخرى، فنحن متجذرون على الأرض، ولدينا تقييم لكل القضايا، ولم نتحدث جزافاً مثل الآخرين، معظم القوى السياسية تتحدث من منطلق مصالحها الخاصة، لكننا نتحدث ونحن على إتصال بقواعدنا من مليط إلى آخر نقطة في السودان، لسنا حزب فوقي، لدينا قواعد وتأتينا تقارير من الولايات، ولا نريد شيئاً من أحد لا مال ولا سلطة، ولا نقول إلا مايرضي ضميرنا، ولدينا تقييم للحرب نفسها ومجرياتها، وتقييم للدعم السريع، وتقييم للموقف الدولي والإقليمي، بالنسبة لنا هناك أشياء لا يوجد مساومة فيها، الحفاظ على الدولة وسلامة الشعب ورجوعه لمنازله بعدما استنفذ كل شئ، وكذلك الحفاظ على الجيش، وهذه اعتبارات أساسية فيما نقول، ونرى أن الحرب استنفذت أهدافها وفشلت القوى التي أشعلتها في الاستيلاء على السلطة، ثم الاستيلاء على الجيش، والجيش أدى مهمته في منع ذلك، وحمى نفسه، والدعم السريع تحول إلى عصابات، انتشرت في المدن والريف واستهدفت المواطنين، ونهبوا ممتلكات الشعب.

*مقاطعة… كل هذا الحديث متفق عليه لكن وقف الحرب ينبغي أن يكون بأصول يرتضيها الشعب السوداني؟

هناك مخاطر، لأن هذه الحرب قائمة على أسس قبلية واثنية، والدعم السريع أتى به نظام الإنقاذ.
نأتي لموضوع التفاوض، الاتفاق في جدة والمنامة واضح، ليس به أي لبس، والمطلوب الذهاب والإتفاق على آليات للتنفيذ، وإذا وجد المفاوضون تغييراً عمّا تم الإتفاق عليه في جدة، وأنهم حادوا عنه، يمكن للجيش أن ينسحب، فهو ليس ملزماً بغير بحث جدة، وغير آليات تنفيذها، فما المشكلة في ذلك !!
لكن هذا المسألة بها عملية مرتبطة بمستقبل السلطة في السودان، ولذلك بدأت تظهر آراء من شاكلة أنه قبل الذهاب مطلوب الرؤية السياسية، وهذه الرؤية ليست مسؤولية الجيش ولا الدعم السريع، هي مسؤولية القوى السياسية والمدنية، وهذا ما اتفقنا عليه، وأهم شئ في مؤتمر القاهرة اتفقنا على الفصل بين إنهاء الحرب وأي اعتبارات سياسية، المطلوب منهم فقط إجراءات عسكرية لوقف الحرب وتطوير آليات جده لتنفيذها، أما موضوع الصراع والإقصاء والإقصاء المضاد، نعتبر أن هذه فارقة تاريخية بأن يتجاوز الناس ذلك ويقبلون ببعضهم، ويتجهون إلى حوار سوداني سوداني يرتبون فيه الوضع الإنتقالي والإنتخابات، وهذا تم الإتفاق عليه، والقاهرة لعبت فيه دوراً أساسياً.

الإمارات شاركت في المنامة كمفاوض وليس كمراقب فقط، وكانت هناك نقاط خلاف حول مستقبل الدعم السريع

*ولكن هناك تحفظات للحكومة على جنيف من بينها رفض مشاركة الإمارات أيضاً؟

رفض الإمارات غير صادق وغير صحيح، لأن الإمارات شاركت مباشرة في مفاوضات المنامة، وشاركت فيها كمفاوض وليس كمراقب.

*وهل تم التوقيع في المنامة؟

نعم تم التوقيع، وكانت مجموعة مبادئ ليس حولها خلاف وكلها تشير بأن الحكم مدني.

*ولماذا تم إجهاض المنامة طالما تم التوقيع عليها من جانب الجيش؟

الخلاف في المنامة كان في نقطتين، الأولى في وضع الدعم السريع في قيادة الجيش، والدعم السريع طالب بأن يكون هناك قيادة أركان مشتركة، أما الثانية كان هناك نقاش بين أن الجيش هو الأساس ويضم له الآخرون، وبين أن الأساس في الطرفين، ومنهما يتشكل الجيش الوطني، بمعنى أن يحدث إصلاح للجيش ويضم الجميع فيه، بالإضافة لاختلاف ثالث وهو الخروج من المساكن والأعيان المدنية، وتكون هناك للدعم السريع ارتكازات في الشارع، والجيش رفض ذلك، وعندما وصل الوفد لتسويات رفضها البرهان.

نحن في حزب الأمة أصحاب الأغلبية والحرب آذتنا في كل مناطقنا

*وكيف تم التوقيع والجيش رافض؟

هم وقعوا على البنود المتفق عليها، وخففوا موضوع الجيش، ولم يذكروا موضوع الخروج، وحدث خلاف بين قيادة الجيش حول الموضوع، لذلك لم يواصلوا.
بالعودة للإمارات، فهي غير أنها شاركت في المنامة، فانها تمسك بمفاتيح الحل، لأن لديها تأثير كبير على الدعم السريع، ولم تكن بمفردها، فكان موقفا دوليا، منذ اللجنة الرباعية.

*لكن الصورة الذهنية لدى الشعب السوداني أن الإمارات هي سبب رئيس في الحرب والتشريد بدعمها الكبير للدعم السريع؟

مصالح السودان مع الإمارات أكبر من خلافه معها، كل أموال السودانيين موجودة بالإمارات، ليست أقل من 2 تريليون دولار، لأنه عندما حدثت العقوبات على الإنقاذ طُردت كل أموال رجال الأعمال السودانيين من العالم، ولم تجد إلا مكاناُ واحداً هو الإمارات، وتوقفت التجارة مع العالم وكذلك التحويلات، وأصبحت كل صادرات السودان تخرج إلى الإمارات، وتباع هناك والحكومة تسمح لهم بذلك، لأنه لم يكن هناك طريقة للتعامل التجاري المعروف، وكذلك بنك الخرطوم المملوك للإمارات في أغلبية أسهمه، وتحويلات “بنكك” لها أهم دور في إنقاذ الأسر السودانية، وكذلك الذهب السوداني والذي يذهب للإمارات حتى الآن، لأن الإمارات هي الوكيل لسوق الذهب البريطاني، ولا يوجد وكيل آخر، ولو الإمارات أغلقت كل ذلك فإن الدولة السودانية ستنهار.

لن نساوم على الدولة وسلامة الشعب والحفاظ على الجيش

*إذن أنت مع التغاضي عما فعلته الإمارات؟

هكذا هي الخلافات العربية، قطر تعرضت لحصار رهيب وفي النهاية تصالحوا، حتى السادات ضرب القذافي بالطيران ورجعت ليبيا ومصر لعلاقاتيهما، العلاقات العربية ليست قائمة على مؤسسات، بل قائمة على العلاقة بين الرؤساء، وهنا أتساءل هل الإمارات هي التي أتت بحميدتي، من أتى به هو عمر البشير، والبرهان عينه نائب رئيس، وأرسلوه يعمل علاقات في الخليج، وأصبح سمساراً للحرب في اليمن، إذاً الخطأ سوداني في النهاية، والشعب السوداني هو الذي دفع الثمن، وهنا علينا أن نقدم سلامة الوطن والشعب، والجميع الآن يريد تسوية وعلينا أن نقبلها، فنحن مخطئون.

*هل توافق على تسوية تأتي بحميدتي من جديد؟

حميدتي انتهى خلاص، إذا كان حياً فهو في حكم المنتهي وغير الموجود، ومرحلة آل دقلوا انتهت، لكن أنا عندي مواطنين سودانيين، والدعم السريع ليس مؤسسة حقيقية، مليشيا جمعتها الدولة بأموالها وبسلطتها، وهذه القبائل ليست متمردة على الدولة، والدعم السريع أصبح أفراداً الآن، والذين يحاربون من الدعم السريع بعضهم كانوا ضباطاً في الجيش، صحيح دخل فيه بعد خارجي ومرتزقة ولكنه في النهاية إنقسام سوداني، ولابد من جمع الدعم السريع في مكان واحد، حتى يستطيع الناس أن يعودوا ويعيشوا، غير ذلك سيظل الدعم السريع عصابات تنهب وتقتل وتشرد، فلابد أن نجد طريقة، وهذه غلطة الدولة السودانية، بتجييش القبائل في عهد الإنقاذ من عرب الشتات في حرس الحدود ودمجوهم مع بعض، واحتلوا مناطق الفور والمساليت والزغاوة الذين أصبحوا في معسكرات، وبعد ذلك أتوا بحميدتي في 2013، وحاربوا بهم النوبة وغيرها، فنحن لسنا بريئين نحن جزء من أسباب المشكلة، ومسؤولين عن حلها، الأولوية للدولة والشعب الآن، وليس الإنتقام من الإمارات، ولو فكر البرهان كرئيس للسودانيين سيحل الأزمة، لكن لو فكر في الصراع مع حميدتي والصراع بين الجيش والدعم السريع سينهي البلد، ونحن في حزب الأمة أصحاب الأغلبية، والحرب أذتنا في كل مناطقنا في دارفور وكردفان والأوسط، ولذلك يجب أن ندافع عن جماهيرنا حتى لا نحرق البلد.

اتفقنا في مؤتمر القاهرة على الفصل بين إنهاء الحرب وأي اعتبارات سياسية

* في ظل ماحدث وعدم مشاركة الجيش في جنيف كيف ترى مستقبل هذا المنبر؟

جنيف لم تغلق، سيكون هناك جولة أخرى، لأنه في النهاية ليس هناك طريقة، ولا يصح إلا الصحيح، وسوف يذهب إليها الجيش، لأن عنده مشاكل مع الحركات التي أدخلها معه، ومشاكل أخرى متعلقة بالمستقبل، في النهاية لابد أن يذهب الجيش، لأنه لا يستطيع أن يُخرج الدعم السريع، وإلا فماذا سيفعل الشعب السوداني المتوقفة حياته.

*ماهي مشكلتك مع رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي؟

ليس لدي مشكلة مع أحد، أنا أثرت موضوع الحركات في بورتسودان، لأن هناك حركات فتحوا لها معسكرات، بينشئوا لنا في دعم سريع جديد، وسألت قيادة الجيش عن ذلك، فقالوا لي أننا دمجناهم في الجيش، فقلت فلماذا يحاربون باسمهم، قالوا لي أنهم يتكسبون من هذا الموضوع، واكتشفت أنه تم دفع مبالغ ضخمة لهم، وعندما سُئلت عن احتجاج القوات المشتركة لعدم دعوتهم لجنيف قلت إن هذا خطر كبير جداً، لأن معلوماتي من القيادة العسكرية أن مناوي ورفاقه تم دمجهم، وأنه تم تسوية مالية ودفعت له الأموال، ومناوي بدلاً من أن يرد على ذلك بدأ في الهجوم علي، والسب في شخصي، وأنا زعيم سياسي، وهو أتى من مناطقي، الزغاوة أنصار وليسوا مع مناوي، فعندما يأتي شخص يمثل شريحة صغيرة ويريد أن يكوّن مليشيا بسلاحها فهذا مرفوض، لأننا تأذينا من هذا الوضع، من الحلول التكتيكة التي لا تصب في الاستراتيجية، لأنك إذا كنت تريد أن تحل المشكلة بتجييش الناس، فانك بذلك تضعنا في مشكلة أكبر، فقلنا لا مناوي ولا جبريل ولا أي شخص آخر يصعد للسلطة بسلاح ولا حتى من الجيش، من يريد السلطة يأتي عبر الجماهير، وإن حمل السلاح فقط يكون في إطار المؤسسة الدستورية وهذا مبدأ ولن نتنازل عنه، وليس هناك مجاملة في ذلك، فليس لدي قضية مع مناوي ولا غيره، هم يريدون أن يتكسبوا، وعندما أتوا للقاهرة حضروا وجلسوا، وبعد ذلك قرروا أن يُفشلوا المؤتمر، بعدما وافقوا على البيان، وأرسلوا 5 مناديب للجنة الصياغة واتفقوا بالفعل، ولكنهم خرجوا وقالوا أننا غير موافقين، وقرروا أن يخرّبوا المؤتمر.

الأمة القومي أصبح مجرد أفراد والحل في المؤتمر العام

*لماذا فعلوا ذلك ولماذا حضروا من الأساس؟

في تقديري أنهم لا يريدون مصر، ولا يريدون سلاماً، لأنهم أتوا قبل مؤتمر القاهرة بيوم واحد من إجتماعات مع تقدم في جنيف، فلماذا هذه التصرفات، ولماذا قبلوا بـ “تقدم” في سويسرا ورفضوها في القاهرة، قالوا أن هناك إختلاف، ففي سويسرا كانت الإجتماعات سرية، أما في القاهرة فهي معلنة، في الأساس هم جاءوا إلى الخرطوم في إطار صراع، والذي أتى بهم هو حميدتي، وبدلاً من تسليم أسلحتهم، أتوا بها حتى في الخرطوم وهذه التصرفات ستضيع السودان.

*ما تعليقك على حديث وزير الخارجية المصري بأن مصر تحدثت باسم السودان في جنيف، وأن القاهرة وقفت أمام أي اجراءات عقابية ضد السودان في المنبر؟

الجيش ليس لديه سوى مصر وقطر، لكنهم غير مقدرين لمصر ذلك، يعتقدون أن المصريين يضغطون عليهم، والمصريون يفهمون ذلك، وينصحوهم بالخروج من هذا المستنقع، مصر استقبلت السودانيين وعندها إرتباط بالأمن القومي السوداني، أنا تقديري أنهم يعتقدون أن مصر تقف معهم في الحرب، وغير ذلك معناه أن مصر ليست معهم، هذا ما فهمته، المفروض يكونوا في تناغم مع مصر، لأن مصر هي البوابة، ولا ينبغي أن يكون هناك أي شك في الموقف المصري، ولا يصح أن يأتي مناوي وعقار وجبريل ليخربوا مؤتمر القاهرة، فهذا معناه إضرار بمصالحهم، مصر الحليف الرئيسي، فأرى أن هناك استهانة بذلك، وكان من المفروض أن يلتقوا محمد بن زايد في القاهرة ولم يأتوا، وفي النهاية لن تتأثر مصر، هم الذين سيتأثرون بمزيد من العزلة، فمصر دولة كبيرة، ولها علاقات دولية ومصلحة حقيقية في الاستقرار في السودان.

*هناك حديث الآن بأن مواقفك تغيرت وأصبحت قريبة من تقدم؟

لا يوجد بعد ذلك لا “تقدم” ولا غيرها، كلها كانت أدوات صراع على السلطة، الآن نريد تثبيت الدولة، وقلت لقادة تقدم في القاهرة، أنكم وكأنما تسبحون في النهر، وقررتم ضرب بعضكم في منتصف النهر، فالأفضل الوصول إلى الشاطئ، وبعدها فكروا في خلافاتكم، فلابد من تأسيس الدولة أولا، وبعدها فكروا في الصراع السياسي، فأنا أعتقد أن التكتلات السياسية مرحلة انتهت، والآن هي مرحلة القاهرة التي اتفقنا عليها، ولابد من البناء عليها، بوقف الحرب، وعدم وجود أي دور سياسي للدعم السريع، والذهاب للحوار لترتيب الوضع المستقبلي، فلم يعد هناك تحالفات كلها مجرد تنسيقات.

*طالبت قادة الجيش بالاستعانة بالعسكريين القدامى لتقديم النصيحة لهم في الحرب، وأشدت بزيارة كمال عبد المعروف لبورتسودان، وهو محسوب على الإسلاميين، فهل تقبل بنصائح الإسلاميين في الحرب؟

الجيش قبيلة، والعصبية العسكرية فيه أقوى من الالتزام السياسي، ونعلم ذلك لأن لدينا أنصار في الجيش، ونرى إنحيازهم للجيش، ليس لدي مانع من الاستفادة من العسكريين الإسلاميين، ففي الظروف الصعبة ينبغي التشاور مع أصحاب الخبرة، فقضايا الوطن تختلف عن قضايا الصراع، ونحن الآن في قضية وطن، واقترحت عليهم قبل عام مجلس شورى فني عسكري في توحيد الجيش، وكذلك مجموعة سياسية ولم يأخذوا بالفكرة، واستبشرت بذهاب عبد المعروف، فهو بعيد ويستطيع أن يرى الصورة بوضوح بعيداً عن التأثير بالصراع، ونحن لا نرفض الإسلاميين، صحيح لديهم مشكلة مع الشعب في الطريقة التي حكموا بها، لكن ليسوا كلهم، فهم 3 أو 4 تيارات الآن، هناك تيار حاول أن يستفيد من الحرب وفي النهاية قنع من ذلك، أما التيارات الأخرى لم تذهب في إتجاه استغلال الحرب، ففكرة وجود الإسلاميين في الحرب وأنهم السبب فيها، فزاعة سخيفة ومضيعة وقت، حيثيات الصراع كانت واضحة بين البرهان وحميدتي منذ البداية، ودخلت قوى اقليمية ودولية واستغلت هذا الصراع، واستخدموا حميدتي لتنفيذ أجندتهم، يمكن أن نقول أن الاسلاميين استفادوا من تطور الأوضاع، وتخيل بعضهم أنهم سيستفيدوا من الحرب وعملوا على التجييش فعلاً، لكن البرهان أوقفهم.

*ماتعليقك على تلويح مستشاري الدعم السريع بأنهم سيشكلون حكومة في الخرطوم؟

المستشارون في الدعم السريع ليس لهم تأثير، كلهم مناظر، الدعم السريع قيادة أسرية، ولا يوجد به قيادة أخرى، معلوماتي أن آل دقلو يريدون الخروج الآن، حتى يخرجوا من موضوع التعويضات، ومعظم قادتهم المقربين قتلوا، وأصبح لديهم مشكلة، والإمارات تريد الخلاص، وكذلك المجتمع الدولي، والدعم السريع يريد الخروج بباقي أمواله، فهي الباقية له، والحكم ضاع منهم، ويريدون سلامتهم وأموالهم، هي مغامرة وإنتهت.

*ما رأيك في آداء المبعوث الأمريكي وتصريحاته حمالة الأوجه؟

هو يرسل إشارات، وهي طريقة من طرق العمل الدبلوماسي، تطمين وتخويف وهكذا، وهو يلعب بالكلمات، لكن الإدارة الأمريكية بدأت مع الدعم السريع وهم الذين شكلوا تقدم وصرفوا على ذلك، لكن الآن الوضع تغير، فهم انسحبوا من الإطاري ومن تقدم .

*كيف تتوقع سياسة ترمب نحو السودان لو فاز في الإنتخابات؟

ترمب أفادنا في السودان من قبل، بفك العقوبات وأعطانا أموال، والجمهوريون دائماً إما أبيض أو أسود لا يوجد لديهم منتصف، معاك أو ضدك وينفذون مباشرة، أما الديمقراطيون أراؤهم كثيرة ولا يوجد لديهم حسم، ولا أعتقد أن الموضوع متعلق بالانتخابات الأمريكية، فالسودان ليس مؤثرا كغزة، موضوع السودان أصبح مرتبط بالاستقرار في القرن الأفريقي والبحر الأحمر، ولو السودان ذاب سيخلق مشكلة في المنطقة، وهم شعروا بذلك.

*ماهي قراءتك للأوضاع في حزب الأمة القومي؟

مايحدث في حزب الأمة القومي نتيجة حتمية لغياب الصادق المهدي بدون التفكير في البدائل، الخلافات بينهم كبيرة، ولم يستطيعوا الإتفاق على شخص يقود، لم يفعلوا واندفعوا نحو السلطة والحرية والتغيير، والمشهد السياسيي تغير بعد الحرب، وليس لديهم طريقة الآن، في هذا الإطار لا توجد قيادة ولا ارتباط بالقواعد، والحزب وقع عليه العبء وهناك غضب كبير في قواعدهم في الجزيرة ودارفور، وأرى أن الحل الأساسي أن يأتوا لتوحيد الحزب في إطار مؤتمر عام، ولكنهم يستمرون في الخلاف بين الأولاد والبنات في بيت الصادق المهدي، وانقسموا لأجهزة أحدهم أخذ الأمانة والأخر أخذ الرئاسة، والخارطة تغيرت، والآن أصبحوا مجموعة أفراد وأشخاص، فلابد من ترتيب الوضع من القاعدة.

أخيرا توقعاتك لمستقبل الأوضاع في البلاد؟

ستقف الحرب، فليس هناك طريقة سوى المفاوضات، لأن الوضع معقد جداً وقد تحولت لحرب مجموعات وعصابات وفوضى وتهجير ونهب، والضحية هو الشعب فكيف سيكون الاستمرار مع هذا الوضع.

حاورته صباح موسى
المحقق

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • البرهان يوافق على مبادرة من سلفاكير بشأن الحرب مع الدعم السريع
  • رئيس عموم النوبة: المليشيا بدأت الحرب من منطقة لقاوة والقس أنجلو يؤكد قومية الجيش السوداني
  • ???? هل سيحمل البرهان العالم لتصنيف الدعم السريع منظمة إرهابية؟
  • السودان.. تضارب الأنباء عن معارك الفاشر بعد هجوم الدعم السريع
  • الجيش السوداني يشن قصفا عنيفا على مواقع "الدعم السريع" بالخرطوم
  • مبارك الفاضل: الدعم السريع مغامرة وانتهت، وهو الآن يريد الخروج من المأزق بعد أن تحول لعصابات للنهب والسلب
  • هل سيحمل البرهان العالم لتصنيف الدعم السريع منظمة إرهابية؟
  • الجيش السوداني يشن قصفا عنيفا على مواقع الدعم السريع بالخرطوم
  • الجيش يتوقع إنهاء الحرب في السودان قبل نهاية العام الجاري و يكثف غاراته الجوية على “الدعم السريع” في مدن عدة
  • الدعم السريع تتهم الجيش بتعمد قصف وتدمير مصفاة الجيلي