تناقش المؤلفة في ورقة العمل هذه الحروب المنسية أو الحروب التي لا يأبه لها أحد في المجتمع الدولي، حروب عرب دارفور ضد بعضهم البعض. وهي حروب كما سيتضح، باعثها الأساس الأرض ومسارات الرعي، غير أنها تندلع لأسباب تافهة كنتيجة للتوتر الشديد القائم بين هذه القبائل، بحسب وصف التقرير.
يقع المنشور أو المطبوع المعرّف بأنه ورقة عمل التقييم الأساسي للأمن البشري التابع لمسح الأسلحة الصغيرة، في 48 صفحة، تشغل المراجع فيها نحو 20 من الصفحات.

كاتبة الورقة هي السيدة جولي فلينت التي يرد في التعريف بها في التقرير أنها صحافية وباحثة في الشؤون السودانية، ألّفت كتابين عن دارفور بالاشتراك مع أليكس دي وال – آخرهما “دارفور: تاريخ جديد لحرب طويلة” (بدا لي أن الترجمة الأكثر دقة هي: تاريخ قصير لحرب طويلة)، وعملت مستشارة في نزاع دارفور ومحادثات السلام بين الأطراف السودانية في أبوجا لمنظمات عالمية وجماعات حقوق الإنسان، وحضرت أربع جلسات للمحادثات على مدى سنتين. ونشرت الورقة أو التقرير عن المعهد العالي للدراسات الدولية والتنموية بجنيف في أكتوبر من العام 2010.
في الداخل قُسِّمت الورقة إلى عدة عناوين شملت: أولا: ملخص تنفيذي، ثانيا: خلفية الصراع، ثالثا: إئتلاف القبائل ضد الرزيقات، رابعا: حرب المسيرية-الرزيقات، خامسا: الخاتمة. وهناك أيضا مصطلحات ومختصرات، الحواشي والمراجع ثم نبذة عن المؤلفة.
لم تحظ الحروب بين القبائل العربية في دارفور بالكثير من الاهتمام، وربما كان مرد ذلك للاهتمام الكبير الذي أولاه العالم للحرب بين من عُرِّفوا بالعرب من جهة ومن عرفوا بالزُرقة من جهة أخرى في دارفور لأسباب مختلفة، والذي وضع العرب في خانة المعتدين والساعين لقتل الأفارقة واجتثاثهم، وهو بالطبع زعم عززته جهات مختلفة كان أهمها وأكبرها ائتلاف حملة أنقذوا دارفور. ترافق ذلك مع العزلة والنبذ لنظام الرئيس السوداني وقتها عمر حسن البشير، والاتهامات بالإرهاب ودعمه التي طالته. ولكن سببا آخر بدا لي وجيها وإن لم يكن بذات درجة قوة الأسباب الأخرى، وهو أن عرب دارفور لم يكن لهم وجود مؤثر داخل السودان ليس فقط بما يفضي للتأثير على السياسة العامة - فقد كان منهم عدد معتبر ممن تبوأوا بعض المناصب في فترات مختلفة، ولكن ذلك تضاءل لصالح الزعامات التي نالت مناصبها مقابل نجاحها في التحشيد وتجييش المليشيات لقتال التمرد أيا كانت طبيعته في فترات لاحقة -، وإنما أيضا غياب الوجود المؤثر على مستوى وسائل الاعلام ووسائل صناعة الرأي العام في الداخل والخارج. وبعض أسباب ذلك يمكن رده لانخفاض مستويات التعليم لدى عرب دارفور في العموم، وقبل ذلك لطبيعتهم البدوية المتنقلة غير المستقرة، أو ربما لضعف ارتباطهم النسبي بالمركز النهري في السودان مقابل ارتباطهم الأكبر بامتداداتهم القبلية في السهل الافريقي وخاصة تشاد.
ترى الكاتبة أن أسباب هذه الحروب هي مزيج متفجر من المظالم العرقية والسياسية والاقتصادية ممزوجا بالجريمة المنظمة وسرقة الماشية. إضافة إلى ذلك تقول الورقة إن الجفاف الكبير في عامي 1984-1985 وتداعيات الحرب المتسربة من تشاد كان لهما دورهما أيضا، مترافقا مع أيديولوجية سياسية مبدؤها التفوق العربي قادمة من ليبيا، وشجعتها الخرطوم، تقول المؤلفة. وتشير إلى أن الجانبين لطالما عضدا موقفهما باشراك أبناء العمومة من تشاد المجاورة. فبينما قامت ليبيا بتسليح عرب دارفور، أقام غير العرب – الذين أُطلق عليهم لقب الزرقة للمرة الأولى تقول الكاتبة في حرب 1987-1989 - اتصالات مع تشاد. وفي مسألة الجفاف وتأثيره على الحرب في دارفور نجد الكاتبة تتفق إلى حد ما مع الدكتور ممداني ولكن دون تعمق في التفاصيل، إذ في المقابل يرى محمود محمداني إن التغيرات الأيكولوجية والبيئية على وجه العموم هي من الضخامة بما لا يمكن تجاهل أثرها في الحروب التي انتظمت دارفور.
ولفهم الصراع الحاصل وقتها فصّلت الكاتبة العرب في دارفور إلى ثلاث مجموعات رئيسية، مع تحذيرها هي نفسها من خطورة التعميم المطلق، وهم أبّالة الرزيقات الشمالية الذين لا يملكون أرضا، والبقّارة من رعاة الماشية في جنوب دارفور وهم بني الهلبة والهبانية والرزيقات والتعايشة، ولهم أراضيهم الخاصة بهم، والمجموعة الثالثة هي المهاجرون حديثا إلى غرب وجنوب دارفور. وتقول إن كثيرا منهم، وجلهم من البقارة، أبعدوا من تشاد المجاورة بسبب الحرب الأهلية والجفاف في بداية السبعينات، وبالطبع لم يكن لهم أرض في دارفور ولكنهم تمتعوا عرفيا بحق استخدام الأراضي والمياه على طول خط المراحيل.
إن التداخل والهجرات من عرب تشاد إلى دارفور هو مما لا يمكن إغفاله بالضرورة، ولكن المهاجرين من التشاد الذين لم يعرف تاريخهم تعايشا مع جماعات دارفور، يقول التقرير، كانوا من أكثر الجماعات المسلحة عنفا، وكمثال لذلك يورد التقرير أن المسيرية من تشاد أحرقوا في ليلة واحدة عشر قرى في غرب كاس في أكتوبر من العام 1987، كما أحرق بنو حسين من المسيرية والسلامات من تشاد عددا أكبر من القرى في الشمال الغربي لكاس، ونشأت قرى جديدة سكنها المهاجرون حتى أن واحدة منها سميت نجامينا في جنوب غرب كاس!
وبتتبع المهاجرين من التشاد تقول الكاتبة نجد أن جماعات من السلامات من تشاد قد استوطنت أجزاء وادي العظم، كما انتقل بقارة المسيرية والسلامات من تشاد إلى محلية ابطا شمال زالنجي مستوطنين المناطق الزراعية الخصبة القريبة من طرق النقل الرئيسة. ومن المجموعات التي انخرطت في القتال هناك كذلك مجموعة الهوتية، والتي توصف في التقرير بأنها قبيلة صغيرة نزحت أصلا من تشاد، ولكنها في أكتوبر 2007 دعت للقاء ضم ممثلي 33 مجموعة صغيرة من بقارة جبل مرة للائتلاف ضد الرزيقات. وسبب هذا اللقاء تقول المؤلفة، كان حربان صغيرتان ولكنهما شديدتي التدمير، كانت الأولى بين الهوتية والنوايبة (أحد فروع الرزيقات في منطقة زالنجي)، والثانية وكانت الأعنف، بين الترجم وأبالة الرزقات بزعامة "حميدتي". وفي ذلك الاجتماع اتفق البقارة على "أن عدونا الوحيد هو قبيلة الرزيقات"، وأن المعارضة للرزيقات "ستستمر حتى يوم الحساب"، أو كما قال ممثل قبيلة البرقو التي تعود أصولها إلى شرقي التشاد. وتورد الكاتبة أن قوتين اثنتين فقط من المجموعات التي حضرت الاجتماع رفضتا الانضمام إلى التحالف وهما المهادي ذات الأصول التشادية، والترجم.
لم ينقطع التداخل بين قبائل دارفور وأبناء عمومتهم في الجانب التشادي، ففي بدايات الاقتتال في خور الرملة التي انخرط فيها حميدتي ضد المسيرية، بيّنت تقارير غير مؤكدة، تقول الكاتبة، أن المسيرية تلقت دعما من فصيل عربي منشق من مجموعة معارضة تشادية يقودها عبد الواحد مكاي، وهو من المسيرية!
في الخلاصات الرئيسية للدراسة ترى الكاتبة أن الاقتتال العربي الداخلي هو المسبب الأكبر بمفرده لحالات الوفيات العنيفة في دارفور منذ توقيع اتفاق السلام في مايو 2006، وهو الاقتتال الذي اتخذ أبعادا جديدة كما تقول الكاتبة في العام 2010 حين تحولت الاشتباكات بين القبائل الرعوية إلى معارك ضارية بين الأبالة والبقارة، وتحديدا بين بطون من أبالة الرزيقات الشمالية ومجموعة فضفاضة من قبائل البقارة اصطفت مع المسيرية. من الخلاصات المهمة والحصيفة التي توصل إليها التقرير أن التوترات من الشدة بحيث ان أحداثا صغيرة نسبيا قد تترتب عنها موجة من الوفيات، وهذه الخلاصة جديرة بالملاحظة، فحتى إلى وقت قريب، وربما إلى الغد وما بعده، كان السودانيون في الإطار الجغرافي خارج دارفور يتعجبون لأسباب الصراع هناك إذ تنقل الصحف المحلية ووسائل التواصل أن قتالا محدودا أو واسعا قد اندلع لخلاف على معزة أو كوب شاي أو شاحن هاتف سيار أو غير ذلك من الأسباب التي يراها العقل المختلف في غاية التفاهة. ولكن هناك خلاصات أخرى جديرة بالدراسة والتعمق. فعلى سبيل المثال يورد التقرير أن حرب النوايبة والهوتية في عام 2005 التي كانت ثأرية وعقابية وتدميرية، كان سببها المباشر اغتصاب فتاة. وفي شهر فبراير 2007 يقول التقرير إن فعلا واحدا قام به لصوص في جنوب دارفور أطلق سلسة من الأحداث أدت في النهاية إلى نشوب قتال دموي واسع بين الأبالة والبقارة.
ترى الكاتبة أن الأرض في دارفور ليست موردا اقتصاديا فحسب، بل هي من علامات السلطة السياسية، خاصة بالنسبة للأبّالة المهمشين. ولسبب من ذلك فقد أسبغ المهاجرون حديثا إلى غرب وجنوب دارفور، وجلهم من البقارة الذين أبعدوا من تشاد في مطلع السبعينات، أسبغوا أولوية على حيازة سندات ملكية الأراضي! والآن وبعد هذه السنوات واندلاع حرب الخرطوم بين قوات الدعم السريع المبنية في عمادها الأساسي من قبائل عرب دارفور ومناصريهم من أبناء عمومتهم من عرب غرب إفريقيا من جهة، والجيش السوداني من الجهة الأخرى، هل يمكننا أن نرد أفعالا مثل حرق سجلات الأراضي وغير ذلك من المستندات المدنية لفكرة الاستيلاء على أراضي الآخرين المتأصلة لدى هذه المجموعات؟ بالطبع شهدت حرب الخرطوم فظائع لم تشهدها أي حرب في التاريخ القريب في العالم كله، ربما كان أقربها بالنسبة للسودانيين الشماليين ما حدث في كتلة المتمة وغيرها من حروب الخليفة عبد الله التعايشي المنتمي لذات المكونات العرقية هو أيضا. شهدت حرب الخرطوم احتلالا لمنازل المواطنين المدنيين في حادثة لم تسجل في تاريخ الحروب الحديثة، وتحفل حكايات المهجرين قسرا ووسائل التواصل الاجتماعية للسودانيين بما يصعب حصره من قصص استيلاء الجنجويد على البيوت والمساكن، بل إن هؤلاء الجنود كانوا يقومون بنشر صورهم في غرف نوم السيدات وفي المطابخ، بل ويقيمون حفلات الزواج في بيوت الناس التي احتلوها! قريبا من ذلك ربما، أو ذي صلة به على الأقل، كتب السيد حسام هلالي، وهو مثقف سوداني وناشط، في مقال بعنوان " عندما سال دمي على قميص عزت الماهري"، كتب مقالة طويلة عن علاقته بالسيد عزت الماهري، الذي عُرف بعد اندلاع الحرب كمستشار لقائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو. كتب هلالي أن عزت كان قد أخبره في وقت سابق "قصة فنتازية لاكتشافه وثيقةً تثبت امتلاك جده لعددٍ كبير من الأراضي في المنطقة المحيطة لهذا الفندق، وهو موقعٌ من أكثر المواقع استراتيجية في قلب العاصمة مطلٌ على النيل، بعيدٌ كل البعد عن موطن قبيلته الرعوية البعيدة في بادية دارفور وتشاد". ويقول هلالي في المقالة إنه تعجب كيف لناشط شيوعي، هو عزت الماهري، أن يفعل أمرا كالعمل مع حميدتي، ولكن الإجابة التي وصلته كانت أن السبب في ذلك يعود إلى أنه ابن عمه! لطالما مثلت العشائرية رباطا أقوى من الفكرة والأيدلوجيا لدى قبائل عرب دارفور، لا فرق في ذلك بين جاهلهم أو متعلمهم كما في حالة عزت الماهري، بل وكحال الكثيرين من مثقفيهم ومتعلميهم كما بينت حرب الخرطوم الأخيرة.
وعودا إلى التقرير فقد ذكرت الكاتبة أنه في واحدة من الحروب عبأت الرزيقات الحكّامات، وهن حسب تعريف التقرير مغنيات يمتدحن المقاتلين الشجعان ويذمن الذين يظهرون ضعفا. وتقول إنه في إحدى المعارك اعترفت المسيرية بأنها قتلت واحدة من الحكّامات وشوهت جثتها بقطع رأسها ويديها لأنها كانت تحض الرزيقات على القتال "كالأسود"، والمعقوفتان من التقرير. ثمة شيئان جديران بالملاحظة هنا، أولهما الاختلاف البيّن والشاسع بين ثقافات العرب وغير العرب أو النهريين على وجه العموم في شمال السودان، وثقافات القبائل في دارفور العربية منها وغير العربية، فما يبدو كفانتازيا من استجلاب المغنيات لتحفيز الرجال في المعركة حدث بكيفيته مؤخرا في حرب الخرطوم، بل تطور الأمر باستخدام وسائل التواصل، وكان من الغريب بالنسبة لسكان الخرطوم وللشماليين على وجه العموم احتفاء المكونات الاجتماعية لتلك القبائل واستقبالها بالزغاريد والفرح لأبنائهم العائدين بالمنهوبات والمسلوبات من بيوت سكان الخرطوم الذين نزحوا أو هُجِّروا وسرقت ممتلكاتهم تحت تهديد السلاح، إذ في المقابل لا تمجد الثقافات المحلية في الشمال السوداني مثل هذه الممارسات، أو في الحقيقة فقد تجاوزتها من زمن بعيد وقت كانت منسوبة عندهم للمتفلتين المعروفين بالهمباتة الذين اقتصرت تعدياتهم على نهب الإبل، ولكنها لم تكن بالطبع بهذا التوسع أو الشراسة، بل كانت أقرب لممارسات الشعراء الصعاليك في التراث العربي. أما الأمر الثاني الجدير بالملاحظة والوقوف عنده فهو مسألة التمثيل بالجثث، فهذه الممارسة ورغم بشاعتها فقد أعادت الحرب الأخيرة ممارستها مرة أخرى، ولكن هذه المرة تحت بصر العالم وبتصوير الكاميرات، إذ قامت قوات أُشير إليها بأنها تتبع للدعم السريع في يونيو2023 بالقبض على والي ولاية غرب دارفور السيد خميس عبد الله أبكر، والمنتم إثنيا لقبيلة المساليت، وهي من القبائل ذات الأصول الافريقية في دارفور، ثم بعد ذلك ظهرت المقاطع المصورة التي تظهر التمثيل بجثته وسط تصفيق وهتافات النساء والأطفال. وبعد مقتله دعت الأمم المتحدة إلى محاسبة قتلة والي غرب دارفور وقالت إن قوات الدعم السريع التي كانت تحتجزه كانت مسؤولة عن سلامته، وقال المتحدث باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان جيريمي لورنس للصحافيين في جنيف "يجب محاسبة جميع المسؤولين عن عملية القتل هذه، بمن فيهم أولئك الذين يتولون مسؤولية القيادة"، وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إنها اطلعت على مقتطفات مصورة سجلها أفراد من قبيلة عربية يتباهون ب “الانتصارات" والقتل وطرد أفراد من مجموعات أخرى. كان ذلك بالطبع واحدا من الشواهد التي اعتمدت في فرض العقوبات على نائب قائد قوات الدعم السريع -وشقيقه في ذات الوقت- عبد الرحيم دقلو، وعلى قائد قوات الدعم السريع في ولاية غرب دارفور، عبد الرحمن جمعة، الذي اتهم بأنه كان مسئولا عن اعتقال الوالي الممثل بجثته. المفارقة الجديرة بالملاحظة أن السيد خميس أبكر كان قد صرح في يوليو من العام 2021 بأن حميدتي أمل السودان، وأنه لولا جهوده لما تحقق السلام! لطالما اعتبر المتحاربون في دارفور من العرب والزرقة الحكومات المركزية في الشمال عدوا مشتركا يمكنهم التحالف ضده مرحليا على الأقل.
يحفل التقرير بالعديد من التفاصيل عن المصالحات التي تمت بين القبائل وتوصياتها وعن نقضها، وعن جهود الإدارات الأهلية في الوصول لحل مستديم لهذه النزاعات، وكذلك ترد في التقرير العديد من الإشارات إلى سلوك الحكومة الانتهازي في التعامل مع المليشيات القبلية، وكذلك تأثير صراع الإسلاميين على السلطة بجناحيهما المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي، وكذلك عن تداخل الواقع التشادي في الحروب الدارفورية وتأثيره عليها، وغير ذلك من التفاصيل والإشارات المهمة التي يمكن الرجوع إليها في التقرير. وتورد الكاتبة في العديد من الصفحات ملاحظتها بأن بعض مطالب العرب كانت في توفير حياة مستقرة وتوفير الخدمات المدنية من العلاج والتعليم وغير ذلك، ولكن المثير للدهشة أنه عند كل حرب تندلع بما فيها حرب الخرطوم الأخيرة لا يجد المراقب فرقا في المواقف، وأحيانا في الأفعال، بين المتعلمين وغير المتعلمين من أفراد هذه المجموعات، في تثبيت ربما لمقولة أن العرق أقوى من الأيديولوجيا لدى هذه المكونات.

wmelamin@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع حرب الخرطوم التقریر أن الکاتبة أن فی التقریر فی دارفور من تشاد غیر ذلک

إقرأ أيضاً:

هل نُزع فتيل الحرب بين إيران والاحتلال الإسرائيلي بعد الهجمات الأخيرة؟

لا تزال التوترات مترفعة بين إيران والاحتلال الإسرائيلي على خلفية التصعيد العسكري المتبادل بين الجانبين خلال الشهر الماضي، لكن الأمر لم تصل الأمور إلى مواجهة شاملة، إذ تتجنب الدولتان الانخراط في حرب تقليدية خشية التداعيات الإقليمية والدولية الخطيرة.

ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أشارت فيه إلى أن ما يقرب من شهر قد مر منذ أرسلت إسرائيل أكثر من 100 طائرة مقاتلة ومسيّرة لضرب القواعد العسكرية الإيرانية، وما زال العالم ينتظر ليرى كيف سترد إيران.

وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه توقف محمل بالأحداث في الصراع الخطير هذا العام بين القوتين في الشرق الأوسط.

وأشارت إلى أن الهجوم المضاد الإسرائيلي جاء بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من إطلاق إيران لأكثر من 180 صاروخا باليستيا - تم إسقاط معظمها - في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر للانتقام لمقتل اثنين من كبار قادة حزب الله وحماس.


وجاءت أول موجة من الضربات في نيسان/ أبريل، عندما قررت إيران الانتقام من هجوم على أحد مجمعاتها الدبلوماسية بقصف إسرائيل مباشرة بما لا يقل عن 300 صاروخ ومسيّرة. وحتى ذلك الحين، انتظرت إسرائيل أياما، وليس ساعات، للرد.

قبل فترة ليست طويلة، ربما توقع المحللون أن أي ضربة مباشرة من جانب إيران على إسرائيل، أو من جانب إسرائيل على إيران، من شأنها أن تؤدي إلى اندلاع حريق فوري. لكن الأمر لم يحدث بهذه الطريقة.

ويرجع هذا جزئيا إلى الدبلوماسية المحمومة وراء الكواليس من قبل الحلفاء بما في ذلك الولايات المتحدة والسعودية وقطر والإمارات. لكن الضربات المحدودة المدروسة تعكس أيضا حقيقة مفادها أن البديل - حرب "الصدمة والرعب" بين إسرائيل وإيران - يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة ليس فقط على المنطقة ولكن أيضا على جزء كبير من العالم، وفقا للتقرير.

ونقلت الصحيفة عن جوليان بارنز ديسي، مدير الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قوله "يبدو أن طبيعة الهجمات تتحدث عن اعتراف مشترك بالخطر الحاد المتمثل في اندلاع حرب إقليمية أعمق لا يزال الجانبان يرغبان في تجنبها على الأرجح".

وأشار إلى أن هذا لا يعني عدم وجود مخاطر على النهج الحالي. وقال: "إنه مسار محفوف بالمخاطر وغير مستدام على الأرجح وقد يخرج عن السيطرة بسرعة. وهناك أيضا احتمال أن تكون إسرائيل أكثر تعمدا في التدرج على سلم التصعيد بنية القيام بشيء أوسع وأكثر حسما في نهاية المطاف".

في رسالة فيديو الأسبوع الماضي، بدا رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكأنه يحذر من أنه قد يزيد من حدة الصراع إذا ما ضربت طهران مرة أخرى. وقال نتنياهو: "كل يوم تزداد إسرائيل قوة. ولم ير العالم سوى جزء ضئيل من قوتنا".

وذكرت الصحيفة أن الضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل لا تشبه كثيرا الحرب المعروفة باسم الصدمة والرعب ــ استخدام القوة النارية الساحقة والتكنولوجيا المتفوقة والسرعة لتدمير القدرات المادية للعدو وإرادته للمقاومة ــ والتي تم تقديمها لأول مرة كمفهوم في عام 1996 من قبل خبيرين عسكريين أميركيين.

ربما كان أبرز مظاهرها هو وابل الغارات الجوية التي بدأت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003، والتي أعقبتها قوات برية أرسلت صدام حسين إلى الاختباء. ولكن تكتيكاتها الأساسية استُخدمت في وقت سابق، في حرب الخليج عام 1991، وكذلك في الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001.

سيكون من الصعب تنفيذ حرب الصدمة والرعب في هذا الصراع الحالي في الشرق الأوسط، حيث من المرجح أن يتطلب إطلاق القوات البرية المزيد من الأصول البرية والجوية والبحرية أكثر مما قد ترغب إسرائيل أو إيران في نشره عبر مئات الأميال التي تفصل بينهما، حسب التقرير.

ولفتت الصحيفة إلى أن هناك أيضا نقاش مستمر في الدوائر العسكرية حول ما إذا كان هجوم الصدمة والرعب لا يزال قابلا للتطبيق. زعم رئيس هيئة الأركان المشتركة المتقاعد، الجنرال مارك ميلي، وإريك شميت، الرئيس التنفيذي السابق لشركة غوغل، في تحليل في آب/ أغسطس لمجلة "فورين أفيرز"، أن الأسلحة المستقلة والذكاء الاصطناعي يحولان الحرب. وكتبا: "لقد انتهى عصر حملات الصدمة والرعب - حيث يمكن لواشنطن أن تدمر خصومها بقوة نيران ساحقة".

ورد محللان في مركز الدراسات الاستراتيجية للبحرية الملكية البريطانية، الشهر الماضي، بأن حرب الصدمة والرعب تتطور، ولم تنته، وأشارا إلى الهجمات التي شنتها إسرائيل باستخدام أجهزة النداء واللاسلكي ضد حزب الله في لبنان. فقد قُتل العشرات وجُرح الآلاف، لكن الخوف الذي أحدثته الهجمات كان بمثابة ضربة نفسية للجماعة المسلحة. وبعد أسبوعين، قتلت الغارات الجوية الإسرائيلية حسن نصر الله، زعيم حزب الله منذ فترة طويلة.

وكتبا: "بعيدا عن كونها شيئا من الماضي، يجب أن تكون الصدمة والرعب جزءا لا يتجزأ من نهجنا للحرب متعددة المجالات".

لعقود من الزمان، كانت إيران وإسرائيل منخرطتين في حرب خفية، حيث نفذت إسرائيل هجمات سرية واعتمدت إيران على الميليشيات بالوكالة في العراق ولبنان وسوريا واليمن كقوات خط المواجهة.


وفقا للتقرير، فقد تغير كل ذلك في الأول من نيسان/ أبريل. في حين تم اعتراض جميع الصواريخ والمسيّرات التي وجهتها إيران إلى إسرائيل تقريبا، كانت الضربات الجوية هي المرة الأولى التي هاجمت فيها طهران إسرائيل مباشرة من الأراضي الإيرانية.

وذكرت الصحيفة أن ذلكا وضع المسؤولين في جميع أنحاء العالم في حالة تأهب لحرب إقليمية أوسع. بعد ساعات من الضربات، قال الجنرال حسين سلامي، القائد العام لحرس الثورة الإسلامية الإيراني، إن إيران قررت إنشاء "معادلة جديدة" في صراعها المستمر منذ سنوات مع إسرائيل.

ولكن حتى الآن، تم تنفيذ الصراع فقط بضربات صاروخية دقيقة للغاية، استهدفت بشكل أساسي القواعد العسكرية في بلد الطرف الآخر.

وقال فرزان ثابت، المحلل السياسي المتخصص في شؤون إيران والشرق الأوسط في معهد جنيف للدراسات العليا في سويسرا، إن وابل الهجمات الصاروخية المحدود بدا وكأنه يشير إلى نوع جديد من الحرب.

وقال ثابت: "إن الضربات الدقيقة ليست جديدة، ولكن استخدامها على هذا النطاق كقطعة مركزية [في الصراع] أمر جديد".

ومع ذلك، قال: "ربما لم نر أسوأ ما في الأمر"، مشيرا إلى أن طهران أشارت مؤخرا إلى استعدادها لضرب مصادر الطاقة الرئيسية في إسرائيل - بما في ذلك حقول الغاز ومحطات الطاقة ومحطات استيراد النفط - إذا تم ضرب البنية التحتية المدنية الإيرانية. وقال ثابت: "سيكون هذا عنصرا جديدا".

وقال هو ومحللون آخرون إن الضربات الجوية حتى الآن، جنبا إلى جنب مع التحذيرات العامة التي سبقتها، كانت جزءا من حملة ردع من قبل الدولتين لمحاولة منع الصراع من الخروج عن السيطرة، حسب التقرير.

ونقلت الصحيفة أساف أوريون، العميد الإسرائيلي المتقاعد واستراتيجي الدفاع في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، قوله إن "الأمر أشبه بـ 'أنا أصفع، وبالتالي تحصل على صفعة، حتى تفهم، وبالتالي يمكنك الآن أن تقرر ما إذا كنت تريد التراجع أو التصعيد'". وأضاف: "الحقيقة هي أن كلا الطرفين يأخذان وقتهما في الحساب والتعاون وتشكيل عملياتهما".

وفي حين لم تستخدم إسرائيل الصدمة والرعب التقليديين ضد إيران، إلا أنها كانت أقل تحفظا في هجماتها على وكلاء إيران، حزب الله وحماس، كما أظهرت هجمات أجهزة النداء. 

لكن إيران نجت من حجم الموت والكوارث الإنسانية التي فرضتها إسرائيل على وكلائها. حتى أنها سعت إلى تصوير هجماتها الصاروخية ضد إسرائيل على أنها نجاح باهر.

وقال ثابت إن طهران بدت مهتمة بإظهار عدد الضربات "المذهلة" التي شنتها ضد إسرائيل لجمهورها بقدر ما تهتم بعدد الضربات التي أصابت أهدافها.


وأضاف "تحاول إيران أن تكون لها الكلمة الأخيرة، بشكل ما. إنها تريد أن تظهر الرد، وتظهر لجمهورها المحلي والإقليمي أنها فعلت شيئا، لكنها لا تريد تصعيد الصراع".

لكنه أضاف: "لست متأكدا من أن هذا سينجح".

أشارت الصحيفة إلى أن الهجمات الإسرائيلية المنهكة على حزب الله وحماس، والتي اعتمدت عليها إيران منذ فترة طويلة لما تسميه الدفاع الأمامي، تشكل ضربة لطهران. ولكن إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب، الحليف القوي لنتنياهو، يغير المعادلة مرة أخرى.

فقد التقى أحد مستشاري ترامب المقربين، الملياردير إيلون ماسك، الأسبوع الماضي بسفير إيران لدى الأمم المتحدة في ما وصف بأنه محاولة افتتاحية لنزع فتيل التوترات بين طهران والرئيس الأمريكي القادم.

ولكن من المتوقع على نطاق واسع أن يجعل ترامب السياسة الخارجية الأمريكية أكثر ملاءمة لإسرائيل، وأن يحشد حكومته بالصقور تجاه إيران. وقد يؤدي هذا إلى نقل الحرب بين إيران وإسرائيل إلى أرض جديدة، وفقا للتقرير.

مقالات مشابهة

  • السودان.. (القوة المشتركة) تحبط عملية تهريب أسلحة وعتاد لـ(الدعم السريع) من تشاد
  • الأولوية القصوى هي لقضية إيقاف الحرب (15 – 15)
  • ما الدول التي يواجه فيها نتنياهو وغالانت خطر الاعتقال وما تبعات القرار الأخرى؟
  • طائر “المينة” الخطير يظهر في الجزائر – صورة
  • متحف الطباعة في طهران يوثق تاريخ الآلة الكاتبة
  • هل نُزع فتيل الحرب بين إيران والاحتلال الإسرائيلي بعد الهجمات الأخيرة؟
  • افتعال تعارض بين العمل في الداخل والعمل في الخارج (14 – 15)
  • خبراء: كلمة الأمين العام لحزب الله رسمت خارطة المعركة والمفاوضات
  • راغب علامة ونجله يلتقيان محمد صلاح في دبي – صورة
  • الوليد بن طلال يوضح سر تصميم ثوبه الوطني بدون جيب .. فيديو