رأس الشجر .. تنوع أحيائي وتمازج تضاريسي
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
تعد محمية رأس الشجر الطبيعية الواقعة في ولاية قريات والتي تشرف على إدارتها هيئة البيئة من المحميات الطبيعية ذات المناظر الساحرة والتي تبعد عن مركز العاصمة مسقط بحوالي 150 كيلومترًا وتبلغ مساحتها 93.7 كيلومترًا مربعًا تقريبًا وتحتضن بين جنباتها بعض القرى ذات الطبيعة الخلابة ومن أهمها عمق الرباخ، ومنقص، ومسجولة.
وقالت منيرة بنت سالم البلوشية، أخصائية نظم بيئية بهيئة البيئة: تطل حدود محمية رأس الشجر الطبيعية على شواطئ خلابة تتباين بين شواطئ صخرية صلبة وشواطئ رملية ناعمة وأخرى حصوية، حيث تعدّ من المقومات السياحية المهمة، يليها سهل منبسط يقع فيه مركز المحمية، ولقد اختير بعناية ليكون مركز قيادة لمراقبي النظم البيئية بالمحمية، وتنتشر بجواره العديد من النباتات البرية والشجيرات المختلفة، وتعد كثافة نباتات السمر في هذا الجزء من المحمية من أهم أسباب تسميتها بهذا الاسم، كما تنتشر قطعان من الغزال العربي وغيرها من الثدييات الصغيرة، وتتميز المحمية بوجود أودية وشعاب مائية عديدة أهمها وادي منقص الذي يمتاز بكثرة تردد حيوان الوعل العربي عليه، كما تشتهر أيضًا بوجود العديد من العيون أشهرها عين الغيل، والكهوف مثل كهف محافر إضافة إلى الكهوف المجاورة للمحمية ككهف الطهر وكهف مجلس الجن.
وأشارت إلى أن موقع المحمية يعدّ جزءًا من سلسلة جبال الحجر الشرقي الممتدة حتى رأس الحد مما يكسبها خصائص هذا النظام البيئي، حيث إن غالبية الجزء الجنوبي منها يتكون من جبال شديدة الانحدار تتخللها أودية عميقة ذات مسارات ملتوية شديدة الوعورة، مما يجعلها صعبة الوصول إلا من الحيوانات البرية التي تبحث عن الغذاء وموارد المياه، كما أن تلك الصدوع الصخرية الوعرة توفر حماية طبيعية للحيوانات البرية الموجودة في بطونها، وتتكون الجبال في المحمية من الصخور الجيرية و الرسوبية، التي تتأثر بفعل عوامل التعرية فتنحتها لتكون أسطح غير منتظمة تتخللها الأودية العميقة والتي تشكلت بسبب المياه المتدفقة السريعة الناتجة عن الأمطار والسيول الجارفة، وتتسم الصخور الجيرية المكونة لجبال المحمية بالنفاذية فهي تعمل على توفير المياه التي تحتاجها النباتات لنموها في المناخ الجبلي القاسي كما تتدفق مياه الأمطار خلالها على شكل ينابيع مائية فتكون مصدر مياه للحيوانات البرية.
التنوع الأحيائي
وأوضحت أن التمازج التضاريسي في محمية رأس الشجر الطبيعية جعل من المحمية موئلًا للعديد من الكائنات الحية على اختلاف فصائلها، وتعد الحيوانات البرية والنباتات المكون الحيوي الأبرز في المحميات الطبيعية حيث تشكلان معًا طرفي السلاسل الغذائية التي تبني نظامًا بيئيًا متكاملًا، وتمثل الثدييات من الفقاريات أبرز الحيوانات البرية التي تعيش على اليابسة لذلك فهي تحظى بالأهمية والأولوية في برامج الصون في المشروعات البيئية المختلفة من خلال إكثارها أو إعادة توطينها، وتضم المحمية مجموعة من الثدييات كالوعل "الطهر" العربي، والغزال العربي، والثعلب الأحمر، وثعلب بلانفورد، وبحسب الدراسات والمسوحات الميدانية التي أجراها المختصون بهيئة البيئة رُصد 10 أنواع من الثدييات البرية، وتشكل الكهوف الجيرية في محمية رأس الشجر الطبيعية موطنًا للعديد من أنواع الكائنات الحية التي تكيفت على العيش في الأماكن المظلمة، ويعد كهف الكوخ وكهف محافر من الكهوف التي توجد بها أعداد كبيرة من الخفافيش.
وقالت نوال بنت خلفان الشرجية، أخصائية نظم بيئية بهيئة البيئة: تتميز المحمية بطبيعة متنوعة مما جعلها مأوى للعديد من أنواع الطيور، وقد رصدت هيئة البيئة ما يتجاوز "72" نوعًا من الطيور في المحمية، ومن بينها "الرخمة المصرية" التي اتخذت من سلطنة عمان موطنًا لها وهي من الطيور المهددة بالانقراض، وتوجد أعداد هائلة من الطيور في الأراضي الخضراء وعلى الأشجار في المحمية كالعوسق الذي يتغذى على الطيور والثدييات الصغيرة والحشرات والزواحف، والعقاب النساري، والفلامنجو، والنسر الأذون، وبومة الأشجار المخططة، بالإضافة إلى طيور أخرى صغيرة الحجم مثل البلبل والوروار الشرقي الصغير والوروار الأوروبي، كما ينتشر اليمام الضاحك في المحمية، إضافة إلى رصد بعض أنواع الطيور في الحقول العشبية ومناطق الحشائش في المحمية ومن أهمها طيور اللقلق الأبيض، كما تعد المحمية من المواقع التي يمكن فيها مشاهدة بعض أنواع الزواحف المتوطنة والتي تجذب إليها أنظار الباحثين في مجال الزواحف، ولا يقتصر التنوع بالمحمية على نوع معين من الزواحف، ولكن تجد العديد من هذه الأنواع منتشرة في المحمية على اختلاف فصائلها، ومن بينها حية الوادي السريعة، وأفعى السجاد العمانية، والأفعى الفارسية ذات القرنين، وسحلية جايكار، وأبو بريص الصخور القزمة وغيرها.
وأضافت: تضم محمية رأس الشجر الطبيعية تنوعًا هائلًا من أنواع الحشرات على اختلاف أنماط معيشتها، فبيئة المحمية ذات طابع تضاريسي متباين يسهم في وجود أنواع مختلفة من الحشرات، كاليعسوب، والخنافس، والدبابير، والجراد، والفراشات، والعقارب كالعقرب العربي، وعقرب جايكار الصفراء، والعناكب ومنها السامة وغير السامة.
وأشارت إلى أن موقع محمية رأس الشجر الطبيعية ضمن سلسلة جبال الحجر الشرقي وتدرج الارتفاعات عن سطح البحر وتنوع البيئات بها جعلها تتميز بوفرة النباتات البرية، كشجرة السمر وهي من أكثر الأشجار انتشارًا في سلطنة عمان، وشجر السدر التي تتميز بفوائدها الطبية، والعشرق، والسيداف، إضافة إلى الغاف وهي واحدة من أكبر الأشجار البرية حجمًا في سلطنة عمان، والشوع، والسعتر، والجعدة.. مشيرة إلى أن التجمعات السكانية للمجتمع المحلي في محمية رأس الشجر الطبيعية تتوزع في عدة قرى تتميز بتفردها وتباين مناظرها الطبيعية، وبين هذا سعى الإنسان في تلك القرى إلى تكييف نفسه مع بيئته ويتّحد مع عناصرها، وتوجد تجمعات للسكان ضمن المناطق الجبلية من المحمية، وتبعد هذه القرى 12 كيلومترًا عن البحر، وتمتد حدود المحمية لتشمل قرى عمق الرباخ ومسجولة ومنقص، متباعدة عن بعضها البعض، وتحيط الجبال بقرية عمق الرباخ من جميع الاتجاهات وتتميز بطبيعة خلابة نظرًا لوفرة المياه وشهرتها بزراعة أشجار النخيل والمانجو والليمون وتربية المواشي، وتعدّ ممرًا سياحيًا لكهف مجلس الجن، فيما تقع قرية مسجولة بين قريتي بمه وعمق الرباخ وتتميز بطبيعتها الجبلية التي تتخللها بعض السهول، ويعمل أغلبية سكانها بمهنة رعي الأغنام، ويحدها من الشرق وادي منقص، ومن جهة الغرب وادي بمة، وكما هو معروف فهذان الواديان تكثر فيهما مشاهدة الوعل "الطهر" العربي والطيور، بينما الزائر لمنقص يحيره منظر الصخور البيضاء الضخمة والتكوينات الصخرية البديعة على جانبي الوادي، وبين تجاويفه تنتشر العيون والتجمعات المائية.
مشرفو المحمية
وقالت نوال الشرجية: إن مشرفي النظم البيئية ومن في حكمهم يمثلون خط الدفاع الأول لحماية الحياة الفطرية في سلطنة عمان. وبناءً على امتلاكهم صفة الضبطية القضائية، فتتعدد مهامهم بين حماية مداخل ومخارج المحميات ومناطق الحماية وذات الأهمية للحياة البرية، كما يقومون بتحرير المخالفات والإبلاغ عن أي تجاوزات قد تحدث والتعاون مع الجهات الأمنية في الدولة لاتخاذ الإجراءات المناسبة لكل مخالفة، بالإضافة إلى المشاركة في المشروعات والدراسات البحثية كونهم مطلعين على طبيعة المناطق والحياة الفطرية في تلك المناطق، ويستقبل مشرفو النظم البيئية الزوار ويرافقونهم خلال جولتهم بالمحمية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی المحمیة سلطنة عمان
إقرأ أيضاً:
توسيع العملية البرية مغامرة لصالح حزب الله
يعمل العدوّ الإسرائيلي في هذه المرحلة على تحضير الأرضية الميدانية من أجل زيادة التصعيد العسكري عند الحدود الجنوبية للبنان، وذلك في إطار استكمال المعركة التي بدأها ضدّ "حزب الله" خصوصاً أن ثمة قناعة لدى قوات الاحتلال الاسرائيلية بأنّ كلّ المسار العسكري في المرحلة الفائتة ورغم أهميته لا يؤدّي إلى هزيمة "الحزب".
توقن اسرائيل أن هزيمة "حزب الله" باتت صعبة جداً، وأنّ كلّ المعركة التي اعتبرتها لصالحها حتى اللحظة هي في الواقع تشكّل انتصارًا تكتيكياً، غير أنها بالمعنى العسكري والاستراتيجي لم تحقّق فعلياً أي إنجاز خصوصاً على مستوى العملية البريّة، وهذا ما يبقي المستوطنات في خطر وعودة المستوطنين الى الشمال معلّقة من دون أي إمكانية مُتاحة لحلّها.
عدم حلّ مسألة عودة المستوطنين الذين نزحوا بفعل الحرب الدائرة نحو وسط فلسطين المحتلة سيفتح الباب واسعًا أمام إمكان إسقاط حكومة الاحتلال ورئيسها بنيامين نتنياهو، لأنّ أحد أهم أهدافه المُعلنة هو اعادة المستوطنين آمنين إلى الشمال، لذلك فقد برز التصعيد العسكري مجدداً سيّما أنه لا يمكن الحديث عن أي إنجاز من دون سيطرة عسكرية ميدانية على الأرض، وهذا بحدّ ذاته يعني أن الجيش الاسرائيلي يجب أن يُقدم على عملية برية واسعة وتحقيق انتشار واحتلال وسيطرة على بعض القرى والأراضي الجنوبية وطرد "حزب الله" منها.
وترى مصادر عسكرية مطّلعة أن العملية البرية يجب أن تكون لعدّة كيلومترات إن لم يكن الجيش الاسرائيلي غير قادرٍ على الوصول الى نهر الليطاني، فعدّة كيلومترات من السيطرة، في حال حصلت، ستشكّل حماية للمستوطنات أقلّه من الصواريخ الموجّهة.
لكن هل تستطيع اسرائيل المغامرة والدخول في هذه المعركة رغم كل التحدّيات التي تتوقع أن تواجهها، أم أن توسيع العملية البرية سيشكّل مستنقعاً لا خروج منه ما من شأنه أن يعطي "حزب الله" ورقة قوة تجعله متمكّناً في لحظة التفاوض. المصدر: خاص "لبنان 24"