إحياء التعاونيات ضرورة لضبط الأنشطة الاقتصادية
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
خبراءيوصون بالاستفادة من التجارب الدولية لتشغيل 40 مليارجنيه معطلة فى14 ألفجمعية
يبدو قطاع التعاونيات فى مصر اسمًا بلا مسمى. تتسع الجمعيات المنضمة تحت هذا المصطله لتشمل نحو 14 ألف جمعية، ويصل إجمالى عدد أعضائها لأكثر من عشرة ملايين شخص، تفوق مساهماتهم المالية الـ40 مليار جنيه. ورغم ذلك فلا قيمة مضافة حقيقية لهذه التعاونيات، ولا فعالية اقتصادية لها فى أى مجال زراعى أو صناعى أو حرفى، وهو ما لفت أنظار خبراء ومتخصصين كثير، فسعوا إلى استقراء مشكلات التعاونيات وقيود عملها وفرص نموها فى السوق المصرى.
المركز المصرى للدراسات الاقتصادية بالقاهرة، وهو تقريبا أحد المراكز القليلة المستقلة التى تعمل بجدية واستقلالية لبحث قضايا التنمية ووضع تصورات وتوصيات لها عقد قبل أيام جلسة نقاشية لبحث فرص إحياء التعاونيات فى مصر.
وقالت الدكتورة عبلة عبداللطيف، المدير التنفيذى للمركز أن قطاع التعاونيات رغم أهميته الكبيرة ونجاحه كمنوذج اقتصادى فى العديد من التجارب الدولية، إلا أنه غير فعال بالقدر الكافى فى مصر ويعانى العديد من المشكلات ويحتاج إلى التطوير، خاصة أن المرحلة الحالية والمستقبلية تتطلب وجود قطاع تعاونى قوى، مشيرة إلى وجود بدايات لجهود واضحة من الدولة لتطوير قطاع التعاونيات.
ويمكن تعريف التعاونيات بأنها جمعيات مستقلة من أشخاص يتحدون طوعا لتلبية احتياجاتهم وتطلعاتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشتركة من خلال مشروع مملوك لهم جماعيا وتتم إدارته بطريقة ديمقراطية، وتسهم هذه التعاونيات فى دعم التنمية وخلق فرص العمل، وتعظيم المنافع المشتركة خاصة المرتبطة بصغار المنتجين والمستهلكين، وتسهل ضم القطاع الرسمى إلى القطاع المنظم، كما تساعد على المواجهة الجماعية للأزمات.
وأكدت الدكتورة عبلة عبداللطيف أن فلسفة التطوير الصحيحة للتعاونيات يجب أن ترتكز على الرجوع لأصل مفهوم التعاونيات بغض النظر عن الشكل الموجود حاليا، والاستفادة من تجارب الدول الرائدة فى العمل التعاونى وعلى رأسها تجربة هولندا، وأن يتم هذا قبل وضع أى تصور تطويرى للقطاع وقبل تنفيذ أى جزء منه.
واقترح المركز المصرى للدراسات الاقتصادية عددا من المقترحات لتحسين مسار الجهود الحالية وفقا للفلسفة المقترحة، وتتضمن تحديد الفجوة بين التعاونيات فى مصر وأفضل الممارسات العالمية فى نفس المجال، وتأجيل أى تعديل فى الهيكل المؤسسى حتى يكتمل تحديد الفجوة بين مصر والعالم لأن الرؤية الحالية تحاول التحسين من خلال نفس المنظومة ومن نفس الجهات، مع عدم التوسع فى أى نشاطات إضافية قبل الوصول إلى الشكل التشريعى والمؤسسى الذى يتوفر فيه المبادئ السليمة لنموذج التعاونيات.
وأوضح يوست جيجر مستشار الشئون الاقتصادية بسفارة هولندا بالهند عبر زووم والذى عمل فى مصر سابقًا، أن الجمعيات التعاونية جزء لا يتجزأ من المجتمع الهولندى وانتشر كثيرًا فى الستينات وتطور ليصبح شركات متعددة الجنسيات وهى مثل الشركات الخاصة ولكنها كيان قانونى تتم محاسبته وفق القانون، وهو النظام الأكثر عملية.
وأشار جيجر إلى أن دور الحكومة يجب أن يقتصر فقط على وضع القانون والنظام العام ولا يتدخل فى عمل الجمعيات واتخاذ القرارات الخاصة بها، مشيرا إلى تجربة إنشاء تعاونيات خاصة بالمياه والرى لم يكن لها أى دور فعال أو إيجابى فى توزيع المياه نتيجة للتدخل الحكومى.
من جانبه قال الدكتور شريف سامى، رئيس هيئة الرقابة المالية سابقا، إن مصر كانت الأقدم فى المنطقة العربية والأفريقية فى إنشاء النظام التعاونى، حيث تأسست أول تعاونية فى مصر عام 1907، وظلت التعاونيات تنمو وتزدهر حتى عام 1952 عندما حدث تحول فى دور الدولة، وتتنوع أنشطة التعاونيات ما بين الزراعية والصيد والإسكان وأخيرا التعليم، وتوسعت فى مصر الجمعيات الزراعية ثم التعاونيات الاستهلاكية التى تحولت إلى شركات قطاع أعمال، موضحا أن التحول الاقتصادى والسياسى فى مصر جعل الجمعيات الحكومية تنظيمات حكومية موازية يستخدم كقنوات توزيع فيما يخص الزراعة والتموين، وأصابه الضمور والاضمحلال.
وأشار إلى تعدد القوانين المنظمة للتعاونيات والتى يوجد بها العديد من المواد المكررة، ولفت إلى أن وجود اتحاد مركزى عام لا يملك ولكن يتحكم فى الجمعيات النوعية ويحصل على جزء من الفوائض المالية لهذه الجمعيات يزيد من تسرب الأموال إلى جهات لا تضيف للمنظومة.
ورأت دراسة للجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار بمجلس الشيوخ قدمها النائب أكمل نجاتى عضو اللجنة ضرورة أن تتمتع التعاونيات بديمقراطية الإنشاء وضمان عدم التدخل الحكومى إلا فى حالة الدعم سواء المالى أو منح حوافز ضريبية، وأن تخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات فى السنة التى تتلقى فيها دعم حكومى.
واقترحت الدراسة إنشاء وحدة تضع القواعد العامة لمراجعة الحسابات كما يتم مع الشركات، وهذا ليس تدخلاً فى حرية التعاونيات ولكن لضمان التنظيم والرقابة، لافتا إلى وجود جدل كبير حول قواعد الترشح فى التعاونيات خاصة ما يتعلق بالمدد المفتوحة وهى غير منطقية وأدت إلى تقادم المنظومة ومقاومة الجمعيات للتغيير حيث إن هناك جمعيات يرأسها نفس الأشخاص منذ نحو 40 عامًا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صناعي مشكلات التعاونيات
إقرأ أيضاً: