شهد الدكتور أحمد الأنصاري، محافظ الفيوم، فعاليات الندوة التي نظمتها جمعية "عين البيئة" بالتعاون مع المحافظة، بقاعة ديوان عام محافظة الفيوم، تحت عنوان "المبادرة العربية للتعريف بسوق وشهادات الكربون"، للحد من التغيرات المناخية، وذلك في ضوء إعلان الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، عن إطلاق "أول سوق أفريقية طوعية لإصدار وتداول شهادات الكربون" على هامش فاعليات قمة المناخ "COP27" التى أقيمت بشرم الشيخ نهاية العام الماضي.

 


 كلية التمريض

جاء ذلك بحضور، الدكتور محمد عماد نائب المحافظ، والدكتورة فاطمة عبدالله وكيل كلية التمريض بجامعة الفيوم لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، مستشار وزيرة الثقافة لشئون البيئة بالجمعيات الأهلية، والأستاذ جبريل عبدالوهاب سيد، وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بالفيوم، والدكتور حسام شعبان، مدير عام الفرع الإقليمي لجهاز شئون البيئة، والدكتورة وفاء يسري، مدير مركز الخدمة العامة بجامعة الفيوم، المنسق العام لجمعية "عين البيئة"، والأستاذ أحمد معوض، رئيس مجلس إدارة الجمعية، والدكتورة منار حافظ،عضو فريق الجمعية للبصمة الكربونية وشهادات الكربون، والدكتورة أمنية القرعلي عضو الفريق بالجمعية، والدكتورة سمر سعيد معوض، رئيس وحدة التنمية المستدامة بديوان عام المحافظة، والدكتورة وسام سعيد يوسف، رئيس وحدة الاستثمار والتعاون الدولي، وعدد من مديري عموم الإدارات المعنية بالمحافظة، وممثلي الجمعيات الأهلية، ومنظمات المجتمع المدني، والمهتمين بشئون البيئة.

 

في مستهل كلمته، أعرب محافظ الفيوم، عن تقديره لإقامة فعاليات ندوة "المبادرة العربية للتعريف بسوق وشهادات الكربون" للحد من التغيرات المناخية، على أرض محافظة الفيوم، مؤكدًا أن تغيّر المناخ يُعد أحد أهم القضايا التي تحظى باهتمام مصر والعالم، بسبب التهديدات التي تفرضها تلك التغيرات على مستوى العالم أجمع، مشيرًا إلى أن العالم شهد الفترة الماضية العديد من التغيرات المناخية، التي تسببت في في الكثير من الأزمات، مما أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية.

وأضاف المحافظ، أن المجتمعات التي استطاعت التخلي عن استخدام الوسائل التقليدية في التعامل مع بيئتها المحيطة، بذلك جهودًا كبيرة حتى استطاعت الوصول إلى نتائج إيجابية لما عليه الآن، مشيرًا أن الدولة المصرية، في ظل رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، قد وضعت على كاهلها مسئولية الاهتمام بالبيئة، وليس أدل على ذلك من استضافة مصر لقمة المناخ "cop27"، التى أقيمت بشرم الشيخ خلال شهر نوفمبر من العام الماضي، بما يؤكد على أهمية أن نطور من أفكارنا وسلوكياتنا في التعامل مع البيئة، بشكل يضمن الحفاظ عليها وتجنب الآثار السلبية التى تضر بها.


 

المبادرة العربية للتعريف بسوق وشهادات الكربون

وثمّن محافظ الفيوم، الجهود التى تبذلها الدولة المصرية ممثلة في وزارة البيئة، وكذا منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية ومنها جمعية "عين البيئة"،في تنفيذ مبادرات تهتم بالبيئة، والوصول إلى جميع فئات المجتمع للتعريف بخطورة الإضرار بالبيئة، مشددًا على ضرورة تضافر جهود جميع الأجهزة التنفيذية بالمحافظة خاصة إدارة البيئة بالديوان العام، وفرع جهاز شئون البيئة، ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية، في التوعية بالآثار السلبية للتعامل الخاطئ مع البيئة، وتوصيل رسالة للمواطن بأهمية تدوير المخلفات والتخلص الآمن منها، مطالبًا بالتوسع في تنفيذ أهداف "المبادرة العربية للتعريف بسوق وشهادات الكربون"، في الأماكن ذات المؤشرات العالية بانبعاثات غاز الكربون، آملًا بأن تحقق الندوة أهدافها المرجوة.

 

ومن جانبه، قدم رئيس مجلس إدارة جمعية "عين البيئة"، الشكر لمحافظ الفيوم، لاستضافته الكريمة ورعايته لندوة "المبادرة العربية للتعريف بسوق وشهادات الكربون" للحد من التغيرات المناخية على أرض المحافظة، مشيرًا إلى أن التغيرات المناخية كان لها تأثيرها السلبى على مختلف دول العالم وخاصة الدول الغربية بسبب الثورة الصناعية، ولم تكن مصر بمعزل عن هذا الأمر، حيث شهدت خلال السنوات الماضية، ارتفاعًا ملحوظًا في درجات الحرارة، كان لها تأثير سلبى على المواطنين ومؤسسات الدولة والاقتصاد والزراعة، مضيفًا أن هذه المخاطر دفعت مصر والعالم إلى تبنى سياسات وأفكار جديدة، للحفاظ على البيئة ومواجهة تغيّر المناخ.

 

وأضاف، أن المبادرة حركت المياه الراكدة فيما يخص سوق وشهادات الكربون، في المنطقة العربية والجميع بات يتحرك في هذا الاتجاه، وأسهمت الندوات التوعوية في الارتفاع بمستوى الوعي البيئي في مختلف قطاعات المجتمع، وخصوصًا المجتمع التجاري والصناعي، ونستطيع أن نلمس ذلك بسهولة من خلال ارتفاع الطلب على شهادات الكربون وخفض الانبعاثات وغير ذلك الكثير، مما يعد مؤشرًا إيجابيًا يعطينا حافزًا لتنفيذ سوق مشترك للكربون على المستوى العربي، لافتًا إلى أن الفيوم أصدرت العديد من شهادات الكربون خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مما يؤكد على أنها أرضًا خصبة لتنفيذ أهداف المبادرة.

 

 التغيرات المناخية

وأوضح، رئيس مجلس إدارة جمعية "عين البيئة"، أن الجمعية نفذت المرحلة الأولى من "المبادرة العربية للتعريف بسوق وشهادات الكربون" للحد من التغيرات المناخية، بالتعاون مع الجمعيات الأهلية بعدد 14 دولة عربية من ضمنها مصر، وتم من خلالها استهداف عدد 167 ألف شخص للتعريف بمخاطر التغيرات المناخية، من خلال محاور المبادرة المختلفة التي شملت التوعية، والتدريب، وتنفيذ المشروعات الخضراء، وما نحن بصدده اليوم ضمن المرحلة الثانية للمبادرة والتى يتم استهداف فئات المجتمع المختلفة من خلالها "الأطفال، والشباب، والمرأة"، مشيرًا إلى أنه يتم العمل على قطاعات الطاقة، والزراعة والمياه والمخلفات، من خلال المبادرة.

 

وفي السياق نفسه، أوضح مدير عام الفرع الإقليمي لجهاز شئون البيئة بالفيوم، أن "المبادرة العربية للتعريف بسوق وشهادات الكربون، تأتي في ضوء إعلان الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء عن إطلاق " أول سوق أفريقي طوعي لإصدار وتداول شهادات الكربون" وذلك على هامش فاعليات قمة المناخ "cop27"، بشرم الشيخ، وتزامنًا مع إصداره للقرار رقم 4664 لسنة 2022، والخاص بإنشاء سوق طوعي لتداول "شهادات خفض الإنبعاثات الكربونية".

 

وأضاف، أن أسواق الكربون الطوعية للشركات، تساعد في استعادة جزء من انفاقها الاستثماري الموجه لخفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن ممارسة أنشطتها، وإعادة استثمار تلك الموارد في تحقيق أهداف الحياد الكربوني التي تسعى له معظم دول العالم، بالإضافة إلى أن السوق الجديد يأتي اتساقًا مع الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، والتى تتبناها وتنفذها الدولة المصرية، وتستهدف ضمن ركائزها البنية التحتية لتمويل المناخ، لافتًا إلى أن الدولة المصرية تسعى لتخضير الموازنة والانتقال للاقتصاد الأخضر، والوصول بحلول عام 2030، إلى أن تكون نسبة 100% من مشروعات الدولة خضراء.

 

 

 البصمة الكربونية وشهادات الكربون

فيما، أوضحت، عضو فريق جمعية "عين البيئة" للبصمة الكربونية وشهادات الكربون، من خلال محاضرتها التى ألقتها بفاعليات ندوة "المبادرة العربية للتعريف بسوق وشهادات الكربون" بالفيوم، التعريف بالبصمة الكربونية وشهادات الكربون، وتسعير الكربون، وقدمت شرحًا توضيحيًا، لأهداف المبادرة، والفئات المستهدفة، مشيرة إلى أن المبادرة قائمة على فكرة الاستعداد ورفع الوعي، فيما يخص الحصول على شهادات الكربون، التي ستعتبر كأوراق مالية قابلة للتداول بالبورصة، لافتةً إلى أن هذه الشهادات تصدر لصالح أي جهة تنفذ مشروع خفض غازات الاحتباس الحراري، بعد الحصول علي موافقة الجهات المعنية ذات الإختصاص.

 

وأكدت خلال محاضرتها، على ضرورة توعية جميع فئات المجتمع بالتعريف بسوق وشهادات الكربون، وآلية الاستثمار فيها، والعمل للحد من انبعاثات الكربون، والتعريف بمخاطر التغيرات المناخية، مما يساهم في تحقيق المزيد من الالتزام نحو العمل المناخي، بالإضافة لتوحيد الجهود لمواجهة الآثار السلبية للتغيرات المناخية، لإحداث تغيير على المستوى الوطني، للتكيف مع تحديات هذه القضية باستغلال كافة الفرص المتاحة.

 

 

 

 

 

 

محافظ الفيوم يتفقد مشروعات الصرف الصحي بقريتى أبو ديهوم والحجر بأطسا 76afa056-38dc-41e6-a679-3e266824af7c e0ffc6ed-664e-4771-aa11-254950c7bb9d

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الفيوم محافظ الفيوم للحد من التغيرات المناخية فاعليات ندوة المبادرة العربية شهادات الكربون للحد من التغیرات المناخیة الدولة المصریة شهادات الکربون محافظ الفیوم عین البیئة رئیس مجلس ا إلى أن من خلال مشیر ا

إقرأ أيضاً:

الدكتور أحمد ماهر أبو رحيل يكتب: "الديمقراطية العربية.. حصان طروادة"


إن الديمقراطية مفهوم سياسي يهدف إلى تمكين الأفراد من المشاركة في صنع القرار وتحديد مصيرهم من خلال آليات مثل الانتخابات والحريات المدنية والتعبير عن الرأى ووجود دور واضح ومؤثر لمنظمات المجتمع المدنى؛ هذا هو المفهوم الإيجابى للديمقراطية الغربية الذى هو صنيعة النظام الرأسمالى الليبرالى.
بينما "حصان طروادة" هو تعبير يُستخدم للإشارة إلى شيء يبدو غير ضار ولكنه يحمل في داخله وبين طياته نوايا خبيثة أو تهديدات، هذا المفهوم يعود إلى الأسطورة اليونانية التي تتحدث عن استخدام الإغريق لحصان خشبي كوسيلة لاختراق مدينة طروادة، وهنا تتشابه الديمقراطية فى الدول الشرق أوسطية وبخاصة  فى الدول العربية مع حصان طرواده؛ وهذا مايمكن أن نطلق عليه "المفهوم السلبى للديمقراطية" وبالتحديد عندما تكون المجتمعات غير مؤهلة لهذه الديمقراطية، ونحن هنا لسنا بصدد الحديث عن ما ومن المسئول عن عدم تأهيل مجتمعاتنا العربية لهذه الديمقراطية.    
وفي سياق النقاش حول ما إذا كانت الديمقراطية فى المجتمع العربى يمكن اعتبارها “حصان طروادة”أم لا  يجب النظر إلى عدة جوانب أهمها:
الديمقراطية مفهوم مركب: إن الديمقراطية  تعتبر مفهومًا مركبًا بل ومعقدًا حيث يتداخل فيه العديد من العوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، كما إنه لبناء ديمقراطيات حقيقية يجب أن تستند إلى مبادئ العدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان ولكن شريطة أن تتماشى مع طبيعة المجتمع الذى تطبق فيه بحيث تراعى فيه دينامية المجتمع وسيرورته ومكوناته وتتباعد فيه عن المحاصصة الفئوية أوالطائفية كما تعمل فيه على ترسيخ مبدأ الدولة الوطنية والقومية، كما يجب أن تكون هذه الديمقراطيات قادرة على معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية بشكل فعال، كما يجب  أن تعمل على توفير بيئة آمنة للمواطنين للمشاركة في الحياة السياسية بل وتصل بهم فى نهاية المطاف إلى المشاركة فى إدارة شئون الدولة، وأن من أهم شئ فى الديمقراطيات الحقيقيىة أن يكون الحاكم الحقيقى والمسيطر فى المجتمع هو القانون فقط، وأن يكون الشعب مؤهل لذلك.
الديمقراطية الغربية: بالنظر إلى بداية الديمقراطية والحديث عنها فى الغرب وبخاصة أوروبا فنجد أن الديمقراطية التى جرت فى أوروبا  كانت لدى اليونان في التاريخ القديم، وتواصلت بعد ذلك عند الرومان بصيغ متعددة، ثم أعيد إحياؤها في أوروبا في عصور النهضة والتنوير والصراع مع الملكيات والكنيسة التي استمرت قرونًا حتى وصلت الديمقراطية للعصر الحالي في أوروبا والغرب، بعدما أصبحت قيادة العالم فيهما على المستويات كافة، ثم بدأ التبشير بها والتشجيع عليها وبخاصة بعد إنهيار الإتحاد السوفيتى بأيديولوجيته الاشتراكية التى كانت تعمل على تطبيق الشيوعية حيث اعتبر الغرب أن مهمة نشر الديمقراطية الغربية  مهمةً دوليةً بل هي أشبه بالسيف المصلت على رقاب دول العالم كافة؛ كرافد مهم وأساسى من أساسيات وروافد العولمة التى أسس لها الغرب وذلك حتى يتمكن من الهيمنة الأيديولوجية والاقتصادية على العالم بآثره.
حيث أن الديمقراطية هي جزء من الخيال والإبداع الممنهج والمصطنع من الغرب تاريخيًا وسياسيًا وفنيًا وفكريًا، ولذلك تجدها في غالبية الإنتاج الإبداعي الغربي كجزء وثيق الصلة بكل شيء، فتجدها في الشعر والقصص والروايات والأفلام  وغيرها من أنواع الإبداع الأخرى، كما يعلمونها للأطفال في الصغر وتحميها المؤسسات في الكبر كما يصورون لنا، وعلى سبيل المثال لا الحصر تجد أعمالًا دراميًا محكمة تنتهي صراعاتها وتعقيداته المتشعبة، وتنفك عقدتها الكبرى وتتجلَّى حبكتها الدرامية على أن الديمقراطية هي الحل وهى البديل الأمثل والبديل لكل الشعوب على الكرة الأرضية حتى وصل الأمر بالقول بأن الديمقراطية الليبرالية هى نهاية التاريخ كما قال فوكوياما.
لذلك زرعت فى بقية شعوب العالم المطالبة بالديمقراطية بغض النظر عن طبيعة هذه الشعوب  ومكوناتها وفئاتها المختلفة، فالديمقراطية هى أداة بشرية بصناعة غربية تستخدمها حيثما تجد الحاجة إليها فتحولت الديمقراطية مع الهيمنة الغربية وإنتهاء ثنائية القطب بين الغرب والشرق إلى لاهوت مقدس يجب أن تقام شعائره فى جميع بلدان العالم وإن هذه الشعائر تقرها الدول الغربية بالطريقة التى تريدها  وفى الوقت التى تحدده وتحت إشرافها، فلقد استخدمتها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الحلفاء لاحتلال العراق واستخدمتها الجماعات المسلحة والحركات الانفصالية لفرض رأيها إيمانا منها بالدفاع عن الحرية والديمقراطية فى الحروب بالوكالة.
الديمقراطية العربية: إن الديمقراطية العربية  في عصرنا الحالى هي مالئة الدنيا وشاغلة الناس وملهمة المثقفين والمفكرين، وحلم المنظرين، وأداة الإنتهازيين، ولعبة السياسيين.
إلا إنه فى حقيقة الأمر أصبحت الديمقراطية العربية ليست طريقٌ للعدالة أو وسيلة لتحقيق المساواة أو أداة لنشر القيم النبيلة، بل أصبحت وعلى نطاقٍ واسع المجال هي أوضح الأمثلة بل وأجلها وضوحًا على ما يمكن تسميته بالمفهوم الإيجابى المسلح أي المفهوم الفكري النبيل الذى يستخدم السلاح المشروع ضد الخصوم أيًا كانوا هؤلاء الخصوم، سواء أكان ذلك في السياسة أم الاقتصاد أم فى الإدارة أم غيرهما فى كافة المجالات فى المجتمع، وقد يكون هذا السلاح هو التخوين أو التهويد أو التشريد أو التشهير أو الإفصاح أو الإفضاح أو التشويش أو التعتيم...إلخ، وقد يصل هذا السلاح إلى سلاح قتل حقيقى يستخدمه المتناحرون ضد بعضهم البعض.
وتختلف الديمقراطية العربية عن الديمقراطية الغربية  فى أن الديمقراطية الغربية بنيت على سلسلةٍ طويلة كما تقدم من تطور الفلسفة ومفاهيمها وتطور المجتمعات وصراعاتها في السياق الحضاري الغربي، ولهذا من السهولة الحديث عن عباراتٍ خالدةٍ لفلاسفة غربيين تحدثوا عنها كثيرًا وفصلوا في مفاهيمها وعلاقات هذه المفاهيم بعضها ببعض، وكذلك الحديث عن تطورها التاريخي بين اليونان مرورًا بالرومان، وصولًا للعصور الحديثة في النهضة والتنوير والعصر الحالي، وهو ما لا يوجد مثله لدى السياقات الحضارية الإنسانية الأخرى، بينما لا تزال إشكالية الديمقراطية فى الفكر العربى تتخللها إشكاليات متعددة ومعقدة  كإشكاليات التعريف وإشكاليات النموذج والتطبيق وإشكاليات التيارات الفكرية المتباعدة، بالإضافة إلى ثمة بنية سلطوية سكونية ترفض مفاهيم الحداثة والفرد والمجتمع المدنى بالإضافة إلى ولاءات قبلية وطائفية وعشائرية وعائلية تعيق بناء المواطنة وسيادة القانون.
الواقع الفعلى للديمقراطية الليبرالية:الديمقراطية أصبحت في عصرنا هذا طريقا لكسب الشهرة والجاه والصولجان على مستوى الأفراد والحكومات، واتخذتها بعض الأنظمة الشمولية فرصة لتمرير مخططاتها وتنفيذ مآربها، وما تسعى لتحقيقه من أهداف ونوايا على المدى القريب والبعيد، وتكون هي في مأمن من توجيه التهم والإتهامات إليها، وإثارة الشكوك والشبهات بشأن ممارساتها وتحركاتها، وفي الوقت نفسه تحظى بدعاية وسمعة طيبة في الأوساط المحلية والدولية، ولكن مهما طال الخداع والتضليل، فستنكشف أهدافها ونواياها آجلًا أو عاجلًا.
وهناك من الدول الكبرى التي تتشدق وتفتخر بأنها من دول الديمقراطيات العريقة، نراها سرعان ما تتنكر لتلك الديمقراطية وتتخلى عنها في أحلك الظروف، عندما تتعارض أو تتضارب مع مصالحها وأهدافها، وما قامت به أميركا والدول الأوروبية الأخرى بحجة محاربة الإرهاب في بلدانها، وما اقترفته من انتهاكات صارخة في أماكن متعددة من هذا العالم، وخصوصا في سجون غوانتنامو في كوبا، وأبوغريب في العراق، وفي سجونها السرية في بعض الدول الأوروبية وغير الأوروبية، وما جرى من جراء غزو أفغانستان والعراق من قبل أميركا من كوارث وويلات ودمار ومآس، وما ارتكبته وترتكبه من مجازر ومذابح بحق الأبرياء هناك، بالإضافة إلى دعم ومساندة الكيان الصهيوني، وما يرتكبه من أعمال وحشية وبربرية بحق الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني المظلوم، وأخيرًا وليس آخرا استخدامها للجماعات الإنفصالية فى سورية التى تنتمى إلى الاسلام السياسى ــــ والاسلام بعيد منهم كل البعد ــــ فى الوصول إلى الحكم وإسقاط نظام عائلة الأسد الذى له ماله وعليه ماعليه، وماتقدم هو أكبر دليل وخير برهان على التعدي على الديمقراطية وانتهاك حقوقها ومكتسباتها.
الديمقراطية العربية.. حصان طروادة  "شواهد وأدلة"
بحجة الديمقراطية تفككت مؤسسات الدولة العراقية بالكامل بعد تنفيذ خطة "اجتثاث البعث" التي تركت آلاف الكفاءات دون عمل وفتحت الباب أمام الفوضى بدلًا من بناء نظام ديمقراطي حقيقي، وقامت الولايات المتحدة بتطبيق نظام محاصصة طائفية، مما أدى إلى ترسيخ الانقسام بين السنة، والشيعة، والأكراد؛ غذت تلك الانقسامات الطائفية صراعات مسلحة مستمرة وأسفرت عن ظهور تنظيمات متطرفة كـ "داعش"، الذي استفاد من الفراغ الأمني والسياسي الذي خلفه الاحتلال الأمريكي، وفى ليبيا بعد سقوط نظام القذافى ترتب على ذلك فراغ أمني أدى إلى نشوء عشرات الميليشيات المسلحة ونشوب نزاعات مسلحة تهدد حياة المدنيين يوميًا، وفي اليمن تجسدت التناقضات بين الشعارات الغربية وممارساتها الفعلية التي أخذت بُعدًا آخر أكثر تعقيدًا ورغم الإدعاءات بالدعم الغربي لـ "التحول الديمقراطي"، لم تحظَ الأزمة اليمنية بالاهتمام الكافي من الدول الكبرى، خاصة في المرحلة الأولى من الصراع، ومع تصاعد الحرب منذ مارس عام 2015، واصلت الولايات المتحدة والدول الأوروبية تقديم الدعم العسكري واللوجستي لكل الأطراف، وفي السودان استُغلت أزمة دارفور لتقسيم البلاد، مما أدى إلى انفصال الجنوب دون تقديم دعم كافٍ لاستقراره، لتغرق المنطقة في صراعات وإنقسم السودان على نفسه، ثم صبحت سوريا مثالًا صارخًا على استغلال شعارات الحقوق والحريات في تحريك احتجاجات شعبية منذ عام 2011، ثم تحول الدعم الإقليمي والدولي للجماعات الإرهابية والفصائل المسلحة إلى أداة لتأجيج الصراع السياسي والعسكري، ورغم مزاعم دعم التحول الديمقراطي، كانت الخطوة الكبرى تمكين كيانات مثيرة للجدل من السلطة، والبدء في إعادة رسم المشهد العام في البلاد، وفق إملاءات تصدر من خارج الحدود
في الختام، يمكن القول إن الديمقراطية يجب أن تحافظ على مفهوم الدولة الوطنية كمايجب أن  تُمارَس بشكل صحيح وإلا  أن تؤدي إلى تدمير الشعوب بدلًا من تعزيزها؛ إذ يجب أن تكون هناك إرادة حقيقية للتغيير وإصلاح الأنظمة السياسية لتحقيق العدالة والاستقرار دون تدخل خارجى طامع. 
حفظ الله الأوطان.. حفظ الله مصر

مقالات مشابهة

  • أوقاف الفيوم.. انطلاق فعاليات اليوم الثالث من الأسبوع الثقافي
  • الدكتور أحمد ماهر أبو رحيل يكتب: "الديمقراطية العربية.. حصان طروادة"
  • انطلاق فعاليات اليوم الثاني من الأسبوع الثقافي بأوقاف الفيوم
  • تحويل السيارات للغاز الطبيعي| مبادرة حكومية تعود بقوة لتوفير الطاقة وتحسين البيئة في 2025
  • مركز النيل للإعلام بالسويس يعقد ندوة حول الشائعات وطرق مواجهتها
  • النيل للإعلام وتعليم الفيوم ينظمان ندوة حول "الاصطفاف الوطني في ظل التحديات الراهنة "
  • النيل للإعلام وتعليم الفيوم ينظم ندوة بعنوان " الاصطفاف الوطنى فى ظل التحديات الراهنة "
  • انطلاق فعاليات الدورة الثالثة لنموذج محاكاة سلطات المنافسة العربية
  • حصاد جامعة أسيوط في قطاع خدمة المجتمع خلال الفصل الدراسي الأول
  • الهيئة العربية للمسرح تكشف تفاصيل فعاليات الدورة الـ 15 من مهرجان المسرح العربي