لندن- "العلاقات بين البلدين قوية مثل الصخر"، هكذا صرّح الرئيس الأميركي جو بايدن خلال الزيارة القصيرة التي يقوم بها إلى المملكة المتحدة، والتي التقى فيها الملك تشارلز الثالث ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، قبل التوجه لقمة الناتو التي تنطلق غدا الثلاثاء.

وتأتي زيارة الرئيس الأميركي الخاطفة لبريطانيا لأكثر من سبب، أهمها الخلاف الواضح حول القرار الأميركي بتزويد أوكرانيا بالقنابل العنقودية في مواجهة القوات الروسية، وهي الخطوة التي أعلنت بريطانيا أنها لن تدعمها.

ورغم وصف الرئيس الأميركي لقرار إرسال القنابل العنقودية إلى أوكرانيا بـ"الصعب"، وصدور انتقادات ومخاوف واضحة من حلفاء واشنطن خصوصا إسبانيا وكندا ونيوزيلندا، فإن الموقف البريطاني كان أكثر ما أثار انتباه واشنطن، بالنظر لكون لندن هي ثاني داعم لأوكرانيا بالسلاح والأموال بعد الولايات المتحدة.

سوناك (يمين) أكد أن المملكة المتحدة لن تدعم إرسال قنابل عنقودية لأوكرانيا خصوصا أن بلاده وقعت على اتفاقية حظرها ومنع انتشارها (غيتي) معارضة علنية

تسود مقولة في الأدبيات السياسية البريطانية مفادها أن "سياسات لندن الخارجية ما هي إلا ظل للسياسات الأميركية"، وهي مقولة كرّستها الحرب في أوكرانيا حيث كانت وجهات النظر بين البلدين الحليفين متفقة حد التطابق، إلى أن أعلنت واشنطن عن قرارها إرسال القنابل العنقودية.

ورغم محاولة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، انتقاء عباراته بعناية وهو يتحدث عن القرار الأميركي، فإنه بدا واضحا الرفض البريطاني لهذا القرار.

وأكد سوناك أن بلاده لن تدعم إرسال مثل هذه القنابل خصوصا أنها وقعت على اتفاقية حظرها ومنع انتشارها، كما أنها تخلّصت من ترسانتها من هذه القنابل بشكل كامل سنة 2013.

وزادت حدة الانتقادات على لسان سياسيين بريطانيين من طرف حزب العمال المعارض، الذي أعلن على لسان وزيرة الداخلية في حكومة الظل راشيل ريفز، رفضه القرار الأميركي بإرسال القنابل العنقودية.

أما رئيس لجنة الدفاع في البرلمان البريطاني توبياس إلوود، فقد طالب صراحة الولايات المتحدة بالتراجع عن قرارها. وقال في تغريدة على حسابه الرسمي "إن هذه خطوة خاطئة فاستعمال هذه القنابل يترك العديد منها بدون تفجير في أرض المعركة وبعدها قد تنفجر لتقتل المدنيين والأبرياء".


عضوية أوكرانيا في الناتو

من بين نقاط الخلاف البريطانية الأميركية؛ موضوع عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وسبق لبريطانيا أن أعلنت على لسان وزير خارجيتها جيمس كلافرلي في مايو/أيار الماضي دعمها "الانضمام السريع لأوكرانيا للحلف خصوصا أن جيشها يستوفي جميع الشروط المطلوبة".

ورغم تأييد فرنسا المقترح البريطاني القاضي بضم سريع لأوكرانيا للاتحاد الأوروبي، فإن هذا لم يكن كافيا أمام المعارضة الأميركية لهذه الخطوة.

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أكثر من مرة استبعاده لهذه الخطوة معتبرا أن الوقت غير مناسب من أجل المضي قدما في تنفيذها. وتعتقد واشنطن أن هذه الخطوة ستزيد من حدة التوتر مع موسكو وستضعها في مواجهة مباشرة معها.

الولايات المتحدة تدعم ترشيح الأمين العام الحالي لقيادة الناتو في حين تريد بريطانيا ترشيح وزير دفاعها (رويترز) خلاف حول قيادة "الناتو"

من بين ملفات الخلاف الصامتة بين الولايات المتحدة وبريطانيا، هناك ملف الترشيحات لقيادة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ذلك أن الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ تم التمديد له لولاية جديدة لمدة سنة بعد حصوله على دعم أميركي قوي، وسيتم التنافس على المنصب خلال العام المقبل.

وتم وضع الكثير من الأسماء المرشحة لهذا المنصب المهم، إلا أن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، أعلن دعم ترشيح وزير الدفاع البريطاني بن والاس، الذي يحظى بشعبية واسعة في بريطانيا وارتبط اسمه بالدعم العسكري السخي المقدم لأوكرانيا.

ويريد سوناك مكافأة وزيره خلال العام المقبل، وهي السنة الأخيرة لحكومة المحافظين الحالية، لولا أن هذه الرغبة تصطدم بالإرادة الأميركية الراغبة في منح الثقة من جديد للأمين العام الحالي للحلف، رغم وجود محاولات أوروبية أيضا لدعم ترشيح رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، لكن القرار النهائي يبقى في يد الأميركيين.


اتفاق حول الإنفاق العسكري

سينطلق كل من الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، إلى قمة حلف الشمال الأطلسي "الناتو" في فيلنيوس بليتوانيا، وهما متفقان تماما على زيادة الضغط على أعضاء الحلف من أجل التسريع برفع إنفاقهم العسكري إلى ما فوق 2% من الناتج الداخلي الخام.

وأظهرت الأرقام الأولية أن العديد من الدول الأوروبية ما تزال عاجزة عن تحقيق هذا الهدف ومن بينها فرنسا وألمانيا وإسبانيا. في المقابل، تجاوزت بريطانيا هذا الرقم وهي تنفق أكثر من 2.1% من الناتج الداخلي الخام على ميزانية الدفاع.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: القنابل العنقودیة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

رائدة بالجيش الأميركي: إغلاق قواعدنا في النيجر انتكاسة إستراتيجية

قالت عضوة القوات الأميركية السابقة في النيجر الرائدة جاكي لي إن رحيل القواعد العسكرية التابعة للولايات المتحدة من منطقة أغاديز في شمال البلاد يشكل "انتكاسة إستراتيجية كبيرة"، ويشبه الخروج من أفغانستان في عام 2021.

وقالت الرائدة لي -وفق ما أوردت صحيفة واشنطن بوست- إن انسحاب الولايات المتحدة يأتي في سياق تراجع نفوذها في المنطقة المصنفة "بؤرة للإرهاب"، والتي تم إنشاء قاعدة أغاديز فيها عام 2012 بهدف محاربته.

وتم بناء القواعد العسكرية الأميركية في النيجر كجزء من مواصلة "الحرب على الإرهاب" التي بدأه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، حيث اختار الكثير من المسلحين المتشددين إعادة التموقع في منطقة الصحراء الأفريقية.

إخفاق أميركي

واعتبرت الرائدة لي أن الولايات المتحدة أخفقت كثيرا في دولة النيجر التي كانت تمتلك بها قواعد عسكرية مهمتها الأساسية التخابر والاستطلاع والمراقبة، إذ لم تكن تعلم بأن قادة الجيش يخططون للإطاحة بالرئيس المنتخب محمد بازوم الذي كان آخر حليف لأميركا في منطقة الساحل الأفريقي.

وأضافت أنه قبل وقوع الانقلاب بيوم واحد حضرت اجتماعا مع طاقم السفارة الأميركية في العاصمة نيامي، وتحدث فيه أحد الدبلوماسيين عن الوضع في النيجر، معتبرا أنها "واحة استقرار" وليست سيئة مثل مالي وبوركينا فاسو.

إعلان

وبعد وقوع الانقلاب، تم وضع القواعد الأميركية في حالة تأهب قصوى وتبين أن الولايات المتحدة لم تكن على علم به، وكان الجنود يتابعون وسائل الإعلام الفرنسية للحصول على الأخبار.

وقبل الانقلاب عاشت النيجر تجربة ديمقراطية ناجحة وسجل اقتصادها نموا مرتفعا، ولم تعرف الكثير من هجمات العنف مثل الدول المجاورة لها.

نفوذ روسي

وعملت القوات الأميركية في النيجر على هدفين، أحدهما رسمي ومعلن وهو محاربة الجماعات المتطرفة، وآخر غير معلن وهو التصدي للتمدد الروسي في المنطقة، بحسب الرائدة لي.

وبلغ عدد القوات الأميركية العاملة في النيجر 1100 جندي ينتشرون في عدد من القواعد، ويعملون على جمع المعلومات الاستخباراتية وتقديم الدعم اللوجيستي لجيش النيجر ومساعدته في القتال، لكن بعد الكمين الذي أودى بحياة 4 جنود أميركيين عام 2017 تراجع أداؤها وأصبحت تركز على الجهود المدنية.

وبعد الانقلاب تظاهر المواطنون النيجيريون أمام السفارة الفرنسية في العاصمة نيامي ورفعوا علم روسيا وشعارات مؤيدة لوجودها في المنطقة، فيما لم يتعرض أحد للسفارة الأميركية.

وفي مارس/آذار 2024 أمر المجلس العسكري بخروج القواعد الأميركية من النيجر بعد عقد من ملاحقة "الجماعات الإرهابية" في صحراء البلاد الواسعة.

مقالات مشابهة

  • الناتو يواصل أكبر مناوراته العسكرية لعام 2025 وسط تزايد القلق من سياسة واشنطن الجديدة
  • واشنطن تخسر تريليون دولار بسبب فساد بايدن – ترامب
  • رائدة بالجيش الأميركي: إغلاق قواعدنا في النيجر انتكاسة إستراتيجية
  • ميرز يحذر من أن أوروبا يجب أن تستعد لإنهاء ترامب لحماية الناتو
  • نائب ترامب: لولا الكرم الأميركي ما كانت أوكرانيا موجودة
  •  إعادة كتابة للتاريخ.. أوروبا مذهولة من ترامب ووقوفه بجانب بوتين
  • الناتو: الدعم الأمريكي شرط الضمانات الأمنية لأوكرانيا
  • الناتو: الضمانات الأمنية لأوكرانيا تحتاج إلى دعم أميركي
  • رئيس الوزراء البريطاني يجدد دعمه للرئيس الأوكراني بعد وصف ترامب له بـ"الديكتاتور"
  • ما نوع القنابل التي عرضتها المقاومة خلال تسليم جثث الأسرى الإسرائيليين؟