القدس المحتلة- أثار اعتراف وزير الأمن الإسرائيلي السابق إيهود باراك، بأن تل أبيب هي التي بنت الملاجئ وحفرت الأنفاق الموجودة تحت مجمع الشفاء في قطاع غزة، موجة غاضب عارمة في إسرائيل واتُهم بالمساس بالأمن القومي خلال الحرب، وتعالت الأصوات المطالبة بمحاكمته بتهمة "الخيانة"، وسحب الجنسية الإسرائيلية منه.

وجاءت اعترافات بارك، الذي شغل سابقا منصب رئيس الوزراء، في سياق رده على أسئلة المذيعة كريستيان أمانبور، خلال حوار معه على قناة "سي إن إن" الأميركية، بشأن ادعاءات الجيش الإسرائيلي بوجود أنفاق ومقر عسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) تحت مجمع الشفاء في غزة.

وقال باراك إن بلاده هي التي بنت الملاجئ وحفرت الأنفاق الموجودة تحت المجمع وذلك قبل 40 أو 50 عاما، حيث كان الجيش الإسرائيلي يسيطر على قطاع غزة.

وأوضح أنه "من المعروف منذ سنوات عديدة أن هناك ملاجئ بناها متعهدون إسرائيليون تحت مستشفى الشفاء وتُستخدم مقرا لحماس، وتقاطع عدة أنفاق هو جزء من هذا النظام".


جدل وانتقادات

وأثارت تصريحات باراك جدلا في تل أبيب ووُجهت له الانتقادات، في حين تمادى جيش الاحتلال باستهداف المستشفيات في القطاع ومحاصرتها واقتحامها، في محاولة لإثبات مزاعمه بأن المستشفيات وخاصة "الشفاء"، توجد بأسفلها ملاجئ وشبكة أنفاق بنوها قادة حماس وتستخدم كقاعدة عسكرية للمقاومة، وهو ما تم تفنيده ودحضه.

وسعيا منه لاحتواء وتدارك تصريحاته واعترافاته حول دور إسرائيل في بناء الملاجئ والأنفاق بمستشفى الشفاء، أصدر مكتب باراك بيانا قال فيه إنه "تم تحريف كلامه لأغراض دعائية".

وجاء في البيان، "كلام باراك في مقابلة على قناة "سي إن إن"، تم تحريفه من قبل مصادر عربية لأغراض دعائية. ولا يوجد سبب لوقوع مصادر إعلامية في إسرائيل في هذا الفخ"، بحسب الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت".

وسُئل باراك إلى أي مدى تمكنت إسرائيل من إثبات أن الملاجئ الموجودة تحت منطقة مستشفى الشفاء كانت بمثابة المقر الرئيسي لحماس؟، وأجاب "أنه من المعروف منذ سنوات أن هناك مقرا لحماس داخل الملاجئ، وأننا نعلم أنها تستخدمها أيضا في الحرب الحالية".

وأضاف "أنها عبارة عن تقاطع وملتقى لنظام شبكة الأنفاق. وأكد أن مثل هذه المقرات موجودة أيضا تحت مستشفيات أخرى وفي نقاط حساسة مماثلة في القطاع".

توضيحات مكتب باراك لم تسعفه من موجة الانتقادات رسميا أو جماهيريا، حيث ألقى وزير التعليم من حزب الليكود، يوآف كيش، اللوم على بارك قائلا إن "الضرر الذي يلحقه بإسرائيل والمجهود الحربي في مقابلاته مع وسائل الإعلام الأجنبية لا يمكن فهمه".

وتابع "وإذا لم يكن ينوي المساعدة، على الأقل عليه الصمت وعدم التسبب بأي ضرر"، وفق ما نقلت عنه صحيفة "معاريف".


تدمير الرواية الإسرائيلية

بدت الاتهامات الموجهة لباراك أكثر حدة بالشارع الإسرائيلي والتي عبر عنها الناقد التلفزيوني في صحيفة "يسرائيل هيوم"، نوعم فتحي، حيث كتب، "لقد كان تصريحا غبيا ومحزنا، خصوصا أنه قيل في وسائل إعلام أجنبية التي هي أكثر نقدا وقسوة بالنسبة لنا".

وأضاف "لكن لا يوجد شيء يمكن القيام به، حجر ألقاه الأحمق في البئر، حتى 200 وسيلة إعلامية لن تكون قادرة على إخراجه".

وتابع فتحي "باراك، بدلا من البحث عن مخبأ للاختباء فيه بعد تدمير الرواية الدعائية الإسرائيلية، واصل الحفر في الماضي عندما ساعدت إسرائيل في بناء الملاجئ والأنفاق في غزة".

وواصل انتقاداته قائلا إن "تصريحاته تسحب السجادة من تحت أقدام الجيش الإسرائيلي وجهوده لإثبات أن حماس بنت شبكة أنفاق تحت مستشفى الشفاء وتستخدمها كمقرات عسكرية، اذهب وأثبت بعد ذلك للعالم أن إسرائيل ليست من بنتها لهم".

ووصلت كلمات باراك "الشنيعة"، بحسب وصف الموقع الإلكتروني "هيدبروت" التابع للمستوطنين إلى الناشط يوآف إلياسي الملقب بـ"الظل" الذي هاجم باراك عبر حسابه على فيسبوك وكتب، "أخبروني بغض النظر عن موقفكم وانتمائكم السياسي، هل يبدو هذا طبيعيا بالنسبة لك؟ هل هذا مقبول لديكم؟".

وتابع إلياسي في تغريدته مخاطبا الجمهور الإسرائيلي "هل تفهمون الضرر الذي لا يمكن إصلاحه؟ هذه التصريحات تتعلق برئيس الأركان، وزير الدفاع، رئيس الوزراء الأسبق، كيف يمر هذا الأمر بهدوء وكأن شيئا لم يحدث؟ يجب على شخص ما أن يوقف فورا التدمير والفوضى الذي يتسبب به هذا العميل. أين سلطات إنفاذ القانون؟".


ضربة قاصمة

بدوره، قال الصحفي في القناة 14 الإسرائيلية، يتسحاق أبو حتسيرا، إن "إيهود باراك وجه ضربة قاتلة لإسرائيل في مقابلته مع شبكة سي إن إن وأثار ضجة في العالم العربي".

وأضاف "باراك يرفض أن يهدئ من روعه، ويصر على أن يثير الضجة في خضم الحرب وفي الوقت الذي تتواصل فيه جهود قواتنا للكشف عن مدينة حماس تحت الأرض الواقعة تحت مستشفى الشفاء"، حسب تعبيره.

وهناك من ذهب إلى ما أبعد من توجيه الانتقادات أو إلقاء اللوم على باراك، حيث تجند المغني الإسرائيلي كوبي بيرتس، لمعالجة ما وصفه بـ"العاصفة الكبيرة" التي أثارها باراك واعترافه أن "إسرائيل هي التي بنت الملاجئ والأنفاق في الشفاء".

وشن بيرتس عبر صفحته على "إنستغرام"، هجوما شديدا على باراك، وطالب بتجريده من جنسيته الإسرائيلية، ووصفه بأنه "مؤيد للإرهاب". وأكد، "يجب أن نحرم هذا التافه الداعم للإرهاب من جنسيته ونرسله إلى إيران. لدينا أعداء عظماء في الداخل والخارج ويجب التخلص منهم وإبعادهم عنا".

كما وجهت عارضة الأزياء الإسرائيلية ناتالي ديدون، رسالة شديدة اللهجة إلى إيهود باراك عبر صفحتها على "فيسبوك"، ونشرت قصة أمام مئات الآلاف من متابعيها الإسرائيليين كتبت فيها على خلفية شاشة سوداء، "إيهود باراك، اخرج من حياتنا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مستشفى الشفاء إیهود باراک إسرائیل فی

إقرأ أيضاً:

محللون: هجوم الاحتلال على جنين هدفه التغطية على فشله بغزة

يعود مخيم جنين شمالي الضفة الغربية مرة أخرى إلى واجهة الأحداث بعد أن شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة عسكرية جديدة واسعة النطاق، استخدمت خلالها مسيّرات ومروحيات أباتشي وآليات عسكرية، مما أسفر حتى الآن عن استشهاد 10 فلسطينيين وإصابة عشرات آخرين بجروح متفاوتة.

وتأتي العملية الإسرائيلية في جنين في ظل تطورات متلاحقة، أبرزها بداية سريان اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهامه رسميا في البيت الأبيض.

وحسب الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية والإستراتيجية، الدكتور مصطفى البرغوثي، فإن إسراع الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ هجومه على جنين جاء من أجل التغطية على فشله في قطاع غزة، بالإضافة إلى محاولة استغلال مجيء ترامب إلى السلطة لتنفيذ مشروعه الإستراتيجي في تهويد وضم الضفة، وهو ما ورد في "صفقة القرن" التي جاء بها ترامب نفسه خلال فترة رئاسته الأولى.

واستبعد البرغوثي أن يتمكن الاحتلال من كسر المقاومة الفلسطينية في الضفة بعدما عجز عن كسرها في قطاع غزة، والحال نفسها بالنسبة لمسألة التهجير والتطهير العرقي، وقال إن ما سيحاول الاحتلال فعله في الضفة هو خلق جو من الإرهاب لدفع الناس إلى الهجرة.

إعلان

كما أوضح أن ما يجري في جنين يؤكد أن الاحتلال يستهدف جميع الفلسطينيين، وأكد البرغوثي أن حرب الإبادة التي ارتكبها في قطاع غزة ليس سببها المقاومة -كما يعتقد البعض- بدليل أن الثورة الفلسطينية عام 1965 قامت بسبب التطهير العرقي للفلسطينيين عام 1948.

وشدد البرغوثي أيضا على أن الهدف الإستراتيجي من وراء الهجوم على جنين هو محاولة الاحتلال لتصفية القضية الفلسطينية، مشيرا في هذا السياق إلى أن التطبيع الذي عمل عليه ترامب بين إسرائيل ومحيطها العربي كان هدفه تصفية القضية الفلسطينية.

دعم إسرائيل

وفي تعليقه على الموقف الأميركي من القضية الفلسطينية، يرى المحلل السياسي والباحث بمعهد الشرق الأوسط بواشنطن، الدكتور حسن منيمنة أن التوجه العام لترامب وفريقه الجديد في البيت الأبيض هو السماح لإسرائيل للقيام بأي شيء تريده، وقد وعدوها ضمنيا بضم الضفة، والرئيس ترامب نفسه قام برفع عقوبات رمزية فرضها سلفه جو بايدن على مستوطنين إسرائيليين.

وقال إن ترامب لم يتحدث كما نقل الإعلام عن إنهاء الحرب في غزة، بل تحدث عن استكمالها، وفي موضوع صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة يركز في تصريحاته على الأسرى الإسرائيليين دون التطرق لمعاناة الفلسطينيين.

وخلص الدكتور منيمنة إلى أن الاعتبارات الإنسانية كانت شكلية في عهد بايدن، لكنها اليوم غير مهمة، وذكّر بأن الرئيس الأميركي الحالي وفريقه يرون أن العرب والفلسطينيين لا يشبهونهم.

ومن جهته، ركز الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي، إيهاب جبارين على التوجه اليميني لرئيس الوزراء الإسرائيلي، وقال إنه كلما انهزم وانكسر يميل أكثر إلى اليمين المتطرف، ولذلك فهو يعود هذه المرة للعبته الأولى، يقول المتحدث.

وأضاف جبارين أن نتنياهو كان قد ضخّم مسألة قطاع غزة من أجل أن يستبيح الدعم الأميركي، لكن ترامب قال له إن هذا لن يكون.

إعلان

وكان الرئيس الأميركي تحدث للصحفيين -أمس الاثنين- من المكتب البيضاوي أثناء توقيعه على أوامر تنفيذية أول أيام فترة رئاسته الثانية، وقال ردا على سؤال بشأن احتمال استمرار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة "لست واثقا. هذه ليست حربنا، بل حربهم".

وبدعم أميركي، ارتكبت إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 157 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة.

مقالات مشابهة

  • الخارجية تعرب عن إدانة واستنكار المملكة بأشد العبارات الهجوم الذي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلية
  • المملكة تدين وتستنكر هجوم قوات الاحتلال الإسرائيلية على مدينة جنين في الضفة الغربية
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن هجومًا كبيرًا على جنوب لبنان
  • محللون: هجوم الاحتلال على جنين هدفه التغطية على فشله بغزة
  • بالفيديو .. بالفيديو .. الدكتور أحمد المخللاتي، رئيس قسم الحروق بمستشفى الشفاء في غزة: الأردن في الصدارة بتقديم المساعدات والدعم لأهالي القطاع
  • بالفيديو .. الدكتور احمد المخللاتي رئيس قسم الحروق في مستشفى الشفاء بغزة، يثبت ان الاردني رقم واحد في تقديم المساعدات والدعم المادي والطبي والنفسي لاهالي القطاع
  • رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يقدم استقالته بسبب فشله في منع هجوم 7 أكتوبر
  • بسبب 7 أكتوبر 2023..رئيس الأركان الإسرائيلي يستقيل من منصبه
  • هجوم واسع للجيش الإسرائيلي والمستوطنين في الضفة الغربية
  • لابيد: الحرب بغزة انتهت فعليا ولا يجب أن يكبر أطفالنا في الملاجئ