إيليا أبو ماضي.. شاعر لبناني سكنته فلسطين
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
إيليا أبو ماضي أديب وصحفي ومؤلف لبناني، من مواليد 1889، ارتبط شعره بمأساة فلسطين وكانت حاضرة في وجدانه. عاش طفولته في لبنان وجزءا من شبابه في مصر، ثم انتقل للولايات المتحدة الأميركية، وأسهم في تأسيس الرابطة القلمية، ويصنف ضمن أدباء المهجر الذين أسهموا في تجديد الشعر العربي الحديث والخروج به من رتابة التقليد والمحاكاة إلى فضاء التخيل الإبداعي الذي يرسم الحياة الواقعية لمجتمعه.
ولد إيليا ضاهر أبو ماضي عام 1889 في قرية المحيدثة بمحافظة جبل لبنان لعائلة فقيرة تعتنق الديانة المسيحية.
وبين اختلاف الأديان وتعدد المذاهب أبصر بدايات الحياة، فتربّى على حب التسامح وضرورة التعايش واقتنع أن الاختلاف مصدر من مصادر القوة للأمة.
نشأ في عائلة فقيرة تتألف من 6 أولاد وبنت وتسكن الريف الجبلي، ولا تعرف للدراسة والعلم سبيلا، لكنه بعصامية قويّة كابد الفقر بالهمة وسمو الأفكار، حتى ساد على ساحة الأدب والشعر في زمانه.
الدراسة والتكوينتلقّى إيليا أبو ماضي بواكير تعليمه الابتدائي في مدرسة قرية المحيدثة جوار الكنيسة، وفي طفولته برزت عليه أمارات النبوغ في اللغة العربية.
وبسبب فقر عائلته أجبرته ظروف الحياة القاسية على ترك مقاعد الدراسة، وهو لا يزال في الـ11 من عمره.
وفي عام 1902 هاجر إلى مصر للعمل مع عمه الذي كان تاجرا للتبغ، وهنالك عايش الحراك الثقافي الذي كان سائدا في جمهورية مصر حينها، فانكبّ على مطالعة الكتب ومنادمة الجرائد والمجلّات الأدبية.
وفي الإسكندرية والقاهرة تردد بين شيوخ الكتاتيب لدراسة النحو وعلوم اللغة العربية، حتى تعلّم صناعة الشعر وتطوّرت موهبته.
التجربة الشعريةبعد استقراره في مصر سنة 1902 بدأ في محاولة الكتابة، والتقى صدفة بأنطون الجميل، الذي كان قد أنشأ مجلة الزهور، فدعاه للكتابة فيها بعد أن اكتشف موهبته الأدبية.
وبعد فترة من الكتابة الشعرية التي كانت تنشر في بعض المجلات المصرية نشر ديوانه الأول "تذكار الماضي" عام 1911، وهو لا يزال في الـ22 من عمره.
وقد سيطر على هذا الديوان الشعر الغزلي والسياسي، وتميز بطابع العذوبة الكلاسيكية التي تقوم على وجدانية المدلول وتخيل الطبيعة.
ونتيجة لظروف اقتصادية وسياسية حمل حقائب الأدب في وجدانه ويمّم وجهه نحو الولايات المتحدة الأميركية عام 1912، وانضم لعدد من الأدباء العرب الذين أسسوا هنالك ما بات يعرف بـ"أدب المهجر"، الذي لعب دورا هاما في إثراء الشعر العربي الحديث.
ومن أبرز الكتّاب والشعراء الذين أسسوا هذا الأدب ورفعوا لواء العربية في بلاد الغرب: أمين الريحاني وجبران خليل جبران، حيث أصدروا عددا من الصحف والمجلات باللغة العربية مثل "مرآة الغرب" و"جريدة السائح" عام 1912 وجريدة "الفنون" في نيويورك في العام نفسه.
وفي سنة 1916 انتقل من مدينة سنسناتي إلى نيويورك وأسّس مع جبران خليل جبران وبعض الأدباء الآخرين ما عرف بـ"الرابطة القلمية".
وفي عام 1929 أنشأ أبو ماضي مجلة "السمير"، التي كانت منبرا للشعراء، وكانت تعالج مختلف الموضوعات الاجتماعية والأدبية.
ومن خلال هذه المجلة أسّس لما يسمّى بـ"فكرة القصيدة"، إذ اعتبر أن بيت القصيد في الشعر عموما هو الفكرة التي يقوم عليها النص ويحاول الشاعر أن يبلورها في المحتوى الأدبي.
وتأسيسا على هذه الفكرة جعل لمجلة "السمير"، التي كانت تصدر في نيويورك شعارا مؤلفا من بيتين من الشعر هما:
أنا لا أهدي إليكم ورقا
غيركم يرضى بحبرٍ وورقْ
إنما أهدي إلى أرواحكم
فِكرا تبقى إذا الترس احترق.
وفي سنة 1948 زار بيروت بدعوة من اليونسكو التي عقدت مؤتمرا هنالك في العام نفسه.
وتزامنا مع زيارته لموطنه الأصلي لبنان أقيمت له حفلة تكريم، وأذاعت الإذاعة مقتطفات من شعره.
وفي عام 1949 زار سوريا وأقيمت له حفلة في جامعة سوريا (جامعة دمشق) برعاية من رئيس الجمهورية.
واحتفى به الكتّاب والشعراء، وصادف ذلك صدور الطبعة الثانية من ديوانه "الخمائل" الذي ترك صدى كبيرا في الأوساط الأدبية.
الوظائف والمسؤولياتبدأ إيليا أبو ماضي حياته بالكدح والعصامية، وفي مرحلة مبكرة من عمره بدأ في طلب الرزق والكفاف، ولم يكن من المتسولين بالشعر ولا من المدّاحين الذين يرتزقون بكلماتهم، فقد مارس مهنا متنوعة، أهمها:
تاجر وبائع للتبغ في الإسكندرية 1902. كاتب ومحرر في جريدة الزهور في الفترة الممتدة بين 1904 و1911. عضو في الرابطة القلمية في نيويورك عام 1916. محرر في جريدة "مرآة الغرب" بين عامي 1918 و1928. مؤسس ورئيس لتحرير مجلة السمير عام 1929. ناشر لجريدة السمير التي حلت محل المجلة 1936 عمل ضيفا محاضرا في كثير من المهرجانات والملتقيات الأدبية طيلة حياته. مؤلفاتهترك الشاعر إيليا أبو ماضي جملة من الدواوين الشعرية والمقالات الأدبية والاجتماعية، وقد طبعت له 5 دواوين وهي:
"تذكار الماضي"، وهو ديوانه الأول، وقد طبع في الإسكندرية عام 1911. ديوان إيليا أبو ماضي، وهو ديوانه الثاني، وقد طبع في نيويورك 1918. الجداول، وقد طبع في نيويورك ومطبعة الكمال في مصر عام 1927. الخمائل، وهو أكثر دواوينه قبولا وترحيبا وتفاعلا بين النخبة الأدبية في المشرق، وفيه تجلّت نزعته التفاؤلية والإنسانية في الشعر. "تبر وتراب"، وقد صدر في بيروت عام 1960. كتاب "إيليا أبو ماضي الأعمال الشعرية الكاملة" للدكتور عبد الكريم الأشتر، وقد طبع في الكويت عام 2008. في عيون النقادفي عام 1956 نشر الباحث الأردني روكس العزيزي مقالا اتهم فيه الشاعر إيليا أبو ماضي بسرقة قصيدة "الطين"، واعتبرها مسلوخة من قصيدة لشاعر من بوادي الأردن يسمىّ الرميثي، وقال إن إيليا ترجم معانيها إلى الفصحى فقط، ووصفه بـ"اللص الظريف".
وقد أثار ذلك غضب أبو ماضي، وكتب عدة مقالات، ووصف العزيزي بأنه "كذّاب عمّان".
أما طه حسين الذي لم يسلم أحد من الشعراء من نقده، فقد وصف لغة إيليا أبي ماضي بالركاكة والضعف والعجز عن توصيف الأفكار.
ورغم كل ذلك فقد أجمع النقاد على استحسان شعر إيليا ووصفوه بالإنسانية والقرب من الواقع.
الجوائز والأوسمةحصل على عدد من الجوائز والأوسمة في حياته، كما تم تكريمه بعد وفاته، وسمّيت به شوارع في مصر ولبنان وسوريا والأردن، ومن أهم الجوائز والأوسمة التي حصل عليها:
وسام فارس في الاستحقاق الفخري المذهّب في بيروت عام 1948. وسام الاستحقاق من درجة ممتاز من رئيس الجمهورية السورية عام 1949.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی نیویورک فی مصر فی عام
إقرأ أيضاً:
إعلام لبناني: طيران الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات على محيط بلدة البازورية جنوبي البلاد
أفاد إعلام لبناني، بأن طيران الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات على محيط بلدة البازورية جنوبي البلاد، وذلك حسبما جاء في نبأ عاجل لـ «القاهرة الإخبارية».