رشا عوض

استوقفني خبر في احد قروبات الواتساب عن حالتي إجهاض في صفوف المستنفرات وان الاجهاض المزعوم حدث لنساء غير متزوجات.
بصراحة تداول هذا النوع من الاخبار في سياق انه يحقق مكاسب سياسية لمناهضي الحرب هو من وجهة نظري تهافت وانحطاط يجب ان لا ننحدر اليه في معاركنا السياسية.
منذ ان بدأت هذه الحرب اللعينة كرست كل كتاباتي لمعارضتها والدعوة لايقافها، ولم اتردد في ادانة كل ما قام به الكيزان من اجل تأجيجها اكثر وتوسيع رقعتها، خصوصا موضوع الاستنفار سواء للرجال او النساء لأنه من وجهة نظري جريمة في حق المدنيين من الشباب الذين لم يتلقوا تدريبا عسكريا ولا خبرة لهم مطلقا بالحروب والزج بهم في معركة فشل الجيش الذي يستهلك ثلاثة ارباع ميزانية الدولة في خوضها! فلا جدوى عسكرية من هذا الاستنفار والكيزان يعلمون ذلك جيدا! ولكنهم يرغبون في تحقيق الكسب السياسي من زاويتين، الاولى حشد الشباب والشروع في عمليات غسيل الدماغ والتجنيد السياسي لهم بواسطة كوادر الكيزان، الزاوية الثانية الاستثمار في الحزن والغضب الشعبي المترتب على قتل هؤلاء المستنفرين الامر الذي يعمق الكراهية العنصرية خدمة لمشروع تقسيم الوطن (ناس الغرب قتلوا اولادنا ولذلك يجب فصل دارفور) وبكل اسف فقدنا اعدادا كبيرة من هؤلاء المستنفرين بين قتيل وجريح نظرا للمواجهة غير المتكافئة التي دفعوا اليها، وحتى يزداد عدد المستنفرين لجأ الكيزان لحيلة تجنيد النساء والفتيات وتحديدا في ولايتي نهر النيل والشمالية من باب استفزاز الشباب وجرهم جرا الى محرقة الاستنفار لحربهم الخاسرة هذه، فحسب الثقافة الذكورية المهيمنة سيجد الرجال انفسهم مضطرين للاستجابة للاستنفار ما دامت النساء فعلت ذلك! الكيزان افضل من يستثمر في العقد الاجتماعية والاوتار الحساسة للمجتمع! ان لم يكن الامر كذلك فما هي الجدوى العسكرية لتجنيد نساء لم يتلقين طوال حياتهن تدريبا عسكريا وظللن بحكم التقاليد بعيدات كل البعد حتى عن الانشطة الرياضية التي تجعل الجسم رياضيا سريع الحركة وتعزز المهارات الاولية جدا في مجال العسكرية!
مبدئيا، يجب ان نقف في صف السلام، وموقفنا من حملات الاستنفار يجب ان يكون محكوما بقيمنا الديمقراطية الحقوقية ولا نستخدم فيه الأدوات الصدئة المشابهة لأدوات الكيزان في معاركهم السياسية وعلى رأسها امتهان النساء والتحريض ضد مشاركتهن في المجال العام على اساس التجريم الاخلاقي وحشد المجتمع ضدهن على اساس الخوف على “الشرف”! من روجوا لهذا الخبر يهدفون الى هزيمة مشروع الاستنفار عبر الزعم بان النساء المشاركات فيه ساقطات بدليل اجهاض مزعوم حدث لاثنين منهن غير متزوجات!
نحن ضد الحرب برمتها وضد جريمة الاستنفار المتفرعة منها، لان من أشعلوا الحرب أجهضوا حق الملايين من الشعب السوداني في السلام ، وما زالوا يعملون عبر الاستنفار والاستحمار في إجهاض الحلم الوطني الكبير بالدولة المدنية الديمقراطية التي ترفرف فيها رايات السلام والحرية والعدالة! وإجهاض الثورة الممهورة بدماء الشهداء وآلام الجرحى الذين ما زالوا يحملون اوسمتها في اجسادهم اطرافا مقطوعة واعينا مفقوءة!
الإجهاض الحقيقي الذي يعنينا ويجب ان يحتل تفكيرنا في هذه اللحظات العصيبة من تاريخنا هو اجهاض احلامنا الصغيرة والكبيرة تحت وطأة حرب فاقدة للمشروعية الوطنية والسياسية والاخلاقية! هذا الإجهاض الوطني الكبير هو سبب وقوفنا ضد المستنفرات اما اجهاض احداهن لحملها لانها غير متزوجة – حتى ان كان الخبر صحيحا وهو امر لا علم لنا به ووارد جدا ان يكون كذبة من اكاذيب الدعاية الحربية – فهو امر لا يعنينا ولا يجب ان يحتل حيزا في مجالنا العام ولا يليق ان نستخدمه في معركتنا السياسية خلال الحرب.


يجب ان نقف ضد الاستنفار سواء للرجال او النساء لأن هذه الحرب ليست حربا عادلة، إذ لم تتخذ قرار الحرب سلطة شعبية صحيحة التمثيل للشعب السوداني، بل اتخذ قرار الحرب الكيزان الذين اطاح الشعب بهم في ثورة شعبية وفرضوا هذا القرار على سلطة انقلابية متآكلة! فانقلاب 25 اكتوبر الذي تم بقيادة البرهان وحميدتي اخذ في التآكل بفعل المقاومة الشعبية والضغوط الدولية، وبعد ان كان الدعم السريع ركنا من اركان الانقلاب، تراجع حميدتي عن الانقلاب واعترف بانه كان خطأ، باختصار انقلاب فقد حتى الشرعية الانقلابية، فلو سلمنا جدلا بان هدف إنهاء وجود المليشيات وتحقيق هدف الجيش الوطني المهني الواحد يحتاج الى شن الحرب على الدعم السريع، فإن حربا كهذه يجب ان تنطلق من أرضية صلبة قوامها حكومة شرعية لا انقلابية وقوامها جيش مؤهل فنيا واخلاقيا لخوض هذه الحرب وكل ذلك في سياق مشروع سياسي بوصلته مضبوطة في اتجاه استيفاء شروط الدولة الوطنية المدنية الديمقراطية ذات الجيش الواحد. اما هذه الحرب اللعينة فهي تدور في سياق مشروع للثورة المضادة كاملة الدسم! مشروع بوصلته السياسية مضبوطة في اتجاه استعادة نظام الاستبداد والفساد وطي صفحة كل اهداف الثورة وفي مقدمتها الاصلاح الامني والعسكري واستدامة التشوهات والاختلالات الهيكلية في الجيش وتبعا لذلك استدامة واقع المليشيات الموازية! فالدعم السريع لم يهبط على السودان من السماء بل خرج من رحم الجيش الحالي الذي يستنفر السودانيين للقتال في صفوفه ضد من يسميهم المليشيا المتمردة وفي ذات الوقت يحتضن في جوفه مليشيات البراء بن مالك والبنيان المرصوص ويتحالف مع مليشيا موسى هلال! والذي يقود الاستنفار هم صناع المليشيات ومدمرو الدولة السودانية امثال علي كرتي واحمد هارون وانس عمر والناجي عبد الله!
انه استنفار ضد الوطن وضد الشعب وليس استنفارا وطنيا!
ما نحتاج لاستنفاره الان هو الحكمة والعقلانية وإرادة السلام لإطفاء هذا الحريق ومنع تمدده الى شرق السودان والجزيرة والشمالية وحشد الارادة السياسية لإخراج البلاد من نفق الحروب المتطاولة ووضعها في مسار سياسي جديد نحو السلام المستدام والديمقراطية والتنمية ، بدلا من الاستنفار للقتال في حرب تشهد كل معطيات الواقع ان استمرارها معناه تقسيم البلاد وزعزعة امن واستقرار ما تبقى لنا من ولايات امنة، فالافق ليس مفتوحا على هزيمة عسكرية للدعم السريع كما يروج الكيزان بل هو مفتوح على ابواب الجحيم حرفيا بسبب ما نشهده من هزائم متتالية للجيش، والاسباب العميقة لهذه الهزائم هي ما فصلته أعلاه من افتقار الحرب للارضية الوطنية الصلبة والمشروع السياسي المحترم والسلطة السياسية الشرعية الحريصة على وحدة البلاد وسيادتها، انها حرب صراع على السلطة بين مشروعين استبداديين، ومن مصلحة الشعب السوداني ان لا ينتصر اي منهما.

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: هذه الحرب یجب ان

إقرأ أيضاً:

“السلام العربي” تدين الاعتداءات على اليمن وتؤكد أن استقرار المنطقة يبدأ وينتهي بفلسطين

أعلنت مجموعة السلام العربي تضامنها الكامل مع الشعب اليمني، وأدانت في بيان صدر عنها أمس الأول، الاعتداءات الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية التي تعرض لها اليمن مؤخرًا، والتي تسببت باستشهاد عدد من المدنيين وتضرر منشآت اقتصادية حيوية واستراتيجية.

وأكدت المجموعة أن الولايات المتحدة وبريطانيا، رغم بعدهما الجغرافي عن اليمن، تشاركان في الحرب ضد اليمن نيابة عن “إسرائيل”، التي تواصل اعتداءاتها اليومية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وأوضح البيان أن الهجمات اليمنية على إسرائيل تُعتبر عملًا مشروعًا وتضامنًا عمليًا من قبل العرب.

وأوضح البيان أن هجمات البحر الأحمر استهدفت الملاحة الإسرائيلية فقط، وليس مصالح أي دولة أخرى، وأن التحالف الغربي مع إسرائيل يسعى لتصفية القضية الفلسطينية.

وأكدت المجموعة أن الطريق إلى استقرار المنطقة يبدأ وينتهي بفلسطين، مشددة على أن الشعوب العربية ستظل داعمة للقضية الفلسطينية وضد الاستيطان والاستعمار الإسرائيلي في فلسطين وسوريا ولبنان.

 

مقالات مشابهة

  • مصدر سعودي: الرياض لا تريد ان تتدخل في الحرب بين “إسرائيل” و”اليمن” 
  • لماذا يستهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي النساء والأطفال في الحرب على غزة؟
  • “المشري” يبحث مع ممثلين عن التحالف الليبي لأحزاب التوافق الوطني عدد من الملفات السياسية
  • “السلام العربي” تدين الاعتداءات على اليمن وتؤكد أن استقرار المنطقة يبدأ وينتهي بفلسطين
  • شاهد بالفيديو.. بعد وصوله لمليون متابع.. الممثلة السودانية الحسناء “هديل” تهدي زوجها “كابوكي” المقطع الذي يحبه
  • شاهد الفيديو الذي حظي بأعلى نسبة مشاهدات وتداول.. المئات من المواطنين بمدينة أم درمان يخرجون في مسيرات لاستقبال “متحرك” للجيش على أنغام الموسيقى الصاخبة
  • فعالية نسائية بمحافظة صنعاء إحياءً لذكرى ميلاد السيدة فاطمة الزهراء “ع”
  • استشاري: “الحمام المغربي” يضر البشرة.. ويجب الابتعاد عن الصابون الذي يقتل 99% من الجراثيم
  • إعلام القوى الثورية مقابل إعلام الكيزان
  • منظمة “السلام الآن”: سبع بؤر استيطانية جديدة في الضفة الغربية خلال الأشهر الستة الماضية