اكتشاف جديد في الصحراء المصرية
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
مصر – أعلنت شركة كندية عن اكتشاف نفطي جديد في مصر، والتي أطلقت فيه عمليات الحفر في أغسطس الماضي.
وقدمت شركة تاج أويل الكندية (TAG Oil) تحديثًا حول التقدم المحرز في حفر البئر الأفقية “تي 100” في خزان أبو رواش، الواقعة في حقل بدر النفطي (BED-1) بالصحراء الغربية في مصر.
وأكدت الشركة أن الحفر الأفقي لبئر “تي 100” ونحو 300 متر في القسم الجانبي المخطط له بطول ألف متر، واجه كميات جيدة من النفط.
كما اشتملت البئر على قراءات عالية للغاز، ومؤشرات جيدة على تدفق النفط والغاز لاتساع المسامات في تلك الطبقة.
وأشارت الشركة إلى أنه من المتوقع الانتهاء من عمليات الحفر في ديسمبر المقبل.
وحسب بيان قالت منصة الطاقة، فقد أوضحت شركة تاج أويل -في تحديثها للاكتشاف النفطي- أن أداء الحفر الأولي لتكوين الكربونات غير التقليدي في خزان أبورواش كان جيدًا، عند زوايا بناء سلسة، وزيادة معدلات الحفر بصورة مطردة ومع ذلك، كان الحفر مثقلًا بمشكلات ميكانيكية في أدواته، وما تزال تهدف الشركة إلى زيادة الطول الجانبي النهائي من البئر.
بدأ الحفر من القسم الوسيط على عمق نحو 2800 متر، ومن المتوقع الانتهاء منه في ديسمبر2023، وسيجري بعد ذلك تحرير منصة الحفر، ثم تبدأ مباشرة مرحلة إكمال البئر دون منصة مع تحفيز عمليات التكسير.
البئر “بي إي دي 1-7” (BED 1-7) بدأت الإنتاج منذ أبريل 2023، ووصلت إلى إنتاج تراكمي يبلغ نحو 10 آلاف برميل من النفط من خزان أبو رواش المستهدف.
وتخضع البئر حاليًا لتقييم تراكمي لضغط المكمن لتحديد مدى استنفاد البئر وإمكاناته، وستليها عمليات التنظيف، ثم يُستأنف الإنتاج.
وأكدت الشركة -في بيانها- أنها “سعيدة بنتائج البئر، التي توفر بيانات مهمة لمزيد من التخطيط التطويري لخزان أبو رواش المستهدف في حقل بدر (BED-1)”.
وكانت شركة تاج أويل الكندية قد بدأت حفر البئر “تي 100” في 22 أغسطس 2023.
وأكدت الشركة أن بدء برنامج الحفر يمثّل علامة بارزة في عملياتها، مشددة على التزامها المستمر بإطلاق إمكانات خزان أبو رواش في حقل بدر النفطي.
وأشارت إلى اشتمال وجود “بئر تقييم تجريبية رأسية للحفر المحتمل، وتصوير التكوينات، وقياس الضغط، وأخذ عينات من السوائل، يليها تركب أسمنتي للحفرة التجريبية العمودية السفلية والمقاطع الأفقية الجانبية في خزان أبورواش”.
وفي 27 سبتمبر 2023، نجحت شركة تاج أويل في حفر البئر التجريبية العمودية لعمق 3 آلاف و290 مترا،.
وتُستعمل المعلومات التي جرى الحصول عليها خلال حفر البئر “تي 100” لتقييم جودة المكمن عبر القسم الجانبي، جنبًا إلى جنب مع العمل المكتمل بشأن الخواص الجيوميكانيكية والتفسير الزلزالي ثلاثي الأبعاد في المنطقة للتصميم.
وسيستعمل الأداء من البئر “تي 100” لتخطيط وتنفيذ خطط الحفر المستقبلية التي تتوقع الشركة أن تبدأ بحلول الربع الأول من عام 2024.
المصدر: وكالات
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: حفر البئر
إقرأ أيضاً:
اكتشاف اللذة
"من دون اللذة لا معنى للحياة،
الكفاح في سبيل اللذة هو الكفاح في سبيل الحياة".
نيتشه ("إنسان مفرط في إنسانيته")
من دون أدنى شك، لو عدنا إلى تاريخ الأفكار، وإلى سياقه التاريخاني، لوجدنا أن الإغريق "اخترعوا" كلّ شيء فيما يتعلق بهذا التاريخ. ومن بين اختراعاتهم "المنسية" (فيما لو جاز القول)، هناك "تيّار اللذة" (الذي يطرح فكرة تحقيق اللذة كهدف أساسي للحكمة، وقد عرفت بأنها أول "مدرسة في المتعة"). وقد أطلق عليه اسم التيّار القوريني، لأنه نشأ في قورينا، أي في برقة التي كانت مستعمرة يونانية تقع في شمال أفريقيا، وهي ما تُعرف بــ(ليبيا) اليوم.
لو عدنا إلى تلك الفترة، لوجدنا أن الفلاسفة القورينيين قد تحلّقوا حول أريستيبوس القوريني (الذي كان معاصراً جداً لأفلاطون، في القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد، بل كان أيضا واحدا من تلاميذ سقراط)، وهو رجل "خيالي" لم يتردد في ارتداء ملابس النساء واللجوء إلى النكات ليقود جمهوره إلى التفكير والفلسفة بشكل أفضل. في تلك الحقبة عرف أريستيبوس انتقادات كبيرة وكثيرة، إذ على الأقل، لم يؤخذ على محمل الجدّ، بسبب "تنكره" المستمر بثياب النساء، ومع ذلك، فقد سمح "فكره" لبعض الفلاسفة المعاصرين واللاحقين بتطوير عقيدتهم الخاصة، قبل أن يُصار إلى تشويه سمعته من قبل جميع "الفلاسفة الرسميين"، من البداية إلى يومنا هذا... كان فكر أريستيبوس ينادي بأن "اللذة الحسيّة هي الخير الأسمى والهدف الوحيد الجدير بالاهتمام في الحياة". من هنا، لو حاولنا أن نختصر هذه الفلسفة بشذرة من شذرات أريستيبوس لوجدنا جملته الشهيرة هذه: "أنا أمتلك، أنا لست مملوكا". بمعنى آخر، إن على البحث عن هذه المتعة أن لا يستعبدنا. فما الأمر في النهاية سوى "تشجيع الحرية الشخصية بقدر ما لم يكن المرء مرتبطا بمهام الآخرين الفلسفية والثقافية وتأسيس وجهة نظره الخاصة عن معنى الحياة" (وفق ما يقول مترجم الكتاب في مقدمته).
حول فلسفة اللذة هذه، القورينية، يأتي كتاب الفيلسوف الفرنسي المعاصر ميشيل أونفري، "اكتشاف اللذة" الذي صدر مؤخرا بترجمة عربية (نقله كامل العامري) عن منشورات "نينوى"، ويتضمن أيضا نصوصا ومقاطع (ما تبقى منها على مرّ العصور) والتي تسمح لنا باكتشاف نظريات هؤلاء الفلاسفة حول المال والحب والسلطة والعلاقات مع الآخرين، كما تسمح لنا باكتشاف الآلهة (التي كانوا يدورون في فلكها)، وعلاقاتهم بالنساء، وما إلى ذلك. من هنا، تسمح لنا المقدمة الطويلة التي كتبها ميشيل أونفري، بوضع هؤلاء المفكرين وأطروحاتهم في السياق الفلسفي والتاريخي والأيديولوجي لذلك العصر. باختصار، يعيد هذا العمل إحياء قارة الفلسفة اليونانية المغمورة حقاً، وبخاصة عبر الجانب المتعلق بهذه الفلسفة، لكن بعيدا عن المفاهيم اللامعة والخطابات "الدخانية" التي تندثر في الهواء، لذا نجد أن ما يقترحه أونفري علينا، هو وبالدرجة الأولى، إعادة تركيب هذا السياق التاريخي أولا، ومن ثم هذه المحاولة الجدية والمهمة، لإعادة اكتشاف نصوص، لعبت دورا كبيرا في بناء مفهوم اللذة على مرّ الأجيال الفلسفية. إذًا نحن أمام فكرة مغرية: تركيز كلّ الجهود الفلسفية على مسألة الحكمة العملية والأخلاق القادرة على توفير قواعد الحياة، والمؤشرات الوجودية، والأسباب الواضحة للسلوك المناسب. ليحدد، لاحقا، معنى فلسفة اللذة هذه التي يقدرها لدى أريستيبوس: إنها متعة مقاسة، محسوبة، مبنية. إنها هذا التوتر والزهد، وليست استرخاءً ولا ترهلًا بمعنى آخر، هي إرادة وليس ضعفا: بل هي إخضاع الواقع لعقل المرء، ولإرادته، ولقراره.
أمام ذلك كله، يأتي الحديث عن "كنز قورينا"، إذ هناك خطوة صعبة يجب اتخاذها. في الواقع، تظل الأجزاء التي تم جمعها... مجزأة، لا بسبب عمل الكاتب (الفرنسي)، بل لأن ما وصلنا منها هو قليل جدا. من المؤكد أنها يمكن أن تكون بمثابة نقطة انطلاق للدفاع عن "دافع الحياة المرحة والمبهجة"، ولكنها تترك القارئ متعطشًا بعض الشيء فيما يتعلق بالحجج، وإن كانت هذه الشذرات تصف القورينيين ومعلمهم وتنقل فكرهم بالتفصيل، لكن "المتعة" الفعلية، تكمن في النصوص الموازية وأقصد بذلك نصوص منتقدي هذه الفلسفة التي لم تكن خالية من الأخلاق، بل على العكس من ذلك، إذ نجدها قريبة جدا من "متعة الأخلاق".
أقول ذلك لأشير إلى فكرة جوهرية ما بين التيار القوريني والتيار الأبيقوري. فنحن لو عدنا، مرة جديدة، إلى مقارنة هاتين المدرستين، لرأينا أن مدرسة أبيقور قد طغت على مدرسة أريستيبوس التي كانت ترى بدورها أن "اللذة هي هدف الحياة الرئيس". بيد أن الأبيقورية كانت أكثر اعتدالا، لأنها لم تتوقف عن المناداة "بضبط النفس والسيطرة على الذات والقبول بالملذات البسيطة"، بينما مدرسة أريستيبوس، من جهتها، كانت تطالب الإنسان وتحثه أكثر على البحث عن اللذة قدر الإمكان "طالما أنها لم تكن تعتمد على هذا البحث، وعلى فلسفة القورينيين اللاحقين الأكثر تطرفا، مثل هيجيسياس" على سبيل المثال.
في الخلاصة، نحن أمام كتاب جيد، يمنحنا أوضح صورة ممكنة عن بدايات فلسفة اللذة، فتاريخ أهل اللذة والمتعة (القورينيين أو حتى الابيقوريين) يسمح لنا أن نفهم بسهولة متى تتحول طريقة الحياة القائمة على عبادة الموت والهوس الفاحش بالدوافع إلى حد الرغبة في توبيخها، والحياء الفاحش إلى رؤية الجانب الإنساني من الحياة، وذلك من أجل الاحتفال بفرحة الحياة.
كاتب وصحفي من لبنان